وزير العمل يصدر قرارًا لتحديد الجهة الإدارية المختصة بتقديم خدمات الوزارة    بين التنظيم وضمان حرية العمل.. ماذا يعني تعديل قانون «المهن الرياضية»؟    محافظ القاهرة: إلزام كافة المحلات بوضع صندوق قمامة ومهلة أسبوعين للتنفيذ    سوريا.. عناصر تابعة ل«قسد» تستهدف محيط دوار شيحان شمالي حلب    زامبيا يخطف تعادلا أمام مالي في أمم أفريقيا    ضبط المتهمين في مشاجرة بسبب شقة في البحيرة| فيديو    بالدموع.. عمر الفيشاوي أول الحاضرين في عزاء والدته سمية الألفي بعمر مكرم    "هعيش حزين".. أول تعليق من أحمد الفيشاوي بعد وفاة والدته    جنايات الإرهاب تقضى بالمؤبد والسجن المشدد ل5 متهمين بخلية التجمع    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    رمضان عبدالمعز: احذر دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب    في مشهد مهيب.. الأزهر ينجح في إخماد فتنة ثأرية بالصعيد    تبدأ 10 يناير، ننشر جداول امتحانات الفصل الدراسي الأول للنقل ببني سويف    قائد أوغندا قبل مواجهة تونس: لن نكون لقمة سائغة لمنافسينا في أمم إفريقيا    مدبولي لسفير الإمارات: العلاقات بين القاهرة وأبوظبي نموذج للتعاون العربي    مفتي الجمهورية يبحث مع نظيره الماليزي سبل تعزيز التعاون المشترك    قبل بدء التصوير ..أيتن عامر تعتذرعن ظروف خاصة «حق ضايع»    الدنمارك تستدعي السفير الأمريكي على خلفية تعيين مبعوث لجرينلاند    مجلس الوزراء يؤكد: أدوية البرد والأمراض المزمنة متوفرة بشكل طبيعي في الأسواق    الاثنين 22 ديسمبر 2025.. البورصة تعاود الهبوط    تصعيد إسرائيلي.. قوات الاحتلال تهدم مبنى سكنيا في القدس الشرقية    وزير الخارجية يؤكد على الأهمية المحورية للإعلام الوطني في دعم الأمن القومي المصري    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    فرحة وحيدة لمنتخب مصر في الاستضافة العربية لأمم أفريقيا    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    حداد ودموع في طابور الصباح.. مدرسة بمعصرة صاوي تنعى تلميذين لقيا مصرعهما في حادث الطريق الإقليمي    وزير الاستثمار يبحث مع وزير التجارة والصناعة الكوري تعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية بين مصر وكوريا الجنوبية    مصدر من الأهلي يكشف ل في الجول تطورات ملف المحترفين والراحلين.. وموقف توروب    هل طلب بيراميدز ضم ناصر ماهر من الزمالك ..مصدر يوضح    فابريزو رومانو: مطالب الأهلي تعطل انتقال جمزة عبد الكريم إلى برشلونة    محافظ الإسماعيلية يعلن موعد تشغيل مدرستي الفنية التجارية والإمام علي للغات    شهد أمين : جوائز قرطاج ل "هجرة" هي إنجاز جديد للسينما السعودية    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    دكتور مصطفى الروبى : مستقبل التكنولوجيا المالية في مصر (FinTech) كيف تستفيد الشركات الناشئة من التحول الرقمي    حكم المسح على الشراب الخفيف أثناء الوضوء.. دار الإفتاء توضح    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    رئيس جامعة سوهاج يلتقي الفريق الطبي المُنقذ للطفل «يوسف» ويشيد بجهودهم    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    جامعة قناة السويس تكرّم قياداتها الإدارية بمناسبة التجديد    مصر تواصل تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة إلى قطاع غزة    كنز بطلمي يخرج من باطن الأرض محافظ بني سويف يتفقد أسرار معبد بطليموس الثاني بجبل النور بعد أكثر من عقد على اكتشافه    المصري يواجه دكرنس اليوم في بطولة كأس مصر    غرف دردشة الألعاب الإلكترونية.. بين التفاعل الرقمي وحماية الأطفال    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    وزير الصناعة والنقل يصل العاصمة العمانية مسقط على رأس وفد رجال أعمال للمشاركة في منتدى الأعمال المصري العماني    