عنوان ندوة تحدث فيها الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع وأدارها هيثم الحاج على نائب رئيس الهيئة العامة للكتاب. بدأت الندوة بتساؤل طرحه هيثم الحاج: هل ستنتصر الهوية التاريخية على الهوية الحديثة ؟ وما مصير بعض الجماعات التى تستغل فكرة الليبرالية فقط لتكوين الأحزاب ؟ ثم تحدث الدكتور أحمد زايد حول تعريف مصطلح المرجعيات الفكرية، فأوضح أنه كعالم اجتماع يتحفظ عليه ويستبدل به مصطلح الإطار الفكري, لأنه مصطلح مطروح بشدة فى علم الاجتماع، ولأن كل جماعة لها إطار فكرى تستنبط منه كل أفكارها ومعتقداتها وهو أوسع من فكرة المرجعية، فيكون السؤال كالآتي: ما الذى يشكل فكر الشخص المتدين الذى قد يسعى للسيطرة على العالم باسم الدين عن طريق أفكار خاطئة كونها عن الدين ؟ ويضيف زايد: إن مكونات هذا الإطار الفكرى الدينى منها السلفى القديم، وهو مكون يعبر عن تاريخ هذه الأمة, والمكون الثانى هو الحداثة وهو علاقتنا بالغرب. فالفكر السلفى كمكون أولى هو فكر ظهر عبر التاريخ الإسلامي، حيث كان هناك تياران: الأول عقلى والآخر محافظ، ونجد أن غالبية الفكر السلفى يستقى مبادئه من فكر ابن تيمية، وأن هناك آخرين يعترضون عليه. ويمضى زايد فى حديثه قائلا: إن المتأمل فى التاريخ الإسلامى سيجد أن فكرة الآخر كانت موجودة بشدة، وكان التعامل معه بمحبة وسماحة. والدليل على هذا فى السنة النبوية هو تأكيد التسامح مع أهل الكتاب وخاصة المسيحيين، وتوصية نبينا بهم إذا تم فتح مصر، وكذلك نجد محافظة عمر الفاروق على التراث المسيحى ببيت المقدس والعهدة العمرية المحفوظة به حتى الآن. ويؤكد زايد أن جميع فتاوى ابن تيمية التى تتبناها بعض الجماعات وجدت ونشرت فى وقت ضعف الدولة الإسلامية، لكن من أخرجها فيما بعد للنور ليكون بها بذور الجماعات الإسلامية هو أبو الأعلى المودودى بباكستان وكان عالما بسيطا لكنه كان ناشطا سياسيا وتعرض للحبس من حكومته كثيرا، وحال خروجه فكر فى تكوين جماعة إسلامية تهتم بنشر تعاليم الإسلام فقط وتقطع صلاتها مع الحكومة وأى شيء ليس له صلة فى سبيل إقامة حكومة إسلامية فيما بعد تكون نواة لدولة إسلامية. تلك الجماعات الإسلامية تستنهض الفتوحات الإسلامية والحضارة التى تحققت وقتها حينما كان العالم الإسلامى كله تحت راية واحدة فى مواجهة ما نشأ الآن وما هو موجود بالفعل ولن يستطيعوا مواجهته وهو الدولة الحديثة، التى تقوم على أساس أن كل دولة تستغل ثرواتها من البشر والزراعة والصناعة ولا ترسله كضريبة مفروضة عليها للسلطان كما كان يحدث فيما سبق، وهذا مايفسر نجاح فكرة الدولة الحديثة عندما أقامها محمد على ونهض بكل مناحى الحياة فى مصر.