تأسس الحزب الوطني الديمقراطي عام 1978 علي يد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وتولى رئاسته حتى اغتياله سنة 1981, ثم بعد حل الاتحاد الاشتراكي العربي ترأسه الرئيس السابق محمد حسنى مبارك حتى بدايات 2011 . وقد تم حل الحزب نهائيًا بقرار من المحكمة الإدارية المصرية في 16 إبريل 2011, ومؤخرا أسدل مجلس الوزراء الستار على قصة المقر الرئيسي للحزب الوطني المنحل، بعدما قرر هدم المبنى وضم الأرض إلى محيط مبنى وحديقة المتحف، تفعيلا للمادة 49 من دستور 2014، والذي يلزم الدولة بالحفاظ على الآثار. لا ندري من هو صاحب فكرة الهدم لمبني يمثل حقبة هامة في تاريخ مصر المعاصر ولا ندري من هو صاحب اقتراح ضم الأرض لمبني وحديقة المتحف المصري في منطقة مزدحمة تضج بمن فيها وجار تحويل أنظار زائريها الي المتحف الكبير. كل ما نعلمه أنه لا يجوز هدم أو طمس معالم حقبة زمنية مهمة في تاريخ مصر..وكل ما نعلمه أنه يمكن الاستفادة بالمبني بشكل وتصور أخر تماما نضعه أمام من يهمة الأمر. لذا كان هذا التحقيق. في 16 إبريل 2011 أصدرت محكمة القضاء الإداري، أعلى جهة قضائية بمجلس الدولة، قرارًا بحل الحزب الوطني الديمقراطي، على أن تؤول مقاره وأمواله إلى الدولة. ورفعت عدة دعاوى قضائية عديدة أمام المحاكم، للمطالبة باسترداد ما استولى عليه الحزب في شتى المحافظات ومنها المقار التي آلت إليه كميراث من الاتحاد الاشتراكي، والذي كان لدية حوالي 242 مقرًا على مستوى الجمهورية، ظلت قيد عدم التنفيذ. جدير بالذكر ان الحزب الوطني قد القوانين التي سهلت له الحصول على عدة قصور واستغلالها كمقرات للحزب بالمحافظات، رغم تسجيلها كآثار، ومنها أول مقر لهيئة قناة السويس، والذي بني عام 1863 في شارع محمد على، رغم صدور حكم قضائي يقضى بتسليم المبنى إلى الآثار لتحويله إلى متحف يضم وثائق حفر قناة السويس. زاد الجدل حول مصير مبنى الحزب الوطني المنحل منذ جرى حرقه خلال يناير 2011، وخاصة بعد قرار مجلس الوزراء بهدمه وضم أرضه لوزارة الآثار، وهو ما دفع العديد من الخبراء وأساتذة العمارة والتخطيط والكتاب لرفض هذا القرار، واعتباره قرارا متسرعا وغير مدروس، حيث فوجئ مجلس الوزراء بعد إصداره القرار بأن المبنى سجل ضمن قائمة المباني التراثية التابعة لجهاز التنسيق الحضاري التي يحميها القانون 144 لعام 2006 ويمنع هدمها. وفى الوقت الذي شكلت فيه وزارة الآثار لجنه لاتخاذ الإجراءات القانونية لإخراج مبنى الحزب من قائمة التراث، أطلق عدد كبير من الخبراء حملة توقيعات تطالب مجلس الوزراء بمراجعة قراره والتراجع عن هدم المبنى, احتراما للقانون 144 الذي يحميه من الهدم، ورفضا لقرار مجلس الوزراء الذي تم إصدارة دون الرجوع إلى المتخصصين الذين سجلوا المبنى ضمن قائمة التراث.
