كيلو الحمص ب100 جنيه.. انتعاشة بسوق حلوى المولد تزامنًا مع الاحتفالات بمولد الدسوقي بكفر الشيخ    «التموين» تعلن عن تكلفة رغيف الخبز المدعم الجديدة    محافظ سوهاج يفتتح حديقة ميدان الشهداء العامة بالمنشاه    «القاهرة الإخبارية» من القدس : هناك نية لدى إسرائيل لمواصلة عملياتها العسكرية    سفير الصين يشيد بدور مصر في غزة: وقف إطلاق النار خطوة مرحب بها ولا بديل عن حل الدولتين    حماس تدعو في بيان الوسطاء والضامنين إلى تحمل مسؤولياتهم والضغط الفوري على إسرائيل للالتزام التام بوقف إطلاق النار    طاقم حكام من مدغشقر لمباراة بيراميدز والتأمين الأثيوبي بدوري الأبطال    محمد شبانة: كنت سأنتقد الرابطة لو استجابت لتأجيل الدورى للمنتخب الثانى!    حبس أوتاكا طليق هدير عبد الرازق لبث فيديوهات خادشة 6 أشهر وتغريمه مليون جنيه    جنايات شبرا الخيمة تعاقب عاملًا ب15 عامًا لتورطه في حيازة فرد خرطوش وذخيرة    القومي للترجمة يصدر "تاريخ بني إسرائيل" لإرنست رينان في طبعة عربية جديدة قريبا    بايسانوس.. فيلم وثائقي عن الشتات الفلسطيني في تشيلي بمهرجان القاهرة السينمائي    عضو بالتحرير الفلسطينية: مصر تقود تحركات من أجل تثبيت وقف إطلاق النار بغزة    هيئة الدواء المصرية تحذر من محلول غسيل كلوي غير مطابق    أمن الجيزة يكشف لغز العثور على جثة شاب غرق في نهر النيل بإمبابة    عاجل| تعطيل خدمات البنوك الرقمية يومي الخميس والجمعة    حادث المنشية.. والذاكرة الوطنية    حالة الطقس في الكويت.. أجواء حارة ورياح شمالية غربية    عالم ياباني يحتفي بدعوة حضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير: يا له من شرف عظيم    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    صحة المنيا: قافلة حياة كريمة تقدم خدماتها الطبية ل957 مواطنًا بقرية منبال بمركز مطاي    المشدد 15سنة لمتهم للاتجار بالمخدرات في السلام    خايفة ومتوترة.. وصول سوزي الأردنية إلى الاقتصادية لمحاكمتها بخدش الحياء    فيلم فيها إية يعني يحقق 70 مليونا و318 ألف جنيه في 4 أسابيع    عبد الحفيظ يرد.. هل يفكر الأهلي في ضم صلاح أو عبد المنعم؟    محافظ الدقهلية يتابع محاكاة سيناريوهات التعامل مع مياه الأمطار بالمنصورة    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    هل فلوس الزوجة ملكها وحدها؟ دار الإفتاء تحسم الجدل حول الذمة المالية بين الزوجين    جيش الاحتلال الإسرائيلي يزعم اغتيال مسئول بحزب الله في لبنان    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    مصر تشارك في اجتماع لجنة مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي    كييزا: أشعر بتحسن كبير هذا الموسم.. وأريد البقاء مع ليفربول    كأس العالم للناشئين - مدرب إيطاليا: علينا التأقلم سريعا مع المناخ في قطر    اللجنة الأولمبية تعتمد عقوبات صارمة ضد عمر عصر ومحمود أشرف بعد أحداث بطولة إفريقيا لتنس الطاولة    تحليل: 21% من السيارات الجديدة في العالم كهربائية بالكامل    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    وزير الخارجية المصري يبحث مع نظيره السوداني الأوضاع في الفاشر    روسيا تعلن السيطرة على بلدة فيشنيوفويه في مقاطعة دنيبروبتروفسك    صور | جامعة الوادي الجديد تنظم ملتقى توظيفي لشركات القطاع الخاص والجهات البحثية والحكومية    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    تعرف على الوظائف المطلوبة بمديرية الشئون الصحية بالمنوفية    وزير الصحة يترأس الاجتماع الثاني للمجلس الوطني للسياحة الصحية    الأقصر تزين ميادينها وتجهز شاشات عرض لمتابعة افتتاح المتحف المصري    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    حركة المحليات بالأسماء.. تفاصيل تعيين ونقل 164 قيادة محلية في 11 محافظة    إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين ملاكي وربع نقل بسيدي حنيش    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    اسعار اللحوم اليوم الأربعاء 29اكتوبر 2025 بمحلات الجزارة فى المنيا    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفهوم وتهديد الأمن الاقتصادى المصرى
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 05 - 2015

فى تحديد مفهوم الأمن القومى المصرى تنبغى مراعاة الثابت والمتغير، كما يتوجب استيعاب الأبعاد المتشعبة والمتداخلة للمفهوم بمعناه الواسع. وقد بقى ثابتا فى مفهوم الأمن القومى، استخدام ما تملكه الدولة من أدوات القوة للحفاظ على بقائها وحدودها وحماية سيادتها واستقلالها ومصالحها ومؤسساتها وقيمها وشعبها؛ بوجه التهديدات الخارجية والداخلية. وكان المتغير الأهم هو تعاظم أهمية الأمن الاقتصادى فى ترابطه وتكامله مع الأمن الإنسانى وأمن الموارد وأمن المعلومات والأمن البيئى.