الحقيقة الكاملة لسحب الجنسية من البلوجر علي حسن    روائح رمضان تقترب    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    الداخلية تفتتح قسمًا جديدًا للجوازات داخل مول بالإسكندرية    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظتي الجيزة القاهرة    نائب وزير الصحة والسكان يعقد اجتماعاً مع وفد رفيع المستوى من دولة ليبيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    أسعار السمك اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    مواعيد مباريات الإثنين 22 ديسمبر والقنوات الناقلة.. مصر تبدأ مشوارها في أمم أفريقيا    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    أكسيوس: لا توجد مؤشرات حتى الآن على هجوم إيرانى وشيك ضد إسرائيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى لا يضيع منا الطريق
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 12 - 2014

فى زمن اختلت فيه مقاييس الأشياء يمكن ان تبدو الحشائش نخيلا .. والمستنقعات انهارا ومن يتابع الإعلام المصرى فى هذه الأيام وهو يقلب الحقائق ويشوه الأدوار ويغالط احداث التاريخ يشعر بحالة من الأسى والغثيان .. شاشات مأجورة واسماء هبطت على الناس كالجراد تعصف بكل شىء وتستبيح اى شىء حتى دماء الشهداء وجدت من يتاجر فيها ويتجنى عليها .. ان هذه الأشباح تتجاهل حقيقة مهمة وهى ان التاريخ قادر على كشف الحقائق والوصول اليها مهما كانت محاولات التشويه والعربدة التى يقوم بها البعض لتشويه الحقائق ..
مازلت اعتقد ان الإعلام المصرى يمارس لعبة رخيصة وانه تخلى تماما عن كل الثوابت الأخلاقية والمهنية .. هذا الإعلام الذى جعل ثورة يناير مؤامرة دولية ومحلية بينما يتناسى كل ما لحق بهذا الوطن من صور الدمار النفسى والبدنى والثقافى والحضارى .. ان مصر التى نشاهدها الآن تتوكأ على عكازين امام الإهمال الجسيم والاعتداء الصارخ على موارد شعبها وإهدار قدرات ابنائها .. تعرف من باع ومن خان ومن تآمر .. ولعلى هنا اتوقف عند عدد من الكلمات التى جاءت على لسان المستشار الجليل محمود الرشيدى وهو ينهى كلمته فى محاكمة القرن .. قال المستشار الرشيدى :
رغم ما جلى للمحكمة من نقاء المطالب المشروعة للشعب فى فجر الثورة الشعبية الأولى 25 يناير 2011 والتى نادت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية لما اعترى النظام الحاكم من وهن فى سنواته الأخيرة كبطء القرار وتهيوء فرع منهم للاستحواذ على مقاليد الحكم وقرب الاتباع ونضب ضخ دماء جديدة على مقاعد صارت حكرا لقيادات تناست دورات قانون الحياة وغض الطرف عن الموروثات الشرطية التى غفلت الفكر الأمنى الخلاق، وتقاتل على ثروات مصر زمرة من المنتفعين واصحاب المصالح والمتسلقين مع تزييف الإرادة الشعبية واندثار التعليم وإهدار الصحة وتجريف العقول المستشرفة للغد .
فى هذا السياق اضع عددا من القضايا امام المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء لأن الناس تتساءل عن جدوى الحديث فيها بعد ان تسرب الوقت وغابت الحقائق:
اولى هذه القضايا هو توزيع الأراضى على اصحاب المصالح والمنتفعين وكيف تم توزيع ثروة الأجيال القادمة بهذه الصورة الوحشية.. منذ سنوات حين كتبت عن ارض العياط الشهيرة ومساحتها 35 الف فدان كنت اتصور ان هناك حكومة سوف تحاسب او تسأل .. ولم اكن اتصور ان يدور ملف هذه الكارثة فى مكاتب المسئولين حتى الآن رغم ان احد التقديرات اكدت ان سعر هذه المساحة من الأراضى يتجاوز 50 مليار جنيه وفى رواية اخرى 74 مليار جنيه .. الى اين وصلت هذه القضية لا احد يعلم ..
ان ملف الأراضى مازال حائرا بين المسئولين وحين خرج القاضى المستشار هشام جنينة معلنا حقيقة ما حدث فى الحزام الأخضر قامت عليه الدنيا ولم تقعد حتى الآن .. لا احد يريد استرداد هذه الأراضى من اصحابها ولكننا فقط نريد حق الشعب فيها ..
