32 عاما علي مغادرتها لقريتها الصغيرة الفقيرة في المغرب وهي في سن الرابعة من عمرها لتلتحق بأبيها٬ العامل المهاجر بفرنسا٬ وثلاثة عشر عاما من النضال داخل الحزب الإشتراكي ومن المسئوليات المحلية٬ تجد نجاة فالو بلقاسم الفرنسية الجنسية الريفية الأصل نفسها في مقدمة المشهد السياسي الفرنسي٬ بعد انضمامها إلى حكومة الرئيس الإشتراكي فرانسوا هولاند وتعيينها وزيرة للتعليم العالي لتصبح أول وزيرة تشغل هذا المنصب. تلك الوزارة المسئولة عن 12 مليون طالب، و840 ألف معلم، لتثبت بلقاسم أن المجد الغربي صناعة عربية نسائية بإمتياز, وأن المرأة العربية تصنع كل يوم أسطورتها لتبهر الغرب وتهزم المستحيل. الجديد فى خبر إسنادها حقيبة التعليم ليس أنها أول سيدة تشغل هذا المنصب في تاريخ الجمهورية الفرنسية بل أيضا هي أصغر من شغله على الإطلاق، حيث إن عمرها لم يتجاوز ال37 عاما بعد، كما أن أصولها المغربية لم تمثل عائقا فى مشوار نجاحها بل علي العكس كانت سببا مهما فى إختيارها فى الحكومة الجديدة لإظهار مدي إندماج المهاجرين فى فرنسا, ورغم أنها هاجرت إلى فرنسا عام 1982 وعمرها لا يتجاوز خمس سنوات برفقة والدتها وشقيقتها الكبرى, إلا أنها لم تتخل عن جذورها العربية وتمثل ذلك فى إحتفاظها باللكنة الريفية المميزة. ومن مستشارة قانونية فى مكتب محاماة أمضت به ثلاث سنوات بدأت بلقاسم أول خطوة فى مشوار الألف ميل بعد أن إنضمت فى عام 2002 إلى الحزب الاشتراكي الذي شغلت فيه عدة مناصب إلى أن سطع نجمها حينما ساندت الرئيس الفرنسي الحالى فرانسوا هولاند فى مؤتمراته السياسية وكانت المتحدثة الرسمية بإسم حملته، فقد أظهرت نجاة قدرة فائقة على الإقناع وتمكنت من جلب أصوات المهاجرين من ذوي الأصول العربية، الأصوات التى كان لها وزن فى تحديد نتائج الإنتخابات الرئاسية، كما عملت بلقاسم كناطقة رسمية باسم سيجولين رويال المرشحة الإشتراكية للرئاسة الفرنسية في عام 2007- والتي خسرت أمام مرشح اليمين المحافظ نيكولا ساركوزي. الحزب الاشتراكي أيضا أنار لها عوالم السياسة المختلفة وفنونها الممكنة، وكان السبب كي تلتقي بزوجها الحالي بوريس فالو الذي أنجبت منه توأمين، وفي عام 2013 أنشأت نجاة المجلس الأعلى للمساواة بين الرجال والنساء وهي هيئة تدافع عن المساواة بين الجنسين فى مختلف مجالات الحياة.. المغربية الشابة التي تنضح حيوية٬ ولا يطالها الإجهاد وهي ماضية تخط خطواتها بثبات في عالم السياسة تم تعيينها فى عام 2014 وزيرة لحقوق المرأة والمدينة والرياضة والشباب في حكومة مانويل فالس السابقة، وأيضا الناطقة الرسمية بإسم الحكومة. فرنسوا هولاند قال عنها: إنها تمتلك رؤية واضحة وتعرف التعبيرعنها وتحب النجاح دون غطرسة أوإستخفاف بالآخرين، كما صدر كتاب عن قصة حياتها يحمل عنوان «نجاة فالو بلقاسم: غزالة في بلد الفيلة» لمؤلفيه فيرونيك بيرنهايم وفالنتين سبيتز، واللذان يشرحان فيه كيف أن حياة نجاة بلقاسم مليئة بالصبر والثبات وخيبة الأمل والمفاجآت السارة وغير السارة في طريق مسكون بالفيلة التي لا ترحم نهائيا لكن كل الأشياء تهون أمام الطموح المسلح بالإلتزام لرسم مسار إستثنائي. ولقاسم ليست أول سيدة من أصل عربي تصل إلى إنجازات ونجاحات تفخر بها المحافل العربية والدولية، فهناك على سبيل المثال رشيدة داتي المغربية الأصل والتى شغلت منصب وزيرة العدل فى حكومة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي والمتحدثة باسمه خلال الإنتخابات الرئاسية لعام 2007، أيضا المصرية داليا مجاهد وهي أول مسلمة محجبة يتم إختيارها كمستشارة للرئيس الأمريكي باراك أوباما لشئون مجلس الأديان، والجزائرية نفيسة سيد كارا أول إمرأة تشغل حقيبة وزارية فى فرنسا.