لميس الحديدي تكشف تفاصيل تهديدها بالقتل في عهد الإخوان    شعبة الدواجن: حرارة الجو السبب في ارتفاع أسعارها الأيام الماضية    بعد وفاة 40 مواطن لارتفاع الحرارة.. نائبة تطالب بوقف تخفيف الأحمال في أسوان    إتقان تقنيات تحليل سوق العملات    وزير إسرائيلي ثالث يعلن استقالته من حكومة الاحتلال    أخبار الأهلي : طلب عاجل من الأهلي للمنتخب بسبب إمام عاشور.. اعرف التفاصيل    انتحار مديرة مدرسة بحبة حفظ الغلال بالمنوفية    جدول امتحانات الثانوية العامة 2024.. تبدأ بالمواد الغير مضافة    مفاجأة.. فنان شهير ينشر صورة قديمة لعمرو دياب مع المعجب الذي صفعه بالقلم    كوريا الجنوبية تستأنف البث الدعائي ضد حملة "بالونات القمامة" لكوريا الشمالية    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم وادي الفارعة جنوب طوباس    الكويت وقطر تبحثان القضايا الإقليمية والدولية والحرب على غزة    البابا تواضروس الثاني يصلي عشية عيد القديس الأنبا أبرآم بديره بالفيوم    قنصلية فرنسا تطلق مشروع الاقتصاد الدائري بدعم الاتحاد الأوروبي    50 مليون جنيه سنويًا.. حوار بين خالد البلشي وضياء رشوان حول زيادة بدل الصحفيين    نقيب الصحفيين يؤكد ضرورة إصدار قانون حرية تداول المعلومات    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير النصب التذكاري بالباحور    إيهاب الكومي: الكرة ملهاش كبير.. وحسام حسن اجتمع بلاعبي المنتخب لهذا السبب    عاجل.. صفقة هجومية تتسبب في انقسام داخل الأهلي    منتخب إيطاليا يهزم البوسنة والهرسك بهدف نظيف    تقرير: الخليج يعرض محمد شريف للبيع.. وحقيقة شرط عودته ل الأهلي    رئيس البلدية: منتخب مصر خسر تواجد حسام أشرف    دعبس يوضح موعد تغيير اسم فيوتشر ل مودرن سبورت    "ابدأ": 70% من المشكلات التي تواجه المصنعين تدور حول التراخيص وتقنين الأوضاع    سياحة الشيوخ توصي بضرورة تفعيل المنتج السياحي "العمرة بلس"    إصابة 14 شخص في انفجار أنبوبة بوتاجاز بالمنيا    مقتل فلاح علي يد ابن عمه بسبب خلافات علي قطعه أرض بالفيوم    مصرع طفل في حريق سوبر ماركت بالفيوم    القائم بأعمال سفارة طاجيكستان: مصر لديها خبرة واسعة في استخدام الموارد المائية    مفاجأة.. صورة قديمة تجمع عمرو دياب بالمعجب المثير للجدل    آسر ياسين يروج ل فيلم "ولاد رزق 3 - القاضية"    محمود فوزي: الحوار الوطني ساهم في الإعفاءات عن المحبوسين.. والجهات المعنية لا تتأخر    الأونروا: وصلنا إلى طريق مسدود بسبب إغلاق إسرائيل المعابر أمام المساعدات    الأول على الإعدادية الأزهرية بالإسماعيلية: مثلي الأعلى عمي وأتمنى أن أصبح طبيبا للقلب (فيديو)    رئيس إنبي يكشف حقيقة حقيقة عروض كالوشا وأوفا    العاهل الأردني: صمدنا في مواجهة التحديات بالعزيمة والصبر    لميس الحديدى تكشف عن إصابتها بالسرطان.. لماذا أخفت المرض؟ (فيديو)    دعاء وفضل العشر الأوائل من ذي الحجة    دعاء العشر من ذي الحجة مستجاب.. «اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لي دِينِي الذي هو عِصْمَةُ أَمْرِي»    الكشف على 1346 مواطنا بقافلة طبية مجانية بقراقص في دمنهور    وزير المالية الإسرائيلي: انسحاب جانتس من الحكومة خطوة غير مسؤولة    الإفتاء توضح أعمال الحجّ: اليوم التاسع من ذي الحجة "الوقوف بعرفة"    الطالبات يتصدرن.. «أزهر المنيا» تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية 2024    زيادة أكثر من 200 جنيه، ارتفاع سعر دواء شهير لعلاج مرضى الصرع    كم عدد أيام التشريق وحكم صيامها؟.. تبدأ من مبيت الحجاج بمنى    لمواليد «الأسد».. توقعات الأبراج في الأسبوع الثاني من يونيو 2024    ليلى عبد اللطيف تتوقع انفصال هذا الثنائي من الفنانين    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية بمنطقة أسيوط الأزهرية بعد اعتمادها رسميًا    منها مباشرة الزوجة وتسريح الشعر.. 