رغم مرور 44 عاما على رحيل الزعيم الخالد جمال عبدالناصر لا يزال الجدل محتدما بين الذين يتحمسون له إلى حد التقديس وبين الذين يواصلون معاداته ولو بالتدليس وربما يزيد من حدة الجدل أن كلا الطرفين من مؤيدى عبدالناصر وخصومه لا يفرقون بين جمال عبدالناصر «الرمز والفكرة والمشروع والقائد» وبين ممارسات السلطة التنفيذية كعمل إنسانى له إيجابياته وسلبياته ومن ثم يحتمل الصواب والخطأ! لقد مرت 44 سنة على رحيله ومازالت صوره تحتل الميادين وتسكن فى قلوب الملايين ليس فى مصر وحدها وإنما على امتداد الأمة العربية كلها حيث يراه المحبون أصدق تعبير عن حلم الاستقلال والوطنية والعدالة الاجتماعية وهى أفكار ومبادئ مازالت قائمة فى العقول والضمائر ويبحث الناس عن فارس جديد يستعيد إلهامات هذا الحلم ولكن بفكر جديد وصياغة جديدة ومنهج جديد يقوم على تعدد الرؤى وحرية الإبداع تحت رايات الديمقراطية التى كانت ضمن المبادئ الستة الأساسية لثورة يوليو ولم تأخذ طريقها للتحقيق خلال حكم عبدالناصر لأسباب متعددة بعضها نتيجة تلاحق تحديات الخارج تباعا والبعض الآخر كان تحت ضغوطات وحسابات داخلية واقليمية! والحقيقة أن مرحلة حكم جمال عبدالناصر «1956- 1970» ومهما قيل عن أخطاء وقعت فيها أو تجاوزات تورطت سلطة النظام فى ارتكابها فإن هذه المرحلة نجحت فى إحداث تغيير اجتماعى واسع لمصلحة الأغلبية التى عاشت فقيرة ومطحونة لعقود طويلة تحت تروس الفقر والاستغلال والإقطاع والاحتكار. ولا يملك أحد أن يجادل فى أن مرحلة حكم جمال عبدالناصر كانت هى الأنجح فى قراءة وفهم نبض الشارع الأمر الذى مكنها من صياغة رؤية وطنية ومجتمعية تحظى بإجماع شعبى كاسح خصوصا مع المفهوم الصحيح للاستقلال الوطنى الذى لا يتوقف عند غاية إنهاء الاحتلال وإجلاء المستعمر البريطانى وإنما بصيغة استقلال شامل ترفض الدخول فى فلك الأحلاف الأجنبية وتؤكد استقلالية القرار المصرى وتعيد بعث الشعور القومى بتأكيد حتمية الانتماء العربى وتوسيع دوائر الارتباط لتشمل الدائرة الإسلامية والدائرة الإفريقية ودائرة عدم الانحياز خير الكلام: قمة الحكمة أن تقرأ الحاضر بعيون المستقبل ! لمزيد من مقالات مرسى عطا الله