فعلا..المستقبل لا تصنعه إلا الأفكار والأحلام.. المستقبل تصنعه المشروعات والرؤي.. لا يمكن لأي مجتمع أن ينهض إلا بالعمل والجد والإخلاص.. العجزة وأعداء النجاح لابد أن يمتنعوا.. لا مكان للكسالي وخاملي الفكر والرؤية والأحلام.. أريد أن أقول إن التقدم والتطور والتنمية يبدأ بفكرة.. يبدأ بحلم يتحول إلي أفكار تنمو وتزدهر وتصنع مستقبل أكثر إشراقا. لماذا أقول ذلك؟! لأنني سافرت الأسبوع الماضي إلي الأقصر تلك المدينة الخالدة الرائعة طيبة القديمة عاصمة المجد المصري والامبراطورية الفرعونية العظيمة لحضور بداية فكرة يمكن أن تنمو وتزدهر وتشكل اضافة في صرح عودة الاقصر كمدينة سياحية يشار لها بالبنان علي خريطة السياحة العالمية. الفكرة التي تحولت إلي مهرجان, هي مهرجان الأقصر الدولي للسينما الإفريقية الذي شاركت فيه مجموعة كبيرة من الدول الإفريقية ونجوم صناعة السينما في مصر وإفريقيا. وإذا كان المهرجان هدفه كما قال السفير الدكتور عزت سعد محافظ الأقصر هو ان تهتم مصر بإقامة علاقات وروابط سياسية وثقافية واقتصادية مع الدول الافريقية التي كثيرا ما نسيناها في السنوات السابقة, فانه في نفس الوقت هدفه ايضا السياحة, وأن تبدأ الأقصر في تنظيم أجندة أو أحداث ثقافية وفنية ورياضية مصرية وعالمية تستطيع من خلالها أن تجد لنفسها مكانا متميزا علي خريطة السياحة أو تزيد السياحة إليها أو في الوقت الراهن تساعد في عودة السياحة إلي الأقصر. فالذي لا شك فيه ان السياحة في الأقصر تأثرت سلبا وبشدة بعد ثورة25 يناير, بل ان الأكثر من هذا أن ما أعقب الثورة من أحداث ومظاهرات واحتجاجات فئوية وما صاحبها من توقف مشروعات كبري كانت تشكل حلما لمستقبل أفضل للأقصر.. قد أثر بشكل أكبر علي مدينة الأقصر وعلي حياة الناس فيها. وهنا نقول إن العمل يجب ان يعود وبقوة في كل المشروعات التي توقفت, فلا أحد يستطيع أن ينكر أن السنوات السابقة وقبل ثورة25 يناير كانت الاقصر تشهد أفكارا ومشروعات رائعة كانت بمثابة الأحلام مثل طريق الكباش والكورنيش الجديد وغيرهما. بل كانت كل هذه المشروعات التي شكلت طفرة في حياة الناس والأقصر وقادها الدكتور سمير فرج المحافظ السابق قد شهد لها الجميع بالتميز وعلي انها هي الطريق لان تكون الأقصر مدينة سياحية عالمية أو متحفا عالميا مفتوحا. وبرغم صعوبة الموقف الآن فإن ما رأيته وسمعته من المحافظ الدكتور عزت سعد! يؤكد انه مقتنع بضرورة استمرار العمل حتي برغم الظروف المالية الصعبة للإنفاق علي هذه المشروعات ومقتنع بأن الأقصر ومصر كلها لابد أن يتوقف فيها الانفلات الأمني والاحتجاجات ويتفرغ الناس للعمل والبناء ولتنفيذ المشروعات. اتفقت مع المحافظ ايضا علي انه لا سبيل لعودة السياحة إلي مصر والأقصر إلا بعودة الاستقرار والأمن وأن المحاولات في هذا الاتجاه يجب ألا تتوقف ابدا. وفي كل الأحوال تبقي الأفكار والأحلام هي وقود المستقبل للتقدم والتنمية وإنه إذا كانت محاولات فرض الاستقرار والعمل قد بدأت بفكرة مهرجان السينما الإفريقية, فان هناك أفكارا اخري يجب أن تظهر للحياة في مختلف المجالات. إن جزءا كبيرا من تسويق الأقصر سياحيا في المرحلة المقبلة سيتوقف علي صناعة الحدث وهي إحدي الافكار المهمة في علم التسويق الحديث, لابد أن تجتهد في صنع أحداث رياضية وثقافية وفنية تسهم في وضعك علي خريطة السياحة والسفر والاهتمام العالمي بما تقدمه. فلا مانع من تنظيم مهرجانات أو بطولات رياضية, ولابد أن يتغير الفكر التسويقي السياحي للأقصر أو السياحة الثقافية في مصر بشكل عام.. لابد من حملات إعلانية دولية عن الأقصر وأسوان وعن الرحلات النيلية, لابد أن يجتمع الخبراء ويفكروا ويقرروا. ويجب ألا نركن إلي أن السياحة الثقافية في العالم كله قد تراجعت إلي15% أو حتي20% فإذا كان ذلك قد حدث فيجب ألا تتراجع في مصر بهذا القدر. ان علينا أن نبذل جهدا أكبر في تسويق هذا المنتج السياحي الفريد في الأقصر وأسوان. لقد ذهبت إلي الأقصر وعدت منها وأنا أكثر اقتناعا بانه لا سبيل أمامنا إلا الاستقرار والأمن, فهذا هو العنوان الأول لعودة السياحة, ثم بعد ذلك تأتي العناوين الأخري من عمل وأفكار خلاقة ومشروعات واحلام كبيرة هي التي ستصنع المستقبل الأكثر إشراقا ليس للأقصر فحسب. لكن من أجل مصر كلها. كما قلت الاستقرار والأفكار والأحلام هي وقود المستقبل.. فمن يمتلك هذا الوقود؟ إنه شعب مصر الذي صنع أعظم ثورة شعبية في التاريخ وعليه أن يستكمل هذه الثورة لا بالانفلات الأمني والمظاهرات ولكن بالعمل والاستقرار والأحلام التي تصنع المستقبل الذي ننشده جميعا لمصر.. مستقبل يحقق أهداف الثورة عيش وكرامة وحرية وعدالة اجتماعية وتنمية اقتصادية وسياسية هدفها المواطن المصري.. ولا أحد غيره. فهل نحن قادرون علي صنع مستقبل جديد؟ أقولها بكل ثقة.. نعم نحن قادرون.. [email protected]