جامعة بنها تنظم رحلة ترفيهية للطلاب الوافدين لدعم السياحة الداخلية    حزب الجبهة: الإستقالات طالت كل الأحزاب ولم نعد أحد بمقعد عند التأسيس ونملك البدائل في كل المواقع    وزير النقل يستعرض مع السفير الصيني الموقف التنفيذي للقطار الكهربائي الخفيف    محافظ الجيزة يشارك في مؤتمر إطلاق الاستراتيجية الوطنية للعمران والبناء الأخضر    تفاصيل افتتاح مصنع لشركة أوبو العالمية فى مصر لتصنيع الهواتف المحمولة    قرار حكومى باعتبار مشروع إنشاء الطريق الدائرى من أعمال المنفعة العامة    حزب المستقلين الجدد: قرار الكنيست بضم الضفة والقدس يقوض فرص السلام    القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات على مواقع لحزب الله    انتقادات إنجليزية لاذعة لمحمد صلاح    بعثة الاتحاد الليبى تتوجه للقاهرة استعداداً لمواجهة المصرى بالكونفدرالية    تأجيل أولى جلسات محاكمة التيك توكر علياء قمرون ل 29 أكتوبر    ضبط صانعة محتوى تستغل مواقع التواصل فى تسهيل جرائم منافية للآداب بالإسكندرية    رابط التسجيل فى قرعة الحج على موقع وزارة الداخلية.. اعرف الخطوات    تكريم خاص لهالة صدقي بمهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدا    المتحف المصرى الكبير.. بوابة الحضارة الفرعونية إلى العصر الرقمى    الداعية مصطفى حسنى لطلاب جامعة القاهرة: التعرف على الدين رحلة لا تنتهى    بدء تشغيل معمل الأسنان للتركيبات المتحركة بمستشفى نجع حمادي العام    بروتوكول تعاون بين المؤسسة العلاجية وفاكسيرا لإنتاج المستحضرات الحيوية    لعدم استيفائهم الأوراق.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستبعد 3 قوائم انتخابية    رابط نتيجة التظلمات بمسابقة النقل النهري.. استعلم الآن    "مخاطر العنف والتنمر" ندوة توعوية ب"فنون تطبيقية بني سويف"    الزمالك يجهز شكوى لتنظيم الإعلام ضد نجم الأهلي السابق    بشير التابعي: زيزو أفضل لاعب في الأهلي    عندنا أمم إفريقيا.. محمد شبانة يوجه رسالة هامة ل ياسر إبراهيم    خطة عاجلة بمركز طامية لسرعة إنهاء ملفات تقنين أملاك الدولة    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    تحالفات جديدة لتقسيم الكعكة.. صراع اللجان تحت قبة «الشيوخ»    مصرع شخص أسفل عجلات القطار في أسوان    ضبط لحوم غير صالحة وسلع غذائية منتهية الصلاحية وتحرير 208 محضرا تموينيا فى أسيوط    29 أكتوبر الحكم على علياء قمرون فى نشر محتوى وفيديوهات خادشة    اليوم.. الكنيسة القبطية تستضيف اجتماع لجنة الإيمان والنظام بمجلس الكنائس العالمي    أضرار جسيمة في منشآت الكهرباء والمياه بعد هجوم بطائرة مسيرة في السودان    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    حنان مطاوع بعد فيديو والدها بالذكاء الاصطناعي: "اتصدمت لما شوفته وبلاش نصحي الجراح"    أسبوعان على وقف إطلاق النار.. بطء في دخول المساعدات وخروقات بالشجاعية وخان يونس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    استمرار تدفق المساعدات الإنسانية من مصر إلى قطاع غزة    من هو الشيخ صالح الفوزان مفتي السعودية الجديد؟    مستشفى الجراحات الجديد بطنطا ينضم لمنظومة التأمين الصحي الشامل    إجراء جراحة نادرة لإنقاذ حياة مريض فلسطيني مصاب من غزة بجامعة الإسكندرية    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    5 نصائح لحماية طفلك من التحرش.. بعد واقعة مدرس الدقهلية    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    هل التدليك الطبى حرام وما حكم المساج فى الإسلام؟.. دار الإفتاء توضح    إطلاق القطار السريع وافتتاح مشروعات كبرى.. أحداث هامة بمعرض TransMEA القادم    الاتحاد الأوروبى: تم حظر استيراد الغاز المسال الروسى    عمر عصر يخضع للتحقيق