عذرا لم أجد غير هذه الكلمة الجارحة للتعبير عن غضبى الشديد، والمرارة التى شعرت بها عقب قرار رفع الحظر عن المتهمين الأمريكيين فى قضية التمويل الأجنبى مساء يوم الخميس الماضى، ثم سفرهم على طائرة أمريكية خاصة أقلتهم إلى بلادهم من مطار القاهرة. ما الذى يمكن أن يقال بعد هذه الفضيحة.. نعم هى فضيحة بكل معنى الكلمة استباحت استقلالية القضاء المصرى الشامخ.. للأسف تمت وقائع هذه الوكسة بموافقة السلطات المعنية فى مصر الكرامة والعزة والاستقلال.. مصر ثورة 25 يناير وثورة 23 يوليو وثورة 19 وعرابى.. مصر أكتوبر. وكسة غير مسبوقة تم فيها الضغط على رئيس المحكمة المنظورة أمامها القضية دفعته للتنحى عن نظر القضية بعد أن رفض الإنصياع لطلب إلغاء قرار منعهم من السفر. القاضى الشريف محمد محمود شكرى أبت عليه نفسه أن يقبل التدخل فى القضاء مهما تكن الأسباب. معلوم أن الولاياتالمتحدة الحليف الرئيسى لمصر والشريك التجارى الأول لنا وصاحبة المعونة الشهيرة العسكرية والاقتصادية رفضت خضوع رعاياها للمحاكمة وهى الدولة التى تتشدق باحترام سيادة الدول وحقوق الإنسان وغير ذلك من الاسطوانات المشروخة، وراحت تمارس الضغوط المعلنة والسرية على المسئولين المصريين سواء من خلال التلويح بقطع المعونة أو بتجميد العلاقات الدبلوماسية منذ الكشف عن القضية وإحالة عدد من العاملين المصريين والأمريكيين إلى المحاكمة فى قضية وصفت بأنها جنحة وأن الإتهامات فيها لاتصل إلى الجناية كونها مخالفة إدارية لمنظمات تعمل بدون ترخيص منذ عدة سنوات. بالطبع لا ننكر أن العلاقات بين مصر والولاياتالمتحدة استراتيجية وثيقة استمرت على مدى العقود الأربعة الماضية بما يخدم المصالح والأهداف الخاصة بالدولتين نظرا للدور المحورى لمصر لدعم الأمن والسلم بالشرق الأوسط حتى وإن إختلفت الرؤى بشأن بعض القضايا. للعلم إتسم الموقف الأمريكى الضاغط علينا الآن بالتذبذب تجاه الثورة المصرية فى أوائل أيامها، لكن واشنطن سرعان ما حسمت موقفها حين عبر الرئيس أوباما عن تقديره للثورة المصرية فى خطابه الذى ألقاه يوم 11 فبراير 2011 والذى كان بمثابة الاعتراف الأمريكى بهذا التحول التاريخى، وتدعم الولاياتالمتحدة حاليا خريطة طريق المجلس الأعلى للقوات المسلحة لتسليم السلطة للمدنيين. كذلك تمثل العلاقات العسكرية بين البلدين نقطة إرتكاز للعلاقات الثنائية، فهناك الكثير من الأهداف والاهتمامات الاستراتيجية المشتركة كتحقيق الاستقرار الاقليمى فى الشرق الأوسط، وتسوية الصراع العربى الاسرائيلى من خلال عملية السلام، ومكافحة الإرهاب والعمل على استتباب الأمن فى المنطقة سعيا لتحقيق النمو للمنطقة، وتقدم للقاهرة مساعدات عسكرية تبلغ 1.3مليار دولار سنويا بالإضافة إلى 250 مليون دولار مساعدات إقتصادية. السؤال هل ما سبق يسمح للولايات المتحدة بالضغط والتهديد من أجل الإفراج عن رعاياها المخلى سبيلهم أصلا ولم يزج بهم وراء القضبان أم أنه الصلف والغرور. لقد استغلت امريكا الحالة المصرية الراهنة من الضعف بعد ثورة مجيدة وضغطت وشدت الوثاق بقوة حتى حققت غرضها واستعادت متهمين فى قضية مازالت أمام القضاء ولم يفصل فيها بعد وربما نالوا البراءة الكاملة دون اللجوء لهذه الأساليب الحمقاء. التاريخ وحده سوف يحكم على أولى الأمر عندنا الذين ارتكبوا هذا الخطأ الجسيم فى حق المواطن المصرى الذى تجرع الذل ومرارة التبعية فى العهد البائد، وما سوف يستتبع هذه القضية من مضاعفات آنية وأجلة على صورة مصر. قالوا عن القضية: عمرو موسي: يحق للشعب معرفة ملابسات تنحي هيئة المحكمة في قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني علي خلفية قرار رفع الحظر عن المتهمين حازم أبواسماعيل ليس أمامنا خيار إلا أن نحيا كراما أو نضيع د. محمد سليم العوا ضرورة توضيح اسباب الإفراج عن المتهمين الأجانب. حمدين صباحي: ما حدث يطرح الكثير من التساؤلات حول استقلالية القضاء المصري خاصة بعد التصريحات الأمريكية التي أكدت أن القرار جاء نتيجة للتهديدات والضغوط التي مارسها الجانب الأمريكي علي مصر. الفريق حسام خيرالله المرشح المحتمل: ما حدث مع المتهمين الأجانب يبدو أنه جاء في اطار مساومة أو اتفاق غير معلوم بين القاهرةوواشنطن. الدكتور مدحت خفاجي المرشح المحتمل لرئاسة: هذا القرار تدخل واضح وصريح في السلطة القضائية في الوقت الذي نؤكد علي استقلالية القضاء المزيد من مقالات محمود النوبى