القضية الثانية هى مشروعات القطاع العام التى تم بيعها فى نطاق برنامج الخصخصة ابتداء بالمناطق السياحية وانتهاء بالمصانع والوحدات الإنتاجية وهى فى حاجة الى مراجعة .. وانا اضع هذه الرسالة التى تلقيتها من السيد طارق عامر رئيس البنك الأهلى السابق واحد القيادات البنكية المرموقة .. ارجو من رئيس الحكومة ان يقرأ ويفسر ما وراء الكلمات يقول طارق عامر فى رسالته:
ساءنى ان ارى حكم النقض فى قضية السيد احمد عز و شركة مجمعات الصلب بالدخيلة، لقد عاصرت هذه المؤسسة منذ نشأتها وكنت دائماً مساندا لها تمويلا منذ الثمانينيات وكنت فخورا بها لانها كانت مفخرة لمصر على مستوى العالم وكان المهندس محمد خطاب نائب رئيس الشركه زميلا لوالدى فى انشاء اول مشروع حديد وصلب مصرى فى حلوان بعد ان تدربا فى مصانع الصلب فى ألمانيا، ثم قاد المهندس محمد خطاب انشاء مجمع الصلب العالمى بالدخيلة وتمت على احدث نظم صناعة الصلب فى العالم و لقد قمت بتمويل هذه المؤسسه على مدى خمسة عشر عاما تفهمت قيمتها وقدراتها وجلبت خبراء هذه الصناعة من الولايات المتحدة فكتبوا تقارير تؤكد انها على اعلى مستوى من الكفاءة الانتاجية فى العالم بأسره ثم أفاجأ باستيلاء السيد عز عليها بتراب الفلوس وهى تساوى اكثر من 14 مليار جنيه بحجة انقاذها فى حين انها هى التى انقذت شركاته من التداعى بعد ان تعثرت جميعها ماليا للبنوك ولحاملى السندات التى أصدرتها حتى فشل مشروعه للحديد المسطح الى الآن بينما نجحت الدخيله نجاحا مذهلا فى مشروعها للحديد المسطح الذى أنتج فى أوائل هذه الالفية . ان استيلاء السيد أحمد عز على قلعة الدخيلة يعتبر اهانه لهذا البلد ومسئوليه ولرجال،ه وادعوا الى مصادرة هذه القلعة لصالح الدوله ليعود الحق الى أصحابه و تكون درسا لمن تسول له نفسه سرقة هذه البلد والاستهانة بعقول رجاله.
هذه شهادة من احد كبار المسئولين فى القطاع الاقتصادى وهو رئيس البنك الاهلى المصرى سابقا ونائب محافظ البنك المركزي.. الا تستحق هذه الرسالة الفحص والتدقيق .. انا لن اعلق على ما جاء فيها واترك الأمر كاملا لسلطة القرار فى الدولة المصرية إذا كنا بالفعل امام عصر ومناخ وزمان جديد.
القضية الثالثة إذا كانت معظم القضايا الخاصة بنهب المال العام فى العهد البائد قد اخذت مكانها فى ارشيف المحاكم اما بالحفظ او البراءة فماذا عن الأموال التى توجد فى البنوك الخارجية وقد اعترفت بعض الدول بوجود هذه الأموال لديها مثل انجلترا وسويسرا .. وتستطيع حكومة مصر الآن ان تطالب هذه الدول بكشف ما لديها امام ضغوط سياسية لا مفر منها بعد ان حفظت القضايا داخليا وهذه الدول لا تكشف ما لديها من ارصدة إلا فى ظل احكام قانونية .. الحل الوحيد هو المفاوضات السياسية خاصة امام دول اعترفت بهذه الحسابات .. يضاف لهذا ان هناك احكاما صدرت ضد عدد من رموز العهد البائد وتتطلب الكشف عن هذه الأموال ان هناك من يتخوف من هروب الاستثمارات العربية والأجنبية والمصرية امام هذه الإجراءات ولا اعتقد ان المستثمر الجاد يمكن ان يهرب من عدالة القانون.. وان الذين حصلوا على الأموال بطرق مشروعة لا يمكن ان تخيفهم إجراءات تسعى لحماية اموال الشعب او إسترداد حقوقه .
ان الاستثمار يحتاج الى رجال اعمال جادين حريصين على الشفافية والمال الحلال وليس نهب اموال الغلابة بالباطل.
