واشنطن: عزت إبراهيم موسم' الحمي الإيرانية' يعود إلي واشنطن الأسبوع الحالي بمناسبة إنعقاد المؤتمر السنوي للجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية' إيباك' بحضور قيادات إسرائيلية من مختلف أطياف المشهد السياسي وفي مقدمتهم رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو. الحمي تبدو جلية في شبكات التليفزيون الكبري والصحف ومحطات الراديو ومراكز الأبحاث المنتشرة بطول وعرض العاصمة الأمريكية وجميعها تتحدث عن توقيت الضربة الإسرائيلية المحتملة ضد إيران وموقف الولاياتالمتحدة التي تجد نفسها في موقف غاية في الصعوبة. والأصعب هو موقف الرئيس باراك أوباما في مواجهة مواقف المرشحين الجمهوريين الذين سيظهرون مساندتهم القوية لإسرائيل ومعاداة للمشروع النووي الإيراني بما يتناسب مع السباق علي أصوات وأموال الناخبين اليهود قبل إنتخابات نوفمبر. الضغط علي إدارة أوباما لموقف أكثر تشددا هو المزايدة الكلامية من الجمهوريين وأنصار إسرائيل ممن يعلمون أن حزمة العقوبات الأخيرة ضد طهران نجحت في إضعاف الإقتصاد الإيراني بعد أن إستهدفت العقوبات التي نسقتها واشنطن مع مجموعة كبيرة من الدول الصديقة من بينها روسيا والصين والهند واليابان لإستهداف صادرات البترول وبالفعل جنت أمريكا ثمرة الضغوط إلا أن أصحاب دعاوي التعجيل بضرب إيران يطلون برؤوسهم بقوة اليوم لشن حرب سوف تترك أثارا غير عادية علي السياسة الأمريكية وحلفائها في منطقة الخليج لو عزمت إسرائيل علي الخطوة. وإستشعارا بخطورة الضغوط المقبلة, سارع البيت الأبيض في التأكيد علي فعالية العقوبات الحالية ضد طهران وأن توجيه إنذارات جديدة لن يكون مفيدا وأن السياسة الأمريكية لمنع إيران من حيازة السلاح النووي لن يطرأ عليها تغيير. والجدل في واشنطن يدور حول جدوي العقوبات وتأثيرها الفعلي علي حكومة طهران, فالبعض يتشكك في إشارات طهران من استعدادها لفتح الحوار مع الدول الخمس الدائمة العضوية والدخول في جولة جديدة من المفاوضات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولا يعتبرونها دليل ضعف بل مناورة من الرئيس أحمدي نجاد حيث يري الخبراء الأمريكيون أن النظام الإيراني بارع في شراء الوقت من المجتمع الدولي وتوليد مزيد من المشكلات بعد كل فترة يجري فيها تمديد التفاوض أو المماطلة في العودة لمائدة المحادثات. ومن التصورات للمرحلة القادمة أن شركاء الولاياتالمتحدة في فرض العقوبات سوف يحاولون البحث عن مسار دبلوماسي جديد بعد أن شاركوا في فرض حزمة العقوبات الأخيرة وأخلصوا نواياهم في وقف الطموحات النووية الإيرانية إلا أن هناك خبراء معروفين مثل الأمريكي من اصل إيراني كريم سادجابور ممن يرون أن الحلفاء الدوليين عادة ما يتراجعون عن المضي قدما في عقوبات مشددة عندما يجدون المسار الدبلوماسي يمكن أن يأتي بنتيجة أو يربطون بين منح الدبلوماسية فرصة جديدة وإلتزامهم بالتعاون لإستمرار العقوبات. لكن مسار الضغوط الذي تمارسه إدارة أوباما غير مرض لكثيرين مثل مارتن إنديك السفير السابق لدي إسرائيل فهو يري أن سياسة الدبلوماسية القسرية التي تنتهجها الإدارة سوف تأتي بنتائج عكس المرجوة ويقول كيف نقول أن إيران قبلت الجلوس علي مائدة التفاوض قبل أسبوعين فيما تعلن عن رفع قدرات تخصيب اليورانيوم ويتشكك ايضا فيما يدفع به مؤيدو سياسة اوباما من أن التشدد الإيراني ومظاهر التصعيد السالفة هي مقدمة لتنازلات خلال المفاوضات. ويعتقد مارتن إنديك ان أحمدي نجاد لن يتمادي في قصة إظهار الضعف أو تقديم تنازلات لإعتقاده أن تلك ستكون مقدمة لتقوية شوكة خصومه في الداخل ثم في مرحلة لاحقة إستدعاء التدخل الدولي فور تقديم تنازلات في البرنامج أسوة بما حدث في العراق وليبيا بينما بقيت كوريا الشمالية متحدية الولاياتالمتحدة ومازال نظامها علي حاله. وفي تلك الأجواء, يشير الخبراء في مراكز البحث الأمريكية إلي أن إستمرار رغبة نجاد في تحدي أمريكا والمراوغة في القبول بالإشتراطات الدولية سيؤدي إلي خروج إسرائيل عن السيطرة وربما تقدم علي عمل عسكريا منفردا لتحاشي إعلان إيران حيازتها السلاح النووي فعليا وهو أخر ما تريده الولاياتالمتحدة في تلك البقعة من العالم التي تشهد ثورات شعبية يصعب قياس حجم غضبها لو سددت إسرائيل ضربات عسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني. هي واحدة من الإختبارات الصعبة لأوباما وكلما مرت الأيام زادت تعقيدات صناعة القرار السياسي الأمريكي في المسألة الإيرانية.