صباح الخميس 4 أكتوبر عام 1973 سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية لمجموعة من المراسلين العسكريين الإسرائيليين والأجانب بالذهاب إلى جبهة قناة السويس بعد أن تأكدت القيادة الإسرائيلية من صحة التقارير التى تقول أنه ابتداء من يومى 2 و 3 أكتوبر جرى رصد حركة غير عادية وراء قناة السويس على امتداد الضفة الغربية من بور سعيد شمالا إلى بور توفيق جنوبا وأن هذه الحركة تشمل دروعا ومركبات بكميات هائلة... وكان تقويم القيادة العليا فى إسرائيل للمشهد بعد أن أرسلت مجموعة خاصة لمتابعة الحشود المصرية أن ما يجرى هو مناورة مصرية ضخمة ستنتهى يوم 8 أكتوبر. وطبقا لشهادة أحد كبار الضباط الإسرائيليين فى سيناء التى أدلى بها أمام لجنة «أجرانات» للتحقيق فى أسباب الهزيمة خلال حرب أكتوبر قال الضابط الكبير: «عرفنا بما يجرى فى الجانب المصرى وأبلغناه وكان الجميع يعرفون ذلك قبل شهر.. وعلمنا بدخول أعداد كبيرة من القوات المصرية إلى الجبهة وفى الأسبوع الأخير شاهدنا معدات برمائية جرى دفعها إلى الخط الأمامى فجأة.. معدات كنا نعلم بوجودها لكننا لم نشاهدها بأعيننا قبل ذلك أبدا وقد أبلغنا الأمر للقيادات العليا فى تل أبيب»... وقد جاءت إدانة لجنة التحقيق لكل من جولدامائير رئيسة الوزراء وموشى ديان وزير الدفاع بتهمة التقصير بناء على هذه الشهادة. كانت هذه الشهادة كاشفة لحجم السقوط الإسرائيلى فى كمين الخداع المصرى المحكم لأن صاحب الشهادة نفسه كان يقف يوم 4 أكتوبر قرب حافة قناة السويس إلى جوار الناطق العسكرى الإسرائيلى وهو يشرح للمراسلين العسكريين قائلا: «إن ما يجرى على الضفة الغربية للقناة ليس سوى مناورة يقوم بها الجيش المصرى وأن احتمال بدء القتال فى تقديرنا احتمال منخفض جدا»... وعندما سأل أحد المراسلين الجنرال مندلر قائد الجبهة: ماذا سيحدث لو عبر المصريون القناة غدا صباحا فأجابه مندلر: ستصدهم قواتنا فى خط المياه وخلال مدة لا تذكر تكون الحرب قد دارت فى الجانب الثانى»... وبعد ثلاثة أيام من بدء الحرب جرى الإعلان عن مقتل مندلر كرمز لمقتل عناوين الغرور والصلف والغطرسة فى إسرائيل.. وغدا نواصل الحديث. [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله