اقتصادي: ثورة 30 يونيو أنقذت الوطن.. والرئيس السيسي سبق العاصفة    غدًا بجامعة أسيوط.. ندوة حول التمكين الاقتصادي والاجتماعي بمشاركة نيفين القباج    زراعة 130 شجرة مثمرة وزينة بزفتى ضمن حملات التجميل والتشجير    تعرف على إنجازات وجهود تحديث شركة مصر للطيران    9 شهداء معظمهم أطفال جراء قصف للاحتلال قرب مدرسة في حي التفاح    موعد مباراة بنفيكا ضد تشيلسي في دور الستة عشر من كأس العالم للأندية    "صبحي" و"حبشي" يتفقدان نادي بورسعيد الرياضي    رونالدو يُرشح خيسوس لتدريب النصر    مصرع مواطن وإصابة 2 آخرين في حادث إنقلاب دراجة بخارية بطريق مصر الفيوم    وزير الثقافة: نؤسس لمرحلة جديدة من التطوير المستدام للفرق القومية بمشروع توثيق تراث فرقة رضا    تحت عنوان «عودة الغايب».. فضل شاكر يحيي حفلا غنائيا لأول مرة في قطر يوليو المقبل    اليوم العالمي للتبرع بالدم.. انطلاق فعاليات الحملة القومية للتبرع بالدم «تبرعك بالدم حياة» بالبحيرة    محافظ الشرقية يحيل عددا من العاملين في مستشفى بلبيس المركزي للتحقيق    مجلس مستشفيات جامعة عين شمس: اهتمام مستمر بتطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات الصحية    فوائد مشروب الكركم وأفضل طرق لعمله والاستفادة منه    سعر الذهب اليوم السبت 28 يونيو 2025 بعد تحقيق أدنى مستوياته عالميا خلال 29 يوما وتوقعات الفترة المقبلة    موعد مباراة بالميراس ضد بوتافوجو في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    أيامه أصبحت معدودة.. تفاصيل العروض الخارجية لضم وسام أبو علي من الأهلي    وزير الزراعة: الصادرات الزراعية المصرية إلى هولندا 500 مليون دولار    رئيس المنطقة الأزهرية يتفقد لجان امتحانات الثانوية الأزهرية ويطمئن على دعم الطلاب    غلق وتشميع 35 محلا وكافيه غير مرخص فى أسوان    طقس شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا اليوم السبت 28 يونيو 2025 بكفر الشيخ    «الهلال الأحمر»: دراسة حالات أسر ضحايا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية لتقديم الدعم اللازم    وزيرا الأوقاف والعمل يضعان حجر الأساس لمسجد جديد ويعلنان مشروعات تطوير برأس غارب    الخارجية الروسية: انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي لا يلبي مصالحنا    فى ذكرى ميلاده.. أبرز مؤلفات عباس العقاد    انطلاق التحضيرات لمهرجان أكاديمية الفنون للعرائس وتعيين إدارة تنفيذية جديدة    خبير: ترامب سبب فشل تحجيم إيران نوويًا والوكالة الذرية أداة فى يد واشنطن    أسفار الحج (6)..الصفا والمروة وزهرة اللوتس    عيبك أولى بالإصلاح من عيوب الآخرين    تحديد موعد الكشف الطبي ل ثيو هيرنانديز في الهلال السعودي    وكيل السلام الأممى يرفض انتهاك إسرائيل بالتواجد فى المنطقة العازلة مع سوريا    التقديم للصف الأول الثانوي 2025.. رابط التسجيل والأوراق المطلوبة    على مدار عام.. تنفيذ مشروعات استثمارية لتطوير ورفع كفاءة خطوط الإنتاج فى عدد من شركات الإنتاج الحربى.. والمشاركة فى تنفيذ المشروعات القومية والتنموية بالدولة وبمشاركة القطاع الخاص    مدرب بالميراس: لن نُغيّر أسلوبنا أمام بوتافوجو وسنسعى لإيقافهم    "زيلينسكي" يعيد تشكيل هيئة أركان الجيش ويعين قائدا جديدا للقوات المشتركة    عودة الهضبة وعمرو مصطفى للتعاون الفني.. أبرز ملامح ألبوم عمرو دياب الجديد    شيماء عبد الحميد.. من مدرسة الصنايع إلى كلية الهندسة ثم وداع لا يُحتمل    نجم مانشستر سيتي يكشف خطة بيب جوارديولا للفوز على يوفنتوس    تحذيرات من عواصف وأمطار رعدية في الصين    "بصورة مع الأهلي".. زيزو يوجه رسالة لعبد الشافي بعد اعتزاله الكرة بقميص الزمالك    قصة كفاح مهندسي مصر من أجل تحقيق حلم.. 8 سنوات تلخص رحلة إنشاء مصيف مطروح.. 