بالفيديو من ألمانيا بعد خناقة البطولة الأفريقية    اتحاد الثقافة الرياضية يحتفل بنصر أكتوبر وعيد السويس القومي    فيلم السادة الأفاضل يحصد 2.2 مليون جنيه في أول أيامه بدور العرض السينمائى    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025    الإعلان عن القائمة النهائية الرسمية لمرشحى مجلس النواب 2025    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    روزاليوسف.. ما الحُبُّ إِلّا لِلحَبيبِ الأَوَّلِ    سيصلك مال لم تكن تتوقعه.. برج الدلو اليوم 23 أكتوبر    علي الحجار يتأثر بغنائه «فلسطيني» في مهرجان الموسيقى العربية    ميلود حمدي: فضلت الإسماعيلي رغم الصعوبات.. وأعد الجماهير ببذل كل ما أملك    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى لا يضيع منا الطريق
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 12 - 2014

فى زمن اختلت فيه مقاييس الأشياء يمكن ان تبدو الحشائش نخيلا .. والمستنقعات انهارا ومن يتابع الإعلام المصرى فى هذه الأيام وهو يقلب الحقائق ويشوه الأدوار ويغالط احداث التاريخ يشعر بحالة من الأسى والغثيان .. شاشات مأجورة واسماء هبطت على الناس كالجراد تعصف بكل شىء وتستبيح اى شىء حتى دماء الشهداء وجدت من يتاجر فيها ويتجنى عليها .. ان هذه الأشباح تتجاهل حقيقة مهمة وهى ان التاريخ قادر على كشف الحقائق والوصول اليها مهما كانت محاولات التشويه والعربدة التى يقوم بها البعض لتشويه الحقائق ..
مازلت اعتقد ان الإعلام المصرى يمارس لعبة رخيصة وانه تخلى تماما عن كل الثوابت الأخلاقية والمهنية .. هذا الإعلام الذى جعل ثورة يناير مؤامرة دولية ومحلية بينما يتناسى كل ما لحق بهذا الوطن من صور الدمار النفسى والبدنى والثقافى والحضارى .. ان مصر التى نشاهدها الآن تتوكأ على عكازين امام الإهمال الجسيم والاعتداء الصارخ على موارد شعبها وإهدار قدرات ابنائها .. تعرف من باع ومن خان ومن تآمر .. ولعلى هنا اتوقف عند عدد من الكلمات التى جاءت على لسان المستشار الجليل محمود الرشيدى وهو ينهى كلمته فى محاكمة القرن .. قال المستشار الرشيدى :
رغم ما جلى للمحكمة من نقاء المطالب المشروعة للشعب فى فجر الثورة الشعبية الأولى 25 يناير 2011 والتى نادت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية لما اعترى النظام الحاكم من وهن فى سنواته الأخيرة كبطء القرار وتهيوء فرع منهم للاستحواذ على مقاليد الحكم وقرب الاتباع ونضب ضخ دماء جديدة على مقاعد صارت حكرا لقيادات تناست دورات قانون الحياة وغض الطرف عن الموروثات الشرطية التى غفلت الفكر الأمنى الخلاق، وتقاتل على ثروات مصر زمرة من المنتفعين واصحاب المصالح والمتسلقين مع تزييف الإرادة الشعبية واندثار التعليم وإهدار الصحة وتجريف العقول المستشرفة للغد .
فى هذا السياق اضع عددا من القضايا امام المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء لأن الناس تتساءل عن جدوى الحديث فيها بعد ان تسرب الوقت وغابت الحقائق:
اولى هذه القضايا هو توزيع الأراضى على اصحاب المصالح والمنتفعين وكيف تم توزيع ثروة الأجيال القادمة بهذه الصورة الوحشية.. منذ سنوات حين كتبت عن ارض العياط الشهيرة ومساحتها 35 الف فدان كنت اتصور ان هناك حكومة سوف تحاسب او تسأل .. ولم اكن اتصور ان يدور ملف هذه الكارثة فى مكاتب المسئولين حتى الآن رغم ان احد التقديرات اكدت ان سعر هذه المساحة من الأراضى يتجاوز 50 مليار جنيه وفى رواية اخرى 74 مليار جنيه .. الى اين وصلت هذه القضية لا احد يعلم ..
ان ملف الأراضى مازال حائرا بين المسئولين وحين خرج القاضى المستشار هشام جنينة معلنا حقيقة ما حدث فى الحزام الأخضر قامت عليه الدنيا ولم تقعد حتى الآن .. لا احد يريد استرداد هذه الأراضى من اصحابها ولكننا فقط نريد حق الشعب فيها ..
