«القابضة لكهرباء مصر» تضخ 17.8 مليار جنيه استثمارات خلال 2025-2026    أردوغان: استمرار جهود الوصول إلى حطام طائرة الشحن العسكرية المنكوبة    صراع مرتقب بين مانشستر سيتي وريال مدريد على نجم ليفربول سوبوسلاي    علي ماهر: فخور بانضمام سباعي سيراميكا للمنتخبات الوطنية    كوارث يومية فى زمن جمهورية السيسي ..تصفية 6 مواطنين فى قنا على يد قوات أمن الانقلاب ومصرع وإصابة 36 شخصا فى حادث بطريق رأس غارب    انتخابات مجلس النواب.. القبض على طرفى مشاجرة أمام لجنة انتخابية بالأقصر    شاب يقتل والدته بطلق ناري في الوجه إثر مشادة كلامية بشبرا الخيمة    اسماعيل الليثي من إمبابة إلى قلوب الجماهير.. رحلة فنان عاش الحلم ومات بالحسرة    محمد عبد العزيز: صناع البهجة يُكرَّمون ثم تُتجاهل أفلامهم    أكاديمية الأزهر العالمية: التقدم التقني يفرز قضايا جديدة تحتاج لدراسات فقهية متعمقة    بعد الأزمة الصحية لمحمد صبحي.. شقيقه: وزير الصحة تواصل مع أبنائه لمتابعة حالته (خاص)    تطورات موقف آدم كايد من المشاركة في تدريبات الزمالك    اجتماع تنسيقي بين الأهلي وسموحة لترتيبات سوبر اليد    أوباميكانو: هذا الثلاثي أسهم في نجاحي    التغيرات المناخية أبرز التحديات التى تواجه القطاع الزراعى وتعيد رسم خريطة الزراعة.. ارتفاع الحرارة وتداخل الفصول يؤثر على الإنتاجية.. ومنسوب سطح البحر يهدد بملوحة الدلتا.. والمراكز البحثية خط الدفاع الأول    رئيس مياه القناة يتابع سير العمل بمحطات وشبكات صرف الأمطار    الحكومة توافق على إزالة صفة النفع العام عن قطعة أرض بمنطقة أثر النبي بالقاهرة    «أمطار وشبورة».. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا الأربعاء وحتى نهاية الأسبوع (التفاصيل)    تاريخا جديدا بهتاف تحيا مصر فى أول مشاركة برلمانية بأكتوبر.. فيديو وصور    تأجيل محاكمة 8 متهمين بخلية داعش مدينة نصر لجلسة 11 يناير    الرئيس السورى أحمد الشرع يوضح علاقته بهجمات 11 سبتمبر.. ماذا قال؟    الجيش السودانى يتقدم نحو دارفور والدعم السريع يحشد للهجوم على بابنوسة    نائب وزير النقل: كل طريق آمن إنجاز للوطن بأكمله    البورصة المصرية تخسر 2.8 مليار جنيه بختام تعاملات الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    إحباط من المقربين.. حظ برج الدلو غدًا 12 نوفمبر    إقبال كثيف على جميع لجان الاقتراع فى انتخابات النواب بالإسكندرية.. فيديو    «سنة و50 يومًا» يحتاجها زائر المتحف المصري الكبير لمشاهدة كل القطع الأثرية المعروضة (تحليل بيانات)    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    الرئيس السيسي يكلف وزير الصحة بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    «أنا مش العقلية دي».. ياسر إبراهيم يرفض الاعتراض على قرار حسام حسن    رحلات تعليمية وسياحية لطلاب المدارس بالشرقية    «رحل الجسد وبقي الأثر».. 21 عامًا على رحيل ياسر عرفات (بروفايل)    «العمل» تستجيب لاستغاثة فتاة من ذوي همم وتوفر لها وظيفة    إصابة 16 في حادث إنقلاب ميكروباص بطريق أسيوط الغربي بالفيوم    وفد من جامعة الدول العربية يتفقد لجان انتخابات مجلس النواب بالإسكندرية    طن عز الآن.. سعر الحديد اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 أرض المصنع والسوق    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    "البوابة نيوز" تهنئ الزميل محمد نبيل بمناسبة زفاف شقيقه.. صور    غزة على رأس طاولة قمة الاتحاد الأوروبى وسيلاك.. دعوات لسلام شامل فى القطاع وتأكيد ضرورة تسهيل المساعدات الإنسانية.. إدانة جماعية للتصعيد العسكرى الإسرائيلى فى الضفة الغربية.. والأرجنتين تثير الانقسام    هيئة محامي دارفور تتهم الدعم السريع بارتكاب مذابح في مدينة الفاشر    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    