كان أمس يوما استثنائيا بكل المقاييس فى مسار مؤسسة الأهرام وفى القلب منها مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، وذلك بمناسبة الاحتفال بمرورثلاثين عاما على إصداره التقرير الاستراتيجى العربي، و الذى كان فى مقدمة حضوره المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء والدكتور أشرف العربى وزير التخطيط والإصلاح الإدارى واللواء أحمد جمال الدين مستشار رئيس الجمهورية للشئون الأمنية وعدد آخر من كبار المسئولين والسفراء العرب، إضافة الى كبار الباحثين والمفكرين الذين لعبوا الدور الرئيسى فى تأسيس المركز قبل نصف قرن وإصدار التقرير قبل ثلاثين عاما وفى صدارتهم السيد يسين والدكتور على الدين هلال والدكتورسعد الدين إبراهيم والدكتور أسامة الغزالى حرب وغيرهم ولفيف من قيادات المركز وباحثيه من مختلف الأجيال وعلى رأسهم الأستاذ أحمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة الأهرام ومحمد عبدالهادى رئيس التحرير والأستاذ ضياء رشوان مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وكان لافتا الحفاوة الهائلة التى قوبل بها مؤسسو المركز ومطلقو التقرير والمساهمون به انطلاقا من دورهم التنويرى شديد الأهمية وهو ما تجلى فى الكلمتين اللتين ألقاهما كل من النجار ورشوان. عبر المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء عن شعوره بالاعتزاز للمشاركة فى احتفال مرور ثلاثين عاما على إصدار التقرير الاستراتيجى العربى وقال إننا بهذه المناسبة نحتفل بروا د كان لهم بالفعل رؤية ورأى وتأثير ملموس على أرض الواقع من خلال إصدار النصح والنصيحة خاصة فى مرحلة كانت فيها مصر تبدأ طريقا لبناء الوطن ويتواصل المسئول مع هؤلاء الرواد فهو فى حاجة الى المساندة والرأى والرؤية خاصة وقت وقوع نكسة يونيو 1967. وأضاف محلب: إننا فى هذه المرحلة كنا فى حاجة الى معرفة الحقائق والمعلومات عن العدو للوصول الى القرار الصحيح واستطاع المركز أن يوفر فيضا من المعلومات لصانع القرار لافتا الى أن كل مسئول فى حاجة الى ظهير وإسناد علمى وذلك حتى يكون قراره فى الاتجاه الصحيح وخاطب باحثى مركز الأهرام قائلا: كنتم أصحاب ريادة والآن اصبحتم أصحاب مسئولية أمام الله والوطن لافتا الى أن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أضحى يجسد مصر وقيمتها ودورها، مشددا على دور العلم فى قوة مصر داعيا الى استمراره فى دوره الحيوى وقال : بوسعنا الآن أن نفاخر بأن لدينا فى مصر مؤسسة بحثية تضاهى أهم وأرقى مراكز البحث والتفكير والدراسات فى العالم مؤكدا أن مهمته مازالت ضرورية، وقال إن هذه النوعية من المراكز تلعب دورا فى البحث العلمى لمتابعة ومقاربة الأوضاع الراهنة والأزمات التى يشهدها الوطن والتى تتسم بأنها شديدة الإضطراب ففى كل يوم أزمة وأحيانا أكثر من أزمة وهو ما يستوجب البحث فى جذورها ومسبباتها ووضع البدائل والخيارات لتجاوزها. ونبه محلب الى أن الحكومة تعى بعمق أهمية هذا الدور لمركز الأهرام وغيره من المراكز وتؤكد حرصها الدائم على متابعة كل النتائج التى تسفر عنها الدراسات التى يقوم بها وتسعى الى الاستفادة منها للتعامل مع الأزمات الداخلية والخارجية مؤكدا أن مركز الأهرام يلعب دورا مهما فى تحقيق المصالح الوطنية العليا مشيرا فى هذا السياق الى دوره فى مواجهة الاحتلال الاسرائيلى للأراضى المحتلة وحرب اكتوبر وكذلك فى حربى الخليج حفاظا على الأمن القومى العربى كما كان له دور ملحوظ فى بلورة النظام الحزبى فى مصر بعد التحول من نظام الحزب الواحد الى النظام التعددى معربا عن قناعته بأن التحدى الأساسى يكمن فى كيفية دور حيوى وفق المنهج العلمى للتعامل مع تحديات الواقع الراهن والمتغيرات التى تشهدها المنطقة وصولا لبلورة البرامج التنفيذية خاصة أن لدينا العقول والكفاءات بما يمكن من استخلاص النظريات من الواقع. وحدد محلب أهمية الدور المنتظر من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وقال هناك قضايا عدة أبرزها البناء السياسى والاقتصادى والديمقراطى، مطالبا بعدم التركيز على النقد فقط وإنما مابعد النقد من خلال تقديم الرؤى والبدائل والبرامج القابلة للتطبيق مضيفا أن الأولوية لاستعادة لحمة الوطن لكى نحقق التقدم المنشود وقال إن المشوار ما زال طويلا أمامنا على الرغم من تعافينا وتغييرالجسد مشددا على ضرورة إسراع الخطى باتجاه البناء وعدم الثبات ومراوحة المكان فذلك ليس من صالحنا معتبرا أنه لامجال للبقاء فى مكاننا أو العودة الى الخلف لأن ذلك ينطوى على مخاطر جمة للوطن. وأشار محلب الى أن التحدى الكبير يتمثل فى تحقيق آمال شبابنا وأهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو لتمكينهم انطلاقا من أهداف الثورتين فى الحرية والديمقراطية والعدالة والكرامة الانسانية متعهدا بأن الحكومة ستقوم بتنفيذ كل ما يجب عليها لدعم البحث العلمى بعد زيادة الميزانية المخصصة له وفقا للدستور الحالي. واختتم محلب كلمته قائلا: تذكروا كلمتى التى دائما ما أرددها.. العالم كله سيتحدث فى يوم من الأيام عن «التجربة المصرية» فى كل المجالات.