القضية الثانية هى مشروعات القطاع العام التى تم بيعها فى نطاق برنامج الخصخصة ابتداء بالمناطق السياحية وانتهاء بالمصانع والوحدات الإنتاجية وهى فى حاجة الى مراجعة .. وانا اضع هذه الرسالة التى تلقيتها من السيد طارق عامر رئيس البنك الأهلى السابق واحد القيادات البنكية المرموقة .. ارجو من رئيس الحكومة ان يقرأ ويفسر ما وراء الكلمات يقول طارق عامر فى رسالته:
ساءنى ان ارى حكم النقض فى قضية السيد احمد عز و شركة مجمعات الصلب بالدخيلة، لقد عاصرت هذه المؤسسة منذ نشأتها وكنت دائماً مساندا لها تمويلا منذ الثمانينيات وكنت فخورا بها لانها كانت مفخرة لمصر على مستوى العالم وكان المهندس محمد خطاب نائب رئيس الشركه زميلا لوالدى فى انشاء اول مشروع حديد وصلب مصرى فى حلوان بعد ان تدربا فى مصانع الصلب فى ألمانيا، ثم قاد المهندس محمد خطاب انشاء مجمع الصلب العالمى بالدخيلة وتمت على احدث نظم صناعة الصلب فى العالم و لقد قمت بتمويل هذه المؤسسه على مدى خمسة عشر عاما تفهمت قيمتها وقدراتها وجلبت خبراء هذه الصناعة من الولايات المتحدة فكتبوا تقارير تؤكد انها على اعلى مستوى من الكفاءة الانتاجية فى العالم بأسره ثم أفاجأ باستيلاء السيد عز عليها بتراب الفلوس وهى تساوى اكثر من 14 مليار جنيه بحجة انقاذها فى حين انها هى التى انقذت شركاته من التداعى بعد ان تعثرت جميعها ماليا للبنوك ولحاملى السندات التى أصدرتها حتى فشل مشروعه للحديد المسطح الى الآن بينما نجحت الدخيله نجاحا مذهلا فى مشروعها للحديد المسطح الذى أنتج فى أوائل هذه الالفية . ان استيلاء السيد أحمد عز على قلعة الدخيلة يعتبر اهانه لهذا البلد ومسئوليه ولرجال،ه وادعوا الى مصادرة هذه القلعة لصالح الدوله ليعود الحق الى أصحابه و تكون درسا لمن تسول له نفسه سرقة هذه البلد والاستهانة بعقول رجاله.
هذه شهادة من احد كبار المسئولين فى القطاع الاقتصادى وهو رئيس البنك الاهلى المصرى سابقا ونائب محافظ البنك المركزي.. الا تستحق هذه الرسالة الفحص والتدقيق .. انا لن اعلق على ما جاء فيها واترك الأمر كاملا لسلطة القرار فى الدولة المصرية إذا كنا بالفعل امام عصر ومناخ وزمان جديد.
القضية الثالثة إذا كانت معظم القضايا الخاصة بنهب المال العام فى العهد البائد قد اخذت مكانها فى ارشيف المحاكم اما بالحفظ او البراءة فماذا عن الأموال التى توجد فى البنوك الخارجية وقد اعترفت بعض الدول بوجود هذه الأموال لديها مثل انجلترا وسويسرا .. وتستطيع حكومة مصر الآن ان تطالب هذه الدول بكشف ما لديها امام ضغوط سياسية لا مفر منها بعد ان حفظت القضايا داخليا وهذه الدول لا تكشف ما لديها من ارصدة إلا فى ظل احكام قانونية .. الحل الوحيد هو المفاوضات السياسية خاصة امام دول اعترفت بهذه الحسابات .. يضاف لهذا ان هناك احكاما صدرت ضد عدد من رموز العهد البائد وتتطلب الكشف عن هذه الأموال ان هناك من يتخوف من هروب الاستثمارات العربية والأجنبية والمصرية امام هذه الإجراءات ولا اعتقد ان المستثمر الجاد يمكن ان يهرب من عدالة القانون.. وان الذين حصلوا على الأموال بطرق مشروعة لا يمكن ان تخيفهم إجراءات تسعى لحماية اموال الشعب او إسترداد حقوقه .
ان الاستثمار يحتاج الى رجال اعمال جادين حريصين على الشفافية والمال الحلال وليس نهب اموال الغلابة بالباطل.