وأسجل أولا، انه فى إعادة صياغة مفهوم الأمن الاقتصادى القومى المصرى يتوجب الانطلاق من حقيقة أنه لا يوجد مفهوم موحد ثابت للأمن الاقتصادى القومى، لأن ثمة فروقا جوهرية فى تحديد الأبعاد الاقتصادية للأمن القومى لهذا البلد أو ذاك، ولأن مصادر التهديد ترتبط أحيانا بالتصورات والإدراكات أكثر مما ترتبط بالحقائق والوقائع. وبفيت الفروق فى تحديد الأبعاد الاقتصادية للأمن القومى لهذا البلد أو ذاك، تتصل من حيث الأساس بالأولوية المعطاة لهذا البعد أو ذاك من الأبعاد الاقتصادية للأمن القومى أكثر مما تتصل بالاعتراف بترابط هذه الأبعاد المتشعبة والمتداخلة والمركبة، وهو ما ينطبق على مصر شأن غيرها من البلدان. لكنه فى تحديد فى المفهوم استمر ثابتا الاهتمام بتعظيم القوة الاقتصادية؛ خاصة عبر تسريع التنمية والارتقاء بالتصنيع والإنتاجية والتنافسية، وحماية السيادة الاقتصادية وتقليص الانكشاف الاقتصادى، والسيطرة على السوق الوطنية وقطاع المال، والاحتفاظ باستقلال قرارات اختيار النظام الاقتصادى الاجتماعى، وتحديد اتجاهات ومعدلات التنمية.
وثانيا، أن مفهوم الأمن الاقتصادى القومى صار بحاجة الى إعادة التفكير جذرياً تحت تأثير المتغيرات الجديدة فى البيئة العالمية والإقليمية والوطنية، ولعل الجديد الأهم هو استيعاب أن الأمن الاقتصادى يتطلب ويتضمن الأمن الإنسانى، أى حماية الكرامة الإنسانية بتنمية إنسانية تحرر المواطن من الفقر والعوز والجهل والمرض لا يتحقق بغير التصنيع باعتباره ركيزة التحرر من التخلف والتبعية والانكشاف، وما يتيحه وظائف غير محدودة ومرتفعة الإنتاجية والدخل. كما تعاظم الاهتمام بأمن الموارد؛ وخاصة بتعزيز الأمن الغذائى والأمن المائى وأمن الطاقة.. إلخ. ومع الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية للرأسمالية كان التحول لاقتصاد الأوامر الاشتراكى، من قبل؛ ومع إخفاقات الاقتصادية والاجتماعية للاشتراكية كان التحول مجددا إلى اقتصاد السوق الرأسمالى، من بعد! ثم فرض هدر الكفاءة والعدالة فى الحالتين التحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعى، وخاصة بربط الربح الفردى، الذى يوفر حافز رجل الأعمال المبادر والمنظم والمخاطر والمبتكر، بالالتزام بالقانون،
وثالثا، أن التحولات الاقتصادية الليبرالية أكثر شمولا وتسارعا فى غالبية البلدان النامية، فضلا عن البلدان الاشتراكية السابقة، عقب انحسار حركة التحرر الوطنى، وهزيمة الاشتراكية فى المباراة الاقتصادية مع الرأسمالية وسقوط الاتحاد السوفيتى، وتداعى المنظومة الاشتراكية ونهاية الحرب الباردة وصعود عملية العولمة الاقتصادية، وقد تبنت مصر شأن غالبية البلدان سياسات الإنفتاح والإصلاح الاقتصادى تحت ضغوط فجوة تمويل التنمية، والمديونية الخارجية، فانصاعت لوصفة (إجماع واشنطن)، أقصد: برامج الاستقرار والتكيف والخصخصة وفق شروط صندوق النقد الدولى والبنك الدولى بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها من البلدان المهيمنة فى الاقتصاد والسوق العالميين. وسرعان ما قاد الإنفتاح الإقتصادى وفق وصفة اجماع واشنطن لظهور مصادر جديدة لتهديد الأمن الاقتصادى القومى لمصر وغيرها من البلدان، التى عجزت عن تقليص الفجوة الصناعية التكنولوجية؛ فدفعت ثمن تدنى قدرتها على المنافسة مع كيانات اقتصادية كبرى ومتقدمة.