اقول للمهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء الى متى تفتش الحكومة فى جيوب الغلابة والفقراء وبأى منطق تبيع شقة مساحتها 100 متر للشاب بسعر 600 الف جنيه ومن اين يأتى بهذا المبلغ .. وبأى منطق تطاردون الناس فى العشش الريفية تطالبونهم بالضريبة العقارية ويتسلل مأمورو الضرائب فى خرائب الريف كل ليلة لإثبات الضريبة.. ايهما كان احق واجدر بالحساب الذين حصلوا على مئات الآلاف من الأفدنة بأسعار زهيدة او الذى اقام لأبنائه عشة تحميهم من برد الشتاء .. ان الرئيس عبد الفتاح السيسى وهو يطرح نفسه رئيسا جمع حوله فقراء هذا الوطن وقد تجاوزوا الآن 60 % من ابناء هذا الشعب .. فهل من العدل ان تباع لهم الشقة بسعر 600 الف جنيه .. وهل من الحكمة ان تدخل الدولة فى منافسة مع القطاع الخاص لإشعال اسعار العقارات بهذه الصورة الوحشية .
لقد سافرت وفود كثيرة الى خارج مصر بحثا عن اموالنا الضائعة التى هرب بها المسئولون السابقون .. وظل جهاز الكسب غير المشروع يبحث فى الملفات ويدور فى المحاكم، ولو ان الحكومة حسمت هذه الملفات واستردت بعض الأموال الضائعة ما لجأت الى هذه الإجراءات التعسفية بحيث تبيع الشقق بهذه الأسعار او تطالب اصحاب العشش بالضريبة العقارية ..
ان مصر فى حاجة إلى ان تطرد تماما اشباح الماضى الكئيب إذا كنا بالفعل نريد عصرا جديدا .. ان هذه الأشباح مازالت حتى الآن تسيطر على الكثير من مفاصل هذه الدولة، وليس من حق كل من نصب قناة فضائية ان يحاصر الشعب كل يوم بالأكاذيب .. وليس من حق من نهبوا اموال هذا الشعب ان تمضى المسيرة على هواهم .. إذا كانت ثورة يناير لم تحقق اهداف شبابها فإن ثورة يونيو جاءت بالسيسى رئيسا ولا بد ان يؤكد لهذا الشعب انه جاء بعصر وزمان جديد ..
حين يؤكد رئيس محكمة القرن رغم حكم البراءة جوانب قصور وفساد فى منظومة الحكم وان ثورة يناير ثورة شعبية من اجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية فلابد ان يكون هذا هدف اى نظام او اى حكومة تصل الى حكم هذا الوطن .. وعندما اتلقى رسالة من واحد من ابرز القيادات البنكية والاقتصادية ويقدم هذه الشهادة امام الرأى العام فإن الأمر يحتاج الى وقفة وسؤال، وحين تمتد يد الحكومة الى جيوب الغلابة كما اعتدنا فى السنوات العجاف فى العهد البائد فلابد ان نسألها واين نصيب الأغنياء من هذه التركة المثقلة .. ان فقراء مصر هم الذين انتخبوا السيسى رئيسا .. وإذا كانت اشباح الماضى بكل سوابقه مازالت تطارد هذا الشعب فإن على الرئيس السيسى ان يحمى إرادة شعبه . فى زمن اختلت فيه مقاييس الأشياء يمكن ان تبدو الحشائش نخيلا .. والمستنقعات انهارا ومن يتابع الإعلام المصرى فى هذه الأيام وهو يقلب الحقائق ويشوه الأدوار ويغالط احداث التاريخ يشعر بحالة من الأسى والغثيان .. شاشات مأجورة واسماء هبطت على الناس كالجراد تعصف بكل شىء وتستبيح اى شىء حتى دماء الشهداء وجدت من يتاجر فيها ويتجنى عليها .. ان هذه الأشباح تتجاهل حقيقة مهمة وهى ان التاريخ قادر على كشف الحقائق والوصول اليها مهما كانت محاولات التشويه والعربدة التى يقوم بها البعض لتشويه الحقائق ..
