رغم تقلبات السياسة الدولية، وتغيرات الأوضاع الداخلية في كل من الصين ومصر، فإن العلاقات بين الشعبين المصري والصين ظلت متميزة بالفهم المتبادل والثقة العميقة منذ بدايتها عام 1956، وتواصلت العلاقات بين البلدين تتطور بسلاسة، حتي وصلت الي أعلي مستوياتها. هذا ما أكده وزير الخارجية الصيني وانج يى في حواره ل «الأهرام»، واصفا زيارة الرئيس السيسي للصين في هذا الوقت بالذات بأنها ناجحة تماما. وقال إن الصين تحرص كشريك استراتيجي لمصر علي تعزيز التعاون المشترك لتحقيق التنمية والرخاء لكل من البلدين، وذلك لن يفيد الشعبين فقط، وانما سيسهم في تطوير علاقات الصين بالدول العربية والإفريقية والإسلامية. وأكد أن حجم التبادل التجاري بين مصر والصين في العام الماضي كسر حاجز العشرة مليارات دولار لأول مرة، لذلك فنحن علي ثقة تامة بمستقبل واعد للعلاقات الصينية المصرية، من خلال تعزيز التعاون بين البلدين في البنية التحتية والاستثمار، وتحقيق التشابك الصناعي. وأوضح أن التعاون الاستثماري بين مصر والصين لا يرتبط بشروط سياسية، فالصين تدعم جهود دول المنطقة العربية في تحقيق التغيير بإرادتها المستقلة، ساعية الي الحفاظ علي السلام والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، بإقامة دولة فلسطين علي أساس حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. وإلي تفاصيل الحوار.. في سياق الوضع الإقليمي الحالي، نري أن لقاء الرئيس الصيني شي جين بينج والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يكتسب أهمية كبيرة. فما هي سبل تعزيز علاقات الشراكة بين الصين ومصر في الوقت الراهن ؟ تعتبر زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي الي الصين زيارة ناجحة تماما وتتمتع بأهمية كبري لزيادة توطيد عري الصداقة التقليدية بين الصين ومصر، ورفع مستوي العلاقات الثنائية وتعميق التعاون العملي بين البلدين. إن كلا من الصين ومصر صاحبة حضارة عريقة، وعلي الرغم من بعد المسافات بين البلدين، فإن علاقات الصداقة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ. ولن ننسي أن مصر هي أول دولة عربية إفريقية أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين، وذلك فتح حقبة جديدة في علاقاتها مع الدول العربية والقارة الإفريقية. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ظلت العلاقات بين الشعبين الصيني و المصري تتميز بالفهم والتأييد والثقة المتبادلة بغض النظر عن تقلبات الأوضاع الدولية، وتغيرات الأوضاع الداخلية لكل من الصين ومصر،. وفي الوقت الذي أطلق الشعب المصري فيه خطواته الجديدة في البحث عن طريق تنموي يتفق مع ظروفه الوطنية، تحرص الصين كصديق حميم وشريك إستراتيجي لمصر علي تعزيز التعاون مع الشعب المصري لتحقيق التنمية وحلمنا المشترك المتمثل في الازدهار والرخاء لبلدينا والرفاهية والسعادة لشعبينا. وأعتقد أن عملنا المشترك لتطوير العلاقات الثنائية يجب أن يتركز علي الصفات الإستراتيجية والشاملة والمستدامة الثلاث. إن الصفة الإستراتيجية معناها المراعاة المتبادلة للمصالح والهموم الحيوية لكل من البلدين وتوسيع لغتنا المشتركة حول مختلف القضايا الدولية والإقليمية. إن الصفة الشاملة تعني ضرورة العمل علي حسن استثمار إمكان التعاون الثنائي في جميع المجالات لتحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك. أما الصفة المستدامة، فإنها تعني أهمية تعزيز التبادل الثقافي والشعبي بما يحافظ علي استمرارية الصداقة الصينية / المصرية