الخارجية تكشف وضع الجالية المصرية في ليبيا بعد الأحداث الأخيرة    ليفاندوفسكي حاول ولكن.. برشلونة يختتم الدوري الإسباني بثلاثية في بلباو    صلاح: لم أتوقع فوز ليفربول بالدوري الإنجليزي.. وسأستمر حتى 40 عاما    إصابة نجل الفنان أحمد عز وزينة داخل ملعب كرة قدم في الشيخ زايد    موجة شديد الحرارة و ذروتها اليوم.. الأرصاد تكشف حالة الطقس    بعد إنكاره للتهم المنسوبة إليه.. تأجيل محاكمة سفاح المعمورة    تنفيذًا لحكم قضائي.. المحامي المتهم بتزوير توكيل عصام صاصا يسلم نفسه لقسم شرطة الجيزة    البترول تكشف تفاصيل حادث تسرب غاز في محطة كارجاس رمسيس    بعد تعرضه للتنمر حمو بيكا يدافع عن حسن شاكوش.. ماذا قال؟    زوجة واحدة وربع دستة عشيقات في حياة أقوى عازب في العالم.. حريم بوتين    "هآرتس": قدرة "حماس" لم تتراجع ولديهم 40 ألف مقاتل وآلاف الصواريخ والقذائف    "إعلان عسكري لافت".. جيش السيسى يكشف "مخططاً كبيراً".. فهل يمهد لحدث غير اعتيادي؟    البرلمان الألماني: تجويع سكان غزة يخالف القانون الدولي    مجلس إدارة التعليم المدمج بالأقصر يناقش استعدادات امتحانات الترم الثاني خلال اجتماعه الدوري    تراجع سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء الاثنين 26 مايو 2025    يوفنتوس يحسم التأهل لأبطال أوروبا بعد منافسة مع روما.. وهبوط فينيسيا وإمبولي    رياضة ½ الليل| صلاح يتمنى بطولة.. تأهل بطعم التتويج.. اعتذار للجماهير.. قرعة المونديال.. وذكاء كوبر    نجم الأهلي السابق: محمد صلاح ظُلِم في الكرة الذهبية.. وإبراهيم عادل يستحق الاحتراف    جدول ترتيب هدافي دوري المحترفين بعد نهاية مباريات الجولة ال 37    5 خطوات لحجز «حلاقة مرموش».. الدفع مقدمًا بال«الفيزا» والتكلفة مفاجأة    عيار 21 الآن بعد الزيادة الأخيرة.. سعر الذهب اليوم الإثنين 26 مايو في الصاغة (تفاصبل)    النائب أحمد السجيني: تحفظات كثيرة على مشروع قانون الإيجار المقدم من الحكومة    التعليم تحسم الجدل: مدراء "المبادرة الرئاسية" مستمرون في مناصبهم -(مستند)    اتهام مواطن يحمل الجنسيتين الأمريكية والألمانية بمحاولة شن هجوم على السفارة الأمريكية في تل أبيب    الخارجية الروسية: سنُقدم مذكرة احتجاج إلى السويد بعد هجوم على سفارتنا    كلب شرس يطارد ابن زينة في الشيخ زايد    ممثلة شابة تتهم طليقها بمطاردتها أعلى المحور.. والشرطة تتدخل    منظمة دولية تطالب سويسرا بالتأكد من إجراءات مؤسسة "غزة الإنسانية"    لا تتمسك بما لا يخدمك.. برج الجدي اليوم 26 مايو    عمرو أديب عن إرث نوال الدجوي: «قصر واحد على النيل يعيش العيلة في نعيم مدى الحياة»    ابنة وليد مصطفى خلال حفل «كأس إنرجي للدراما»:«سنكمل وصية والدي بكل إخلاص»    حدث