اقول للمهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء الى متى تفتش الحكومة فى جيوب الغلابة والفقراء وبأى منطق تبيع شقة مساحتها 100 متر للشاب بسعر 600 الف جنيه ومن اين يأتى بهذا المبلغ .. وبأى منطق تطاردون الناس فى العشش الريفية تطالبونهم بالضريبة العقارية ويتسلل مأمورو الضرائب فى خرائب الريف كل ليلة لإثبات الضريبة.. ايهما كان احق واجدر بالحساب الذين حصلوا على مئات الآلاف من الأفدنة بأسعار زهيدة او الذى اقام لأبنائه عشة تحميهم من برد الشتاء .. ان الرئيس عبد الفتاح السيسى وهو يطرح نفسه رئيسا جمع حوله فقراء هذا الوطن وقد تجاوزوا الآن 60 % من ابناء هذا الشعب .. فهل من العدل ان تباع لهم الشقة بسعر 600 الف جنيه .. وهل من الحكمة ان تدخل الدولة فى منافسة مع القطاع الخاص لإشعال اسعار العقارات بهذه الصورة الوحشية .
لقد سافرت وفود كثيرة الى خارج مصر بحثا عن اموالنا الضائعة التى هرب بها المسئولون السابقون .. وظل جهاز الكسب غير المشروع يبحث فى الملفات ويدور فى المحاكم، ولو ان الحكومة حسمت هذه الملفات واستردت بعض الأموال الضائعة ما لجأت الى هذه الإجراءات التعسفية بحيث تبيع الشقق بهذه الأسعار او تطالب اصحاب العشش بالضريبة العقارية ..
ان مصر فى حاجة إلى ان تطرد تماما اشباح الماضى الكئيب إذا كنا بالفعل نريد عصرا جديدا .. ان هذه الأشباح مازالت حتى الآن تسيطر على الكثير من مفاصل هذه الدولة، وليس من حق كل من نصب قناة فضائية ان يحاصر الشعب كل يوم بالأكاذيب .. وليس من حق من نهبوا اموال هذا الشعب ان تمضى المسيرة على هواهم .. إذا كانت ثورة يناير لم تحقق اهداف شبابها فإن ثورة يونيو جاءت بالسيسى رئيسا ولا بد ان يؤكد لهذا الشعب انه جاء بعصر وزمان جديد ..
حين يؤكد رئيس محكمة القرن رغم حكم البراءة جوانب قصور وفساد فى منظومة الحكم وان ثورة يناير ثورة شعبية من اجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية فلابد ان يكون هذا هدف اى نظام او اى حكومة تصل الى حكم هذا الوطن .. وعندما اتلقى رسالة من واحد من ابرز القيادات البنكية والاقتصادية ويقدم هذه الشهادة امام الرأى العام فإن الأمر يحتاج الى وقفة وسؤال، وحين تمتد يد الحكومة الى جيوب الغلابة كما اعتدنا فى السنوات العجاف فى العهد البائد فلابد ان نسألها واين نصيب الأغنياء من هذه التركة المثقلة .. ان فقراء مصر هم الذين انتخبوا السيسى رئيسا .. وإذا كانت اشباح الماضى بكل سوابقه مازالت تطارد هذا الشعب فإن على الرئيس السيسى ان يحمى إرادة شعبه . فى زمن اختلت فيه مقاييس الأشياء يمكن ان تبدو الحشائش نخيلا .. والمستنقعات انهارا ومن يتابع الإعلام المصرى فى هذه الأيام وهو يقلب الحقائق ويشوه الأدوار ويغالط احداث التاريخ يشعر بحالة من الأسى والغثيان .. شاشات مأجورة واسماء هبطت على الناس كالجراد تعصف بكل شىء وتستبيح اى شىء حتى دماء الشهداء وجدت من يتاجر فيها ويتجنى عليها .. ان هذه الأشباح تتجاهل حقيقة مهمة وهى ان التاريخ قادر على كشف الحقائق والوصول اليها مهما كانت محاولات التشويه والعربدة التى يقوم بها البعض لتشويه الحقائق ..
