البابا تواضروس يدشن كنيسة مارمينا فلمنج في الإسكندرية    أسعار الفراخ اليوم السبت 23-8-2025 فى أسواق محافظة المنوفية    الطماطم ب7 جنيهات والليمون ب15.. أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    توجيه حكومي جديد لبيع السلع بأسعار مخفضة    استشهاد 19 فلسطينيا إثر قصف إسرائيل خيام النازحين بخان يونس ومخيم المغازي    الأمم المتحدة: نصف مليون شخص بغزة محاصرون فى مجاعة    تفاصيل وأسباب تفتيش منزل مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق جون بولتون    وزارة الخارجية الروسية تكشف عدد المواطنين الروس المتبقين في غزة    أمريكا: مقتل خمسة ركاب جراء حادث تحطم حافلة سياحية في نيويورك    سوريا: هجوم انتحاري نفذه تنظيم داعش الإرهابي في دير الزور    ارتفاع مؤقت لهذه المدة.. "الأرصاد" تكشف تفاصيل حالة الطقس اليوم السبت    كان بيركب ميكروفون مسجد.. حزن على وفاة طالب طب صعقًا بالكهرباء في قنا    3 وفيات ومصاب في حادث تصادم مروّع على طريق أسيوط الزراعي    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر ربيع الأول اليوم    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    «100 يوم صحة» تقدم 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يومًا    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لمدينة الحوامدية (صور)    طلاب الثانوية العامة للدور الثاني يؤدون امتحان الأحياء والاحصاء والرياضيات    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    ثوانٍ فارقة أنقذت شابًا من دهس القطار.. وعامل مزلقان السادات يروي التفاصيل    هل يحق لمكتسبي الجنسية المصرية مباشرة الحقوق السياسية؟ القانون يجيب    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 23 أغسطس 2025    60 دقيقة تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 23 أغسطس 2025    مهاجر التيك توك «الأفغاني» يقدم نصائح لقتل الزوجات وتجنب العقوبة    القاهرة تسجل 40 مجددا والصعيد يعود إلى "الجحيم"، درجات الحرارة اليوم السبت في مصر    سيف الإسلام القذافي يعلن دعمه لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا    إنقاذ حياة مريض بعمل شق حنجري بمستشفى الجامعي بالمنوفية    نقيب الفلاحين: تكلفة كيلو اللحم البلدي على الجزار 270 جنيها.. «لو باع ب 300 كسبان»    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    ملف يلا كورة.. خطة انتخابات الأهلي.. رسائل الزمالك.. واعتماد لجنة الحكام    الجرام يسجل أقل من 3900 جنيها.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    تنسيق دبلوم التجارة 2025.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة لطلاب 3 سنوات «رابط وموعد التسجيل»    «ميستحقوش يلعبوا في الزمالك».. إكرامي يفتح النار على ألفينا وشيكو بانزا    سهير جودة عن شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب: «انفصال وعودة مزمنة.. متى تعود إلينا؟»    فيفي عبده تعلن وفاة الراقصة المعتزلة سهير مجدي    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل.. وهذه أسباب تفضيل البعض للخاصة    «الأستانلس أم التيفال»: هل نوع حلة الطبخ يغير طعم أكلك؟    