بالفن | أزمة هيفاء وهبي والموسيقيين والعرض الخاص لفيلم "ريستارت"    داليا البحيري ترد على منتقدي عدم ارتدائها الحجاب: "بص في ورقتك ودع الخلق للخالق"    عايدة الأيوبي: لم أسعَ إلى الشهرة وهذا سبب اعتزالي    محمد صلاح: «مكة بتحب التمثيل.. ومش عاوزها تمثل عشان بنتي»    معجزة طبية في الفيوم: استخراج فرع شجرة من جسد طفل دون إصابات خطيرة    فريق من الجامعة الأمريكية يبدأ تقييم نظم الرعاية الصحية في مصر    إنشاء كليات وجامعات جديدة.. أبرز قرارات مجلس الجامعات الخاصة مايو 2025    نماذج امتحانات البلاغة والصرف والنحو لالثانوية العامة الأزهرية 2025 بنظام البوكليت    عاجل- وزارة الكهرباء تُطمئن المواطنين: لا تخفيف للأحمال في صيف 2025    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الإثنين 26 مايو 2025    صلاح: كنت سأنتقل إلى الدوري السعودي إذا لم أجدد عقدي مع ليفربول    فى ختام التعاملات.. أسعار الذهب فى مصر اليوم    وكيل صحة بالمنوفية يتفقد أعمال التدريب بالمركز الصحي بأشمون    كيف أطاحت نكتة بوزير ياباني من منصبه؟    تنفيذ أضخم مشروع جينوم بالشرق الأوسط وتسليم عينات جينوم الرياضيين    أحكام الحج (1).. علي جمعة يوضح ما هو الحج وحكمه وفضل أدائه    ما حكم سيلفي الكعبة المشرفة؟ عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى تجيب    هل السجود على العمامة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح الأفضل شرعًا    المفتي: يوضح حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع    دليلك لاختيار الأضحية في عيد الأضحى 2025 بطريقة صحيحة    «الإسماعيلية الأزهرية» تفوز بلقب «الأفضل» في مسابقة تحدي القراءة العربي    "عاشور ": يشهد إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط    جدول مواعيد الصلاة في محافظات مصر غداً الاثنين 26 مايو 2025    النواب يوافق نهائيا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ    نائب رئيس الوزراء: زيادة موازنة الصحة ل406 مليارات جنيه من 34 مليار فقط    لخفض البطالة.. كلية الاقتصاد جامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025    إعلام: عطل في اتصالات مروحية عسكرية يعطل هبوط الطائرات في واشنطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلة زفاف سعد
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 03 - 2015

يبدو لى أنه فى دراسة الجدوى لغالبية بيوتنا المصرية أنه إلى جانب حجرة النوم والمطبخ والصالون والطرقة والحمام وعفشة الميه،