10 محظورات في الحج يوضحها علي جمعة    بشرى سارة بشأن توافر نواقص الأدوية بعد عيد الأضحى.. فيديو    جامعة سوهاج: 1000 طالب وطالبة يؤدون امتحانات نهاية العام بالجامعة الأهلية للتعلم الإلكتروني    المرور: ضبط 28776 مخالفة خلال 24 ساعة    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق    البابا فرنسيس يحث حماس وإسرائيل على استئناف المفاوضات ويدعو لإنقاذ شعب غزة المنهك    مدرسة غبور للسيارات 2024.. اعرف مجموع القبول والتخصصات المتاحة    اعتدال بسيط في درجات الحرارة بمحافظة بورسعيد ونشاط للرياح.. فيديو وصور    ريان عربي جديد.. إنقاذ طفل سوري وقع داخل بئر بإدلب    يحدد العوامل المسببة للأمراض، كل ما تريد معرفته عن علم الجينوم المصري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوريا: اللغز الكبير
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 05 - 2015

ظل الثوريون يناضلون فى سبيل الثورة. وتفجَّرت ثورات «الربيع العربى» فقلبت مفاهيمنا عن الثورة رأسا على عقب. ومع تطوراتها أخذنا نُدرك أننا إزاء تصوُّر جديد للثورة يختلف عن تصوراتنا السابقة.
وكان الغموض الذى اكتنف تصوراتنا عن الثورة ناشئا عن غياب مفهوم نظرى عنها. وكان هذا هو السبب وراء التوقعات الحالمة والنتائج الصادمة. وفى غياب هذا المفهوم، تركَّزت أمانيناعلى تحقيق شعارت الثورة: عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية، جنبا إلى جنب مع الشعار العام لكل الثورات العربية الراهنة وهى، كما يحدث فى كل ثورة، مطالب«إصلاحية« مترابطة ومتمفصلة. وتمثَّلت المشكلة فى غياب مفهوم الثورة الشعبية وحدودها، واختلافها عن محرِّك التاريخ: القوانين التقنية- الاجتماعية التصاعدية. ولهذا انعقد أملنا على نجاح الثورات رغم حدودها التى لم تكن لتتجاوز الديمقراطية الشعبية من أسفل، التى أخذتُ أكتب عنها كغاية وهدف للثورة، بعد بدايتها بثلاثة أو أربعة أشهر. وبعدها بثلاثة أعوام بدأ يتبلور عندى مفهوم جديد للثورة الشعبية مع مجموعة كبيرة من المفاهيم والنظريات الثورية المرتبطة بها. وفى سوريا، قاد إلى الثورة حكم قومى بعثى وعلوىّ طائفى، فى عهدىْ الأسديْن، باستغلاله الرأسمالى، واستبداده الاستثنائى، وفساده المتفشى، وإفقار الشعب ومعاناته، مع تبلوُر شرارة شبابية، وحضور تأثير الدومينو. واستمرت «الثورة» شعبية كما بدأت، ولكن المعادلة انقلبت مع نجاح الإسلام السياسى فى الصعود والسيطرة، مستغلًّا الحالة المنهارة للدول المعنية، وجالبًا شبابًا مسلما ضائعا من كل مكان على ظهر الأرض، تماما كما يحدث فى ليبيا الآن. وتصفعنا هذه التطورات بهشاشة تكويننا الاجتماعى-الثقافى: جنَّدتْ منظمات إخوانية وسلفية وقاعدية وداعشية مئات وآلاف وآلاف آلاف من شبابنا الضائع .. وعندما سنحت فرصة الثورة انقضَّت هذه التكوينات على شعوبنا ودولنا، وفى غضون أشهر أو سنوات قليلة سَوَّت المدن والقرى بالأرض، ودمرت كل شيء عليها، وأبادت البشر، وأعادتنا إلى ماضٍ سحيق ظننَّا أننا تجاوزناه. وأفلت اليمن السعيد من الدمار الشامل غير أن فرقة ناجية منسية، هى الطائفة الحوثية، تمردت على الدولة فتدخلت السعودية، وألحقت الحرب الجديدة اليمن ببلدان الدمار الشامل.
