جاءني صوتها مرعوبا هلوعا عبر سماعة التليفون الأرضي في منزلي بعد منتصف الليل: الحقني أنا في ورطة ما بعدها ورطةَ سألتها: فيه ايه.. حد جراله حاجة في العيلة؟ قالت: كانت أهون أهو شوية دموع.. علي صوان عزاء.. وكام دمعة مع فستان أسود وتعدي! قلت لها: هو فيه بعد الموت حاجة أكبر حزنا وأشد سوادا؟ قالت: فيه.. بس الكلام ماينفعش في التليفون.. يا أجيلك.. يا تجيني؟ قلت: دلوقتي؟
قالت: لأ الصبح .. مستنياك الساعة حداشر في البيت.. وقهوتك حاتكون هي رخره مستنياك.. زي ما أنا عارفاها.. مضبوطة بن غامق! سألتها: والباشا حيكون موجود؟ قالت: الباشا صديقك العزيز زي ما أنت عارف بينزل شغله من الساعة سابعة الصبح.. وهو عارف أنك جاي.. أنا قلت له.. وبيعتذر لك مقدما عن عدم وجوده في انتظارك! كعادة الزوجات اللاتي تصيبهن حالة من القلق والتوتر وتنزل عليهن سحابة من الهواجس بعد أي مكالمة غريبة للزوج بعد منتصف الليل.. خصوصا إذا كانت صاحبة المكالمة من جنس حواء مثلهن.. سألتني زوجتي: مين دي بسلامتها اللي انت كنت بتكلمها.. وقلتلها أنك حتعدي عليها بكرة الصبح؟ لم أجد مفرا من أن أخبرها بكل شيء.. وقلت لها: الظاهر فيه حاجة خطيرة حصلت عندها.. وعاوزاني اتدخل علشان أحلها.. أنا ماعرفش لحد دلوقتي هي ايه؟ قالت: والباشا جوزها عارف أنك رايح عنده البيت بكرة الصبح؟ قلت لها: أيوه.. بس هو عنده شغل.. والست بتاعته زي ما انتي عارفاها.. ست عظيمة.. هي اللي حتقوللي علي كل حاجة.. أكيد عندهم حاجة خطيرة حصلت.. اما اروح حاعرف كل حاجة! قالت بمكر بنات حواء وعمره من عمر الخليقة نفسها: والله الست دي وحشتني وكنت عاوزة ازورها وأقعد معاها من زمان.. بقولك ايه.. رجلي علي رجلك! .......... .......... في الصباح ايقظتني زوجتي العزيزة.. وكانت جاهزة علي »سنجة عشرة« كما يقولون وهي تقول لي: يالله قوم ألبس كدة عشان ماتتأخرش عن الست؟ في الموعد تماما كنا ندق جرس الباب في شقة الست هانم صاحبة تليفون نص الليل.. فتحت هي الباب.. لتفاجأ بزوجتي العزيزة تأخذها بالأحضان والقبلات وتقول لها: اصلك يا حبيبتي وحشتيني.. ولما عرفت أن سعادة البيه اللي هو أنا جاي عندكم.. قلت بالمرة آجي معاه عشان اشوفك.. أصلك من زمان ماشفتكيش!! قالت صاحبة مكالمة نص الليل: وانتي كمان.. وأنا كنت عارفة ومتأكدة انك جاية.. خير ماعملتي عشان نتكلم في الموضوع علي راحتنا احنا الثلاثة! .............. ................ جلست وحدي في الصالون.. بينما دخلت الزوجتان المطبخ معا.. وعادتا بصينية القهوة وقطع الكعك والبيتي فور.. وجلسنا ثلاثتنا فجأة ودون سابق انذار.. ألقت صاحبة البيت قنبلتها.. قالت: أصل بنتنا انتو عارفينها كويس.. المعيدة في الجامعة عاوزة تتجوز زميلها في الكلية. قالت زوجتي: خير ما فعلت قالت سيدة الدار: بس اللي هي عاوزة تتجوزه موش عل دينها.. شاب أجنبي.. إنجليزي الجنسية وموش مسلم كمان.. وعاوز يتجوزها ويأخذها معاه بلاد برة! قالت زوجتي: يعني كل شبان البلد خلصوا خلاص.. ومايعجبهاش إلا السكسونى أبوشعر أصفر وعينين زرق ده؟ قالت الأم وهي تحاول أن تخفي دموعا سالت من عينيها: موش بس كدة.. هي مصممة انها تتجوزه بعد مايعلن إسلامه طبعا وهو موافق.. وبعد كدة والأخطر من ده كله.. أنه عاوز يأخذها يا حبة عيني معاه لندن.. عشان تعيش معاه هناك علي طول! .......... .......... جلسنا ثلاثتنا في صالون المنزل.. نناقش قضية لم تخطر علي بال الأسرة المصرية يوما وتتلخص في محاولة دخول جنس غريب في دماء الأسرة المصرية.. جنس سكسوني أزرق هذه المره ويدين بدين الإسلام حتي لو أسلم علي الورق.. وكمان عاوز يأخذ البنت العسل دي وحيدة أمها وأبوها.. بلاد الله خلق الله.. ويعبر بها البحر والمحيط.. لتعيش معه في بلاد البرد والضباب.. بلاد عمنا شكسبير والملكة إليزابث الأم والفيلسوف بيرتراند راسل والملكة ديانا وونستون تشرشل وبرناردشو وحديقة الهايدبارك والأتوبيس الأحمر أبودورين وتاكسي لندن الأسود الشهير.. سألت الأم: وازاي اتعرفت علي الولد الأشقر ده أبوعينين زرقاء.. وازاي تخطي كل الحدود ودخل قلبها وسط شلة شباب مصر اللي يفرح القلب.. بينما سألت زوجتي الأم: انتي شفتي الولد ده.. وقعدتي معاه..؟ قالت الأم: أيوه.. بنتي جابته هنا في عيد ميلادها بدعوة منها.. وقالتلي ساعتها: ياماما الولد ده عاجبني.. وهو عاوز يتجوزني.. بعد مايعلن إسلامه في مشيخة الأزهر! سألتها زوجتي: وانتي قلتلها ايه ساعتها؟ قالت الأم: أنا كنت الأول فاكراها بتهزر.. لكن اكتشفت بعد كده.. أنها كانت بتتكلم جد.. وانها قعدت مع الولد الإنجليزي الأحمر ده.. واتفقوا من ورانا علي كل حاجة! تسألها زوجتي: كل حاجة زى أيه كدة؟ قالت الأم: زي ماقلتلكم كده.. عاوز يتجوزها بعد ما يعلن إسلامه وبعدين يسافروا لندن مع بعض عشان تعيش معاه في بيتهم في الريف الإنجليزي برة لندن.. أصل الولد ابن لورد إنجليزي من لوردات مجلس العموم البريطاني! قلت لها ضاحكا: وحضرتك صدقتي كل الكلام ده؟ قالت الأم بثقة واعتداد: أيوه أصل الناس دي موش زي حالتنا كده.. مابيكدبوش أبدا.. خصوصا إذا كانت المسألة دخلت في »جد الجد«.. يعني مسألة جواز! أسأل الأم: لحد دلوقتي ماسمعناش رأي سعادة الباشا صديقي العزيز وجوز حضرتك؟ قالت: هو قاللي انه موش هيقول رأيه النهائي في الموضوع ده.. إلا بعد مايسمع رأي سعادة البيه اللي هو حضرتك! قلت للأم: وعشان كدة طلبتي حضرتك نتقابل عندك النهاردة؟ قالت بالضبط.. وسعادة البيه جوزي يمكن يطب علينا في أي لحظة.. بعد ما يستأذن من شغله اللي واخد كل وقته! .......... .......... قالت زوجتى: على فكرة الباشا اللى قاعد قدامك ده.. كان وقع فى المطب ده قبل كده سألها بلهفة: وأنتم متجوزين؟ قالت زوجتى: لأ طبعا.. ده قبل ما يخش دنيا وهو لسه شباب بيخبط على باب صاحبة الجلالة الصحافة! قالت الأم: احكيلى.. احكيلى! قالت زوجتى: الباشا كان فى رحلة إلى قبرص قبل نحو ثلاثين عاما كده.. وبعدين تعرف على بطلة قبرص فى التنس بنت زي القمر.. حبو بعض.. طلب يتجوزها.. وافقت.. وبعدين اتجوزوا فى السفارة المصرية فى قبرص.. وفى الكنيسة الكاثوليكية فى نيقوسيا.. وقعدوا مع بعض اسبوعين.. والباشا جه بعد كده وسافر بيروت ومنها إلي دمشق ومنها إلى أنقرة ثم إلى بغداد فى رحلة طويلة استمرت نحو شهر وبعدها رجع مصر.. والعروسة اتفقت معاه علي أنها تروحله مصر.. لكنها لم تحضر حتى الآن! الأم: غريبة قوى الحكاية دى.. الزوجة: بس هو انشغل بيا وحصل اللى حصل! ................. ................. فجأة وكنا جلوس في صالة المعيشة في مواجهة باب الشقة.. سمعنا صرير مفتاح يفتح باب الشقة.. ليطل علينا من فتحة الباب صديقي العزيز زميل شقاوات وشطحات أيام الصبا والذي لم أره منذ شهور طالت أو قصرت.. وهو يتابط ذراع ابنته العزيزة بدر البدور وهذا هو اسمها وهو يقول لنا: قلت اعدي علي الجامعة اجيب معايا القمورة دي .. عشان نتغدي سوا معاكم.. ونتكلم حبتين! .......... .......... ماذا قلنا للقمورة التي تريد أن تتزوج فتي من بلاد العم شكسبير.. سوف يأخذها علي عصا ساحرة رواية دافيد كوير فيلد إلي بلاد الضباب؟ ماذا قالت لنا القمر المصري المنور؟ ذلك إن شاء الله حديث آخر.{ ماذا قالت لنا القمر المصري المنور؟ ذلك إن شاء الله حديث آخر.{! Email:[email protected] لمزيد من مقالات عزت السعدنى