مازلت اعتقد ان الإعلام المصرى يمارس لعبة رخيصة وانه تخلى تماما عن كل الثوابت الأخلاقية والمهنية .. هذا الإعلام الذى جعل ثورة يناير مؤامرة دولية ومحلية بينما يتناسى كل ما لحق بهذا الوطن من صور الدمار النفسى والبدنى والثقافى والحضارى .. ان مصر التى نشاهدها الآن تتوكأ على عكازين امام الإهمال الجسيم والاعتداء الصارخ على موارد شعبها وإهدار قدرات ابنائها .. تعرف من باع ومن خان ومن تآمر .. ولعلى هنا اتوقف عند عدد من الكلمات التى جاءت على لسان المستشار الجليل محمود الرشيدى وهو ينهى كلمته فى محاكمة القرن .. قال المستشار الرشيدى :
رغم ما جلى للمحكمة من نقاء المطالب المشروعة للشعب فى فجر الثورة الشعبية الأولى 25 يناير 2011 والتى نادت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية لما اعترى النظام الحاكم من وهن فى سنواته الأخيرة كبطء القرار وتهيوء فرع منهم للاستحواذ على مقاليد الحكم وقرب الاتباع ونضب ضخ دماء جديدة على مقاعد صارت حكرا لقيادات تناست دورات قانون الحياة وغض الطرف عن الموروثات الشرطية التى غفلت الفكر الأمنى الخلاق، وتقاتل على ثروات مصر زمرة من المنتفعين واصحاب المصالح والمتسلقين مع تزييف الإرادة الشعبية واندثار التعليم وإهدار الصحة وتجريف العقول المستشرفة للغد .
فى هذا السياق اضع عددا من القضايا امام المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء لأن الناس تتساءل عن جدوى الحديث فيها بعد ان تسرب الوقت وغابت الحقائق:
اولى هذه القضايا هو توزيع الأراضى على اصحاب المصالح والمنتفعين وكيف تم توزيع ثروة الأجيال القادمة بهذه الصورة الوحشية.. منذ سنوات حين كتبت عن ارض العياط الشهيرة ومساحتها 35 الف فدان كنت اتصور ان هناك حكومة سوف تحاسب او تسأل .. ولم اكن اتصور ان يدور ملف هذه الكارثة فى مكاتب المسئولين حتى الآن رغم ان احد التقديرات اكدت ان سعر هذه المساحة من الأراضى يتجاوز 50 مليار جنيه وفى رواية اخرى 74 مليار جنيه .. الى اين وصلت هذه القضية لا احد يعلم ..
ان ملف الأراضى مازال حائرا بين المسئولين وحين خرج القاضى المستشار هشام جنينة معلنا حقيقة ما حدث فى الحزام الأخضر قامت عليه الدنيا ولم تقعد حتى الآن .. لا احد يريد استرداد هذه الأراضى من اصحابها ولكننا فقط نريد حق الشعب فيها ..
القضية الثانية هى مشروعات القطاع العام التى تم بيعها فى نطاق برنامج الخصخصة ابتداء بالمناطق السياحية وانتهاء بالمصانع والوحدات الإنتاجية وهى فى حاجة الى مراجعة .. وانا اضع هذه الرسالة التى تلقيتها من السيد طارق عامر رئيس البنك الأهلى السابق واحد القيادات البنكية المرموقة .. ارجو من رئيس الحكومة ان يقرأ ويفسر ما وراء الكلمات يقول طارق عامر فى رسالته:
ساءنى ان ارى حكم النقض فى قضية السيد احمد عز و شركة مجمعات الصلب بالدخيلة، لقد عاصرت هذه المؤسسة منذ نشأتها وكنت دائماً مساندا لها تمويلا منذ الثمانينيات وكنت فخورا بها لانها كانت مفخرة لمصر على مستوى العالم وكان المهندس محمد خطاب نائب رئيس الشركه زميلا لوالدى فى انشاء اول مشروع حديد وصلب مصرى فى حلوان بعد ان تدربا فى مصانع الصلب فى ألمانيا، ثم قاد المهندس محمد خطاب انشاء مجمع الصلب العالمى بالدخيلة وتمت على احدث نظم صناعة الصلب فى العالم و لقد قمت بتمويل هذه المؤسسه على مدى خمسة عشر عاما تفهمت قيمتها وقدراتها وجلبت خبراء هذه الصناعة من الولايات المتحدة فكتبوا تقارير تؤكد انها على اعلى مستوى من الكفاءة الانتاجية فى العالم بأسره ثم أفاجأ باستيلاء السيد عز عليها بتراب الفلوس وهى تساوى اكثر من 14 مليار جنيه بحجة انقاذها فى حين انها هى التى انقذت شركاته من التداعى بعد ان تعثرت جميعها ماليا للبنوك ولحاملى السندات التى أصدرتها حتى فشل مشروعه للحديد المسطح الى الآن بينما نجحت الدخيله نجاحا مذهلا فى مشروعها للحديد المسطح الذى أنتج فى أوائل هذه الالفية . ان استيلاء السيد أحمد عز على قلعة الدخيلة يعتبر اهانه لهذا البلد ومسئوليه ولرجال،ه وادعوا الى مصادرة هذه القلعة لصالح الدوله ليعود الحق الى أصحابه و تكون درسا لمن تسول له نفسه سرقة هذه البلد والاستهانة بعقول رجاله.