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    بعثة منتخب مصر للناشئين تؤدي مناسك العمرة عقب مواجهة السعودية    أطعمة تسبب الصداع النصفي لدى النساء ونصائح للسيطرة عليه    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    رسميا.. جامعة الأزهر 2025 تفتتح أول كلية للبنات في مطروح وتعلن عن تخصصات جديدة    التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    مدحت صالح يتألق بغناء حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات بحفله فى مهرجان القلعة    محمود وفا حكما لمباراة الاتحاد والبنك الأهلى والسيد للإسماعيلى والطلائع    تشيلسي يقسو على وست هام بخماسية في الدوري الإنجليزي (فيديو)    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    غزل المحلة يبدأ استعداداته لمواجهة الأهلي في الدوري.. صور    ارتفاع الكندوز 39 جنيها، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    استقالة وزير الخارجية الهولندي بسبب موقف بلاده من إسرائيل    حدث بالفن| أول تعليق من شيرين عبد الوهاب بعد أنباء عودتها ل حسام حبيب وفنان يرفض مصافحة معجبة ونجوم الفن في سهرة صيفية خاصة    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملاحظات من دفتر أحوال الهند‏

بعد كل المسافة الطويلة ما بين القاهرة ونيودلهي‏..‏ كان لابد من الأختيار‏:‏ إما إعادة تكريس الهند بلد العجائب والطرائف‏,‏ أو محاولة رسم الصورة الأخري لهند الحداثة. التي تحاول أن تأخذ مكانها في زمن العولمة‏,‏ وعلي أي حال لكلا الصورتين عشاقها‏,‏ وفي الأغلب أننا لانصبر علي الصور المعقدة‏,‏ ولعل شعار المرحلة هات من الآخر ينبيء بنفاذ صبر علي تعقيدات الحياة‏,‏ ورغبة ملحة في تبدل الأحوال أما بضربة حظ أو بمجيء المخلص‏.‏ علي أي حال هذه ملاحظات في دفتر أحوال الهند وهي تنفض عن نفسها اللغة القديمة‏,‏ وتختار الابداع سبيلا إلي الدنيا الجديدة‏.‏
الزائر لأول مرة مثلي إلي نيودلهي لا يكف عن المتابعة في محاولة لأدراك اكبر قدر ممكن من الحقيقة‏,‏ إلا أن البلدان والناس علي حد سواء لا يمكنهم إخفاء حالتهم المزاجية‏.‏ ومن اللحظة الأولي تسربت إلينا أجواء الأمل‏,‏ فقد كانت الثقة تملأ عيون الناس‏,‏ وكان الاعلام قاسيا كالعادة إلا أنه لم يستطع أن يحجب صورة مجتمع ينهض‏,‏ بل ويبادر في جرأة‏.‏ ومن ثم فقد كانت العناوين تتحدث عن عودة الوظائف‏,‏ وذلك إنطلاقا من عودة النمو الاقتصادي بقوة‏,‏ والتقديرات تؤكد أن معدل النمو سيقفز إلي‏8.5%‏ خلال العام الحالي‏(‏ مقارنة ب‏7%‏ هذا العام‏).‏ والمدهش أنه في الوقت الذي يكافح فيه الاقتصاد العالمي للخروج من الركود‏,‏ والتعافي من أثار الأزمة العالمية‏.‏ ففي المقابل فان المستهلكين الهنود ينفقون ببذخ علي السيارات والسلع الاستهلاكية‏.‏ ولمواجهة هذا النمو الكبير علي الطلب‏,‏ فإن الشركات الهندية سوف تستثمر بكثافة التقديرات تذهب إلي استثمار اكثر من‏250‏ مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة‏.‏
