كل دول العالم منصرفة منذ سنوات بعيدة نحو مزيد من الارتقاء والتقدم طلبا للرفاهية فى الحاضر واستشرافا للأمل فى المستقبل بينما تبدو المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج أكثر انجذابا للماضى! كل دول العالم مشغولة بالتقدم التكنولوجى والاكتشافات البحثية أما نحن فما زلنا نعانى من فوضى الفتاوى الدينية التى تبرر القتل والذبح والتدمير والتى تبتعد كثيرا عن القيم الحضارية والمباديء الإنسانية التى تمثل جوهر الدين الإسلامى وشريعته السمحة! كل دول العالم تتحرك إلى الأمام وكأنها حصلت من السماء على منحة لاترد فتسعى شعوبها فى الأرض سعيا إيجابيا لخدمة نفسها وخدمة الإنسانية كلها بينما نحن نعشق التناحر والاقتتال والمجادلة فيما بيننا لكى نصنع محنة جديدة وكارثة مخيفة تضاف إلى سلسلة النكبات والنكسات التى يصعب حصرها! وأرجوكم لا يقل لى أحد أن هذا نتاج انتشار الأمية وتزايد البطالة واتساع مساحة الفقر فالذين يقودون حملات الردة على امتداد الأمة غالبيتهم من حملة الدكتوراه والشهادات العليا والذين يريدون أن يحرموا على المواطن العربى حق التفكير والاجتهاد عند التعامل مع القضايا الحياتية المعاصرة وينظرون إلى المرأة على أنها مواطن من الدرجة الثانية. أى عبث وأى خلل أصاب أمة الإسلام بأكثر مما دعا إليه الرئيس التركى رجب أردوغان الحالم باستعادة السيطرة على المنطقة العربية تحت رايات الخلافة الإسلامية عندما يقول دون خجل: «إن المرأة لا يمكن أن تصبح مساوية للرجل لأنها لاتستطيع القيام بالكثير من الأعمال التى يقدر الرجال على أدائها». أزمة الأمة ليست فى محاربة الديكتاتورية واستدعاء الديمقراطية ولا هى فى رفع رايات الجهاد وتمزيق اتفاقيات السلام كما أن الأزمة أعمق من فتاوى تحرم الاستثمار فى البنوك ودعوات للعودة إلى عصر الحريم... أزمة الأمة تتمثل فى استمرار العجز عن الخروج من حالة الخبل الفكرى الذى أصابها نتيجة توافق الأهداف والمقاصد بين القوى الكبرى التى تضمن حماية مصالحها بتأجيج نيران الفتنة فى بلادنا والحيلولة دون إطفائها وبين فصائل تحتشد تحت ما يسمى برايات الإسلام السياسى التى تخاصم الحداثة وتستدعى سنوات علاج المرضى بالسحر والشعوذة! خير الكلام: يا أمة ضحكت من جهلها الأمم ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله