كثرفى الفترة الأخيرة تجرؤ بعض الإعلاميين وضيوفهم من غير المتخصصين فى دراسة العقائد..على التشكيك فى السُنَّة المُنَزَّلة لمن لا ينطق عن الهوى!!..وهو مكر قديم حديث يطل برأسه كلما ضعفت الأمة وعلا المشككون من رافضى كل مايقيد أهوائهم وغرائزهم فيتطاولون على الأديان ويحومون حول جوهر الدين بالتشكيك فى أطرافه . وكلما تمكنوا من زعزعة الإيمان بطرف انتقلوا للأكثر عمقا . فبدأوا بالتلاعب فى أحداث التاريخ الإسلامى والتشكيك فى رموزه وكتبته .. ثم انتقلوا إلى الصحابة يشككون فى مصداقياتهم ويحيكون حولهم إفك الأقاصيص ثم أنتقلوا للتشكيك فى بعض الأحاديث التى لاتتفق ومآربهم .. يشككون فى رواتها ويضعفوا ثابتها وصحيحها. والآن زادت جرأتهم فرأينا موضة التشكيك فى كتب السُنَّة الصحيحة المعتمدة والمتواترة جيلا عن جيل..وهى كتب بذل جامعوها كل الجهد والدقة المتناهية لتحرى الصدق فيها..فسافروا للبلاد البعيدة على الدواب والأقدام للحصول على حديث واحد! وكانوا يرفضونه إذا رأوا أقل شبهه فى الراوى..فإذا رأوه يوهم دابته كذبا أن بيده طعاما لها..يعتبرونه مخادع ويرفضون حديثه . حقيقةً الأمر.. إن التشكيك فى السُنَّة ورائه ماهو أعظم !..فإنه السبيل لهدم الدين نفسه..لأنه بالتشكيك فى السنة سنُستدرج إلى هدم أركان الدين الأساسية والتى لا يمكن معرفتها إلا عن طريق السُنَّة .. وإلا.. فكم صلاة ستصلى فى اليوم؟.. وكم ركعة لكل صلاة؟! .. وكيف تقدر زكاة المال؟!.. وماهى مناسك الحج؟!!!و...و..؟! بل إن وراء التشكيك فى السنة.. هدم القرآن ذاته بشكل غير مباشر! .. لأن القرآن لايفهم ولايُأَول بدون أحاديث الرسول ..فيقول تعالى " وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ " فالسنة هى المبينة للقرآن . وتتضح أهمية السنة من وصية سيدنا على عليه السلام لعبد الله بن العباس لما بعثه للاحتجاج على الخوراج فقال له ( لا تخاصمهم بالقرآن فإنَّ القرآن حماٌل ذو وجوهٍ..تقول ويقولون..ولكن حاججهم بالسنة فإنهم لن يجدوا عنها محيصاً)! ووصلت الأمر أن يقوم بعضهم بتفسير القرآن وتأويل آياته على هواهم بغير علم وهم لا يملكون من ملكات التفسير شيئا . فمعرفة مراد الله من آياته يستلزم سلطانا مبينا فكما رأينا من الآية السابقة أن بيان مراد القرآن مهمة الرسول نفسه . فيقول تعالى "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِعِلْمٍ وَلاهُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ........لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ" لذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قال فى القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار " و " من قال فى القرآن برأيه فأصاب..فقد أخطأ " لئلا يتجرأ أحد على "الفَتىّ" أوالأجتهاد او"التفلسف" بغيرعلم.. فليس كل ناطق بالعربية قادرعلى تفسير القرآن فأين عربيتنا من عربية قريش التى طمست وشوهت عمدا لتغريبنا عن المصدر الأساسى لديننا. لذلك اشترط العلماء لمن يتكلم فى تفسيرالقرآن إجادة خمسة عشرة علما هى..علوم اللغة والنحو والتصريف والاشتقاق والبيان والمعانى والبديع والقراءات وأسباب النزول والقصص والناسخ والمنسوخ والفقه والحديث وأقوال الصحابة ثم أضافوا علم الموهبة وهو علم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى يورثه ويعلمه لمن عمل بما علم ويقول عليه الصلاة والسلام "من أفتى بغيرعلم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" هذا لمن يفتى فى شيئا دنيويا كوصفة علاجية اونصيحة أو.... فما بالنا بمن يفتى فى القرآن؟!! . ويحذرنا الإمام على بن أبى طالب عليه السلام من أن السابقون حرفوا كتبهم ولأن الله تعالى حفظ القرآن من التحريف.. يقوم الناس بتحريف تأويله وتفسيره! ويقول صلى الله عليه وسلم حزينا.."أتاني جبريل فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون . إن أمتك مفتتنة بعدك بقليل من الدهر غير كثير ! قلت : فتنة كفر أو فتنة ضلالة ؟! قال كل ذلك سيكون !!! قلت ومن أين ذاك وأنا تارك فيهم كتاب الله ؟ قال بكتاب الله يضلون ! وأول ذلك من قبل قرائهم وأمرائهم ! يمنع الأمراء الناس حقوقهم فلايعطونها فيقتتلون وتتبع القراء أهواء الأمراء فيمدونهم في الغي ! وقد شهدنا من هذه التأويلات بغير علم ..مسألة إنكار عذاب القبر وفرضية الحجاب وكثير من ثوابت الدين . فهل نجد من هؤلاء المُأَولِين للقرآن والمشككين فى السُنَّة من يتجرأ على"الفَتىّ" فى النظريات العلمية الخاصة بكتب الطب اوالهندسة اوالكيمياء مثلا؟!..وهل يقبل احد من الناس منهم ذلك؟!! بالطبع : لا !..فالناس يخافون على أجسادهم وأعمارهم من التلاعب فى هذه العلوم!. فهل كتاب الله تعالى ورسوله وعلمه أهون علينا من علوم البشر واجتهاداتهم .. القابلة للصواب والخطأ.. وليست من لَدُن الخالق العليم ؟!!..وهل التلاعب فى معانى القرآن أقل خطورة على قلوبنا وعقولنا وحياتنا سواء فى الدنيا أوالآخرة؟!!. والعجيب ان الأزهر أعلن منذ أكثر من خمسة أشهرعن تشكيل لجنة لبحث الأمر ولمقاضاة المشككين فى عقائدنا بغيرعلم .. ولكننا لم نسمع عنها شيئا حتى الآن؟!.. بل ولم ينشر أى رد للأزهر يظهرالحقيقة العلمية لما يلغُون فيه بغير علم ؟!! والسؤال.. ماذا تفعل نقابة الأطباء أوالصيادلة أوالهندسة مع من يتصدى لعلومهم من غيرالمتخصصين؟!! ولعلنا نتذكر كيف تصدى نقيب الأطباء السابق لخريج كلية رياضية كان يتحدث فى العلاج بالأعشاب ؟! ألم يقاضوه ويوقفوه عن الظهور فى أى برنامج نهائيا؟! فهل التكذيب للمصطفى صلى الله عليه وسلم والتلاعب بمراد الله فى قرآنه .. أهون؟!! [email protected] لمزيد من مقالات مايسة عبد الرحمن