وهذا لم يكن ممكنا لو لم تقدم الهند علي مغامرتها الجريئة الهند المبدعة التي غيرت مجري الحياة في البلاد‏,‏ فقد أصبحت كلمة إبداع هي كلمة السر في جميع استراتيجيات الأعمال‏,‏ وانتهي المطاف بتحول الهند إلي واحدة من مراكز الأبحاث العالمية‏.‏ وبالقطع فإن الهند دخلت القرن الجديد بثقة اكبر‏,‏ كما أنها أصبحت تعامل باحترام اكبر‏.‏ هذه الأمور مجتمعة زادت من قدرة الهند علي المنافسة‏,‏ والأهم من اجل تحسين حياة الناس؟‏!‏
ويخطئ من يظن أن الابداع يعني عدم محاولة الإفلات من الماضي بقيوده‏,‏ وأفكاره وقيمه التي تكبل الحركة‏.‏ ففي مجتمع المعرفة والأبداع تهب علي الناس بدلا من الرياح الموسمية رياح أخري تلهب المشاعر‏,‏ أنها رياح التغيير والمغامرة بتجربة الأفكار الجديدة‏,‏ والتحرر من الأساليب القديمة في إدارة الأمور وحياة الناس‏.‏
ومن هنا فإنه خلال الأيام القليلة التي أمضيتها في نيودلهي‏..‏ كانت البلاد مشغولة بمناقشة الموازنة العامة للدولة‏,‏ وأمور أخري لعل من أهمها تخصيص مقاعد للمرأة في البرلمان وأقليات أخري‏,‏ فضلا عن النهوض بالهند الأخري التي يعيش فيها الفلاحون وسكان الأرياف‏!.‏
وتبدو مسألة تخصيص‏33%‏ من مقاعد البرلمان الفيدرالي والبرلمانات المحلية بولايات الهند قفزة ثورية في مجتمع مازال ينظر للمرأة نظرة سلبية‏,‏ والمرأة التي يمكنها أن تأخذ الثناء علي ذلك هي سونيا غاندي زعيمة حزب المؤتمر الحاكم في البلاد‏.‏ وأغلب الظن أن هذه الخطوة الجريئة هي محاولة من اجل تحسين الحياة في البلاد‏,‏ فاعطاء المرأة مقاعد اكثر يرجي من خلالها محاولة إصلاح والتغلب علي نظام اجتماعي متعفن‏.‏ وهذه الخطوة رافقها تحرك من قبل قضاة المحكمة العليا بالهند من أجل أجبار الحكومات الهندية علي تفعيل الحقوق مثل الحق في الحصول علي الغذاء‏.‏ وتجاوبت حكومة حزب المؤتمر وأقرت الحق في المعلومات وبرنامج العمل العام الذي يؤمن لسكان الأرياف‏100‏ يوم عمل ,‏ كما جري تمرير قانون يكفل الحق في التعليم لجميع الأطفال ما بين‏6‏ إلي‏14‏ سنة‏.‏
من غير المثير للدهشة كيف لا تدرك النخبة أن الناس دائما تتطور تطلعاتها‏,‏ ولذا لم يكن غريبا أن يبعث القارئ بهوشان شاندر جندال لبريد القراء بمجلة الهند اليوم ليقول إن الفلاحين الذين باتوا أكثر أرتباطا بالعالم‏..‏ أصبحوا يتحكمون في مصيرهم‏.‏ لماذا؟‏!.‏ يفسر جندال بقوله‏:‏ إن الغالبية العظمي من سكان المناطق الريفية التي جري فصلها عن أساليب الحياة الحضرية من قبل لقد جري الآن إيصالها بأساليب الحياة الحديثة‏.‏ وذلك من خلال المبادرات الحكومية وممارسة الشركات الصناعية التي تمد القري بالمعلومات وتوفر فرص شراء المحاصيل جميعها أدي إلي حياة أفضل للفلاحين‏.‏
إلا أن هذه ليست بذات القدر من الازدهار مثلما حدث في الصناعة الهندية‏,‏ فقد ظل الفلاحون تحت رحمة الأمطار الموسمية‏,‏ فقد انخفض قطاع الزراعة بنسبة‏2.8%.‏ ولأول مرة في تاريخ البلاد‏..‏ فسوف تسهم الصناعة في الناتج المحلي الاجمالي بأكثر من الزراعة‏.‏ ومن أجل إلحاق غالبية السكان بالهند المزدهرة‏,‏ فإن الحكومة الهندية تعطي المزيد من الأهتمام للقطاع الزراعي‏.‏ كما أن شبكة الابداعات الريفية تركز جهدها علي إدخال الميكنة إلي قطاعات واسعة‏,‏ والجميع يأمل في أن ينمو هذا الاقتصاد ب‏5%‏ خلال العام الحالي‏.‏ والهدف هو أن تتحول الهند إلي أحد مراكز القوي الكبري الزراعية مثل البرازيل‏.‏
