التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى، في مارس الماضي بالسفراء الأفارقة المعتمدين في مصر، حيث أكد أهمية البناء على الروابط التاريخية التي تجمع مصر بدول القارة لتعزيز التعاون والتغلب على التحديات المشتركة، خاصةً فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، مشيرًا إلى أهمية استعادة روح التضامن الأفريقي للتعامل مع تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الشعوب الأفريقية، وذلك من خلال تفعيل آليات التكامل والاندماج الإقليمي. مما يجعلنا نأمل في ان تكون العلاقات بين دول حوض النيل نموذجًا يحتذي به على مستوى القارة خلال السنوات المقبلة. خاصة بعد تعاظم دور الدبلوماسية الشعبية وتحركات المسئولين في مصر باتجاه زيادة الترابط والتعاون وحاجة الدول الأفريقية إلى المعاونة والتأييد المصري في كل المجالات.قامت الدبلوماسية المصرية بعد ثورة 30 يونيو 2013 بجهد كبير لإعادة مصر إلى مكانتها في القارة الأفريقية بشكل عام، ودول حوض النيل بشكل خاص. وقد واصلت مصر رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها في السنوات الأخيرة الاستجابة للاحتياجات التنموية ذات الأولوية لدول حوض النيل، وذلك من خلال المبادرة المصرية لتنمية حوض النيل، خاصة في مجالات الطاقة، الري، الصحة، والزراعة، التي تم اتخاذ خطوات عملية سريعة لتنفيذها، علاوة على الدور المهم الذي تقوم به الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية. فعلى صعيد العلاقات الثنائية مع دول حوض النيل، شهدت تلك العلاقات تطورا ملموسا، تم تتويجه بانعقاد الدورة الخامسة للجنة المشتركة المصرية-الإثيوبية في نوفمبر 2014، حيث تم التوقيع علي خمسه اتفاقيات ومذكرات تفاهم تغطي مجالات التعاون بين البلدين في المجالات المختلفة.
ولذا طالب الخبراء من ناحية بأهمية استعادة مصر لدورها الغائب في الدول الأفريقية عامة، ودول حوض النيل خاصة، بما يعزز مصالحها الوطنية والحفاظ على نصيبها التاريخي في مياه نهر النيل، مؤكدين ضرورة توافر وعي وإرادة سياسية مؤسسة على أطر نظرية بأهمية أفريقيا كعمق استراتيجي مصري في إطار الاتجاهات المصرية السياسية. ومن ناحية أخري دعا عدد كبير من السفراء ، الحكومة المصرية، إلى تخصيص وزير دولة مصري للشئون الأفريقية لقيادة العمل التنفيذي وإحكام عملية التنسيق على مستوى المصالح والهيئات تجاه القارة الأفريقية وتشكيل مجلس أعلى للشئون الأفريقية، مؤكدين أهمية إنشاء مركز معلومات واستشارات أفريقية تصب فيه كل المعلومات وطالبوا بتنسيق مسبق بين الدبلوماسية الرسمية والشعبية، في إطار تنامي دور الدبلوماسية الشعبية، والعمل على ربط الاهتمامات الحزبية بمشكلات القارة الأفريقية وتعزيز الزيارات المتبادلة والتبادل الثقافي والعلمي الطلابي بشكل يعطي أرضية شعبية للسياسة المصرية في القارة.
مصر ودورها القيادي
د. صلاح جودة, مدير مركز الدراسات الاقتصادية, قال ان مصر دوله كبيرة ومحورية في منطقة الشرق الأوسط وكذلك دولة لها روابط قديمة بمعظم دول العالم خاصة الافريقية. وإذا علمنا ان مصر تمتلك مجموعة من المعطيات التي تؤهلها لدور قيادي سواء بالمنطقة العربية أو الافريقية والشرق أوسطية ككل. ولعل من أهم تلك المعطيات الأزهر الشريف, الذي يعد منارة الإسلام وله دور تاريخي ولكنه للأسف قد تخلي عن دورة خلال السنوات الماضية وبالتالي علينا ان نعمل على استقطاب الطلاب من جميع الدول الاسلامية والعربية والافريقية الي مصر لتعلم أصول الدين واللغة العربية, وافتتاح فروع للأزهر ومساجد تكون بمثابة (جامع وجامعة) في جميع الدول الافريقيه ال 53, وكذلك الدول العربية والدول الاسلامية ويتم تزويد هذه المساجد بالمكتبات اللازمة من أمهات الكتب والسيرة وغير ذلك, لتصبح بمثابة القوة الناعمة لمصر. علي ان يتم كذلك مساعدة الكنيسة الارثوذكسية على استعادة دورها في أفريقيا وفى دول العالم خاصة أمريكا وأوروبا لتكون بمثابة الضلع الثانى للقوة الناعمة.. مع ضرورة تخصيص فضائية مصرية أو أكثر تصل الي جميع الدول العربية والإسلامية والإفريقية وان يتم البث بجميع اللغات لتعليم الإسلام وسماحته وعظمته وذلك لتكون بمثابة حائط صد لجميع ما يتم تصويره من ان الإسلام مرافق للإرهاب. في هذه الحالة يصبح لمصر عقول وعيون في جميع دول العالم وكذلك ألسنة تستطيع مصر ان تعتمد عليها. وأضاف جودة ان هناك أيضا قوى ناعمة ولابد من تفعيلها وهى الجمعية الافريقية ومعهد الدراسات والبحوث الأفريقية والإذاعات الموجهة باللهجات الأفريقية بالإضافة الي شركة النصر للتصدير والاستيراد التي لها 19 فرعا في أفريقيا. فبحساب الخسائر الاقتصادية منذ بدأ دور مصر يتراجع عن الدول الأفريقية سنجد أن الخسائر الاقتصادية تتمثل في الاتى : الضغط على العملة الاجنبية والأحتياطى النقدي لاستيراد المواد الخام من أفريقيا طوال فترة 35عاماُ على الأقل تبلغ نحو 70 مليار دولار على الأقل. خفض الصادرات المصرية للدول الأفريقية طوال هذه الفترة بما لا يقل عن 45 مليار دولار. خفض تصدير الخدمات والمهن خاصة في مجال المقاولات والبنية التحتية طوال هذه الفترة بما لا يقل عن 20 مليار دولار. تبلغ خسائر شركه النصر للتصدير والاستيراد وكذلك شركة مصر للتجارة الخارجية بما لا يقل عن 5 مليارات دولار خلال تلك الفترة. هذا بالاضافة الي الخسائر السياسية والتي كان من نتائجها زعزعة الوجود المصرى لمصلحة الوجود الاسرائيلى الى الوجود الصينى.
