ما إن يمر الأسبوع الأول من شهر رمضان وتتبارى الأحزاب والقوى السياسية فى التنافس لحجز موائد رمضانية فى أضخم الفنادق والأندية والباخرات النيلية. حجم الانفاق لا يهم المنظمين لهذه الموائد... لأن الهدف منها أوسع وأكبر من التكلفة.هذه الموائد الرمضانية التى انتعشت خلال السنوات الأربع الماضية مع حدوث رواج وحراك سياسى فى الشارع رغم أنها كانت قبل ثورة 25 يناير يتم تنظيمها بشكل محدود لعدد قليل من القوى السياسية، لكنه اللافت فى الفترة الأخيرة أن هذه الفكرة صارت طقوسا ثابتة لدى هذه القوي، بل وصلت إلى كيانات أخرى إعلامية وصحفية.هذه الموائد تتحول إلى مناسبة حارة للتربيطات والنميمة الاجتماعية والسياسية وتبادل المصالح، أى أنها أشبه بحفل استقبال للنجوم والمشاهير والشخصيات التى تلتقى معها المصالح من ناحية، أو التى تمد جسور مصالح مستقبلية من ناحية أخري. أما عن حجم النميمة التى يتم تبادلها على موائد الإفطار أو السحور، فحدث ولا حرج، والمثير أن كل مدعو يحاول قدر الإمكان أن يبرز إمكاناته وقدراته على أن يمتلك خزائن الاسرار والمعلومات سواء السياسية أو المتعلقة بكواليس مجاله.. فنجد أحدهم مثلا يلقى بمعلومة لافتة مع «طبق الشوربة الساخن» باعثا للجالسين إيحاء أن هناك مصادر خاصة تغدق عليه بالكنوز المعلوماتية، وأنه يمتلك، كل الخيوط فى محاولة منه لاستعراض قوته وتأكيدها، ومن ناحية أخرى تجد فئة من هواة التمثيل والمشاركة فى هذه الموائد سواء بدعوة أو بدون دعوة، فمن الممكن أن يذهب ويشارك لمجرد أنه قرأ الخبر، أما الحضور الأبرز فى هذه الموائد فدائما يكون لصحفيى المواقع الإلكترونية الذين تتم دعوتهم فى مقدمة المدعوين للاستفادة من قدرتهم على نشر وتوزيع الأخبار المصورة وغالبا، ما يحلو لبعض المصورين التقاط صورا من نوع «شخص يهمس فى أذن آخر» أو لقاء مصالحة بعد خصومة طويلة بين شخصيات بارزة، وغيرهما من المشاهد الجذابة التى تلفت الانتباه إلى الكيان صاحب الدعوة. أحيانا كثيرة، تشهد هذه الموائد سواء الإفطار أو السحور عقد صفقات أو تحالفات انتخابية أو تربيطات، وغيرها من أشكال تحقيق النفود. أصحاب هذه الموائد يعتبرونها فرصة سانحة لاتساع مساحة نفوذهم وقوتهم وتمثيلهم ومشاركتهم فى المشهد العام.