لابد وأن يكون هناك فى الصحن أى فى سرة ميدان الشقة فى مربع الصالة محفور بئر رخامة يشرب منه كل من الزوجين كل صباح فيصاب الزوج بعد فترة تطول أو تقصر بأعراض البلادة والتلامة والتباتة والغتاتة والتناحة والرذالة والتلاحة والسماجة إلى جانب الرخامة، وعندما يستفحل الحال تضمحل حبال الحنجرة لتظل فى حالة تآكل تؤدى فى نهاية الأمر المزرى إلى مرحلة الصمت أى الخرس، أى السكات، أى ولا كلمة، أى الزوج الشبح، أى خيال المآتة، أى الزوج الروبوت المتحرك فى إطار الثمانى كلمات: أنا نازل.. أنا رجعت.. أنا جعان.. داخل أنام.. وعلى جانب الزوجة تبعا لتكوينها البيولوجى المختلف، فالتأثير سيكون مباشرا يضرب فى العمق وبالذات على منطقة الفم لتضرب البوز الذى يمتد للأمام بشبرين نكد، يتحول تدريجيا إلى بوز الإخص، ليمضى بها الحال شايلة طاجن ستها رايحة جاية تنبر وتزمزأ وتهلفط وتجعجع وتسرسع وتشخط وتنطر وتقر وتحدف وتشوط وتعيد وتزيد فى الأسطوانة المشروخة: جوازة الشوم. يا ميلة بختي. شايف لك شوفة.. انت فى الأصل مش بتاع جواز.. الله يرحم أيام ما كنت مدلوق بزيادة ودايب فى العتب دوب والفرحة بتتنطط فى عنيك كأنك لقيت اللقية.. طيب الكلام خلص وقلنا مشغول لكن الضحك كمان مقفول عليه؟!.. يا سيدى النبى تبسم.. فاكر لما كانت فِشِّتك عايمة على الفاضية والمليانة.. كان دمى ساعتها خفيف على قلبك قوى ودلوقت مش طايقني؟!.. كنت مروق الأنانى ودلوقت عكرت الأنانى وسودتها.. ده احنا يا قاسى كنا يمامتين بوزنا فى بوز بعض وراسنا فى راس بعض.. كنا كلمة ورد غطاها.. كنا البصلة وقشرتها.. كان بيننا عمار وعلى الحلوة والمرة.. مالك.. ساكت ليه؟!.. إيه اللى جري؟!.. ساكت ليه..؟!.. انطق.. الكلام خلص!!.. داخل طالع زى اللى ميت لك حد.. مين اللى مات نطلع عليه القرافة؟!.. مين اللى مات نعمل له خمسان وأربعين؟!.. مين اللى مات نقفل التليفزيون وندوَّر القرآن؟!.. مين اللى مات نعمل له خاتمة ونفرق على روحه قُرَص وشُريك؟!..
سبحان الله قعدت أقولك نقطنا بسكاتك لغاية ما سكت ونقطِتنا.. مين عارف يمكن سكاتك فضل وعدل لأنك اسم الله عليك لما بتتكلم بتحدف طوب... ساكت.. يعنى قصدك إنى باخرف.. يعنى أروح أتفلق.. إنت أد الكلمة دي.. يعنى ما بتردش.. بتبص لى كده ليه.. شكلك بيقول لى فُضيها سيرة.. لا.. عايزاك تواجهنى وتقول لى بعضمة لسانك إنى غلطانة.. أنا بقى عايزة أشوف عضمة لسانك.. من حقى أشوفها هوه أنا مش مراتك.. فين عضمة لسانك المخفية أسلقها وأشويها وأعمل عليها فتة بالخل وآكلها للبواب وعياله.. أعمل بيها كمادات على الجروح المقيحة.. أعجنها دهان لكسر النِفْس.. أحطها مع عين العفريت فى بخور الجمعة.. أسلك بها وداني.. أسند بها رجل السرير الواقع.. أعملها تخشينة لباب السكة. أدق بها مسمار جحا. أعلق عليها همى وغمى من يوم ما ولدتنى أمي. أزرعها فى القصارى تبرد ناري.. ألف عليها خيوطنا التايكة.. أنقعها فى برطمان فورمالين وأفرّج عليها وعليك الخلق...
