سعر الريال السعودى مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 11-11-2025    النائب أيمن محسب: توجيهات الرئيس السيسي بتحويل الاتصالات لقطاع إنتاجى تعكس رؤية اقتصادية متكاملة    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدان أماكن الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    الثلاثاء 11 نوفمبر 2025.. البورصة ترتفع ب 0.28% فى بداية تعاملات اليوم    رئيس الوزراء العراقى يدلى بصوته بالانتخابات البرلمانية برفقة والدته.. فيديو    الرئيس السوري يستبعد الانضمام لاتفاقيات أبراهام ويأمل باتفاق أمني    رئيس فلسطين في ذكرى استشهاد ياسر عرفات: سنكمل مسيرة أبو عمار نحو الحرية والاستقلال    حسام البدري يفوز بجائزة أفضل مدرب في ليبيا بعد التألق مع أهلي طرابلس    عين تحرس الانتخابات وأخرى تكافح الجريمة.. ضبط مخدرات وأسلحة وجرائم اقتصادية    ننشر اسماء 7 مصابين في تصادم 4 سيارات على طريق المنصورة - ميت غمر    حالة الطقس.. تقلبات جوية وأمطار متفاوتة الشدة بعدة مناطق فى هذا الموعد    الحشود تنتظر جثمان الراحل إسماعيل الليثي تمهيدًا لتشييع الجنازة    وزير الصحة يشارك نظيره الهندى فى مائدة مستديرة لبحث سبل التعاون    وزير الخارجية يستقبل سكرتير مجلس الأمن لروسيا الاتحادية    ماذا قدم ماكسيم لوبيز لاعب نادي باريس بعد عرض نفسه على الجزائر    معلومات الوزراء: تحقيق هدف صافى الانبعاثات الصفرية يتطلب استثمارًا سنويًا 3.5 تريليون دولار    ليفربول يستهدف ضم صفقة هجومية    عادل عبدالرحمن: الزمالك أنفق في الميركاتو الصيفي "أضعاف" الأهلي    منتخب مصر مواليد 2009 يصل عمان لمواجهة الأردن وديا    المواصفات والجودة تنظم ندوات حول البصمة الكربونية وتعزيز السلامة المهنية    توافد الناخبين على اللجان الانتخابية في انتخابات مجلس النواب بمطروح    بسبب أحد المرشحين.. إيقاف لجنة فرعية في أبو النمرس لدقائق لتنظيم الناخبين    إصابة 7 أشخاص فى حادث مرورى مروع بطريق أجا – المنصورة    انتخابات النواب 2025.. توافد الناخبين للإدلاء بأصواتهم أمام اللجان بمنشأة القناطر| صور    أسعار الفراخ والبيض اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 بأسواق الأقصر    التضامن الاجتماعي: التدخل السريع ينقذ أسرة بلا مأوى في القاهرة .. وينقلها بشكل مؤقت لدار رعاية    بطولة 14 نجمًا.. تعرف على الفيلم الأكثر جماهيرية في مصر حاليًا (بالأرقام والتفاصيل)    صحيفة: المتحف المصرى الكبير يضم أكبر مجموعة ذهبية فى العالم    زلزالان يضربان ولاية باليكسير غربى تركيا    6 أعشاب تغير حياتك بعد الأربعين، تعرفى عليها    الصحة: الخط الساخن 105 يستقبل 5064 مكالمة خلال أكتوبر    انطلاق أعمال اليوم الثاني من انتخابات مجلس النواب 2025    «الوطنية للانتخابات»: مشاركة إيجابية من المواطنين في التصويت    هشام نصر: عبد المجيد ومحمد السيد مستقبل الزمالك.. ولن نكرر نفس الخطأ    الشحات: لا أحد يستطيع التقليل من زيزو.. والسوبر كان «حياة أو موت»    اليوم.. محاكمة 9 متهمين في «رشوة وزارة الصحة»    تقرير غرفة عمليات حزب المحافظين لليوم الأول من انتخابات مجلس النواب    ضعف حاسة الشم علامة تحذيرية في سن الشيخوخة    بدء التصويت باليوم الثاني ل انتخابات مجلس النواب بالإسكندرية    بعد إصابة 39 شخصًا.. النيابة تندب خبراء مرور لفحص حادث تصادم أتوبيس سياحي وتريلا بالبحر الأحمر    حظك اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    بينها حالات اغتصاب.. نزوح جماعي وانتهاكات بحق النساء