نذهب جميعا لأماكن ونقضي بها أوقاتا, ثم بعد عودتنا يكتشف غالبيتنا أننا حرمنا أنفسنا من الاستمتاع بها, والاستفادة منها كما ينبغي, وأننا أضعنا الفرصة الغالية التي يصعب الفوز بها مجددا, ونتألم وحدنا. وهو ما يفعله معظمنا للأسف حيث تتسرب الحياة من بين أيدنيا دون الاستفادة من شموسنا الداخلية التي نولد بها جميعا, ثم نختار إطفاءها الواحدة تلو الأخري, وتدريجيا نعتاد الظلام الداخلي ويصبح جزءا أصيلا من مكونات شخصياتنا, ثم نصل لرفض أي شعاع للنور فسيزعجنا ويغير من معادلاتنا في التعامل مع جميع تفاصيل حياتنا. ويطفي الكثيرون شموسهم الخاصة ليسيروا وراء السرب طلبا للأمان المزعوم, ولتجنب دفع أثمان الاحتفاظ بشموعهم مضيئة. والمؤكد أن من يفعل ذلك ويحرم نفسه من فرصه العادلة في تحويل أحلامه إلي حقائق تنير حياته وحياة كل من يحب أن يحول نفسه إلي صفر علي الشمال في أعين الحياة, ولن يحصل لا علي الأمان, ولا علي الفتات النفسي والعاطفي والمادي, بل والصحي أيضا, فسيترجم جسده إحباطاته المتراكمة في صورة أمراض للعلاقة القوية بين مشاعرنا وأجسادنا, وهو ما أثبتته الأبحاث الطبية. فقد تخلي طواعية عن كل ما يميزه كإنسان وتحول إلي شيء وهزم نفسه, ومن المؤكد أن الآخرين لن يكونوا أكثر احتراما لإنسانيته مما فعل هو, وسيعيش حياة باهتة ملؤها المرارات والانكفاءات المتتالية التي تسرق منه كل ما يمنحه النجاح والسعادة, فالحياة لن تعطينا أفضل مما نعطيه لأنفسنا, فإن لم نراقب شموسنا الداخلية بيقظة ذكية واثقة, لن يفعل ذلك أحد. وكعادة كل الشموس لا تستمر طوال الوقت, لذا عندما تغيب شموسنا من آن لآخر علينا أن نترفق بأنفسنا بذكاء ونستعيدها بحكمة, ولا نطيل غيابها حتي لا يصبح أمرا واقعا نعتاده فنرتاح إليه ثم ندعي أننا لسنا بحاجة إليها, أو أننا حصلنا من الحياة علي كل أو أهم ما نريده منها. كما نحذر من القسوة علي النفس عند تناقص الضوء الداخلي, فهذا جزء من طبيعة الحياة, ولنستعيدها بتدرج ونتقبل أننا بشر ولدينا جوانب نقص, وعلينا التعامل معها باحترام وود بالغين, وتذكر مزايانا عندئذ, لا لنكتفي بها وندمر فرصنا في المزيد من الانتصارات, ولكن لندعم من ثقتنا بأنفسنا دون احتياج إلي العون الخارجي. فلنتذكر جميعا أنه لا أحد يستطيع إطفاء شموسنا ما لم نسمح بذلك, وأن علينا إمداد شموسنا بطاقات هائلة ومثابرة ودءوبة لأننا لن نعيش إلا مرة واحدة, ومن العار أن نختار الظلام.