وأبدا سأظل أذكر قول الكاتب فتحى غانم بأن بداخل كل رجل شرقى قرار سرى بالطلاق، البعض يعلنه على الملأ والبعض يظل قراره واقفا فى زوره لا يستطيع ابتلاعه أو يمتلك شجاعة الإفراج عنه صدّاحاً خفَّاقاً فى الهواءالطلق، ونظرا للظاهرة المتفشية من حولى وأعراضها البادية فى صمت الأزواج زاد اقتناعى لا مؤاخذة بأنه يوجد طلاق رسمى وطلاق عرفى صامت، مع ازدياد معدلاتهما حتى بات الرسمى مطلقة كل 3 دقائق، أي 498 بيتا يهدم كل يوم فى مصر، أي 180 ألف حالة زواج تتفكك سنويا على أرض الكنانة، ودائما القاهرة فى المقدمة، فقد بلغت حالات الطلاق فى العام الماضى كمثال فقط 17970 حالة تلتها محافظة الدقهلية 9982، ثم الغربية 9138، ثم الشرقية7934، ثم البحيرة7530، وبهذا وصلت أعداد المطلقات المصريات الآن فى عين العدو 4 ملايين و918 ألف مطلقة، هذا إلى جانب5 ملايين امرأة لا يعلمن أنهن مطلقات فى السر.. هذا وبين كل100 حالة زواج تتم فى القاهرة بالذات ينتهى الأمر بالطلاق فى نحو 33 حالة منها.. الطلاق الذى يهتز له عرش الرحمن.. الطلاق الذى قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تزوجوا ولاتطلقوا، فإن الطلاق يهتز له عرش الرحمن» ولم يجعله الله حلالا إلا لتفادى ضرر أكبر تكون معه الحياة الزوجية مستحيلة، إلا أن تلك الاستحالة قد صبر عليها البعض الذى قال عنه المصطفى: أيما رجل صبر على سوء خلق امرأته أعطاه الله من الأجر مثل ما أعطى أيوب عليه السلام على بلائه، وأيما امرأة صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله من الأجر مثلما أعطى آسية بنت مزاحم امرأة فرعون».. وروى عن عُمر رضى الله عنه أنه قد جاءه رجل يشكو سوء خلق زوجته فوقف على بابه ينتظر خروجه فسمع امرأة عمر تُقرعه وعمر ساكت لا يرد.. فانصرف الرجل وهو يردد إذا كان هذا حال عمر مع شدته وصلابته وهو أمير المؤمنين فكيف يكون حالي؟!.. فخرج عمر وراءه وقال له: ما حاجتك يا رجل؟ فقال: يا أمير المؤمنين جئت إليك أشكو سوء خلق امرأتى واستطالتها عليّ فسمعت زوجتك كذلك ولم أرك إلا ساكتاً!! فقال عُمر: يا أخى احتملتها لحقوق لها عليّ فإنها طاهية لطعامي، خبازة لخبزي، غسالة لثيابي، مرضعة لولدي.. فكيف لا أصبر عليها؟!»، وسئل أحد الصالحين: كيف لا تطلق زوجتك وهى سيئة الخلق؟ فأجاب: أخشى أن أطلقها فيبتلى بها غيرى فأكون سببا فى ابتلاء عبد من عباد الله فأدخل فيه النار.
وإذا ما صح المصطلح بأن الرجل طفل كبير فإن بداخله رجلا كبيرا أيضا سوف يثور فجأة لرجولته المهدرة إذا ما تماديت يا حلوة فى معاملته من منصة حضرة الناظرة متجاهلة مكانته البيتية السيادية.. قد تبدو لك العلامات مرضية واستسلامه مثاليا وتلبيته للأوامر على درجة عالية من الكفاءة لكن لا تخدعنك المظاهر فهناك غضبة تحتية يبقلل غليانها فى الأعماق تعيد تشكيل مكونات التربة من تحتكما تجيب عاليها واطيها، وفى غفلة منك لدوام الاستكانة المظهرية لن تلفت نظرك الشقوق التى تبدأ تطعن فى الأسفلت والسقف والجدران لتعلن اقتراب نقطة الانهيار.. ستطئينها بصلف بدبيب أقدامك الواثقة فى جولاتك التفتيشية بين الحجرات لتتوالى أوامر الناظرة بأن يحمل فنجان الشاى الذى انتهى منه إلى حوض المطبخ وبالمرة يطفى عين البوتاجاز المدخمسة للتسبيك من تحت حلة المحشي، وفى سكته يعدى على الحمام يقفل أنبوبة المعجون ويغسل فرشاة حلاقته ويعلق بنطلون بيجامته ويلم الفوط والبشاكير التى بللها ويدوس على المحبس وينشف رجليه قبل ما يمشى فوق السجادة.. ستنهرينه لإلقائه صفحات الجرنال المتناثرة على الأرض، ومداومته على خلع حذائه فى الصالة، وترك فلوسه فوق التسريحة تستحلف الشغالة والنبى اسرقيني، وقضم أظافره بأسنانه، ولعبه مع ابنه بعنف غبي، وتدليله لابنته لتتجرأ عليه وتبذيره وإهماله وتعطيله وتسويفه وتسطيحه وتهوينه وتنديده وتفتيحه وتقفيله وتحميله كل العبء عليها... ستعيبين عليه قلبه الطيب إلى حد العبط والحقيقة ماتزعلشى لتركه حقوقه لأخواته وعيلته وأولاده أحق وأبقى.. وابقى قابلنى لو فلحت فى استرداد مليم واحد بعدما ضحكوا عليك وعملوا لك الحبتين، ولو كنت سمعت كلامى من الأول ماكانشى حصل اللى حصل ورجعت لى إيد ورا وإيد قدام... والمصيبة أنك على طول الخط مش عايز تعتذر أو تقول أنا غلطان وآسف ودى آخر مرة وراسك أبوسها ومش حاعمل كده تاني.. يا راجل!!
