أبناؤنا أمانة.. أوقاف بورسعيد تطلق خارطة طريق لحماية النشء من (مسجد لطفي)| صور    بيان عاجل من المتحدث العسكري ينفي صحة وثائق متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي| تفاصيل    دوميط كامل: الدول المتقدمة تُقدّم حماية البيئة على المكاسب الاقتصادية مهما بلغت    سفيرة مصر بتايلاند تؤكد التزام القاهرة بدعم الجهود الدولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية    رئيس العاصمة الإدارية: حققنا أرباح 80 مليار جنيه في 3 سنوات    رئيس مصلحة الجمارك: نعدل التعريفات الجمركية بصفة دورية.. ونسعى لتحقيق التوازن    إسقاط 35 طائرة مسيرة أوكرانية فوق المناطق الروسية    الكرملين: روسيا تدرس مقترحات خطة السلام بناء على اتصالاتها في ميامي    وزير السياحة والآثار يبحث مع نظيره السعودي سبل التعاون في موسم الحج والعمرة    تصعيد ديموقراطي ضد ترامب بسبب وثائق إبستين المثيرة للجدل    محادثات ميامي تعزز آمال إنهاء الحرب في أوكرانيا    رسميا.. إبراهيم دياز رجل مباراة المغرب وجزر القمر فى افتتاح الكان    أكسيوس: لا توجد مؤشرات حتى الآن على هجوم إيرانى وشيك ضد إسرائيل    عماد الدين أديب: ترامب ونتنياهو لا يطيقان بعضهما    أمم إفريقيا - محمود صابر: نهدف الوصول لأبعد نقطة في البطولة    خالد الغندور: توروب رفض التعاقد مع محمد عبد المنعم    أمم إفريقيا - سايس: أشعر أن إصابتي ليست خطيرة.. وأفضل التتويج باللقب عن المشاركة    النيابة العامة بالإسكندرية تصطحب المتهم بقتل صديقه للتعرف على الأجزاء المدفونة من جثمانه    اعترافات المتهم بقتل زميله وشطر جثمانه 4 أجزاء في الإسكندرية: فكرت في حرق جثته وخشيت رائحة الدخان    إخلاء عاجل لفندقين عائمين بعد تصادمهما في نهر النيل بإسنا    سائق يقتل زوج شقيقته إثر نزاع عائلي على شقة ميراث بالخانكة    من حقول الطماطم إلى مشرحة زينهم.. جنازة مهيبة لسبعة من ضحايا لقمة العيش    مصرع فتاة إثر تناول قرص غلال سام بالمنيا    ضبط 286 قطعة سلاح أبيض خلال حملات أمنية خلال يوم    بالصور.. ختام الدورة السابعة لمهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    محمد سلام في العرض الخاص لفيلم خريطة رأس السنة    تعرف على جوائز الدورة ال7 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي للفيلم القصير    "بنتي بتقولي هو أنت كل سنة بتموت"، تصريحات قوية من عمرو زكي عن حالته الصحية    تطورات الحالة الصحية لإدوارد بعد ظهوره على كرسي متحرك    أحمد العوضي: خرجت من منطقة شعبية.. ودوري كبطل ألا أقدم نموذجا سيئا للشباب    أستاذ بالأزهر يوضح فضائل شهر رجب ومكانته في ميزان الشرع    الصحة توضح آليات التعامل مع المراكز الطبية الخاصة المخالفة    الصحة: إغلاق 11 مركز نساء وتوليد بسبب مخالفات تهدد سلامة الأمهات    هاني البحيري: يد الله امتدت لتنقذ أمي من أزمتها الصحية    عصام الحضرى: مصر فى مجموعة صعبة.. والشناوى سيكون أساسيا أمام زيمبابوى    عمرو زكى: اتحاد الكرة مش بيحمى حسام حسن.. وأمى مقهورة بسببى    تامر النحاس: سعر حامد حمدان لن يقل عن 50 مليونا وصعب ديانج يروح بيراميدز    نجاح عملية معقدة لتشوه شديد بالعمود الفقرى بمستشفى جامعة كفر الشيخ    بدون تدخل جراحى.. استخراج 34 مسمارا من معدة مريضة بمستشفى كفر الشيخ العام    سيحا: أسعى لكتابة التاريخ في الأهلي.. والتواجد مع أفضل حراس بإفريقيا يمنحني دوافع    