هل تحتاج العلاقة بين الشعب والجيش إلى ملصقات تُذكر بوجودها وحيويتها، لا أحد يستطيع أن ينفى قوة العلاقة بين الشعب وجيشه العظيم البطل الحقيقى للحرب والسلام، العلاقة وثيقة وقوية ومحل إعتزاز وتقدير كافة أطياف الشعب المصرى منذ الأزل، كما أن الدور الوطنى الذى قام به الجيش ومازال يقوم به سواء لحماية الجبهة الداخلية أو الحدود وصد الأعداء والشامتين والمتربصين محل فخر الجميع. ما أجمل أن تستمر هذه العلاقة بين الشعب وأفراد جيشه مستمسكة بالمحبة والوئام ،ثابتة على حقيقة الجيش هو من الشعب والشعب من الجيش، كل ابناء الجيش ينتمون إلى الشعب ولدوا وترعرعوا على أرضه وشربوا من ماء نيله الرقراق ، دماؤهم صافية مثل صفاء الماء العذب ، أفراده خرجوا من كل شارع ومن كل حارة وزقاق وقرية ومدينة ، من جنوب البلاد أومن الدلتا ومن الشرق ومن الغرب،هم أبناء الشعب ،هم ابناء الفلاحين والعمال والعلماء وغيرهم ، هم فلذات أكباد كل أم وكل أب مصرى صميم . إننى لن استطيع أن أنسى ما حييت تلك الفترة التى كنت فيها جنديا من جنود الجيش ، مازالت ذكرياتها ماثلة فى عقلى وقلبى مهما تمر السنون ، أتذركها بكل إعتزاز وفخر ، فقد كنا نغيب انا وزملائى عن أهالينا بالشهور ، وخلال الإجازة نزداد فخرا بانتمائنا للجيش عندما نرى الفرحة فى عيون الأباء والأمهات بالعودة وعندما يحين الرحيل وانتهاء الإجازة يصحبنا الدعاء بالحفظ والسلامة من كل أذى، كانوا يفخرون بأبنائهم الذين يؤدون الخدمة العسكرية ، يحتسبوننا شهداء دون جزع وكنا نحتسب أنفسنا كذلك . وكم كانت الفرحة تغمر الجميع عندما استدعى الجيش لحفظ الأمن خلال إنفجار ثورة 25 يناير المجيدة ، وكم كانت تتعلق عيوننا برجال هذا الجيش العظيم خاصة عندما يطلب الأطفال والكبار إلتقاط الصور التذكارية إلى جوارهم فى ميدان التحرير ، صورة طبيعية ليست زيتية رفرف عليها الحب والإعتزاز لايمكن أن تمحى أو تزول بفعل النسيان ، هذه الصورالطبيعية ملأت الميادين والشوارع وتناقلتها وسائل الإعلام بجميع ألوانها واستقرت فى القلوب ، إلى أن وقعت أحداثا خارجة عن السياق ، أراد بعض المندسين تشويه هذه العلاقة الخالدة ، سالت معها دماء مصرية طاهرة فى مصادمات بين المتظاهرين وقوات الشرطة العسكرية فى ماسبيروا ومحمد محمود وشارع مجلس الوزراء ، خلفت بقعة حزينة فى الصورة ، وتراجع قليلا شعار الثوار الشهير " الشعب والجيش إيد واحدة " واستدرك أولوا الأمر خطورة الموقف ،وأكدوا فى تصريحات حاسمة متانة وقوة العلاقة بين الشعب والجيش ، وهدأت النفوس ظاهرياً إلى أن فوجئنا بعدد من اللافتات الضخمة عليها صورة كبيرة الحجم لجندى يحمل طفلا مكتوب أسفلها شعار "الشعب والجيش إيد واحدة . لاشك أن هذه الصورة اللافته للنظر لا تعبربأى حال من الأحوال عن الصورة الجميلة الحقيقة المستقرة فى قلب المواطن نحو الجيش وقادته أو أعضاء المجلس الذى يدير شئون البلاد خلال هذه الفترة الإنتقالية الحالية، أتصور أن هذا الملصق يستفز المشاهد له أكثر مما يثير لديه مشاعرحميمية وقوة العلاقة بين الجندى و الرضيع المحمول بين يديه . لا أعتقد أن المصور أراد أن من هذا الملصق أن يصور الشعب طفلا رضيعاً ، وأن الجندى الذى يحمله بين يديه هو الأب الحنون .! مهما يكن من شطط فى هذا التصور الذى راودنى عند مشاهدتى لتلك الصورة فى أثناء الغدو والرواح على جانبى الطرق ، إلا أن عددا من الأسئلة تتزاحم فى العقل منها ألم يكن من الأوفق وضع إحدى اللقطات الطبيعية التى شاهدها الجميع على مدى أيام الثورة فى ميدان التحرير وفى العديد من ميادين المحروسة تكون أكثر تعبيرا عن العلاقة الوثيقة بين الشعب وجيشه العظيم الذى حما الثورة وحافظ على الاستقرارفى هذه الفترة الحرجة من تاريخ الوطن. المزيد من مقالات محمود النوبى