بعيدا عن الإنفعال الوقتى ، والغضب الشعبى ، بسبب مجزرة " كرم القواديس " بسيناء والتى كست وجه مصر بحالة حداد عامة فلابد من الإنطلاق للمستقبل من خلال إجراءات عملية وجهود واقعية بدلا من الإغراق فى " لطم الخدود وشق الصدور " فقد تساءل البعض عن ضرورة إحالة الإرهابيين الماثلين أمام المحاكم الجنائية حاليا للقضاء العسكرى لسرعة الفصل فى هذه القضايا التى مازال بعضها ينظر لأكثر من عام ، فهل يجوز ذلك قانونا، وهل يسمح قانون الإجراءات الجنائية به رغم ما قطعته المحاكم الجنائية من شوطا فى محاكمة هؤلاء الإرهابيين . القاعدة الأساسية المعروفة هى عدم رجعية القوانين الجنائية الموضوعية الأسوأ للمتهم، حيث إن الدستور ينص على " أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا عقاب الا على الأفعال، اللاحقة على صدور القانون الذى نص عليها ، هكذا يقول المستشار جميل قلدس بشاى رئيس محكمة بأستئناف القاهرة، أن قاعدة عدم رجعية القوانين الجنائية هى قاعدة دستورية مطلقة، لاتقيد القاضى فحسب عند تطبيقه القوانين بل يلتزم بها " الشارع " نفسه كذلك، أم بالنسبه لرجعية قوانين الإجراءات الجنائية فالامر لايختلف عما سبق بيانه، فقوانين الإجراءات الجنائية هى تلك التى تتضمن القواعد الشكلية، أى القواعد التى تنظم جهات القضاء الجنائي، وتحدد اختصاص كل منها وتبين الأجراءات التى يجب اتباعها فى التحقيق والمحاكمة، وفى تنفيذ العقوبات وهى قواعد تحتويها بصفة أصلية مجموعة الاجراءات الجنائية، فهى أذن لا تختلط بالقوانين الجنائية الموضوعية التى تخضع بغير استثناء لقاعدة انعدام الآثر الرجعى أن كان أسوأ للمتهم، والقاعدة فيما يختص بقوانين الاجراءات الجنائية أنها تسرى على الماضى أن تنطبق مباشرة على التحقيقات أو الدعاوى التى لم يفصل فيها بعد، والتى تتعلق بوقائع سابقة على تاريخ صدور ونفاذ هذه القوانين، وعلة هذه القاعدة هى أن قوانين الاجراءات سواء فى ذلك الجنائية أو المدنية قد قصد بها تنظيم التقاضى بطريقة تكفل إظهار الحقيقة وتحقيق العدالة، وأنها والحالة هذه ليس من شأنها كقاعدة عامة تقرير حقوق مكتسبة للأفراد بحيث يسوغ القول، بأن الغاء مثل هذه القوانين أو تعديلها قد يترتب عليه الأخلال بتلك الحقوق المكتسبة، ومن ثم فأن الفقه الجنائى وأحكام المحاكم جرت بأنه طالما أن الحكمة من قاعدة انعدام الاثر الجنائى منتفية بالنسبة الى قوانين الاجراءات الجنائية، فأن سريان هذه القوانين على الماضى يصبح فى ذاته قاعدة قائمة بذاتها، وفى هذا المقام أذا صدر قرار بقانون بتحديد أختصاص القضاء العسكرى لنظر الجرائم الارهابية، فأن ذلك يسرى على جميع قضايا الارهاب المعروضة الان على المحاكم الجنائية العادية المنظورة أمام محاكم الجنايات ، طالما لم تصدر فيها أحكام قضائية ولم يفصل فيها بعد، وطالما أن أختصاص القضاء العسكرى منصوص عليه فى الدستور وليس من شأنه الاساءة الى مركز المتهم .