فجأة.. سيرحل الطفل المطيع الذى لم يلق مراده.. الحنان.. سيواجهك الثور الهائج الذى يقذف بالحمم.. لا تضغطى على الزناد فالرصاصة سترتد إليك.. افصلى بين معاملتك لزوجك ولابنك، وإن كان كلاهما فى حاجة لقدر هائل من الحنان، وإن اختلفت طريقة تناوله.. احذرى غضبة زوج يخلع عن كاهله عباءة الطفولة ليغدو ماردا منتقما من أم لم تلده.. وليس أحق من زوج يمارس رجولته إذا ما كانت العيال ذات نفسها كبرت.. وارمى اللى فى إيدك واجرى قابليه بالحضن وهو راجع لبيته.. لاقيه.. رحبى دوما بقدومه الميمون.. فزى قومى من الكسل وافتحى له الباب بترحاب المشتاقة إليه مع فرحة «حمدالله على السلامة» حتى لو كان راجع من على القهوة أو مع الشلة أو من عند الست أخته الميمونة أو والدته ست الحبايب.. يا سلام على سحر الجملة وقوة وقعها. وودعيه أيضا ساعة خروجه. استأذنى من صاحبتك على التليفون وابقى ارجعى واصلى معاها النميمة فلن يجفف تدفقها استراحة قصيرة تقولى له فيها مع السلامة. فى كل خطوة سلامة.. يا سلام. حضن رايح وحضن جاى وشوية إنى أقول لك يا حبيبى وياريت فيه كلمة أكتر من حبيبي... وأنساك ده كلام أنساك يا سلام.. هذا ما وعد به المولى أصحاب الجنة فلا يسمع بين ربوعها سوى السلام لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما».
وبالهدوء لا تضيعين حقوقك. بالزعيق والصراخ تلقى روحك رغم صحة حقك ووضعك فى القضية داخل قفص الاتهام والمؤاخذة واللوم عن هفوة لسان لم يلجمه فورا شغل الجنان. الراجل من دول موته وسمه الصوت العالي، ويسيب لست الحسن والجمال العصبية النكدية بلادا تصرخ فيها براحتها فى العيال والشغالة وصبى المكوجى والجيران والحيطة وبوز السرير إذا ما خبط فى سكتها ركبتها، ويروح مع سبق الإصرار والترصد والاختيار يرتبط بفردة هادية صوتها وشوشة، وطلباتها همس، وتأنيبها اعتذار، واعتذارها من غير سبب، وحركتها فراشة، ونقدها زقزقة، وثرثرتها قزقزة، وزعيقها من تحت اللحاف... ونافقيه يا أختي.. الرجل طاووس. بالونة طالبة منفاخ. انفخيه.. دينك الإسلامى الحنيف أباح لك الكذب فى هذا المجال بالذات. وإن كنت قلت له يا سيد الرجال وهو ما يسوى فى سوق الرجال سحتوت فمغفور لك هذا النفاق، بل وتجازين عليه بالثواب والأجر من الله، وإن كان بطبعه جلمود صخر صعب المراس لكن فى طياته يكمن سره إذا ما نطقت بكلمة السر ليفتح سمسم أبواب مغارته لتكبشى من كنوزه ما يحلو لك.. العبى دور شهر زاد وقولى له «يا ملك» يجلسك فورا إلى جواره على كرسى العرش!!