مازلت اعتقد ان الإعلام المصرى يمارس لعبة رخيصة وانه تخلى تماما عن كل الثوابت الأخلاقية والمهنية .. هذا الإعلام الذى جعل ثورة يناير مؤامرة دولية ومحلية بينما يتناسى كل ما لحق بهذا الوطن من صور الدمار النفسى والبدنى والثقافى والحضارى .. ان مصر التى نشاهدها الآن تتوكأ على عكازين امام الإهمال الجسيم والاعتداء الصارخ على موارد شعبها وإهدار قدرات ابنائها .. تعرف من باع ومن خان ومن تآمر .. ولعلى هنا اتوقف عند عدد من الكلمات التى جاءت على لسان المستشار الجليل محمود الرشيدى وهو ينهى كلمته فى محاكمة القرن .. قال المستشار الرشيدى :
رغم ما جلى للمحكمة من نقاء المطالب المشروعة للشعب فى فجر الثورة الشعبية الأولى 25 يناير 2011 والتى نادت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية لما اعترى النظام الحاكم من وهن فى سنواته الأخيرة كبطء القرار وتهيوء فرع منهم للاستحواذ على مقاليد الحكم وقرب الاتباع ونضب ضخ دماء جديدة على مقاعد صارت حكرا لقيادات تناست دورات قانون الحياة وغض الطرف عن الموروثات الشرطية التى غفلت الفكر الأمنى الخلاق، وتقاتل على ثروات مصر زمرة من المنتفعين واصحاب المصالح والمتسلقين مع تزييف الإرادة الشعبية واندثار التعليم وإهدار الصحة وتجريف العقول المستشرفة للغد .
فى هذا السياق اضع عددا من القضايا امام المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء لأن الناس تتساءل عن جدوى الحديث فيها بعد ان تسرب الوقت وغابت الحقائق:
اولى هذه القضايا هو توزيع الأراضى على اصحاب المصالح والمنتفعين وكيف تم توزيع ثروة الأجيال القادمة بهذه الصورة الوحشية.. منذ سنوات حين كتبت عن ارض العياط الشهيرة ومساحتها 35 الف فدان كنت اتصور ان هناك حكومة سوف تحاسب او تسأل .. ولم اكن اتصور ان يدور ملف هذه الكارثة فى مكاتب المسئولين حتى الآن رغم ان احد التقديرات اكدت ان سعر هذه المساحة من الأراضى يتجاوز 50 مليار جنيه وفى رواية اخرى 74 مليار جنيه .. الى اين وصلت هذه القضية لا احد يعلم ..
ان ملف الأراضى مازال حائرا بين المسئولين وحين خرج القاضى المستشار هشام جنينة معلنا حقيقة ما حدث فى الحزام الأخضر قامت عليه الدنيا ولم تقعد حتى الآن .. لا احد يريد استرداد هذه الأراضى من اصحابها ولكننا فقط نريد حق الشعب فيها ..
القضية الثانية هى مشروعات القطاع العام التى تم بيعها فى نطاق برنامج الخصخصة ابتداء بالمناطق السياحية وانتهاء بالمصانع والوحدات الإنتاجية وهى فى حاجة الى مراجعة .. وانا اضع هذه الرسالة التى تلقيتها من السيد طارق عامر رئيس البنك الأهلى السابق واحد القيادات البنكية المرموقة .. ارجو من رئيس الحكومة ان يقرأ ويفسر ما وراء الكلمات يقول طارق عامر فى رسالته:
ساءنى ان ارى حكم النقض فى قضية السيد احمد عز و شركة مجمعات الصلب بالدخيلة، لقد عاصرت هذه المؤسسة منذ نشأتها وكنت دائماً مساندا لها تمويلا منذ الثمانينيات وكنت فخورا بها لانها كانت مفخرة لمصر على مستوى العالم وكان المهندس محمد خطاب نائب رئيس الشركه زميلا لوالدى فى انشاء اول مشروع حديد وصلب مصرى فى حلوان بعد ان تدربا فى مصانع الصلب فى ألمانيا، ثم قاد المهندس محمد خطاب انشاء مجمع الصلب العالمى بالدخيلة وتمت على احدث نظم صناعة الصلب فى العالم و لقد قمت بتمويل هذه المؤسسه على مدى خمسة عشر عاما تفهمت قيمتها وقدراتها وجلبت خبراء هذه الصناعة من الولايات المتحدة فكتبوا تقارير تؤكد انها على اعلى مستوى من الكفاءة الانتاجية فى العالم بأسره ثم أفاجأ باستيلاء السيد عز عليها بتراب الفلوس وهى تساوى اكثر من 14 مليار جنيه بحجة انقاذها فى حين انها هى التى انقذت شركاته من التداعى بعد ان تعثرت جميعها ماليا للبنوك ولحاملى السندات التى أصدرتها حتى فشل مشروعه للحديد المسطح الى الآن بينما نجحت الدخيله نجاحا مذهلا فى مشروعها للحديد المسطح الذى أنتج فى أوائل هذه الالفية . ان استيلاء السيد أحمد عز على قلعة الدخيلة يعتبر اهانه لهذا البلد ومسئوليه ولرجال،ه وادعوا الى مصادرة هذه القلعة لصالح الدوله ليعود الحق الى أصحابه و تكون درسا لمن تسول له نفسه سرقة هذه البلد والاستهانة بعقول رجاله.