وتعزيزها جيلا بعد جيل. ولأن الصين تعتبر أكبر دولة نامية، بينما تعد مصر دولة كبيرة في العالم العربي والإسلامي والعالم النامي والقارة الإفريقية. فإن تطوير العلاقات المتميزة بين البلدين أمر لا يفيد الشعبين فقط، إنما يسهم أيضا في تطوير العلاقات بين الصين والدول العربية والإفريقية والإسلامية، وبالتالي يسهم في تدعيم السلام والتنمية علي المستويين الإقليمي والدولي. ولدي الصين ثقة تامة بمستقبل واعد للعلاقات الصينية المصرية. كيف يمكن للصين مساعدة مصر في المجال الاقتصادي، خاصة علي خلفية التعاون الواعد في المنطقة والعالم؟ هل تخطط الصين لزيادة استثماراتها المباشرة في مصر؟ وكيف ستساعد في تطوير المناطق الصناعية؟ وما دور الصين في المشاريع الكبري الجديدة بمصر؟ يعتبر التعاون العملي هو جزء هاما لمجمل العلاقات بين الصين ومصر، وعلي الرغم من التغيرات التي طرأت علي الأوضاع في مصر في السنوات الأخيرة، فإن هذا لم يؤثر علي التعاون بين البلدين، بل بالعكس، حقق التعاون الصيني المصري في مجالات التجارة والاستثمار والطاقة تقدما مهما. وعلي سبيل المثال، تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2013 حاجز 10 مليارات دولار لأول مرة، حيث بلغ 10.2 مليار دولار. كما أن منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري نقطة ساطعة في خريطة التعاون بين البلدين، وتوصل الجانبان إلي اتفاق علي بناء المرحلة الثانية للمنطقة علي أساس النجاح الذي تحقق في مرحلتها الأولي. وعلي الرغم من أن وقت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للصين قصير، لكن الزيارة حققت نتائج مثمرة في مجالات التعاون العملي، بدليل أن الحكومتين والشركات من البلدين وقعت عديدا من اتفاقيات تعاون تشمل: السكك الحديدية والطاقة الكهربائية والطاقة النووية والطاقة المتجددة والأقمار الصناعية وتكنولوجيا الفضاء والمساعدات الإنمائية، الأمر الذي يثبت مدي ثقة حكومة الصين وشركاتها في مستقبل مصر، ويسهم في توسيع التعاون الثنائي وإثراء مقوماته. طرحت مصر مؤخرا خططا إستراتيجية طموحها للتنمية والتطوير، بما فيه توسيع قناة السويس وتطوير ممر القناة وبناء سكة حديدية فائقة السرعة تربط بين الشمال والجنوب وغيرها. وتتناسب هذه المشاريع الكبري بدرجة كبيرة مع ما طرحه الرئيس الصيني شي جين بينج من المبادرة الطموح المتمثلة في عمل الصين والدول العربية علي تطوير زطريق الحرير الجديدس زالحزام الاقتصادي لطريق الحرير وبناء طريق الحرير البحري في القرن ال21س وكذلك مع ما طرحه رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانج من فكرة بناء زالشبكات الثلاثس التي تربط بين الصين وإفريقيا وهي ( قطار فائق السرعة، طريق سريع، شبكة طيران إقليمية). ويجب أن نقول إن التعاون العملي بين الصين ومصر يتمتع بطبيعة التكامل القوية وإمكانات هائلة، وآفاق واسعة. وفي المرحلة القادمة ستعمل الصين مع مصر علي اغتنام الفرص المتاحة وترجمتها الي نتائج ملموسة في أسرع وقت ممكن. وفي هذا السياق، ندعو إلي تركيز جهودنا في المجالات الآتية: أولا، تعزيز التعاون في البنية التحتية، حيث ترغب الصين في المشاركة الإيجابية في المشاريع المصرية الكبري مثل تطوير ممر قناة السويس وخط قطار فائق السرعة بين الشمال والجنوب وساحل شمال غربي مصر وغيرها، ومساعدة مصر في تطوير اقتصادها وتوفير فرص عمل وتحسين معيشة الشعب. وإن الصين علي استعداد لتقاسم خبراتها الغنية مع مصر دون أي تحفظ في مجالات بناء مناطق صناعية ومناطق