الاقتراب الزوجى الطويل يولد العادة، والعادة بتكرار طقوسها فى مناخها الروتينى تفرخ الملل، وآه من شجرة سأم تنمو وسط البيت لا تطرح ظلا يرطب صهد أيام الجفاف، ثمارها عاقر بلا طعم ولا لون، إذا ما سد بها رمق فى قرصة جوع تغدو كمن يأكل فى نومه. عصيرها ذوب صمغ يلصق الأسنان ببعضها ويخدر عظام الفك ويبتر حبال الكلام ويسمر اللسان فى سقف الحلق، ويلهب غشاء اللثة بأكياس بثور متحوصلة، ويشنق اللهاة المذعورة المتأرجحة فى بهو الزور.. آه من شجرة السأم الطارحة على شط بئر الرخامة.. آه من العادة التى تجعل من يد الزوجة المطروحة فى مهمة دلال فوق صدر الزوج بمثابة مرزبة ثقيلة الدم والوطأة، لا توقظ خلايا الصدر أو تستنفرها فى مواتها، وكما قال أحد الأزواج المخضرمين الغاطسين فى بئر الرخامة والملل أن يد زوجته قد غدت مع العادة بمثابة يده الثالثة التى يمكنه أن يرفعها ليدعك بأصابعها أسنانه ويهرش ظهره ويلعب فى أنفه ويحل رباط حذائه، فلم تعد تتعلق بكائن أنثوى على الناحية الأخرى يستطيع من خلال توصيلات شرايينها سريان شحنة كهرباء، فعلى الجانبين فيشة السالب.. من هنا وجب الحذر فهناك خارج دوائر عدم الإمكان دائما يد تشكل مع الأطراف الأخرى جسد قارة جديدة غامضة فى انتظار ملاح مكتشف لتضاريسها بجبالها ووديانها وسهولها وأنهارها وأذرعها الممتدة بخلجانها تدغدغ صدر المحيط... من هنا.. استيقظي. حاذري. حاسبي. إوعي. تحركي. جددي. تفهمي. تعلمي. تثقفي. تجملي. تعطري. تزيني. تعاطفي. تفاعلي. تنبهى لزوج شارب من بئر الرخامة إلى حد السأم ارتدى ملابس الكشافة محضر شنطته وعلى سفر فى رحلة سفارى لاكتشاف قارة جديدة ذراعها يحضن صدر المحيط!!
وإذا ما كان فيه لوم وعتاب ووصف بالجهالة الزوجية فحدث بها ولا حرج عن زوجة الواقع الصخري، ما لها فى الخيال سرحان ولا مقعد، ولا فى مخيلتها رحلة رومانسية تصاحب فيها زوج طبعه رهيف هائم فى دنيا الخيال، سكناه أوراق الورد، سهران يعد النجوم فى طرف بلكونة يسمع أم كلثوم تشدو فى شرخ الليل هلت ليالى القمر.. قوم يا راجل خش جوه، البلكونة برد عليك ومدخلة فى اجنابى تيار هوا مسمّع عندى فى الكلى والحوض.. تلك الهوة ما بين الاثنين تتسع بحكم مرور السنين على قسمته فيها وقسمتها فيه.. وقد تأتى لحظة بعث دخيلة وغريبة يسمو فيها الخيال بصاحبنا الرومانسى ولو فى سن متقدمة فينسى ماضيه الأليم وواقعه المر فيطلب من الصخرية فى نزوة عشق تهبط على شرايينه كالصاعقة وصالا زوجيا فيهبط دبشها الساخر على أم رأسه ليوقظه لواقعه المزمن على أرض اللاتلاقي: يا راجل عيب.. دانت بقيت جد تعض بطقم أسنان وتسف ليلاتى كبشة دواء... اختشي.. هناخد زمانا وزمان غيرنا.. كبرت خلاص وبقيت بركة وبلاش قلة قيمة.. هو أنت لسه فيك الرمق.. خلى الحاجات دى لأولاد النهاردة.. شوف الراجل..!!.. خلاص يا أختي.. أحبطت الراجل وارتحت. خلاص ذبحت المشاعر ودفنت زهرة صبار يتيمة فى محلة روح، أطلت برأسها بين صخور عيشتك. خلاص. علقت لافتة المسنين على فراش زوجك الذى مازال يدب بأقدامه وأحلامه على الأرض..