هذه شهادة من احد كبار المسئولين فى القطاع الاقتصادى وهو رئيس البنك الاهلى المصرى سابقا ونائب محافظ البنك المركزي.. الا تستحق هذه الرسالة الفحص والتدقيق .. انا لن اعلق على ما جاء فيها واترك الأمر كاملا لسلطة القرار فى الدولة المصرية إذا كنا بالفعل امام عصر ومناخ وزمان جديد.
القضية الثالثة إذا كانت معظم القضايا الخاصة بنهب المال العام فى العهد البائد قد اخذت مكانها فى ارشيف المحاكم اما بالحفظ او البراءة فماذا عن الأموال التى توجد فى البنوك الخارجية وقد اعترفت بعض الدول بوجود هذه الأموال لديها مثل انجلترا وسويسرا .. وتستطيع حكومة مصر الآن ان تطالب هذه الدول بكشف ما لديها امام ضغوط سياسية لا مفر منها بعد ان حفظت القضايا داخليا وهذه الدول لا تكشف ما لديها من ارصدة إلا فى ظل احكام قانونية .. الحل الوحيد هو المفاوضات السياسية خاصة امام دول اعترفت بهذه الحسابات .. يضاف لهذا ان هناك احكاما صدرت ضد عدد من رموز العهد البائد وتتطلب الكشف عن هذه الأموال ان هناك من يتخوف من هروب الاستثمارات العربية والأجنبية والمصرية امام هذه الإجراءات ولا اعتقد ان المستثمر الجاد يمكن ان يهرب من عدالة القانون.. وان الذين حصلوا على الأموال بطرق مشروعة لا يمكن ان تخيفهم إجراءات تسعى لحماية اموال الشعب او إسترداد حقوقه .
ان الاستثمار يحتاج الى رجال اعمال جادين حريصين على الشفافية والمال الحلال وليس نهب اموال الغلابة بالباطل.
اقول للمهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء الى متى تفتش الحكومة فى جيوب الغلابة والفقراء وبأى منطق تبيع شقة مساحتها 100 متر للشاب بسعر 600 الف جنيه ومن اين يأتى بهذا المبلغ .. وبأى منطق تطاردون الناس فى العشش الريفية تطالبونهم بالضريبة العقارية ويتسلل مأمورو الضرائب فى خرائب الريف كل ليلة لإثبات الضريبة.. ايهما كان احق واجدر بالحساب الذين حصلوا على مئات الآلاف من الأفدنة بأسعار زهيدة او الذى اقام لأبنائه عشة تحميهم من برد الشتاء .. ان الرئيس عبد الفتاح السيسى وهو يطرح نفسه رئيسا جمع حوله فقراء هذا الوطن وقد تجاوزوا الآن 60 % من ابناء هذا الشعب .. فهل من العدل ان تباع لهم الشقة بسعر 600 الف جنيه .. وهل من الحكمة ان تدخل الدولة فى منافسة مع القطاع الخاص لإشعال اسعار العقارات بهذه الصورة الوحشية .
لقد سافرت وفود كثيرة الى خارج مصر بحثا عن اموالنا الضائعة التى هرب بها المسئولون السابقون .. وظل جهاز الكسب غير المشروع يبحث فى الملفات ويدور فى المحاكم، ولو ان الحكومة حسمت هذه الملفات واستردت بعض الأموال الضائعة ما لجأت الى هذه الإجراءات التعسفية بحيث تبيع الشقق بهذه الأسعار او تطالب اصحاب العشش بالضريبة العقارية ..
ان مصر فى حاجة إلى ان تطرد تماما اشباح الماضى الكئيب إذا كنا بالفعل نريد عصرا جديدا .. ان هذه الأشباح مازالت حتى الآن تسيطر على الكثير من مفاصل هذه الدولة، وليس من حق كل من نصب قناة فضائية ان يحاصر الشعب كل يوم بالأكاذيب .. وليس من حق من نهبوا اموال هذا الشعب ان تمضى المسيرة على هواهم .. إذا كانت ثورة يناير لم تحقق اهداف شبابها فإن ثورة يونيو جاءت بالسيسى رئيسا ولا بد ان يؤكد لهذا الشعب انه جاء بعصر وزمان جديد ..
