في الخامس عشر من مارس في العام الماضي انطلقت أول مظاهرات في درعا ثم تتبعتها حلب و حمص ودير الزور و الشام و الحميدية وسط دمشق, وفي نفس اليوم قرعت أجراس بكركي عند الحادية عشرة إلا الربع من يوم الثلاثاء15 مارس2011 معلنة انتخاب البطريرك بشارة الراعي بطريرك الكنيسة المارونية, خلفا للبطريرك مار نصر الله بطرس صفير الذي فضل التقاعد, ومن وقتها وهو يتعرض لانتقادات من داخل لبنان ومن خارجه, بسبب تصريحاته عما يحدث في سوريا, فانقلبت قيادات عليه كانت موالية للكنيسة مثل سمير جعجع و14 آذار, وأخري أيدته بعد جفاء مع الكنيسة سنين عدة مثل العماد ميشال عون, وفي حواره مع الأهرام أكد أنه يخشي من أن يأتي متشددون للحكم وتحدث حرب أهلية بين العلويين والسنة تأخذ الجميع بمن فيهم المسيحيون في لبنان, كما نفي أن يكون شيخ الأزهر رفض لقاءه لتصريحاته المعادية ضد الإسلام والربيع العربي.. وإلي نص الحوار خلال الحوار مع مندوب الأهرام غبطة البطريرك كان محددا لقاء يوم السبت الماضي مع قداسة البابا شنودة في الرابعة والنصف عصرا, ولم يمهلكما القدر, حدثنا عن سبب الزيارة؟ البابا شنودة رحمة الله عليه, أعرفه منذ بداية السبعينيات حين زار الفاتيكان بعد توليه كرسي البابوية, وكانت أول زيارة له لروما, وكنت وقتها مدير القسم العربي بإذاعة الفاتيكان, وأخذت منه حديثا إذاعيا, ومن يومها أصبح عندي احترام كبير ومتابعة لأقواله وتعاليمه, وصرت أعشق هذا الرجل, ولم نلتق بعد ذلك أبدا, وجئت لزيارته بعدما عرفت أنه مريض, وكان موعد معه في الرابعة والنصف ولكنه توفي في الخامسة عصرا آي قبل لقائي به بثلاثين دقيقة, فالقدر كان أسبق, وهذا اللقاء كانت أهميته من وجهة نظري أننا نعمل معا فيما يسمي الحوار المسيحي المسيحي علي المستوي المسكوني, وعلي مستوي الحوار الإسلامي المسيحي, والبابا شنودة كان له دور أساسي في هذا الحوار. كان هناك أيضا موعد مع شيخ الأزهر, ولكن تم إلغاؤه, لماذا؟ كان هناك موعد في ديسمبر الماضي وتم تأجيله بسبب بعض الأحداث في مصر. هل بسبب الأحداث فعلا أم هناك موقف من تصريحاتكم؟ لقد تحدثت مع شيخ الأزهر هاتفيا في أوائل ديسمبر الماضي واتفقنا علي موعد يوم11 ديسمبر, وقلت لك إنه تم تأجيله, وحينما قررنا المجيء في17 من هذا الشهر علي عجل نظرا لتفاقم مرض البابا الشديد لم نستطع لقاء شيخ الأزهر, وقد اتصلت بسفير مصر في لبنان لتحديد موعد للزيارة ولم نحظ بها, وأنا لم أصرح بشيء ضد شيخ الأزهر. ليس ضد شيخ الأزهر ولكن تجاه بعض القضايا الإسلامية ؟ ماهي مثلا؟ تصريحاتكم بشأن الوجود المسيحي في الشرق وتهديد هذا الوجود إذا جاء بديل بشار من السنة؟ أنا من المنادين باستمرار منذ توليت منصبي إننا نريد أن نعيش مع إخواننا المسلمين لأنهم ثروة وغني لنا جميعا, وقلت في معرض حديثي عن الربيع العربي أخشي أن يأتي إلي الحكم متشددون, وحين سئلت هل أنت ضد مجيء متشددين, قلت أنا لا أستطيع أن أمانع أحدا, لأن الشعب يختار من يريدهم, وإذا أتي أناس متشددون سأهنئهم ونفتح حوارا معهم, أنا لست ضد أحد, فالكنيسة المارونية لا توالي ولا تعادي, ولذلك فأنا أقول ومازلت أن المسلمين في أغلبيتهم الساحقة معتدلون. قد يكون تخوفك هذا فهم أنه تدعيم لنظام بشار العلوي؟ أنا قلت نخشي أن يأتي إلي الحكم متشددون, ولكن إذا أتوا نرحب بهم ونفتح حوارا معهم من أجل الديمقراطية والحريات العامة. يأخذ عليك البعض قولك إن ما يحدث في سوريا هو اضطرابات وليس ثورة؟ أنا لم أتكلم لا عن ثورة ولا عن اضطرابات, أنا تكلمت عن سوريا وعن الأحداث المتفاقمة فيها, وقلت أخشي أن تتفاقم الأحداث لتصبح حربا أهلية, فإذا أصبحت حربا أهلية تكون بين السنة والعلويين, وهذا أمر صعب للغاية, ونخشي أن تنسحب إلي لبنان لأنه مؤلف من سنة وعلويين أيضا, نرجو ألا تتفاقم الأمور, فسوريا بحاجة إلي إصلاحات, بحاجة إلي حريات وحقوق إنسان, وفي كل يجب أن نتجنب الحرب والعنف. هل تخشي إذا قامت حرب أهلية بين السنة والعلويين أن تطول المسيحيين في سوريا ومن ثم لبنان؟ إذا صارت حرب أهلية ستحصد الجميع سنة وعلويين ومسيحيين أيضا. ولكن قيل إن الغالبية المسيحية في سوريا ولبنان تقف مع بشار الأسد خوفا من صعود تيار ديني متشدد؟ ليس صحيحا. ولكنك قمت بزيارة إلي فرنسا وطالبت الرئيس ساركوزي بعدم التسرع في التعامل مع بشار لأن البديل سيكون ديكتاتورية متشددة؟ ما قلته بالحرف الواحد في فرنسا حيث كان يدور الكلام حول سقوط النظام, قلت نحن ككنيسة لا نوالي ولا نعادي أي نظام, ونحن في لبنان ذقنا الكثير الكثير من النظام السوري, ولا نريد لأحد منا أن يختبر هذا الاختبار, لكن نحن أيضا مع الإصلاحات ومع الحريات ومع حقوق الإنسان في سوريا, ونحن أمامنا العراق كنموذج, أريد أن تدخل الديمقراطية العراق, وكانت النتيجة أن الديمقراطية لم تصل إلي الآن وهاجر من العراق مليون مسيحي علي الأقل, أمام صمت العالم, والعراق اليوم دخل في حرب لست أدري متي تنتهي, والديمقراطية لم تصل, نخشي أن يحدث الأمر نفسه في سوريا, أي نخشي ثلاثة أمور: ألا تتحول الأحداث عنف وحرب أهلية تحصد الجميع, ونخشي إذا حدثت حرب أهلية في سوريا ألا تحدث بين السنة والعلويين وهذا أسوأ علي السوريين, ونخشي ثالثا ألا تطول اللبنانيين. وبماذا تصف المجازر ومشاهد القتل اليومية في سوريا؟ شيء يغضبنا ويقلقنا جميعا مسيحيين ومسلمين, وهو لا يبشر بخير علي الإطلاق, فقد دخلنا في دوامة الحرب الأهلية التي حذرنا منها؟ من الطرفين؟ نعم. نعود إلي مصر, أنت قلت أجرينا اتصالات بالأزهر للقاء ولم نحظ به, فماذا عن جماعة الأخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة؟ ضيق الوقت هو الذي لم يسمح لنا بمزيد من الاتصالات, وأنا كنت أتمني. غبطة البطريرك إذا سقط نظام بشار فهل نحن بصدد سايكس بيكو آخر؟ إذا كان التغيير من الداخل, فأنا لا أقلق, لأنه اختيار الشعوب, أما إذا كانت هناك قوي خارجية وراء ذلك, فإن المصير هو دويلات صغيرة, وتفتيت الوطن العربي, وهو ما نخشاه ونحذر منه, والعراق ماثل أمامنا. كيف تصف الوضع في مصر الآن؟ مصردولة عظيمة, ونحمد الله فإن الوضع مختلف تماما, وكنا نخاف في بعض الأحيان أن يحدث في مصر مثل ما يحدث في سوريا, وأري أن مصر تسير إلي تجربة ديمقراطية, والكنيسة المارونية موجودة هنا منذ الألف وأربعمائة, والعلاقة بين مصر ولبنان علاقة حضارات, والوجود اللبناني منذ مئات السنين, وجريدة الأهرام التي أمامنا هي دليل هذه الحضارة والعلاقة بين مصر ولبنان. وماذا عن الربيع العربي؟ إذا انتكست دولة من دول الربيع انتكس العالم العربي, وإذا نجحت نجحنا معها, الربيع العربي يتوقف علي الشعوب أولا, وعلي التغيير من الداخل ثانيا.