ورابعا، أن التحديات والتهديدات قد تفاقمت فى سياق عملية العولمة الاقتصادية، وما تضمنته من تعميق فتح وانفتاح الأسواق وتحرير تدفقات التجارة والاستثمار وعولمة أسواق المال والصرف، ودمج واندماج الاقتصادات وتعمق التخصص الصناعى والإنتاجى فى إطار مصنع عالمى.. إلخ. وإلى جانب ضعف القدرات الانتاجية والقدرات التنافسية خاصة القدرات الصناعية التكنولوجية الوطنية؛ اللازمة للاستفادة من فرص العولمة بالوصول إلى الأسواق العالمية الكبرى والمشاركة المتكافئة فى التخصص الانتاجى العالمى، برزت تهديدات ارتبطت بتفاوت التنافسية الاقتصادية العالمية وتهديد السيادة الاقتصادية الوطنية، وسيطرة الشركات العملاقة عابرة القومية ومتعددة الجنسية على الشركات الوطنية عبر عمليات الاستحواذ والاندماج خاصة بتنفيذ برامج الخصخصة، وانتقص الانضمام الجبرى والطوعى لمنظمة التجارة العالمية من السيادة الاقتصادية للدولة، وضاعف التعرض للتقلبات والصدمات الخارجية، وزادت المخاطر مع تحرير قطاع المال وغياب الضبط الضرورى لتدفقات رؤوس الأموال؛ وهو ما يسر التهريب الواسع للثروة الوطنية؛ قبل وبعد الثورة المصرية.
وخامسا، أن إدارة العولمة ارتكزت الى حقائق اختلال هيكل توزيع القوة العالمية، الاقتصادية والشاملة، فعملت القوى الاقتصادية الكبرى على فرض أقصى ما يمكن من أجندتها؛ تعزيزا لأمنها وتوسيعا لمكاسبها دون مراعاة التوازن فى تبادل المصالح مع البلدان النامية. وتجلى عدم انصاف إدارة العولمة فى: تقييد انتقال قوة العمل غير الماهرة مع استثناء هجرة العقول والمهارات، وتعاظم قيود وتكاليف نقل التكنولوجيا والمعرفة، وتبنى سياسات حمائية جديدة لحماية الإنتاج الصناعى استنادا لذرائع التجارة غير العادلة والعمل الرخيص، والتعسف فى تطبيق قيود الوصول لأسواقها بذرائع عدم مراعاة شروط العمل وعمالة الأطفال وحماية البيئة والمواصفات القياسية وحقوق الإنسان.. إلخ. وفاقم صعود اقتصاد المعرفة مخاطر تهميش الاقتصادات غير الصناعية، التى عجز عن تنمية منتجاتها خاصة الصناعية ذات المحتوى المعرفى الأرقى، ومن ثم القيمة المضافة الأعلى، وتضاعفت التهديدات فى ظل اشتداد نزعات التكتل الاقتصادى الاقليمى وعبر الاقليمى عالميا، بينما تفاقم الإخفاق التاريخى لمشروعات التكامل الاقتصادى العربى. ومع التداعيات الاقتصادية السلبية لثورة 25 يناير، وصعود إرهاب الفاشية التكفيرية فى سياق مؤامرة تفكيك البلدان العربية، والتعرض للضغوط الاقتصادية الأمريكية بعد ثورة 30 يونيو، ورغم الدعم الخليجى العربى السخى، تفاقمت مصادر تهديد الأمن الاقتصادى المصرى، وإن بقيت رافعة المواجهة بإنقاذ مصر: دولة ووطنا ووجودا وهوية.
لمزيد من مقالات د. طه عبد العليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.