غرفة عمليات حزب الوعي تتابع سير العملية الانتخابية    تأكيد مقتل 18 شخصا في الفلبين جراء الإعصار فونج - وونج    الأهلي يكشف جاهزية إمام عاشور لمواجهة شبيبة القبائل بدوري الأبطال    حسام البدري يفوز بجائزة افضل مدرب في ليبيا بعد نجاحاته الكبيرة مع أهلي طرابلس    وزير الصحة يبحث مع نظيره الهندي تبادل الخبرات في صناعة الأدوية وتوسيع الاستثمارات الطبية المصرية - الهندية    بسبب أحد المرشحين.. إيقاف لجنة فرعية في أبو النمرس لدقائق لتنظيم الناخبين    معلومات الوزراء: تحقيق هدف صافى الانبعاثات الصفرية يتطلب استثمارًا سنويًا 3.5 تريليون دولار    الصحة: الخط الساخن 105 يستقبل 5064 مكالمة خلال أكتوبر 2025 بنسبة استجابة 100%    جمارك مطار القاهرة تضبط محاولة تهريب كمية من مخدر الحشيش    هدوء نسبي في الساعات الأولى من اليوم الثاني لانتخابات مجلس النواب 2025    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجتمع الحضارة والحرية

اشرت في مقال سابق إلي أن خرائط الطريق للنهوض التي رسمها المفكرون العرب خرائط كثيرة تستعصي علي الحصر‏, تنتظر تحركا من أهل السلطة والنفوذ لتنفيذ واحدة منها‏,‏ وضربت مثلا اقتبسته من صفحة واحدة من صفحات جريدة الأهرام‏,‏ حيث وجدت في تلك الصفحة‏,‏ مايمكن ان يكون وصفة كاملة الشروط لبناء مشروع النهضة‏,‏ ولكن أهل السلطة والنفوذ‏,‏ رغم مايقولونه عن رغبتهم في بناء النهضة‏,‏ يهملون مثل هذه الأفكار ولايعيرونها انتباها‏,‏ والآن بعد ان انتقل الفيلسوف والمفكر المصري فؤاد زكريا إلي الرفيق الأعلي وختم الموت مشروعه الفكري النهضوي التنويري بهذه الوفاة‏,‏ فإنه يقدم لنا مثلا لما يمكن ان يكون مشروعا كاملا للنهوض لمن يريد ان يستفيد من هذه الأفكار ويضعها موضع الممارسة والتنفيذ‏,‏ كما فعل لينين او ماوتسي تونج مع افكار كارل ماركس‏,‏ ورغم أن فؤاد زكريا لم يكن معنيا بتقديم نظرية للحكم‏,‏ ولم يكن ممن يسيطر علي اذهانهم طرح ايديولوجي معين وكان فيلسوفا واستاذا للفلسفة معنيا بمحاورة افكار المفكرين والفلاسفة والتعاطي معها نقاشا وتفاعلا‏,‏ وتأييدا وتفنيدا لبعض أوجهها وتقديمها لطلابه في مختلف الجامعات التي قام بالتدريس فيها‏,‏ وعرضهاومناقشتها في الكتب‏,‏ أو في الصحف التي كان يلتقي مع القراء عبر أعمدتها أو يتولي رئاسة تحريرها‏,‏ وله اسهامه الخاص والشخصي واضافاته لهذه الافكار والفلسفات‏,‏ وفوق هذا وذاك لم يكن محصورا في عوالمه الاكاديمية‏,‏ ولكنه كان رجل اهتمامات عامة بكل معاني الكلمة‏..‏ شارك وساهم بالرأي والكلمة في معظم القضايا الثقافية والسياسية التي انشغل بها الرأي العام وكتب الردود واعتني بمحاورة افكار أهل السلطة بصراحة ووضوح‏,‏ ودون لبس مهما كانت اقدار الناس‏,‏ كبيرا كما كان الحال وهو يناقش افكار الاستاذ هيكل وافكار الراحل الكبير مصطفي محمود وافكار علماء الدين امثال الشعراوي والقرضاوي والغزالي ويناقش من خلالهم اطروحات احتكمت اليها السلطة مثل تلك التي احتكمت اليها في عهد عبد الناصر‏,‏ ثم في عهد الرئيس السادات‏,‏ ولم يكن بعيدا عن نبض القضية الفلسطينية حريصا علي ان يدلي برأيه الذي يصحح به بعض المسارات أو يلقي من خلاله نورا علي بعض الزوايا المعتمة في القضية‏,‏ بمثل ماكان منافحا عنيدا عن افكار التنوير والعقلانية والمنهج العلمي في التفكير ضد اقلام تروج للجهل والخرافة‏,‏ ومهاجما قويا لأفكار التطرف وأهل المغالاة من ظلاميين وتكفيريين‏.‏
ويكتشف المتابع لافكار فؤاد زكريا انه شديد الالتزام والصرامة فيما يتصل بالقواعد الاخلاقية والنزاهة والضمير‏,‏ وكنت أكبر فيه امانته العلمية وعمق وحصافة ما يطرحه من آراء وأفكار‏,‏ وكان قد أصيب منذ عدة سنوات بجلطة نقلت اخبارها الصحف وخشيت ان تعطل تلك الجلطة عقلا كبيرا عن العمل رغم بقاء صاحبه علي قيد الحياة وفرحت عندما عرفت ان الجلطة التي تركت فيه اثرا بالغا في النطق والحركة‏,‏ لم تصل الي عقله وظل عقله يعمل بكفاءة وعمق كما كان دائما‏,‏ واسرعت الي رئيس تحرير الأهرام الاستاذ أسامة سرايا انقل له خبر التقائي بالفيلسوف الكبير وسعادتي بان وجدته في أرقي لياقته الفكرية راجيا منه الحرص علي منح مساحة لهذا العقل الكبير يطل منها علي قاريء الأهرام بشكل منتظم ورحب رئيس تحرير الأهرام بالاقتراح ونقلت موافقته للصديق القريب من الدكتور زكريا وجاره في البيت الدكتور عاطف العراقي وقرأت عدة مقالات في الأهرام للراحل الكبير‏,‏ ولكن مقالاته لم تكن بالتواتر والانتظام الذي كنا نأمله ربما لظروفه الصحية‏,‏ المهم‏,‏ وقد غادرنا استاذنا الكبير‏,‏ فإنني علي يقين ان افكاره واطروحاته تشكل خريطة طريق لمشروع نهضوي عربي متكامل الاركان‏,‏ وينتظر واحدا من خلصائه او تلاميذه يقدمه لنا في تصورات عملية قابلة لوضعها موضع التطبيق كخريطة طريق للنهوض وتحقيق فرص التقدم لوطنه مصر وللوطن العربي‏,‏ لمن يريد ان يستفيد من مفكر رائد وفيلسوف تنويري من اصحاب المدارس الحديثة في التفكير‏,‏ ولا ادري ان كنت أستطيع في هذا الحيز الصغير ان اقدم الخطوط العريضة لهذه الخريطة التي يقترحها علينا فكر هذا الفيلسوف المصري المشبع بحب بلاده ووطنه وامته‏.‏
وابدأ بذكر سؤال سمعته يطرح علي الراحل الكبير في احدي الندوات ويتصل بنقده للحقبة الناصرية عن كيف يهمل الجوانب الايجابية الكثيرة التي تتصل بالانتصار لقضايا العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل لثروة المجتمع ومجابهة الاستعمار والتحالف مع القوي العالمية المعادية للامبريالية ويقوم بشجب المشروع الناصري كله علي خلفية غياب بعض الحريات الشخصية والعامة‏,‏ مثل حرية التعبير‏,‏ فتصدي الدكتور فؤاد زكريا للرد قائلا بانه يعتبر هذه الحريات العامة والخاصة هي الجوهر الذي يقيم علي اساسه تقويمه للحكم‏,‏ فمع غيابها تغيب اي شرعية أو صلاحية للحكم وبحضورها تحضر الشرعية ويحضر الرشد والصلاح‏,‏ اذن فالحرية بكل معانيها حرية الوطن وحرية المواطن وحرياته التي تتصل بالتعبير والتفكير والاجتماع وحق اختياره لممثليه عن طريق الاقتراع ومساهمته في القرار عن طريق الانتخابات الحرة وتداول السلطة‏,‏ هو مايشكل جوهر مشروعه في إدارة المجتمعات والاوطان‏,‏ وهذه الأفكار هي ما اجاد صياغتها في كتابه كم عمر الغضب الذي رد فيه علي كتاب الاستاذ هيكل خريف الغضب‏,‏ وتضمن نقدا للتجربة الناصرية ومارآه يشوبها من حكم الفرد وغياب للرأي الآخر مؤكدا الحكم الليبرالي الديمقراطي الذي يقوم علي الفصل الواضح والصريح بين السلطات‏.‏
وقد كان الراحل الكريم كما نعلم منافحا كبيرا عن العلمانية وخاض من أجلها معارك كثيرة‏,‏ وادار من أجلها ندوة مع شيخين من شيوخ الدين هما الشيخ القرضاوي والشيخ الغزالي عنوانها الإسلام والعلمانية‏,‏ كان فيها ممثل العلمانية‏,‏ ويرفعها شعارا يقول العلمانية هي الحل مقابل شعار الإسلام هو الحل‏,‏ وهي دعوة الي الفصل بين الدين والسياسة دون ان يعني ذلك أبعادا للدين أو نكرانا لعامل الإيمان في حياة البشر مع رفض لسيطرة الفكر المادي علي الحياة بل اكبار وتأكيد للقيم الإنسانية والمعنوية‏,‏ وأكد هذه المعاني في كتابه الصحوة الإسلامية في ميزان العقل وبعض ماكتبه من ردود علي الشيخ الشعراوي والدكتور مصطفي محمود‏,‏ حيث دعا في رده عليهما وعلي غيرهما ممن يري في كتاباتهم اهمالا للمنطق العقلاني في التفكير إلي أهمية إعمال العقل في كل مايحيط بنا وعدم الانصراف الي مفاهيم ثابتة وقوالب جاهزة جامدة في الفكر تحول دون أن ينمو العقل ويتطور ويتقدم ويتجدد بتجددالأيام‏,‏ وإنصافا للمفكر الراحل ساعود في فرصة مقبلة لعرض بقية أفكاره عن النهوض والبناء الحضاري للاوطان والمجتمعات‏.‏
[email protected]

المزيد من مقالات أحمد ابراهيم الفقى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.