وهذا كابوس رهيب قابل للتكرار وتقع مسئوليته على التبعية الاستعمارية، والدول والأنظمة الحاكمة. ولنتخيل أن الثورة حدثت فى وقت لا وجود فيه للإسلام السياسى؛ فماذا كان سيحدث؟ لم يكن كل هذا الدمار قابلا للحدوث حتى مع هزيمة الثورة. ورغم أن تدخل الأنظمة كان من العوامل الرئيسية لهذا الدمار فإن البديل كان يعنى فتح الأبواب واسعةً لدولة الخلافة الإسلامية؛ أىْ الدمار الكلى من طريق آخر.
وفى سوريا، صارت الحرب الأهلية حربا بالوكالة؛ فمن جهة، أسهمت دول الخليج، والولايات المتحدة، وتركيا فى تأسيس وتطوير واستخدام الإسلام السياسى المحارب، ومن جهة أخرى دعمت روسيا وإيران وحزب الله النظامَ البعثىَّ.
واتخذ كل طرف من الأطراف المؤيِّدة للنظام السورى موقفه، ليس وفقا لمصالحه، بل وفقا «طريقته فى فَهْم مصالحه «روسيا تفاديا لخسارة سوريا الباقية من تحالفاتها فى المنطقة، رغم التداعيات المحتملة، وإيران مستغلةً فوضى الثورة لتوسيع نفوذها السياسى فى عدد من العواصم العربية (بغداد، ودمشق، وبيروت)، دون تفكير فى رد الفعل العربى، وحزب الله اللبنانى لأن سقوط النظام السورى يعنى سقوط حزب الله. وفشلت إيران فى إلحاق صنعاء بعجلتها بدعم الحوثيين.
وفى البداية وقفت دول الخليج وتركيا وأمريكا وأوروپا فى صف الإسلام السياسى بهدف إسقاط الثورة الشعبية ونظام الأسد بحجر واحد.وقدَّم الإخوان المسلمون كل العون لحروب امتداداتهم، رغم انشغالهم، فى مصر بالذات، بتحقيق مشروعهم الخاص. واستفحل أمر التنظيمات الإسلامية بشبابها ومرتزقتها مع ظهور «داعش»، الذى تمدَّد بسرعة خاطفة،مُهدِّدًا الجميع: مَنْ صنعوه أو ساعدوه أو تهادنوا معه. وكان الحكم الشيعى الطائفى فى العراق وسوريا يؤجِّج الصراع الشيعى-السنى، وهنا اتخذت الحرب المتعددة الأطراف طابعا سنيًّا شيعيًّا، ساعد على التعبئة والتجنيد المتواصليْن. على أن الحرب المسلَّحة بالأيديولوچيا السياسية الدينية، باستدعاء تراث مذهبى طويل من العداء لخدمة مصالح دنيوية، سياسية واقتصادية، فى حقيقتها، اتخذت شكل الحرب بين خلافة فارسية شيعية عاصمتها بغداد، وخلافة سنية عربية تركية إحياءً للخلافة العثمانية.
وبعد أن ظلت أمريكا تؤيد ظهور «نظام» غير بعثىٍّ وغير إسلامىّ، مالت بجانبها حينا إلى «الثورة الإسلامية» ضد النظام، ثم تركت الطرفين يأكلان بعضهما بعضا. ثم كان عليهما محاربة خطر داعش معًا،بعد أن صار النظام السورى وأمريكا، مرحليًّا، فى خندق واحد فى مواجهة الخطر المستطير لداعش، على الجميع. وظلت إسرائيل تُراقب، مترقِّبة إضعاف إيران وحزب الله والنظام العلوى فى وقت واحد. وفى وضع معقد يحارب فيه طرفٌ ضد خصم وضد صديق فى وقت واحد، مرة لإرضاء السعودية ومرة أخرى لإرضاء روسيا، مثلا،ينبغى العمل على إسقاط النظام السورى والإسلام السياسى معًا وتأييد القوى الحقيقية للثورة.
ولا سبيل هنا إلى عرض وافٍ لتشابكات هذه الحرب، التى لا يعرف فيها مقتول مَنْ قاتله ولماذا قتله.
لمزيد من مقالات خليل كلفت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.