هذه شهادة من احد كبار المسئولين فى القطاع الاقتصادى وهو رئيس البنك الاهلى المصرى سابقا ونائب محافظ البنك المركزي.. الا تستحق هذه الرسالة الفحص والتدقيق .. انا لن اعلق على ما جاء فيها واترك الأمر كاملا لسلطة القرار فى الدولة المصرية إذا كنا بالفعل امام عصر ومناخ وزمان جديد.
القضية الثالثة إذا كانت معظم القضايا الخاصة بنهب المال العام فى العهد البائد قد اخذت مكانها فى ارشيف المحاكم اما بالحفظ او البراءة فماذا عن الأموال التى توجد فى البنوك الخارجية وقد اعترفت بعض الدول بوجود هذه الأموال لديها مثل انجلترا وسويسرا .. وتستطيع حكومة مصر الآن ان تطالب هذه الدول بكشف ما لديها امام ضغوط سياسية لا مفر منها بعد ان حفظت القضايا داخليا وهذه الدول لا تكشف ما لديها من ارصدة إلا فى ظل احكام قانونية .. الحل الوحيد هو المفاوضات السياسية خاصة امام دول اعترفت بهذه الحسابات .. يضاف لهذا ان هناك احكاما صدرت ضد عدد من رموز العهد البائد وتتطلب الكشف عن هذه الأموال ان هناك من يتخوف من هروب الاستثمارات العربية والأجنبية والمصرية امام هذه الإجراءات ولا اعتقد ان المستثمر الجاد يمكن ان يهرب من عدالة القانون.. وان الذين حصلوا على الأموال بطرق مشروعة لا يمكن ان تخيفهم إجراءات تسعى لحماية اموال الشعب او إسترداد حقوقه .
ان الاستثمار يحتاج الى رجال اعمال جادين حريصين على الشفافية والمال الحلال وليس نهب اموال الغلابة بالباطل.
اقول للمهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء الى متى تفتش الحكومة فى جيوب الغلابة والفقراء وبأى منطق تبيع شقة مساحتها 100 متر للشاب بسعر 600 الف جنيه ومن اين يأتى بهذا المبلغ .. وبأى منطق تطاردون الناس فى العشش الريفية تطالبونهم بالضريبة العقارية ويتسلل مأمورو الضرائب فى خرائب الريف كل ليلة لإثبات الضريبة.. ايهما كان احق واجدر بالحساب الذين حصلوا على مئات الآلاف من الأفدنة بأسعار زهيدة او الذى اقام لأبنائه عشة تحميهم من برد الشتاء .. ان الرئيس عبد الفتاح السيسى وهو يطرح نفسه رئيسا جمع حوله فقراء هذا الوطن وقد تجاوزوا الآن 60 % من ابناء هذا الشعب .. فهل من العدل ان تباع لهم الشقة بسعر 600 الف جنيه .. وهل من الحكمة ان تدخل الدولة فى منافسة مع القطاع الخاص لإشعال اسعار العقارات بهذه الصورة الوحشية .
لقد سافرت وفود كثيرة الى خارج مصر بحثا عن اموالنا الضائعة التى هرب بها المسئولون السابقون .. وظل جهاز الكسب غير المشروع يبحث فى الملفات ويدور فى المحاكم، ولو ان الحكومة حسمت هذه الملفات واستردت بعض الأموال الضائعة ما لجأت الى هذه الإجراءات التعسفية بحيث تبيع الشقق بهذه الأسعار او تطالب اصحاب العشش بالضريبة العقارية ..
