سيدي العزيز أكتب إليك هذا الكتاب وأنا في طريقي إلي احدي الدول العربية وبالتحديد المملكة العربية السعودية لتسلم عملي هناك وأردت قبل السفر أن أكتب إليك هذه الرسالة رثاء لأمي الحبيبة التي وافتها المنية قبل حوالي الشهرين من هذا التاريخ أي التي كانت كل ما لدي في هذه الدنيا . أمي التي مهما قلت وتحدثت عن حنانها وطيبتها وعفويتها ونقاء قلبها لا تكفي كل كلمات الدنيا أمي بعد أن فقدتها أصبحت أعيش وحيدا في هذه الدنيا برغم وجود أربعة أخوة لدي, ولكن الوحدة الآن تكاد تقتلني, سيدي أنا شاب في نهاية العقد الثالث وأنا أصغر أبناء هذه الأم وقد كنت ابنها المدلل وذلك لأنني أصغر أخوتي وكذلك لوفاة والدي وأنا في الرابعة من عمري. كم تحملت هذه الأم من مشاكل وأعباء حتي تقوم بتربيتنا وتعليمنا جميعا حتي تخرجنا جميعا, البعض فضل الدراسة المتوسطة وأنا وأخي الأكبر أتممنا تعليمنا الجامعي وظلت أمي لسنوات ترعانا وتسهر علي راحتنا حتي أصيبت بمرض الالتهاب الكبدي حيث أننا من احدي محافظات شمال الصعيد وللأسف لم ننتبه أنا وأخوتي إلي تغير حال أمي فقد شحب لونها ونحل جسدها, وقد كانت وقتها لم تكمل عامها الستين واكتشفت بعد ذلك اصابتها بمرض السكر ثم اكتشفنا اصابتها بتليف شديد بالكبد ثم حدث لها خشونة بالركبة وحاولت أنا وجميع إخوتي أن نقوم بعلاجها ولكن الأطباء رأوا أن حالتها متأخرة وظللنا بجانبها فترة3 سنوات منذ أن اكتشفنا اصابتها بهذا المرض, وفي آخر شهر نوفمبر الماضي مرضت أمي مرضا شديدا وقمنا علي أثره بنقلها إلي احد المستشفيات الخاصة بمدينتنا في جنوب الصعيد ولك أن تتخيل حجم المعاناة التي عانيتها أنا وأخوتي لمدة اسبوع كامل وتم وضع أمي الحبيبة علي جهاز للتنفس الصناعي وفي نهاية الاسبوع أخبرونا بوفاتها بعد اهمال شديد وتقصير من الأطباء المعالجين, حيث إنهم مجموعة من الأطباء صغار السن عديمي الخبرة. وبعد ذلك طالبنا المستشفي بسداد مستحقاتها وقد بلغت في اسبوع واحد00531 جنيه مصري وليست هذه المشكلة, ولكن المشكلة كانت في سوء حال والدتي وتدهورها تدهورا شديدا بعد ادخالها المستشفي وقمنا بسداد مستحقات المستشفي وتسلم جثمان أمي الراحلة وواريناها التراب وبكيتها كما لم أبك من قبل يا سيدي, وأنا الآن أكتب لك هذا الخطاب لسببين هما رغبتي في أن تقوم الدولة بتشديد الرقابة علي هذه المستشفيات الخاصة حتي لا يحدث لغيري ما حدث لأمي من اهمال وتقصير, وثانيا وهو الأهم أن يراجع كل ابن وكل بنت نفسه جيدا وأن يحسن معاملة والديه وأن يترفق بهما خصوصا في مرحلة الكبر والشيخوخة فلا يعلم أحد مقدار مصيبتي ووحدتي وألمي لفقدان أعز الناس وأرجو من جميع القراء الأعزاء قراء بريد الجمعة أن يدعوا لأمي الحبيبة بالرحمة والمغفرة وأن يلهمني ربي القدرة علي تحمل فراقها والله الموفق. أ. ش.ع سيدي.. البقاء والدوام لله, وغفر الله لوالدتك العزيزة وأدخلها فسيح جناته لما قدمت وضحت وأعطت وأطاعت, فهي بإذنه ووعده سبحانه وتعالي في نعيم مقيم. وأعانك الله علي تحمل فراق ست الحبايب فما أقساه من فراق, يشعر الانسان معه بمعني اليتم والوحدة. اتفق معك علي مسئولية الدولة, ولكن هذه المسئولية لن تجدي إذا كان بيننا أطباء بلا ضمير, لا يراعون الله في عملهم, وجل همهم جمع المال, والتعامل مع المريض علي أنه سبوبة. نعم الرقابة ضرورة, ولكن الخوف من الله ومراعاة الضمير أهم. وتبقي كلماتي الأخيرة ونحن علي أعتاب عيد الأم, لكل ابن تشغله الأيام عن والديه, اغتنم محبة ورضا والديك قبل أن تندم فلا أحد يعوضهما, لا زوج أو ابن أو مال.