المبنى من الداخل
يتكون المبني الرئيسي من 14 طابقا بأرضيات مكسوة بأفخم أنواع البلاط ، أما الأسقف فقد تهدمت وخرجت منها الأسلاك الكهربائية التي تدلت للأسفل لتقارب الأرض في مشهد مخيف، أما الحوائط فانصهرت دهاناتها وتحولت للون الأسود، فيما تحول أثاث المبنى لهياكل خشبية يصعب التعرف عليها. لكن نجفة عملاقة في ساحة مبنى الحزب بقيت سليمة رغم استحالة إضاءتها. هذا وقد صرح هشام زعزوع, وزير السياحة من قبل ان مقر الحزب الوطني يتمتع بمكان جغرافي ذو طابع خاص، مشيرًا إلى أنه تم طرح هذا المشروع على مجلس الوزراء ولم يتم البت فيه كما تم عمل لجنة من وزارتي السياحة والآثار، لحصر مقار الحزب الوطني المنحل في جميع أنحاء الجمهورية، والمقار ذات الطابع الأثري والتي تتواجد في أماكن سياحية، للاستفادة منها في قطاع السياحة. وقد كان الاقتراح المقدم، بشأن مبنى الوطني المنحل يأتي على 3 أجزاء داخل المبنى، حيث سيتم تخصيص المنطقة المحترقة كذكرى ليوم 25 يناير، واستغلال باقي أجزاء المبنى المطلة على كورنيش النيل لمشروع الفندق، ولكن حتى الآن لم يتم طرح أي مزادات على أي جهات عالمية. هذا وقد طرح عدد من المقترحات لتحويله الي حديقة عامة وفقا لتصريحات محافظ القاهرة بتاريخ 26 فبراير 2011, ومقترح بتحويله الي مكتبة عامة ومبني يضم مقتنيات 25 يناير, ومقترح ثالث ً بتخصيص المقر المحترق كمقر جديد للمجلس القومي لحقوق الإنسان. لكن لم ينفذ القرار, ومقترح رابع جاء من الشركة العامة للسياحة والفنادق «إيجوث»، إحدى شركات القابضة للسياحة والسينما، لإقامة فندق عالمي، بوجهتين إحداهما تطل على ميدان التحرير، على أرض موقع الحزب الوطني، المطل على النيل. وقد أعلن البنك الأهلي موافقة مبدئية على الدخول في المشروع كشريك وممول، مع توافر دراسة الجدوى، التي يحتاجها الفندق، والتي أقرت بعدم تخطيه تكلفة 400 مليون جنيه.
أيقونة 2011
من جانبه أوضح م. محمد عزت الأطروش, المدرس المساعد بكلية الهندسة ورئيس مجلس إدارة مجموعة «يونايتد ديزاينرز» ان سياسة الهدم لا تصلح للمرحلة التي تمر بها مصر، حيث يمكن استغلال هذا المبنى الذي يبلغ ثمنه 500 مليون جنيه بعد ترميمه وطرحه كمشروع أو مبنى إداري واستثماره بأي شكل يدر ربحا بدلا من خسارة هدمه، كما أن حالة المبنى الإنشائية تصلح لإعادة ترميمه مرة أخرى. الأهم هو ان أرض المبني ليست ملكا للآثار حتى تتحكم في مصيره، و الخرائط التاريخية تثبت أن ارض المتحف المصري المجاورة للمبنى هي نفسها التي طرحت في مسابقة إنشاء المتحف عام 1894 ولم تكن من ضمنها المساحة التي تضم مبنى الحزب. ولقد تمت من قبل بالفعل مناقشات لإمكانية إعادة بناء مقر الحزب الوطني الديمقراطي وتحويله إلى فندق على أعلى مستوى ليكون أيقونة حقيقية للسياحة في قلب القاهرة بعد يناير 2011. وتم اقتراح فكرة إقامة فندق مكان مبنى الحزب. حيث تبلغ الطاقة الفندقية بالقاهرة الكبرى نحو 30 ألف غرفة فندقية, فيما تسعي وزارة السياحة لرفع هذه الطاقة خلال السنوات الخمس المقبلة إلى أكثر من 40 ألف غرفة. وأضاف م. محمد عزت, ومن جانبي فأن لدي بالفعل دراسة جدوى جاهزة للتنفيذ لتحويل هذا المكان الي أيقونة تجسد مصر علي مدار عدد من العصور من خلال فندق به ثمانية طرازات مختلفة لثمانية عصور, بداية من العصر الفرعوني مرورا بالعصر اليوناني الروماني ثم القبطي ثم الإسلامي وحتي يومنا هذا مع الاحتفاظ بشكل الحريق الأخير. والفكرة باختصار تعتمد علي تدعيم المبني إنشائيا وتعليته مع تطويره من الداخل. أما الجديد فهو ربط كل عصر من العصور التي سبق ذكرها بأماكن زيارة ترتبط بنفس العصر. فعلي سبيل المثال, قاطني الجزء التابع للعصر الفرعوني يتم تخصيص رحلات لهم في كل من الأقصر وأسوان, وزوار العصر اليوناني الروماني يتم ترتيب رحلات لهم الي الإسكندرية, كذلك زوار عصر الثورة ابتداء من 1952 وحتى الآن فسيكونوا ضيوفا علي كل من شرم الشيخ والغردقة ومرسي علم. وأخيرا قاطني العصر الحديث الذي سيكون علي الطراز الألترا مودرن الذي يجسد مصر المستقبل سيكونضيوفا علي منطقة قناة السويس بعد التطورات التي لحقت بها. جدير بالذكر ان تمويل هذا المشروع يعتبر جاهزا وفوريا في حال الموافقة عليه.