لسنا على مايرام ، ومن يقول غير هذا فهو إما يعيش الوهم ، أو يكذب على غيره ونفسه .. آمالنا كانت كبيرة ، وطموحاتنا فى الغد كانت أوسع .. تصورنا وزاد خيالنا ، أننا سنصبح فى بلد غير البلد .. فيها نكتسح أضلاع الفقر ، وبها نقتلع جذور الفساد .. معها نُغنى على «الربابة « غنوة الحرية من البطالة ، والأمية ، واصوات الجهل والتطرف .. تصورنا أن عدالة إجتماعية ستُشرق من جديد فوق رؤسنا ، بعد حدثين كبيرين ، وصفناهما بثورتين .. لكن الواقع يقول أن شيئاً من هذا لم يحدث ! نعم تخلصنا من فريق أراد أن يحكمنا بالدم ، لكن دماءً سالت فوق رقابنا ، بشهداء الوطن والواجب ، ترملت نساؤهم ، وتيتم أبناؤهم .. أما فريق الدم الذى أراد أن يتخلص منا حتى يستطيع أن يعيش فوق أنقاضنا ، مازال يتحالف مع قوى الشر التى تربت على أفكاره ونحن نحاول أن نُقاوم ! نعم لم يعد هناك من يأمن لمقعده ، أو يعتبر نفسه خارج دائرة الحساب أوالُمُساءلة ، ليعيش « أُبهة» السلطان ، أو رفاهية الجاه ، والإمساك بكل مراكز الثقل والقوى .. لكن زفة السلطان ، مازالت تهوى تحريك أصابعها ، وتحاول أن تنسج بيديها خيوط النفاق ، وتتسلل بهدوء داخل مسام دوائر السلطة ، لتعود من جديد طبقة حملة المباخر ، والذهاب بموضوعية الحاكم إلى دروب أخرى ، تهوى بنا جميعاً إلى بئر الضياع من جديد ! نعم لم يعد هناك «أباطرة» يعيشون بيننا أبد الدهر ، يأخذون كل شئ ، ويرمون لنا « فُتات» المال ، والمكانة ، وتحقيق الذات.. يقتلون فينا الطموح ، والمستقبل .. هُم غادروا وتركونا ، لكن لم يتركنا سوء اختيار بدلائهم .. لم يتركنا انعدام الضمير ، والتواكل ، والبحث عن أهل الثقة قبل الكفاءة .. هُم ذهبوا بعيداً لكن «صبيان» أفكارهم، وتربية أيامهم مازالت تعلو قاماتهم أكثر فأكثر ! نعم قررنا كعادتنا أن نصمد ونتحمل .. نتحامل على أنفسنا ، ونُضحى بالآمال والأحلام مُقابل أن تبقى حوائط الوطن كما هى .. لا تسقط إحداها ، ولا تنقسم أرجاؤها .. قررنا أن نخوض حرب الدفاع عن بقاء الأرض والتراب ، والسكن ،.. قررنا أن نضرب بيد من حديد على خوفنا نحن من الموت ، حتى يعيش الأبناء نعم سنبقى قادرين على الحرب ، حتى لوكنا على غير مايُرام ، لأن تراب الوطن وأبناءنا يستحقان أكثر من حياتنا .. سنبقى قادرين مادام لدينا مخلصون مازالوا يحملون شعلة الأمل !