تكنولوجية ومناطق حرة. ثانيا تعزيز التعاون في مجال الاستثمار والتمويل. حيث ترغب الصين في زيادة استثماراتها في مصر وتوفير شروط تفضيلية للتمويل ومساعدة مصر في التغلب علي الصعوبات الاقتصادية في حدود إمكاناتها. وجدير بالذكر أن التعاون الاستثماري والتمويلي بين الصين ومصر لا يرتبط بأي شروط سياسية، ولا يشكل إلا عنصرا إيجابيا لاقتصاد مصر. وستواصل الصين تشجيع شركاتها ذات القدرة القوية والسمعة الطيبة علي الاستثمار في مصر. وحتي الآن، توجد أكثر من 30 شركة صينية في منطقة السويسالصينية المصرية للتعاون الاقتصادي والتجاري، مما وفر أكثر من 2000 فرصة عمل للمصريين. ومن المتوقع أن المرحلة الثانية لمشروع المنطقة ستساهم بشكل أكبر في هذا المجال. وفي الوقت نفسه، نأمل أن يقدم الجانب المصري المزيد من التسهيلات للشركات الصينية ويضمن سلامتها وحقوقها ومصالحها المشروعة. ثالثا الإسراع بتحقيق التشابك الصناعي. حيث تعمل مصر حاليا علي رفع مستوي الصناعة، أما الصين فتتمتع بالتكنولوجيا المتقدمة والخبرات الواسعة وقدرة الإنتاج القوية في مجال التصنيع، فنحن علي استعداد تام لمد مصر بما تحتاج إليه من قدرة الإنتاج القوية والتكنولوجيا الصناعية المتقدمة التي تتناسب مع أحوالها بما يعزز القوة الدافعة للنمو الاقتصادي المصري. رابعا توسيع مجالات التعاون الجديدة. حيث ترغب الصين في تعزيز التعاون مع مصر في مجالات الطاقة النووية والقطار الفائق السرعة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والأقمار الصناعية وتكنولوجيا الفضاء بما يرفع جودة التعاون. قد أكد الرئيس الصيني شي جين بينج في اجتماع الشئون الخارجية للجنة المركزية للحزب الذي عقد مؤخرا ضرورة إقامة العلاقات الدولية بنوع جديد يقوم علي أساس التعاون والفوز المشترك. وأعتقد أن العلاقات الصينية المصرية تتوافر لها إمكانية وأساس لكي تصبح نموذجا للتعاون والفوز المشترك بما يخدم مصالح الشعبين بشكل أفضل. يمر العالم العربي بأصعب فتراته، فما الذي ستفعله الصين لإعادة الاستقرار في المنطقة؟ خاصة وأن الصين من الدول التي تدعم الحقوق العربية، بينما ترتبط الصين وإسرائيل والولايات المتحدة مصالح أيضا. فما الخطوات الجديدة التي ستتخذها الصين لتهدئة الوضع المتدهور بين إسرائيل وفلسطين ؟ الاضطرابات في منطقة غربي آسيا وشمالي إفريقيا لأربع سنوات، عاني العالم العربي من المصاعب والمشاكل الكثيرة. لذلك تزداد رغبة الدول العربية وشعوبها يوما بعد يوم في استعادة الاستقرار وتحقيق الإصلاح والتنمية. و الصين كأخ وصديق وشريك طيب للدول العربية وشعوبها كانت ولا تزال تهتم بالأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة وتهتم بمصالح شعوب المنطقة ورفاهيتها. وأود أن أؤكد النقاط الآتية: أولا تدعم الصين بقوة جهود دول المنطقة لتحقيق التغير بإرادتها المستقلة وبشكل منتظم. ويجب علينا أن نترك شعوب المنطقة تختار بنفسها طرقا تنموية. وتقدر الصين تقديرا عاليا جهود دول المنطقة بما فيها مصر من أجل تحقيق التغير والتنمية، واثقة بأن شعوب المنطقة لديها الحكمة والقدرة علي إيجاد نظم سياسية وطرق تنموية تتناسب مع ظروفها الوطنية بإرادتها المستقلة. ثانيا تسعي الصين إلي الحفاظ علي السلام والاستقرار في المنطقة. وقد برهنت الحقائق الواقعية والتاريخية أكثر من مرة علي أن القوة العسكرية عاجزة عن حل المشكلة، بل بالعكس، لا تجلب إلا الكوارث. علي الرغم من أن الحوار السياسي قد لا يؤدي إلي نتائج فورية، ولكن الوقت سيثبت أنه طريقة أقل