في الفاشر (تفاصيل)    بسمة بوسيل تقف إلى جانب آن الرفاعي بعد طلاقها من كريم محمود عبد العزيز    بعد إجراء الكنيست ضد الأسرى الفلسطينيين.. بن غفير يوزع البقلاوة (فيديو)    انتخابات مجلس النواب.. تصويت كبار السن «الأبرز» فى غرب الدلتا    بعد دخوله العناية المركزة.. ريم سامي تطمئن الجمهور على نجلها    نورهان عجيزة تكشف كواليس اليوم الأول للمرحلة الأولى بانتخابات النواب 2025 في الإسكندرية    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    القنوات الناقلة لمباراة الكاميرون ضد الكونغو الديمقراطية في تصفيات كأس العالم    «في مبالغة».. عضو مجلس الأهلي يرد على انتقاد زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر    بسبب خلافات الجيرة.. حبس عاطل لإطلاقه أعيرة نارية وترويع المواطنين بشبرا الخيمة    محدش يزايد علينا.. تعليق نشأت الديهى بشأن شاب يقرأ القرآن داخل المتحف الكبير    خطوة أساسية لسلامة الطعام وصحتك.. خطوات تنظيف الجمبري بطريقة صحيحة    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البابا شنودة...مبدعًا
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 05 - 2015

مرت علينا مؤخرا الذكرى الثانية لرحيل رمز من رموز مصر الأوفياء والحكماء ألا وهو البابا شنودة الثالث، الذى لم تقف حدود دوره عند مهام التكليف والرعاية الدينية لأقباط مصر فحسب، ولكنه تجاوز ذلك كله ليصبح رمزا وطنيًا شامخًا بمعنى الكلمة، وتجلت أدواره فى المواقف الصعبة والعصيبة.
وخاصة فى ظلال الأزمات المشتعلة للفتن الطائفية التى كانت تنفجر من حين إلى آخر بين المسلمين والأقباط، وكان البابا يملك وحده العصا السحرية، لإطفاء أى أزمة طائفية تشتعل, بحكمته وتريثه وبُعد نظره وقدرته على تهدئة النفوس وتصفيتها.
وإذا كانت وسائل الإعلام المختلفة قد أسهبت طوال الأيام الماضية فى سرد رحلة الرجل الطويلة لخدمة دينه وشعبه ووطنه منذ نشأته الأولى فى محافظة أسيوط فى العشرينيات من القرن المنصرم إلا أن جانبًا حيًا ومثاليًا وجماليًا فى رحلة الرجل لم يأخذ حقه من الإشارة والتلميح والتحليل والنقد ألا وهو الجانب الإبداعى والثقافى والفنى بصفة عامة، وهو الجانب الذى ظل حاضرًا فى رحلة الرجل إلى أخريات أيامه، وإن أخذ أشكالا ورموزًا مختلفة، فالبابا شنودة الثالث عُرف عنه عشقه للشعر العربى منذ أن كان طالبًا فى المرحلة الثانوية بمحافظة أسيوط على حد تعبيره فى مذكراته الشخصية المنشورة فى الكتب المتعلقة بسيرته وفى لقاءاته الإعلامية - وقال إنه كان متأثرًا بشعر شوقى وحافظ والبارودى وأباظة ومن بعدهم شعر شكرى والعقاد والمازنى وناجى، وبدأ فى كتابة الشعر ونسجه منذ تلك الفترة نفسها فى نهاية الثلاثينيات من القرن المنصرم، وكان يقول إن أول ديوان له كان مكتوبًا على جدران حجرته، وعلّ ذلك كان السبب الحقيقى والجوهرى لالتحاقه بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول، ورغم التحاقه بقسم الفلسفة فإن معظم وقته كان يقضيه بقسم اللغة العربية ليتعلم فنون العروض الشعرية وعلوم النحو والصرف، ودراسة الأدب وتاريخه حتى أجاد فنون العربية تمامًا، وأجاد اللغة ببراعة ، وساعده ذلك كله على تفتح ملكته الشعرية مبكرًا ، للدرجة التى دفعت الكلية فى معظم حفلاتها وندواتها إلى دعوته لإلقاء قصائده على مسمع من أساتذته وزملائه، وكان يقول إنه كان يكتب فى تلك الفترة الشعر الوطنى والروحانى والفكاهى أيضًا، وإنه جمع أول ديوان شعر كامل له ، وكتبه بخط يديه، ولم يجد للأسف دار نشر تطبعه له، فاكتفى بالاحتفاظ به مكتوبًا بخط اليد .