حجم التبادل التجاري
هذا وقد كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن وصول صادرات مصر لدول حوض النيل نهاية عام 2011 إلى نحو مليار دولار، بانخفاض 4٫9٪ عن عام 2010، وقيمة الواردات المصرية من دول حوض النيل 600 مليون دولار بزيادة 60٫4٪ مقارنة بعام 2010. وتوضح بيانات الجهاز حجم ضآلة التبادل التجاري بين مصر ودول حوض النيل. من خلال بيانات مركز التعبئة والإحصاء لعام 2011، والتي تشير إلى استحواذ السودان وكينيا على النصيب الأكبر من التبادل التجاري لمصر بنحو 52٪، كينيا على23٪ مقابل 6٫5٪ من واردات مصر من دول الحوض، ويعنى ذلك أن التبادل التجاري لمصر منحصر في دولتي السودان وكينيا فقط من إجمالي 10.
ولكن الدراسات الحديثة التي أجراها البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير تشير الي ان السوق الأفريقية في حاجة إلى استثمارات سنوية تقدر بنحو 93 مليار دولار، للوفاء بالتزاماتها المتعددة، وذلك على مدى عقد كامل. وتوقعت الدراسات وصول حجم اقتصاديات القارة الأفريقية إلى نحو 15.2 تريليون دولار العام 2050 . فحجم التبادل التجاري البيني بين الدول الأفريقية وبعضها البعض يصل إلى نحو 16 % من إجمالي حجم التبادل بين أفريقيا ودول العالم. كما ان توقعات البنك تشير إلى أن حجم التبادل التجاري بين أفريقيا ودول العالم سيمثل نحو 50% من إجمالي التبادل التجاري العالمي العام 2050، بقيمة 20.8 مليار دولار.
وحول وضع التجارة المصرية بالقارة الأفريقية، فمن الواضح إن مصر لم تستغل الفرصة لزيادة تجارتها بالسوق الأفريقية، كما فعلت الصين، التي ارتفع حجم تجارتها منذ عام 1990 من نحو 3% إلى 17% خلال العام الماضي 2014، في حين لم تتعد تجارة مصر سوى 0.3% من حجم التجارة الأفريقية.
ميناء «قسطل-اشكيت» البري
هذا وقد أكد المصدرون أن ميناء قسطل البري الجديد الذي تم افتتاحه الأيام الماضية يعتبر أملاً جديداً لزيادة الصادرات والتبادل التجاري مع دولة السودان، ويعتبر حلاً لكثير من مشكلات الطرق والنقل مع السودان. وقال المصدرون إن الميناء الذي تبلغ مساحته 60 ألف متر مربع، وتصل تكلفته إلي نحو 47 مليون جنيه، سوف يزيد حجم التبادل التجاري مع دول أفريقيا أيضاً، التي تعتبر سوقاً واعدةً تستوعب الصادرات المصرية، حيث يصل حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان إلي 5 مليارات جنيه سنوياً. فالميناء سوف يعمل علي سهولة التجارة بالنسبة لإثيوبيا، بالإضافة الي اهميته بالنسبة لكل من جنوب السودان وجوبا وهما منطقتان غنيتان بالبترول، ومازالت الحكومة السودانية تهتم ببناء الطرق في هاتين المنطقتين.
جدير بالذكر ان قيمة صادرات الأثاث إلي دولة السودان خلال النصف الأول من عام 2014 حوالي 21 مليون جنيه، كما بلغت نحو 20 مليون جنيه إلي الدول الأفريقية دون الدول العربية، كما بلغت صادرات الأثاث 136 مليون جنيه إلي الدول الأفريقية شاملة الدول العربية. كما أن قيمة صادرات الصناعات اليدوية إلي السودان خلال النصف الأول من عام 2014 بلغت 152 مليون جنيه، بينما بلغت الصادرات خلال النصف الأول من عام 2013 نحو 336 مليون جنيه. كما وصل حجم صادرات الحاصلات الزراعية المصرية للسودان لتبلغ 31 ألف طن بقيمة 23 مليون دولار خلال 10 أشهر. وبالتالي فان الميناء الجديد، سيساعد في الوصول إلي أفريقيا من خلال السودان, فقد كان هناك عدة مشكلات بالنسبة للنقل إلي أفريقيا، أهمها ارتفاع التكلفة بسبب طول الطريق، وغياب الأمن علي حدود العديد من الدول الأفريقية، مما سيجعل الميناء الجديد منفذاً آمناً وسريعاً للصادرات المصرية.