سيدتى العجوز.. إذا ما كنت أنت قد سلمت النمر فهناك من لم تكبر على الكلام الحلو ولا شاخت مشاعرها الفياضة عن زرع الوصال.
وعلى فكرة.. لا يغرنك تلك الصور البراقة للسعادة الزوجية التى قد تظنين أن بعض الشخصيات العامة ترفل فى جناتها فالأداء التمثيلى يغدو فى أعلى مراتب الإتقان بمضى المدة حتى يظن بأن البيه صحيح واقع فى غرام مراته وأن الهانم لم يهبط سيادته فارس أحلامها عن صهوة جواده رغم احتفالهما المدوى بعيد زواجهما الذهبى والماسى والبلاتيني.. آمنت بهذا بعدما غرقت فى مذكرات الزعيم سعد زغلول التى كتبها فى يوليو1915 بصراحة بالغة ساخنة تماثل فى قيمتها التاريخية صراحة مذكرات الفيلسوف جان جاك روسو.. دونها سعد دون إعادة لصياغتها يعرى فيها نفسه حتى فى المسألة الزوجية، كتب عن لحظات ضعف الزوج فى السن الكبير: «لا يشغل فكرى منذ فترة ما يؤلمني، ولا يرد على خاطرى ما يزعجني، ولا يتعاقب على نفسى ما يقلقها من الشعور والإحساس أكثر من انشغالى بغير ما كنت مشغولا به وهو الميل إلى محادثة النساء!! ومغازلتهن!! وكلما نظرت إلى مليحة تأثرت بملاحتها، وملكنى شعور من الميل إليها!! وكلما خلوت إلى نفسى رأيتها لا تشعر إلا بهذه الشهوة!! أفهذه عرض من الأعراض؟! أو مرض من الأمراض! أو حال من أحوال الشيخوخة؟! جرى إيه يا سعد!! لا أدري!! ولكن يلزم معرفته»..
وإذا ما كان سعد الشيخ الذى خلع العمامة ونزع الكاكولة والقفطان ولبس البنطلون يوم ترك دراسة الأزهر واشتغل بالمحاماة واحتفل بزفافه من صفية زغلول عام1856 وهو قاض بمحكمة الاستئناف يصر يوم عرسه على البقاء فى مكتبه لمراجعة القضايا التى سيحكم فيها، ومن المكتب بحى غمرة طول النهار إلى الكوشة مساء فى بيت حماه مصطفى باشا فهمى حيث الحفل الكبير الذى أحياه المطرب عبده الحامولى على تخت العقاد.. هذا الزعيم الجاد الذى تروى صفية عن ليلة زفافها إليه أن أمها أصائيش هانم كانت قد ذكرت لها أن العريس سوف يصحبها فى عربة حنطور من بيت أبيها إلى بيته فى حى الظاهر، وعندما تقف العربة أمام بيت العريس سوف يهبط أو لا ليقول لها مادا ذراعيه: تفضلي.. وهنا عليها التمنع فى النزول، وعندها سيعاود الطلب مرة ثانية: تفضلي.. والواجب عليها التمنع ثانية، ثم يقول لها للمرة الثالثة: تفضلي.. عندها فقط عليها أن تتفضل وتهبط من العربة لتتبع العريس إلى مقر داره، وتلك التقاليد المتبعة فى العائلات الكبيرة.. وأطاعت صفية تعليمات أصائيش هانم، فما أن توقفت عربة العروس وهبط العريس ليلتفت نحوها زاعقا بصوته الآمر: تفضلي.. فتمنعت فى انتظار