ان مصر فى حاجة إلى ان تطرد تماما اشباح الماضى الكئيب إذا كنا بالفعل نريد عصرا جديدا .. ان هذه الأشباح مازالت حتى الآن تسيطر على الكثير من مفاصل هذه الدولة، وليس من حق كل من نصب قناة فضائية ان يحاصر الشعب كل يوم بالأكاذيب .. وليس من حق من نهبوا اموال هذا الشعب ان تمضى المسيرة على هواهم .. إذا كانت ثورة يناير لم تحقق اهداف شبابها فإن ثورة يونيو جاءت بالسيسى رئيسا ولا بد ان يؤكد لهذا الشعب انه جاء بعصر وزمان جديد ..
حين يؤكد رئيس محكمة القرن رغم حكم البراءة جوانب قصور وفساد فى منظومة الحكم وان ثورة يناير ثورة شعبية من اجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية فلابد ان يكون هذا هدف اى نظام او اى حكومة تصل الى حكم هذا الوطن .. وعندما اتلقى رسالة من واحد من ابرز القيادات البنكية والاقتصادية ويقدم هذه الشهادة امام الرأى العام فإن الأمر يحتاج الى وقفة وسؤال، وحين تمتد يد الحكومة الى جيوب الغلابة كما اعتدنا فى السنوات العجاف فى العهد البائد فلابد ان نسألها واين نصيب الأغنياء من هذه التركة المثقلة .. ان فقراء مصر هم الذين انتخبوا السيسى رئيسا .. وإذا كانت اشباح الماضى بكل سوابقه مازالت تطارد هذا الشعب فإن على الرئيس السيسى ان يحمى إرادة شعبه .

..ويبقى الشعر

كم عشتُ أسألُ : أين وجهُ بلادى
أين النخيلُ وأين دفءُ الوادى
لاشىء يبدو فى السَّمَاءِ أمامنا
غيرُ الظلام ِوصورةِ الجلاد
هو لا يغيبُ عن العيون ِكأنه
قدرٌ.. كيوم ِ البعثِ والميلادِ
قَدْ عِشْتُ أصْرُخُ بَيْنَكُمْ وأنَادى
أبْنِى قُصُورًا مِنْ تِلال ِ رَمَادِ
أهْفُو لأرْض ٍلا تُسَاومُ فَرْحَتِى
لا تَسْتِبيحُ كَرَامَتِى .. وَعِنَادِى
أشْتَاقُ أطْفَالا ً كَحَبَّاتِ النَّدَى
يَتَرَاقصُونَ مَعَ الصَّبَاح ِالنَّادِى
أهْفُو لأيَّام ٍتَوَارَى سِحْرُهَا
صَخَبِ الجِيَادِ.. وَفرْحَةِ الأعْيَادِ
اشْتَقْتُ يَوْمًا أنْ تَعُودَ بِلادِى
غابَتْ وَغِبْنَا .. وَانْتهَتْ ببعَادِى
فِى كُلِّ نَجْم ٍ ضَلَّ حُلٌْم ضَائِع ٌ
وَسَحَابَة ٌ لَبسَتْ ثيَابَ حِدَادِ
وَعَلَى الْمَدَى أسْرَابُ طَيْر ٍرَاحِل ٍ
نَسِىَ الغِنَاءَ فصَارَ سِْربَ جَرَادِ
هَذِى بِلادٌ تَاجَرَتْ فِى عِرْضِهَا
وَتَفَرَّقَتْ شِيَعًا بِكُلِّ مَزَادِ
لَمْ يَبْقَ مِنْ صَخَبِ الِجيَادِ سِوَى الأسَى
تَاريخُ هَذِى الأرْضُ بَعْضُ جِيَادِ
فِى كُلِّ رُكْن ٍمِنْ رُبُوع بِلادِى
تَبْدُو أمَامِى صُورَة ُالجَلادِ
لَمَحُوهُ مِنْ زَمَن ٍ يُضَاجِعُ أرْضَهَا
حَمَلَتْ سِفَاحًا فَاسْتبَاحَ الوَادِى
لَمْ يَبْقَ غَيْرُ صُرَاخ ِ أمْس ٍ رَاحِل ٍ
وَمَقَابِر ٍ سَئِمَتْ مِنَ الأجْدَادِ
وَعِصَابَةٍ سَرَقَتْ نَزيفَ عُيُونِنَا
بِالقَهْر ِ والتَّدْليِس ِ.. والأحْقَادِ