25 مليون جنيه تكلفة المشروع    محافظ أسيوط يتفقد المنطقة التكنولوجية وواحة سيليكون بأسيوط الجديدة    السبت 28 يونيو 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع    عاجل| الحكومة تقرر صرف 1500 جنيه لهؤلاء المواطنين بعد شهريين: شوف لتكون منهم    12 أكتوبر.. روبي تحيي حفلا في فرنسا    مصر ترحب باتفاق السلام بين الكونجو الديموقراطية ورواندا    ضحى همام.. رحلت قبل أن تفرح بنجاحها في الإعدادية    تعليم المنوفية: إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية اليوم عقب اعتمادها من المحافظ    "كانت بتنشر الغسيل".. مصرع سيدة سقطت من الرابع في قنا    مصدر فلسطيني مسئول لسكاي نيوز عربية: حماس تضع 4 شروط لقبول صفقة التبادل    نقيب المحامين ينعي ضحايا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    الإسماعيلية تحتفل باليوم العالمي للتبرع بالدم (صور)    مع شروق الشمس.. أفضل الأدعية لبداية يوم جديد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 28-6-2025 في محافظة قنا    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    حزب الجبهة الوطنية يعلن تشكيل أمانة البيئة والتنمية المستدامة    حسام الغمري: «الاختيار» حطم صورة الإخوان أمام العالم (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الربيع العربي يحفز مخاوف مسيحيي المنطقة
نشر في الفجر يوم 03 - 11 - 2011

خرج البطريرك الماروني بشارة الراعي من اجتماع مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أوائل سبتمبر الماضي، ليعبر عن مخاوفه من "الوصول إلى حرب أهلية في سوريا والى أنظمة أكثر تشدداً وأكثر تعصباً،" ليثير طوال الأسابيع الماضية عاصفة من ردود الفعل حول الأقليات وموقفها من الأنظمة و"الربيع العربي،" بالتزامن مع عودة الحرارة إلى "الملف القبطي" في مصر.
فقد قال الراعي، وهو رأس كنيسة الطائفة المارونية التي تتمتع بنفوذ واسع في لبنان، إنه يخشى وقوع "فتنة في العالم العربي تؤدي إلى تفتيته ونشوء دويلات طائفية،" ورأى أن ذلك "ليس من مصلحة الأقليات ولا المسيحيين،" مشيراً في هذا السياق إلى النموذج العراقي، ما تسبب بجدل واسع في الأوساط المسيحية والإسلامية على حد سواء.
ويرى البعض أن "المخاوف المسيحية" التي يعبر عنها البطريرك جاءت نتيجة للقلق من سقوط منظومة ما يعرف ب"القومية العربية" وبروز إمكانية العودة إلى طروحات "الأمة الإسلامية" في ظل ضعف الأحزاب العلمانية واليسارية في الدول العربية.
فماذا يخبئ المعلن من السياسة؟ وهل تتقاطع المصالح، بحسب مراقبين، بحيث يبرز تيار إسلامي متشدد يبرر الغرب الصراع معه بحجة حماية الأقليات، فيعزز الكلام بالتالي عن مخاوف المسيحيين موقع الغرب، بدل ما يظهر للعلن من أنه يتناقص معه ويصدمه؟
الأسئلة تشمل أيضا دور الفاتيكان في هذه المرحلة وموقف الموارنة في لبنان. فالكنيسة المارونية، وإن لم تكن الأكبر لجهة العدد والجغرافيا في الشرق، إلا أنها الكنيسة العربية الأقوى سياسيا، وهي تلعب دورا قياديا بين الكنائس في ما يتعلق بالخطاب المشرقي.