حين يؤكد رئيس محكمة القرن رغم حكم البراءة جوانب قصور وفساد فى منظومة الحكم وان ثورة يناير ثورة شعبية من اجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية فلابد ان يكون هذا هدف اى نظام او اى حكومة تصل الى حكم هذا الوطن .. وعندما اتلقى رسالة من واحد من ابرز القيادات البنكية والاقتصادية ويقدم هذه الشهادة امام الرأى العام فإن الأمر يحتاج الى وقفة وسؤال، وحين تمتد يد الحكومة الى جيوب الغلابة كما اعتدنا فى السنوات العجاف فى العهد البائد فلابد ان نسألها واين نصيب الأغنياء من هذه التركة المثقلة .. ان فقراء مصر هم الذين انتخبوا السيسى رئيسا .. وإذا كانت اشباح الماضى بكل سوابقه مازالت تطارد هذا الشعب فإن على الرئيس السيسى ان يحمى إرادة شعبه .

..ويبقى الشعر

كم عشتُ أسألُ : أين وجهُ بلادى
أين النخيلُ وأين دفءُ الوادى
لاشىء يبدو فى السَّمَاءِ أمامنا
غيرُ الظلام ِوصورةِ الجلاد
هو لا يغيبُ عن العيون ِكأنه
قدرٌ.. كيوم ِ البعثِ والميلادِ
قَدْ عِشْتُ أصْرُخُ بَيْنَكُمْ وأنَادى
أبْنِى قُصُورًا مِنْ تِلال ِ رَمَادِ
أهْفُو لأرْض ٍلا تُسَاومُ فَرْحَتِى
لا تَسْتِبيحُ كَرَامَتِى .. وَعِنَادِى
أشْتَاقُ أطْفَالا ً كَحَبَّاتِ النَّدَى
يَتَرَاقصُونَ مَعَ الصَّبَاح ِالنَّادِى
أهْفُو لأيَّام ٍتَوَارَى سِحْرُهَا
صَخَبِ الجِيَادِ.. وَفرْحَةِ الأعْيَادِ
اشْتَقْتُ يَوْمًا أنْ تَعُودَ بِلادِى
غابَتْ وَغِبْنَا .. وَانْتهَتْ ببعَادِى
فِى كُلِّ نَجْم ٍ ضَلَّ حُلٌْم ضَائِع ٌ
وَسَحَابَة ٌ لَبسَتْ ثيَابَ حِدَادِ
وَعَلَى الْمَدَى أسْرَابُ طَيْر ٍرَاحِل ٍ
نَسِىَ الغِنَاءَ فصَارَ سِْربَ جَرَادِ
هَذِى بِلادٌ تَاجَرَتْ فِى عِرْضِهَا
وَتَفَرَّقَتْ شِيَعًا بِكُلِّ مَزَادِ
لَمْ يَبْقَ مِنْ صَخَبِ الِجيَادِ سِوَى الأسَى
تَاريخُ هَذِى الأرْضُ بَعْضُ جِيَادِ
فِى كُلِّ رُكْن ٍمِنْ رُبُوع بِلادِى
تَبْدُو أمَامِى صُورَة ُالجَلادِ
لَمَحُوهُ مِنْ زَمَن ٍ يُضَاجِعُ أرْضَهَا
حَمَلَتْ سِفَاحًا فَاسْتبَاحَ الوَادِى
لَمْ يَبْقَ غَيْرُ صُرَاخ ِ أمْس ٍ رَاحِل ٍ
وَمَقَابِر ٍ سَئِمَتْ مِنَ الأجْدَادِ
وَعِصَابَةٍ سَرَقَتْ نَزيفَ عُيُونِنَا
بِالقَهْر ِ والتَّدْليِس ِ.. والأحْقَادِ
مَا عَادَ فِيهَا ضَوْءُ نَجْم ٍ شَاردٍ
مَا عَادَ فِيَها صَوْتُ طَيْر ٍشَادِ
تَمْضِى بِنَا الأحْزَانُ سَاخِرَة ًبِنَا
وَتَزُورُنَا دَوْمًا بِلا مِيعَادِ
شَىْءُ تَكَسَّرَ فِى عُيُونِى بَعْدَمَا