مَا عَادَ فِيهَا ضَوْءُ نَجْم ٍ شَاردٍ
مَا عَادَ فِيَها صَوْتُ طَيْر ٍشَادِ
تَمْضِى بِنَا الأحْزَانُ سَاخِرَة ًبِنَا
وَتَزُورُنَا دَوْمًا بِلا مِيعَادِ
شَىْءُ تَكَسَّرَ فِى عُيُونِى بَعْدَمَا
ضَاقَ الزَّمَانُ بِثَوْرَتِى وَعِنَادِى
أحْبَبْتُهَا حَتَّى الثُّمَالَة َ بَيْنَمَا
بَاعَتْ صِبَاهَا الغَضَّ لِلأوْغَادِ
لَمْ يَبْقَ فِيَها غَيْرُ صُبْح ٍكَاذِبٍ
وَصُرَاخ ِأرْض ٍفى لَظى اسْتِعْبَادِ
لا تَسْألوُنِى عَنْ دُمُوع بِلادِى
عَنْ حُزْنِهَا فِى لحْظةِ اسْتِشْهَادِى
فِى كُلِّ شِبْر ٍ مِنْ ثَرَاهَا صَرْخَة ٌ
كَانَتْ تُهَرْولُ خَلْفَنَا وتُنَادِى
الأفْقُ يَصْغُرُ .. والسَّمَاءُ كَئِيبَة ٌ
خَلْفَ الغُيُوم ِأرَى جِبَالَ سَوَادِ
تَتَلاطَمُ الأمْوَاجُ فَوْقَ رُؤُوسِنَا
والرَّيحُ تُلْقِى للصُّخُور ِعَتَادِى
نَامَتْ عَلَى الأفُق البَعِيدِ مَلامحٌ
وَتَجَمَّدَتْ بَيْنَ الصَّقِيِع أيَادِ
وَرَفَعْتُ كَفِّى قَدْ يَرَانِى عَاِبرٌ
فرَأيْتُ أمِّى فِى ثِيَابِ حِدَادِ
أجْسَادُنَا كَانَتْ تُعَانِقُ بَعْضَهَا
كَوَدَاع ِ أحْبَابٍ بِلا مِيعَادِ
البَحْرُ لَمْ يَرْحَمْ بَرَاءَة َعُمْرنَا
تَتَزاحَمُ الأجْسَادُ .. فِى الأجْسَادِ
حَتَّى الشَّهَادَة ُرَاوَغَتْنِى لَحْظَة ً
وَاستيْقَظَتْ فجْرًا أضَاءَ فُؤَادى
هَذا قَمِيصِى فِيهِ وَجْهُ بُنَيَّتِى
وَدُعَاءُ أمىِّ .."كِيسُ"مِلْح ٍزَادِى
رُدُّوا إلىَ أمَّى القَمِيصَ فَقَدْ رَأتْ
مَا لا أرَى منْ غُرْبَتِى وَمُرَادِى
وَطَنٌ بَخِيلٌ بَاعَنى فى غفلةٍ
حِينَ اشْترتْهُ عِصَابَة ُالإفْسَادِ
شَاهَدْتُ مِنْ خَلْفِ الحُدُودِ مَوَاكِبًا
للجُوع ِتصْرُخُ فِى حِمَى الأسْيَادِ
كَانَتْ حُشُودُ المَوْتِ تَمْرَحُ حَوْلَنَا
وَالْعُمْرُ يَبْكِى .. وَالْحَنِينُ يُنَادِى
مَا بَيْنَ عُمْر ٍ فَرَّ مِنِّى هَاربًا
وَحِكايَةٍ يَزْهُو بِهَا أوْلادِى
عَنْ عَاشِق ٍهَجَرَ البِلادَ وأهْلَهَا
وَمَضىَ وَرَاءَ المَال ِوالأمْجَادِ
كُلُّ الحِكَايَةِ أنَّهَا ضَاقَتْ بِنَا
وَاسْتَسْلَمَتَ لِلِّصِّ والقَوَّادِ!
فى لَحْظَةٍ سَكَنَ الوُجُودُ تَنَاثَرَتْ
حَوْلِى مَرَايَا المَوْتِ والمِيَلادِ
قَدْ كَانَ آخِرَ مَا لَمَحْتُ عَلَى الْمَدَى
وَالنبْضُ يَخْبوُ .. صُورَة ُالجَلادِ
قَدْ كَانَ يَضْحَكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلَهُ
وَعَلى امْتِدَادِ النَّهْر يَبْكِى الوَادِى
وَصَرَخْتُ ..وَالْكَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فَمِى:
هَذِى بِلادٌ .. لمْ تَعُدْ كَبِلادِى

«قصيدة هذى بلاد لم تعد كبلادى» سنة 2007
[email protected]
لمزيد من مقالات فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.