وفي الجانب السياسي، يطرح كلام الراعي قضايا عدة في ظل ما يتردد عن مشروع شرق أوسطي جديد ومقاربة جديدة للغرب مع قضايا المنطقة، تؤمن له مصالحه الإستراتيجية وتتفادى أخطاء الماضي وتعطي الضوء الأخضر لتركيا لتقديم نموذج وسطي يشكل ضربة للقوى الإسلامية المتشدد.
وتطرح مواقف البطريرك المدعومة من الفاتيكان أيضا مسألة اختلاف التوجهات بين القيادات المسيحية اللبنانية والكنيسة، التي ترى المسيحيين في موقع مختلف من المتغيرات في الشرق الأوسط وخصوصا مما يجري في سوريا.
فإذا كانت الطوائف المسيحية تشعر بالقلق حيال عودة شكل "إسلامي" للحكم في دول المنطقة، وترى أن هذا الأمر "يهدد وجودها" ومكاسبها السياسية، إلا أن شرائح واسعة من المسلمين في الشرق الأوسط تبدي قلقها من "تحالف" تقول إنه نشأ بشكل ضمني بين الأقليات المسيحية من جهة، والإسلامية من جهة أخرى (العلويين، الشيعة، الدروز) في مواجهة السنّة.
ردود الفعل على مواقف البطريرك بشارة تركزت في الأوساط المسيحية، خصوصاً تيار قوى "14 آذار،" وهو تحالف لقوى مسيحية وسنّية تتبنى مواقف معارضة لسوريا وحلفائها في لبنان، وقد كان لرموز هذا التيار مواقف معترضة على كلام الراعي، بينما وقف رموز تيار "8 آذار" المؤلف أساساً من تحالف مسيحي وشيعي" إلى جانبه.
ولم تقتصر ردود الأفعال على القيادات المسيحية، فقد استنكرت العديد من الشخصيات السنية مواقف الراعي، خاصة وأن توازنات القوى في سوريا تظهر بالنسبة للبعض على أنها عبارة عن صراع بين النظام السوري "العلوي،" والشرائح الشعبية "السنية" التي تشكل غالبية السكان.
وفي هذا الإطار، وصف المفتي السني لجبل لبنان، الشيخ محمد علي جوزو، المعروف بمواقفه المتشددة من حزب الله وسلاحه، كلام الراعي ب"الخطير" وطالب بمعرفة ما إذا كان قد "جاء للتأثير على الموقف الفرنسي."
وسأل الجوزو: "من هم المتشددون؟ هل هم أهل سوريا وشعب سوريا الذي يطالب بحقه في الديمقراطية وتقرير المصير؟"
كما أصدرت الجماعة الإسلامية بيانا أكدت فيه أن "أهل السنة هم الذين يحفظون الأقليات" وأن "كل مكونات الشعب العراقي دفعت ضريبة الاحتلال قتلا وتهجيرا، وأي مقارنة بهذا الخصوص لا ترتكز أساسا على معايير عادلة."
رئيس التيار الوطني الحر ميشال عون، المتحالف مع حزب الله ضمن تيار "8 آذار" أشاد بمواقف الراعي، وقال إنه "مؤتمن على السينودس من أجل لبنان والسينودس من أجل المشرق."
بينما انتقد غريمه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، أحد أركان " مواقف البطريرك، ورفض ما قال إنه "ربط لمصير المسيحيين في الشرق بأنظمة توتاليتارية،" ورأى أن في الأمر "تزوير للتاريخ ولهويتنا (هوية المسيحيين اللبنانيين)."
أما الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، فقد قال إن مواقف البطريرك "لا تخضع للسياسة أو للتوظيف السياسي فهي تنبع من دوره المهم كمسؤول عن مسيحيي لبنان والشرق الأوسط، وعن استقلال لبنان وسيادته، مضيفاً أن الراعي "قدم طرحا متكاملا في مصلحة لبنان أمام السلطات الفرنسية ونجح في نقل الهواجس إلى هذه السلطات."
في ظل كل هذا الجدل، ألغيت زيارة كانت متوقعة للبطريرك الى البيت الأبيض وكتب الأسقف غريغوري منصور، راعي أبرشية بروكلين للموارنة رسالة إلى الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، عبر فيها عن "خيبة رهيبة" نتيجة إلغاء الاستقبال، مضيفاً أن المسيحيين "في حالة خطر، كما مسيحيّو العراق، الذين لأعوام قليلة خلت، هاجر ثلثاهم خارج البلاد، ولا يزالون حتى اليوم بلا حماية،" على حد تعبيره.