سلوكيات خاطئة تسبب الإصابة بالفشل الكلوي    تكريم الزميل عبد الحميد جمعة خلال المؤتمر السادس لرابطة تجار السيارات 2025    بعد 18 عاماً من الإشارة إليها فى «أخبار الأدب» |قريبًا .. السيرة الشعبية المفقودة للحاكم بأمر الله متاحة للقراء    الصحة توضح أسباب اعتداء الطلاب على زميلهم في أكتوبر    دعاء أول يوم في شهر رجب.. يزيد البركة والرزق    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية" سكن لكل المصريين" بعددٍ من المدن الجديدة    جامعة العاصمة تنظم معرضا متكاملا بالتعاون مع محافظة القاهرة    تعليم الغربية: عقد لجنة القيادات لتدريب 1000 معلم لقيادة المدارس كمديرين    الجيزة توضح حقيقة نزع ملكية عقارات بطريق الإخلاص    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    توجيهات الرئيس السيسى خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزى ووزير المالية (إنفوجراف)    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    انطلاق الإثارة في أمم إفريقيا 2025.. المغرب يواجه جزر القمر في افتتاح المجموعة الأولى    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبعاد زيارة البابا تواضروس إلى روسيا
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 10 - 2014

ليست الزيارة الأولى للبابا السكندرى إلى روسيا فقد سبقتها زيارتان قام بهما البابا شنودة الثالث، الأولى فى عام 1972 والثانية فى عام 1988 للاحتفال بألفية الكنيسة الروسية. ولا تمثل هذه الزيارات البابوية الاتصال الوحيد بين الكنيستين، فقد كانت هناك اتصالات كثيرة منذ بداية القرن التاسع عشر وحتى الآن.
لكنها بالتأكيد ستكون أهم الزيارات ولفترة طويلة، فهى تأتى فى ظل تحولات تاريخية يشهدها العالم، وتشهدها منطقتنا، مهد المسيحية فى العالم. وهى تأتى على خلفية أحداث جسام يتعرض لها مسيحيو الشرق الأوسط.
وحتى نفهم أهمية الزيارة، علينا أن نحدد من البداية موقع طرفيها، الضيف والمضيف، من العالم المسيحي، وموقفهما من القضايا المطروحة عليه فى اللحظة الراهنة.
ويتشكل العالم المسيحى من أربع عائلات كبري. أول هذه العائلات العائلة الكاثوليكية التى تنتشر فى جنوب أوروبا وأمريكا اللاتينية، ومركز قياداتها الفاتيكان. وثانيها العائلة الأرثوذكسية الشرقية(Eastern Orthodox Churches) وتتكون من سبع عشرة كنيسة مستقلة تقع معظمها فى شرق أوروبا بالإضافة إلى اليونان، ومركز ثقلها الروحى والقيادى هو الكنيسة الروسية. وثالثها العائلة الأرثوذكسية المشرقية(Oriental Orthodox Churches)وتضم الكنائس الأرمنية، والاثيوبية، والسريانية، وأكبرها كنيستنا القبطية المصرية. وآخرها العائلة البروتستانتية، وتنتشر كنائسها فى الولايات المتحدة الأمريكية وشمال أوروبا، وهى تتكون من تيارات فكرية مختلفة تنسق بين بعضها البعض عبر اتحادات مختلفة ولكن ليس لها مركز ثقل خاص لأى من كنائسها.
وباستثناء العائلة المشرقية، التى على رأسها الكنيسة القبطية، فإن العائلات الثلاث الأخرى حاولت تاريخيا التمدد على حساب بعضهم البعض أحيانا، وعلى حساب العائلة المشرقية فى معظم الأحيان. ومن ثم كان الموقف التاريخى للكنيسة القبطية هو الحذر فى التعامل مع القوى المسيحية الدولية، فالتوجه الاستراتيجى للكنيسة القبطية كان دائما الحفاظ على استقلالية الكنيسة عن أى كيان عالمى والحفاظ على علاقات ندية مع الجميع، ولم تكن العلاقة مع الكنيسة الروسية استثناء.
