كان من " العيب" خروج الرجل من بيته دون ارتدائه.. ولا يصح دخول أى مصلحة حكومية بدونه.. فهو رمز الوجاهة والوقار وأيضا الوطنية فى مقابل القبعة الأوروبية.. إنه الطربوش الذى كان الزاما ملكيا للموظفين والوزراء والعاملين بالشرطة و الجيش وحتى طلبة المدارس ويحرص الباشوات والأفندية على ارتدائه. وكان الاهتمام به و نظافته دليلا على الأناقة والذوق. انتشر فى مصروالدول العربية مع حكم محمد على باشا واستمر مع سلالته إلى آخر ملوك مصر الملك فاروق. وبعد قيام ثورة يوليو ألغى الرئيس عبد الناصر فكرة الزامية ارتدائه ليصبح المصريون يتمتعون بالحرية فيما يرتدونه من أغطية الرأس باستثناء الطربوش الأزهرى الذى مازال يزين رءوس طلاب وشيوخ الأزهر. هم اليوم زبائن عم ناصر الطرابيشى، أحد أصحاب الورش القليلة جدا المتبقية من هذه الصناعة التى كانت يوما مزدهرة ورائجة. بين أزقة الغورية ومحالها المتنوعة وأجوائها الساحرة، يقف ناصر عبد الباسط بين خاماته من صوف وقش وخوص ليصنع طرابيشه على المكبس. يعمل بالمهنة منذ طفولته، ورغم خفوت نجم الصناعة وتوارى عادة ارتداء الطرابيش الا أنه لا يزال عاشقا لها. يأتيه أئمة وطلبة الأزهر ومعاهده من كل حدب وصوب خاصة من صعيد مصر ليصنع لهم طربوشهم الالزامى. هم اليوم مصدر رزقه الأساسى إلى جانب بعض السائحين الذين يبحثون عن الأصالة و طربوش زمان. تتنوع طرابيشه ما بين الأزهرى و طراز محمد على باشا و فاروق ..أنواع يطلبها الأجانب وأخرى تظهر فى استوديوهات تصوير الأفلام والمسلسلات لتعيد بعض الروح للمهنة المهددة بالانقراض.