وما أن انتهى من دراسته الجامعية فى مطلع الخمسينيات وتعلق بحياة النسك والرهبنة، بعد أن شعر بأن الحياة التى نعيشها بكامل صراعاتها وحروبها ومشكلاتها تفتقد إلى قيمتها الحقيقية ألا وهى قيمة محبة الله والتعلق بكيان خالقها ومبدعها، والارتحال إليه، وهنا تبدأ رحلة البابا تتوجه إلى وجهة جديدة، وجهة الانعزال والتنسك والرهبنة والتى دفعته من جديد ليبدع فى السياق الشعرى على معنى روحانى جديد، يقارب ما وجدناه فى الشعر الصوفى لدى الشعراء المصريين فى فترة تاريخ الأدب المصرى الوسيط إبان العصور الفاطمية والأيوبية والمملوكية، وتبدأ روح التألق الشعرى تأخذ نصيبها من نفس البابا ومن طبيعة تكوينه الأدبى والثقافى منذ منتصف الخمسينيات.. ليكتب فى الشعر الروحانى والنسكى بصيغة ذاتية وجدانية تشعر المتلقى بأنه فى دائرة روحانية خاصة.. تحوم به بعيدًا عن دنيا الوجود، وتحلق به فى سماوات بعيدة ، ويتميز فيها البابا بصياغة القصيدة الطويلة التى تحتمل النفس الشعرى الطويل وإن كان ينسجها على بحور الشعر القصيرة والمجزوءة باعتبارها البحور التى تعكس روح المعنى بصفة مباشرة بلا التواء ولا تعقيد، ومن أشهر ما كتبه البابا فى تلك الفترة قوله فى قصيدته المعروفة باسم (ترنيمة غريب):
غريبًا عشت فى الدنيا
نزيلا مثل آبائي
غريبًا فى أساليبى
وأفكارى وأهوائى
غريبًا لم أجد سمعًا
أفرغ فيه آرائى
يموج القوم فى مرج
وفى صخب وضوضاء
وأقبع هاهنا وحدى
بقلبى الوادع النائى
تركت مفاتن الدنيا
ولا ركنا لإيوائى
وهنا تتبدى الغلبة للنزعة الذاتية فى أدبه ونتاجه الشعرى، وتستمر معه على درجة من درجات الإتقان فى وجهتى الموضوع والفن والبنية الشعرية المباشرة التى تتخلى كثيرا عن بعض مورفات الفن الشعرى كنزعة الخيال والتعبير بالصورة الفنية، وإن صادفتها فى ترانيم كثيرة المشاعر الاعتزالية والنسكية والدرامية .. كقوله فى قصيدة أخرى:
ورحت أجر ترحالى
بعيدًا عن ملاهيها
خلى القلب لا أهفو
لشيء من أمانيها
نزيه السمع لا أصغى
إلى ضوضاء أهليها
أطوف هاهنا وحدى
سعيدًا فى بواديها
وهكذا تستمر رحلته مع الشعر حتى بعد توليه منصب البابوية ورعاية الكنيسة الارثوزكسية فى مطلع السبعينيات، وظل ينسج الشعر على حد قوله إلى منتصف التسعينيات، وكان يكتفى بكتابته أو إنشاده فى المنتديات الدينية والأدبية، وما كتبه البابا شنودة من شعر يكفى لنشره فى أكثر من مجموعة شعرية، وهو مجموع لدى بعض الأساقفة القريبين من البابا الراحل، ومن آخر ما كتب البابا شنودة الثالث قوله:
كسبت العمر لا جاه
يشغلنى ولا مالُ
ولا بيت يعطلنى
ولا صحب ولا آلُ
هنا فى الدير آياتُّ
تعزينى وأمثالُ
هنا لا ترهب الرهبا
نقضبان وأغلال
ومنذ منتصف التسعينيات يبدأ البابا فى الإبداع فى محور جديد من محاور الفن ألا وهو الإبداع الكتابى النثرى، خاصة بعد أن عرضت عليه جريدة الأهرام أن تمنحه مساحة للكتابة والسرد، فيبدأ البابا مع الأهرام فى رحلة إبداعية جديدة خصصها لروحانياته المعروفة عنه، ولعشقه الكتابة فى الأخلاقيات والمذاهب السلوكية والإنسانية، وهو ما حرص عليه حتى وفاته فى منتصف شهر مارس الحالى، وأصابت الأهرام حينما قررت أن تجمع مقالاته فى كتاب موحد حتى تحفظ للرجل تراثه الإبداعى والفنى ليكون عبرة للأجيال القادمة، ونتمنى أن نجد من يحرص على جمع شعر الرجل خاصة وهو وفير ليكون نبراسًا لعشاقه ومحبيه وهم يواجهون المستقبل الجديد .
كلية الآداب جامعة حلوان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.