ثمنا وأكثر إفادة للسلام والاستقرار في المنطقة. فتدعو الصين الأطراف المعنية إلي دفع الحل السياسي للقضايا الساخنة في المنطقة بالصبر، وتفويت أي فرصة علي القوي الإرهابية والمتطرفة لاستغلالها وتوسيع نفوذها. ثالثا تدعم الصين بكل الحزم مقاصد ومبادئ ميثاق الأممالمتحدة والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية. إن مبدأ السيادة هو حجر الزاوية للنظام الحديث للعلاقات الدولية، وهو يشكل أيضا أقوي حاجز للدول النامية للدفاع عن كرامتها ومصالحها الوطنية. ولا يجوز اعتماد زازدواجية أو تعددية المعاييرس في مسألة السيادة الوطنية وترفض الصين بشدة محاولة أي قوة خارجية لفرض إرادتها علي دول المنطقة وشعوبها. رابعا تدعو الصين إلي تحقيق حل شامل. وتزامنا مع الجهود الدبلوماسية والسياسية يجب تعزيز المساعدة لدول المنطقة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وفي الوقت الذي يسعي المجتمع الدولي فيه لحل القضايا المطروحة في المنطقة يجب عدم تهميش عملية السلام في الشرق الأوسط. إن القضية الفلسطينية هي لب قضية الشرق الأوسط. وقد مر أكثر من 60 سنة علي إقامة دولة إسرائيل، بينما مطلب الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة لم يتحقق بعد حتي الآن. لا سلام حقيقي بين العرب وإسرائيل ولا استقرار دائم في الشرق الأوسط من دون حل القضية الفلسطينية. كانت ولا تزال الصين تدعم بقوة القضايا الفلسطينية والعربية العادلة، وتدعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة علي أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، وتدعم اندماج فلسطين كدولة مستقلة في المجتمع الدولي. ولعبت وتلعب الصين دورا إيجابيا وبناء في هذا الصدد. وقد طرح الرئيس الصيني شي جين بينج العام الماضي مبادرة من أربع نقاط لحل القضية الفلسطينية. ولقيت المبادرة تجاوبا واسعا من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والمجتمع الدولي. خلال الصراع في غزة هذا العام، طرحت أنا نيابة عن حكومة الصين مبادرة النقاط الخمس لحل الصراع، كما قدمت الصين المساعدات الإنسانية العاجلة للشعب في غزة. إن الصين كونها عضوا دائما في مجلس الأمن، وكونها صديقا وأخا للدول العربية، ستدعم كالمعتاد القضايا الفلسطينية والعربية العادلة وتعمل باستمرار علي دفع مفاوضات السلام لتحقيق حل عادل ومعقول للقضية الفلسطينية. ما النتائج التي حققها منتدي التعاون الصيني العربي ومنتدي التعاون الصيني الإفريقي؟ بذلت الصين والأطراف المعنية جهودا دءوبا لتعزيز دور منتدي التعاون الصيني العربي ومنتدي التعاون الصيني الإفريقي منذ تأسيسهما وحققا نتائج مثمرة، مما جعلهما مسرحا مهما لإجراء الحوار الجماعي ودعم التعاون العملي بين الصين والدول العربية والأفريقية،. ويصادف العام الحالي الذكري السنوية ال10 لتأسيس منتدي التعاون الصيني العربي. ومنذ تأسيسه، ظل المنتدي يتطور باستمرار وقد تمّ إنشاء عشرات الآليات للتعاون في إطاره، مما أثري مقومات التبادل الودي بين الصين والدول العربية ونوّع أنماط التعاون الصيني / العربي المتبادل المنفعة، وأصبح منارة يدور في فلكها تطورُ العلاقات الصينية / العربية. وفي السنوات العشر الماضية، ارتفع حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية من 25.5 مليار دولار إلي 238.9 مليار دولار بزيادة سنوية تتجاوز 25%؛ وازدادت صادرات النفط الخام من الدول العربية إلي الصين من40.58 مليون طن إلي 133 مليون طن بزيادة سنوية تتعدي 12%. قد أصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للعالم العربي بشكل عام وأكبر شريك تجاري لتسع دول عربية بشكل خاص. وأما الدول العربية، فتحتل المرتبة السابعة في ترتيب شركاء الصين التجاريين. وأهم من ذلك، تعد الدول العربية أهمّ شريك تعاون للصين في مجال الطاقة وأهم سوق لمشاريع المقاولات والاستثمارات الخارجية الصينية. بالإضافة إلي ذلك، تكثف التبادل الشعبي والثقافي بين الصين والدول العربية يوما بعد يوم. وفي السنوات العشر الماضية، أعدّت الصين 15676 فردا من مختلف المتخصصين الأكفاء العرب، وازداد عدد الطلاب العرب الوافدين إلي الصين بزيادة سنوية 30.5% وارتفع عدد المسافرين بين الصين والعالم العربي من 130 ألف فرد سنويا إلي 830 ألف فرد سنويا، كما أصبحت فعاليات التبادلات الشعبية والثقافية أكثر تنوّعا، بما فيها تبادل إقامة مهرجان الفنون وترجمة الكتب والأعمال الأدبية بين اللغتين والتشارك في نشرها ..إلخ. وعقدت الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدي التعاون الصيني العربي في يوم 5 يونيو عام 2014 في بكين، وحضر الرئيس الصيني شي جين بينغ المراسم الافتتاحية للاجتماع وألقي كلمة مهمة. حدد الحضور في الاجتماع المجالات والتوجهات ذات الأولوية لتطوير العلاقات الصينية العربية وتطوير المنتدي، ويلعب الاجتماع دورا مهما في استعراض نتائج الماضي واستشراف آفاق المستقبل لعلاقات التعاون الإستراتيجي الشامل بين الصين والدول العربية. وفي المرحلة القادمة، سيعمل الجانبان الصيني والعربي علي ترجمةَ نتائج الاجتماع الوزاري إلي أرض الواقع وتعزيز بخطوات متزنة التعاون العملي في المجالات كافة، وذلك علي ضوء مبادرة العمل الصيني العربي المشترك في بناء زطريق الحرير الجديدس التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينج. ومنذ تأسيس منتدي التعاون الصيني الإفريقي قبل 14 عاما، يلعب المنتدي دورا مهما لا بديل له في تعزيز الحوار الجماعي وتعميق التعاون العملي بشكل شامل وتدعيم التبادلات الشعبية الثقافية وتقوية التفاهم والتعارف والصداقة بين الشعب الصيني والشعوب الإفريقية. وقد تمّ إنشاء آليات الحوار علي مختلف المستويات في إطار المنتدي وينعقد اجتماع وزاري كل 3 سنوات. كما أحرزت العلاقات الصينية الإفريقية تطورات شاملة وكبيرة في إطار المنتدي، حيث تجاوز حجم التجارة الصينية الإفريقية لأول مرة 200 مليار دولار في عام 2013 وبلغ 210 مليارات دولار وهو ما يمثل 21 ضعفا عما كان عليه في عام 2000، مما جعل الصين أكبر شريك تجاري لقارة إفريقيا ل5 سنوات متتالية. كما ازداد استثمار الصين المباشر في أفريقيا من صفر إلي ما يقرّب من 30 مليار دولار، وتنتشر مشاريع التعاون في أنحاء القارة وتوجد حاليا أكثر من 2500 شركة صينية في إفريقيا، مما جعل قارة إفريقية رابع أكبر سوق استثمار للصين في الخارج. إن الجانب الصيني يطبق بالأفعال سياساته نحو أفريقيا المتمثلة في زالوفاء والإخلاص والصداقة والصدقس ومفاهيم زتفضيل الصداقة علي الربحس ولقيت سياسة الصين هذه ترحيبا وتقديرا عاليا من الشعوب الإفريقية. ويتمتع التبادل الشعبي الثقافي بين الصين وإفريقيا بزخم قوي للتطور، وتحققت تنائج مثمرة في مشاريع التعاون التي تشمل زبرنامج الصين وأفريقيا للبحث المشترك والتبادلس وسفعاليات الصداقة الشعبية بين الصين وإفريقياس وسمركز التبادل الإعلامي الصيني الإفريقيس. وقد حقق الجانبان نتائج شاملة في التبادل والتعاون في المجالات الثقافية والتعليمية والصحية والطبية، وأصبح التبادل