ترديد لدعوته مرة ثانية وثالثة، إلا أنها فوجئت بسعد يتركها ويولى وجهه وحده شطر باب بيته، فما كان من صفية إلا أن وجدت نفسها تقفز من العربة وتهرع من خلفه..... سعد زغلول الذى رضى بحياة زوجية غير مثمرة كتب مختليا بنفسه في5 أغسطس1917: «أتمنى الآن لو كان لى ولد، وأن أبنى أتزوج بواحدة من الفلاحين أو غيرهم، ويشغل هذا الفكر بالي، ولكن تحقيق هذه الأمنية صعب، لأنى لا أريد أن يكون ذلك سرا، من المستحيل تقريبا، لهذا الأفضل ترك هذا من أصله»... وراح سعد وراح من بعده توفيق الحكيم الذى جلست إليه أستمع إلى شروط زواجه المعلنة: «كان زواجاً عقلياً محضاً لرجل ناضج العمر يريد أن يؤسس بيتا فى ظروف خاصة به كفنان.. أهدأ فى إطار زواج مريح مع شخص يفهم الحياة التى أريد أن أعيشها.. كانت شروطى قاسية. ألا تمس حريتى المطلقة.. لا أحد يشعر أنى متزوج ولا أريد أنا أن أشعر بأننى هذا المتزوج. زوجتى لن تظهر فى إطار معى فى أى مجتمع. لن أصحبها إلى نزهة.. لن نستقبل أصدقاء فى المنزل. لن أغدو مسئولا عن مشاكل الحياة اليومية. أن تمنع عنى كل ما يطلبه الآخرون.. إذا قبلت شروطى فإنى أقدم على الزواج على أنه سجن بلا أسوار لأن أثمن شيء عندى هو الحرية.. وهذه الحرية جعلتنى أبدا لا أريد الانتماء إلى حكومة أو حزب أو هيئة تشعرنى بقيودها.
- ووجدتها يا أستاذ؟!!
«واحترمت شروطى ونفذتها طوال واحد وثلاثين عاما وكانت مثالا، وأنا فى طبيعتى ليس لدى الثقة بالنفس إلى الحد الذى أعطى نفسى فيه أكثر من قيمتها، وكثيرا ما جادلتها مداعبا محاولا أن أنقص من قدرى بقولى لها: والله يا أم إسماعيل جه نقبك على شونة.. فكانت ترد ضاحكة: هذا هو رأيك فى نفسك وانت حر فيه أما أنا فرأيى إنك أهم واحد فى الدنيا وأنا حرة فى رأيي»....
وترحل زوجة الحكيم وبين أوراق أدراجى السرية خطابا منها كتبته فى لحظة اعتراف ومكاشفة قالت فيه الكثير عن عذابات زوجة الفنان توفيق الحكيم، مَنْ سايرت شروطه لتعيش حياة الظل الطويل التى اكتوت بلهيبها..
وتقولوا لى الخرس الزوجي.. كيف ينكر خل خله.. كيف لا يلتئم جرح.. كيف ألا لا نفيق.. كيف لا نذكر العهد ونصحو.. كيف ننسى كيف نمحو ونحنو.... كيف بالله عليكم لا يتفاهم اثنان يتكلمان لغة لها نفس الحروف والتشكيل والأجرومية والنقطة والفصلة والمَدة والسين والنون.. اللهم إلا إذا.. وفى تلك ال«إذا» قمم الأذى!!!
● ● ● ●
مصر يا أولاد: «قد أفلح من زكَّاها، وقد خاب من دسَّاها» صدق الله العظيم
[email protected]
لمزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.