ويبدو السؤال المنطقي بعد هذه الملاحظات العديدة السابقة‏..‏ تري إلي أن يقود هذا كله؟‏.‏ بالطبع هذا ماراثون طويل من اجل إصلاح حياة الناس‏,‏ وأعادة اكتشاف الهند لذاتها والعالم من حولها إلا أن الكاتب الهندي إل‏.‏ك شارما كتب في تقديمه لكتاب الهند المزدهرة تشرق يقول بلا مواربة‏:‏ إنها البراعة العلمية والتكنولوجية المتزايدة للهند التي صاحبها قوة الاقتصاد‏.‏ هي ما شكل أداة دبلوماسية مؤثرة مناسبة للهند كي تستخدمها مع الأمم القوية‏.‏ إلا أن هذه الثقة وتلك الأوراق الدبلوماسية المؤثرة أدت إلي نتائج باهرة مع القارة الأفريقية‏,‏ وكان مؤتمر الشراكة الهندية الإفريقية لعام‏2010‏ الذي شاهدته عن قرب في نيودلهي شاهدا علي التطور الكبير للدبلوماسية الهندية‏.‏
فلم يكن الحضور الكبير‏(400‏ مندوب من‏34‏ دولة‏),‏ ولا التمثيل المرتفع‏(‏ نائب رئيس دولة غانا وعدد من رؤساء الوزارات ووزارة التجارة والصناعة‏)‏ وحده مؤشرا علي النمو المطرد‏,‏ بل ما جري مناقشته من مشروعات حوالي‏134‏ مشروعا استثماريا قيمتها‏9‏ مليارات تقريبا‏.‏ كما أن المائدة المستديرة والحوارات الثنائية بين كبار المديرين التنفيذيين ونظرائهم في أفريقيا أستهدفت القفز بالتجارة الثنائية إلي‏100‏ مليار دولار‏.‏ ولذا لم يكن وزير خارجية الهند أس‏.‏ أم‏.‏ كريشنا مبالغا في أحلامه عندما قال إن بلاده تعمل من أجل إقامة شراكة اقتصادية ناجحة مع أفريقيا‏.‏
ويبقي أن مصر تعيد التركيز علي الملعب الهندي‏,‏ ومن أبرز اللاعبين المصريين وزارة التعاون الدولي برئاسة الوزيرة النشطة فايزة أبوالنجا‏,‏ التي شاركت في القمة الأفريقية الهندية بنيودلهي عام‏2008,‏ وأكد المستشار نبيل عبدالحميد حسن وكيل أول وزارة التعاون الدولي الذي رأس وفد مصر في مؤتمر الشراكة الهندية الأفريقية أن الهند تعد من الدول حديثة العهد بتقديم المساعدات لأفريقيا‏.‏ وكشف عبدالحميد عن التوصل في مفاوضات ثنائية مع الجانب الهندي إلي شروط ائتمان تفصيلية وتسهيلات خاصة تتناسب مع مصر‏.‏
ولم يكن غريبا أن تتجاوب الهند مع المطالب المصرية‏,‏ نظرا لأن اليد المصرية ممدودة إليها لكي تنضم إلي شركاء مصر في التنمية‏.‏ كما أن الفرص المتاحة التي توفرها مصر للمستثمرين الهنود هائلة‏,‏ فضلا عن مناخ الاستثمار الايجابي الذي أسهب في شرحه السفير المصري لدي الهند محمد حجازي‏.‏
ولا يتبقي سوي أن هذه لمحات من دفتر أحوال الهند وهي تفرض حضورها بقوة‏,‏ وتوفر فرصا واعدة‏,‏ ودروسا عدة يمكن للآخرين أن يروا أنفسهم في البعض منها‏.‏ إلا أن علينا الحركة بسرعة وخفة‏,‏ وأن نستعيد بعضا من مواقعنا القديمة‏,‏ وأن تصغي النخبة المصرية لآراء فايزة أبوالنجا المصرية عندما تقول إن في أفريقيا فرصا عدة‏.‏ نرجو ألا نصحو ونستمع للأراء المخلصة بعدما تكون الحصص قد جري توزيعها‏.‏ وبالمناسبة استراليا في الطريق وتهرول هي الأخري باتجاه أفريقيا لنيل حصتها‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.