بين الجانبين في مجالات الأحزاب السياسية والبرلمان والجيش والمحافظات والنساء والشباب والمنظمات الشعبية والأوساط العلمية أكثر ازدهارا. وفي عام 2013 بلغ عدد السياح الصينيين الذين زاروا إفريقيا كمحطة أولي للزيارة 1.895 مليون فرد بزيادة 80.4% مقارنة بالفترة في عام 2012، وبلغ عدد الزوار من إفريقيا إلي الصين 553 ألف فرد. فمن الممكن القول إن الأسس الشعبية للصداقة الصينية الإفريقية أكثر قوة ومتانة. إن الصين لديها خبرات غنية في محاربة القوي المتطرفة التي تضرّ بوحدة البلاد، فمن وجهة نظركم، ما خبرات الصين الناجحة التي من الممكن أن تستفيد منها الدول العربية؟ تولي الحكومة الصينية اهتماما بالغا بمحاربة العنف والنزعات المتطرفة، وتكافح بكل حزم أعمال العنف الإرهابية والمتطرفة التي تستهدف تقسيم وتمزيق البلاد مهما كان شكلها. ونتمسك بشكل رئيسي بالمفاهيم والإجراءات الآتية: أولا التمسك بالسياسات الشاملة ومعالجة ظواهر الإرهاب وبواطنه في حين واحد. تضع الحكومة الصينية دائما التنمية في الأولوية الأولي، وتبذل أقصي جهودها في تحسين معيشة الشعب وتعزيز العدالة الاجتماعية وإيجاد بيئة اجتماعية متناغمة وتجفيف منابع العنف والنزعات المتطرفة، كما تواصل إكمال الإجراءات القانونية والتشريعية وتعميم مفاهيم التسامح والاجتماعي والتناغم من خلال مختلف السبل والقنوات. ثانيا تعزيز إدارة الشئون الدينية وحماية مَن يحترم القانون ومحاربة مَن يخالفه. ينصّ دستور الصين علي أن المُواطِن يتمتع بحرية العقيدة والدولة تحمي الفعاليات الدينية الطبيعية، بينما نعارض ونحارب بكل حزم أي شكل من أشكال الفعاليات الدينية الشاذة غير القانونية، ونرفض بكل ثبات ربط العنف والنزعات المتطرفة بأي أمة من الأمم وأي دين من الأديان. ثالثا الاهتمام بتوعية فئات المجتمع خاصة وقاية الشباب من التطرف، حيث أن الشباب أكثر عُرضة لأفكار العنف والنزعات المتطرفة. وإن الحكومة الصينية تعلق أهمية كبيرة علي تعزيز التعاون والتنسيق بين وزارات الإعلام والتعليم والشئون الدينية ومنظمات الشباب، وتبذل جهودا حثيثة لوقاية الشباب من تسلل أفكار العنف والنزعات المتطرفة إليهم. رابعا تقوية مراقبة شبكة الإنترت وفقا للقانون وسدّ ممرات وقنوات نشر أفكار العنف والنزعات المتطرفة. وتحارب الحكومة الصينية بإجراءات صارمة القوي المتطرفة التي تستغلّ شبكة الإنترنت لنشر أفكار العنف، وذلك يجري وفق القانون الصيني والقرار رقم 2129 الصادر عن الأممالمتحدة وغيره من القرارات الدولية التي تُلزِم الدول الأعضاء بذلك. وفي الوقت نفسه، تهتم الحكومة الصينية باستخدام الإنترنت في دحض وتكذيب أفكار العنف والنزعات المتطرفة من أجل توعية الجمهور لمقاومة النزعات المتطرفة.ّ خامسا تعزيز التعاون الدولي وبذل جهود مشتركة في مكافحة الإرهاب لأن العنف والنزعات المتطرفة مشكلة خطيرة تواجه المجتمع الدولي كله، وإن الصين كعضو في الأسرة الدولية تولي اهتماما بالغا بالتعاون الدولي الهادف إلي مكافحة العنف والنزعات المتطرفة، وتستعدّ لتعزيز تبادل المعلومات المخابراتية والتعاون في تطبيق القانون بين الجهات المختلفة والاستفادة من الخبرات والإجراءات الناجحة في الدول الأخري. وتأمل الصين من المجتمع الدولي أن يتفهم ويدعم جهودها الرامية إلي مكافحة العنف والنزعات المتطرفة. وإننا علي استعداد لتعزيز التبادل والتعاون علي أساس الاحترام المتبادل والمساواة والفوز المشترك مع المجتمع الدولي، وبما فيه الدول العربية، من أجل مكافحة العنف والنزعات المتطرفة.