النائب عن التيار الوطني الحر، ألان عون، عضو تكتل التغيير والإصلاح المتحالف مع حزب الله أكد في حديث مع بالعربية "التقاء المواقف مع البطريرك في هذا المجال" معتبرا أن مقاربة الراعي "موضوعية وواقعية تأخذ في الاعتبار هواجس حقيقية موجودة من خلال ما يحصل في الشرق الأوسط والسياسة الدولية في المنطقة وهي على حساب المسيحيين بشكل مباشر وغير مباشر."
واعتبر عون أن ما حصل في العراق "يمكن أن يتكرر في سوريا وفي لبنان أيضا،" مبديا مخاوفه "من السياسة الدولية الداعمة لمشروع توطين الفلسطينيين في لبنان،" ورأى أن هناك "مطالب مشروعة" أظهرها الربيع العربي، ولكنه عبر عن تخوفه من " استفادة السياسة الدولية من هذه الثورات لتنفيذ أجندتها الخاصة التي لا علاقة لها بحقوق الإنسان."
وأضاف: "وتستفيد أيضا من هذه الثورات الحركات الأصولية المتطرفة، وهي الأكثر تنظيما وفعالية وتسلحا وستكون الأكثر جهوزية لتسلم زمام الأمور في حال سقوط أو تغيير أنظمة الحكم، والتي ستشكل أنظمة تكفيرية ترفض حق الاختلاف. هذه الهواجس مشروعة ويجب إيجاد حلول لها. وأهم هذه الحلول هي تحييد لبنان عما يحصل في سوريا."
أما النائب أنطوان زهرا، عضو كتلة "القوات اللبنانية" البرلمانية فقد، تحدث قائلا: "ما فهمناه من كلام البطريرك أنه سمع عن هواجس حول التطورات في الشرق الأوسط، ووضعت في تصرفه لأسباب سياسية بعض المعطيات والأرقام التي نرى نحن أنه مبالغ فيها وليست في مكانها وتهين المسيحيين."
وعن المعطيات التي بلغت البطريريك يقول زهرا: "هي تتعلق بالوجود المسيحي في سوريا واعتبار البعض انه بعد الذي حل بمسيحيي العراق ومصر، هناك استهداف للمسيحيين ولدورهم ويخشى في حال سقوط النظام في سوريا وصول نظام إسلامي متشدد يهدف إلى تهجير المسيحيين من سوريا وانه يجب أن تعالج هذه الهواجس بتأمين حماية للوجود المسيحي."
وأضاف: "كانت أجوبتنا واضحة وهي أن المسيحيين موجودون في سوريا من أيام المسيح بينما النظام البعثي والحركة التصحيحية التي أوصلت آل الأسد والعلويين إلى الحكم لا يتجاوز عمرها 40 عاما، وتاليا فإن المسيحيين في سوريا ليسوا صنفا مهددا بالانقراض ويحتاج للحماية."
وحول إمكانية وجود خطر حقيقي على الوجود المسيحي في المنطقة قال زهرا: "الوجود المسيحي في الشرق مرتبط بدوره ورسالته وليس بحماية الأنظمة السياسية أو المجموعات، وإذا تخلى المسيحيون عن دورهم الرائد في تطوير المجتمع ورواد الحريات وحقوق الإنسان فلا مبرر لوجودهم، يمكنهم أن يعيشوا في أي مكان آخر."
ونبه زهرا إلى أنه في حال تحققت المخاوف من وصول أنظمة أكثر تشددا بعد الثورات العربية فإن "المجتمعات التي واجهت الأنظمة المتسلطة الحالية لن تسكت عن أنظمة أسوأ منها، وكما واجهت الظلم فهي ستواجه التطرف."
وبانتظار أن تضع الثورات العربية أوزارها لتظهر موازين القوى الجديدة على الساحة العربية فإن قضايا الأقليات وهواجسها ستبقى موضع نقاش في مجتمعات تتطلع نحو تحقيق التغيير الديمقراطي الذي تصبح للأقلية والأكثرية معه معان سياسية بعيدة عن الموروثات الطائفية أو القبلية التي تتحكم بمفاصل السياسية في المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.