ضَاقَ الزَّمَانُ بِثَوْرَتِى وَعِنَادِى
أحْبَبْتُهَا حَتَّى الثُّمَالَة َ بَيْنَمَا
بَاعَتْ صِبَاهَا الغَضَّ لِلأوْغَادِ
لَمْ يَبْقَ فِيَها غَيْرُ صُبْح ٍكَاذِبٍ
وَصُرَاخ ِأرْض ٍفى لَظى اسْتِعْبَادِ
لا تَسْألوُنِى عَنْ دُمُوع بِلادِى
عَنْ حُزْنِهَا فِى لحْظةِ اسْتِشْهَادِى
فِى كُلِّ شِبْر ٍ مِنْ ثَرَاهَا صَرْخَة ٌ
كَانَتْ تُهَرْولُ خَلْفَنَا وتُنَادِى
الأفْقُ يَصْغُرُ .. والسَّمَاءُ كَئِيبَة ٌ
خَلْفَ الغُيُوم ِأرَى جِبَالَ سَوَادِ
تَتَلاطَمُ الأمْوَاجُ فَوْقَ رُؤُوسِنَا
والرَّيحُ تُلْقِى للصُّخُور ِعَتَادِى
نَامَتْ عَلَى الأفُق البَعِيدِ مَلامحٌ
وَتَجَمَّدَتْ بَيْنَ الصَّقِيِع أيَادِ
وَرَفَعْتُ كَفِّى قَدْ يَرَانِى عَاِبرٌ
فرَأيْتُ أمِّى فِى ثِيَابِ حِدَادِ
أجْسَادُنَا كَانَتْ تُعَانِقُ بَعْضَهَا
كَوَدَاع ِ أحْبَابٍ بِلا مِيعَادِ
البَحْرُ لَمْ يَرْحَمْ بَرَاءَة َعُمْرنَا
تَتَزاحَمُ الأجْسَادُ .. فِى الأجْسَادِ
حَتَّى الشَّهَادَة ُرَاوَغَتْنِى لَحْظَة ً
وَاستيْقَظَتْ فجْرًا أضَاءَ فُؤَادى
هَذا قَمِيصِى فِيهِ وَجْهُ بُنَيَّتِى
وَدُعَاءُ أمىِّ .."كِيسُ"مِلْح ٍزَادِى
رُدُّوا إلىَ أمَّى القَمِيصَ فَقَدْ رَأتْ
مَا لا أرَى منْ غُرْبَتِى وَمُرَادِى
وَطَنٌ بَخِيلٌ بَاعَنى فى غفلةٍ
حِينَ اشْترتْهُ عِصَابَة ُالإفْسَادِ
شَاهَدْتُ مِنْ خَلْفِ الحُدُودِ مَوَاكِبًا
للجُوع ِتصْرُخُ فِى حِمَى الأسْيَادِ
كَانَتْ حُشُودُ المَوْتِ تَمْرَحُ حَوْلَنَا
وَالْعُمْرُ يَبْكِى .. وَالْحَنِينُ يُنَادِى
مَا بَيْنَ عُمْر ٍ فَرَّ مِنِّى هَاربًا
وَحِكايَةٍ يَزْهُو بِهَا أوْلادِى
عَنْ عَاشِق ٍهَجَرَ البِلادَ وأهْلَهَا
وَمَضىَ وَرَاءَ المَال ِوالأمْجَادِ
كُلُّ الحِكَايَةِ أنَّهَا ضَاقَتْ بِنَا
وَاسْتَسْلَمَتَ لِلِّصِّ والقَوَّادِ!
فى لَحْظَةٍ سَكَنَ الوُجُودُ تَنَاثَرَتْ
حَوْلِى مَرَايَا المَوْتِ والمِيَلادِ
قَدْ كَانَ آخِرَ مَا لَمَحْتُ عَلَى الْمَدَى
وَالنبْضُ يَخْبوُ .. صُورَة ُالجَلادِ
قَدْ كَانَ يَضْحَكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلَهُ
وَعَلى امْتِدَادِ النَّهْر يَبْكِى الوَادِى
وَصَرَخْتُ ..وَالْكَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فَمِى:
هَذِى بِلادٌ .. لمْ تَعُدْ كَبِلادِى

«قصيدة هذى بلاد لم تعد كبلادى» سنة 2007
[email protected]
لمزيد من مقالات فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.