والواقع أن العلاقة بين الكنيستين لم تكن مثالية فى أى فترة من فترات التاريخ، فالكنيسة الروسية كانت ترى الكنائس المشرقية وعلى رأسها الكنيسة القبطية خارج الإيمان المسيحي، وكانت تسعى طول الوقت إلى إدخالها ضمن المنظومة الشرقية التى تقودها. وفى هذا السياق فقد حاولت فى القرن التاسع عشر محاولتين كادت أن تنجح فى إحداها بسبب ما مارسه الخديوى سعيد تحت تأثير الوشايات الأجنبية من ضغوط عنيفة على البابا كيرلس الرابع بطريرك الكنيسة القبطية فى ذلك الوقت.
واستمر هذا الموقف من الكنيسة الروسية نحو الكنيسة القبطية حتى نهايات القرن العشرين، فقد أعاقت التوقيع على اتفاقية قام عليها بطريرك القسطنطينية المسكونى لحل الخلافات العقائدية بين العائلتين الشرقية والمشرقية وفى قلبها الكنيسة القبطية، فقد أصرت الكنيسة الروسية على أن تقر الكنائس المشرقية بخطئها العقدى على مدى القرون الماضية وعلى عودتها إلى الإيمان القويم، وهو الموقف الذى رفضته الكنيسة القبطية شكلا وموضوعا.
وفى سياق المعطيات السابقة كان من غير المتوقع أن يتبدل موقف الكنيسة الروسية عما اعتادت عليه، لكن تزامن مجيء الرئيس بوتين إلى السلطة فى نهاية عام 1999 ثم أحداث الحادى عشر من سبتمبر ودخول روسيا فى مشكلة الشيشان، كل هذه التغيرات أحدثت تغيرا كبيرا فى مواقف الكنيسة الروسية، فبعد ان كان الخطر الأساسى الذى كان يتهدد الكنيسة الروسية هو التبشير البروتستانتى والتمدد الكاثوليكى فى الفضاء الأرثوذكسى أصبح خطر التشدد الإسلامى هو الشاغل الأساس.
وفى هذا السياق تطابقت الرؤى بين ما هو دينى يخص الكنيسة وما هو سياسى يخص الأمن القومى للدولة، فكلاهما يرى أن الخطر الداهم على الفضاء الأرثوذكسى الشرقى والأمن القومى الروسى يأتى من حزام التشدد الإسلامى الذى يحيط بجنوب روسيا وأوروبا الشرقية.
لهذه الأسباب مجتمعة أصبح الشرق الأوسط وكنائسه محط اهتمام الكنيسة الروسية.
ويبدو لى أن الكنيسة الروسية أصبحت الآن مهتمة بإقامة علاقات قوية مع كنائس المنطقة دون النظر للتطابق العقدى معها، وليس غريبا أن توافق الكنيسة الروسية على مطلب الكنيسة القبطية الذى يحمله البابا تواضروس لبناء كنيسة قبطية فى روسية تعمل على رعاية الأقباط المقيمين هناك. كما أنه ليس غريبا أن تبدأ حوارا جادا ونديا مع الكنيسة القبطية حول القضايا العقائدية المختلف عليها، ويؤشر على جديتها وجود الأنبا بيشوى الأسقف القبطى المسئول عن ملف العقيدة فى الكنيسة ضمن الوفد المرافق للبابا.
ولعل هذا التغير يفسر أيضا إدراج برنامج الزيارة مقابلات البابا لبعض رموز الدولة الروسية، مثل وزير الخارجية الروسي، وربما الرئيس بوتين، ولسنا نظن أن الهدف من هذه اللقاءات المباحثات السياسية، وإنما إرسال إشارة احترام للدولة المصرية والكنيسة القبطية كمؤشر لما هو متوقع فى المستقبل.
إن زيارة البابا تواضروس الحالية إلى روسيا تاريخية بامتياز والأمل معقود على ما يمكن أن تتمخض عنه الزيارة ليس فقط لصالح الكنيستين، وإنما لصالح البلدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.