الحزن يغطي كل شيء والسواد بات اللون الرسمي لمعظم البيوت صوت العويل لا ينقطع يمتد ليتواصل بطول محافظة الشرقيةالزقازيق أولاد صقر ،الحسينية ،منيا لقمح ،بلبيس ،ههيا الابراهيمية ، مشتول ،أبو حماد ، واليوم فاقوس - دموع تروي أنهارا و حسرة تدمي القلوب مع سقوط شهيد كل يوم. بعد فترة علاج دامت نحو الشهرين بالمستشفي العسكري وفي ليلة حزينة جديدة من عمر الزمن ودعت محافظة الشرقية شهيدا جديدا من أبنائها هو الشهيد مجند محمد علي إبراهيم نصر 22 عاما ابن قرية اشكر التابعة لمركز فاقوس والذي استشهد جراء إصابته بشظايا في المخ أثناء استهداف إرهابيين لمقر خدمته بأحد معسكرات الجيش برفح. الأمل الذي تشبثت به أسرته طوال فترة علاجه كان وراء المزيد من الألم واللوعة بعدما ظل يحدوهم طيلة الوقت بأن ابنهم في سبيله للعودة للحياة ممنين أنفسهم برؤيته بينهم مرة أخري يشاركهم دنياهم ، خبر اصابته وقع عليهم كالصاعقة فقد انتقل محمد الي سيناء دون أن يخبرهم ، حسه المرهف كان يبوح له بما تخبئ له الايام أشفق عليهم من قسوة الخوف واللهفة اذا ما علموا بوجوده هناك ،وفي إجازاته القصيرة كان ينتفض وهو يستمع لحديثهم عن الشهداء والأمهات الثكالي يستشعر لوعتهم فور إذاعة أي نبأ عن استهداف للجيش والمجندين بسيناء كاتما عنهم سره بأنه ربما يكون التالي بين قائمة الضحايا في حادث قريب . داخل منزل الشهيد وبعد لحظات قاسية مرت كأنها الدهر شيعت خلالها جنازته ووري جثمانه الثري التف المعزون الذين توافدوا علي القرية لتقديم واجب العزاء ومواساة الأسرة في مصابها الأليم ليحملوا المسئولية كاملة للارهاب الغادر وكل من اتبعه من أصحاب النفوس الضعيفة الذين أعماهم السلطان وأباح لهم سفك الدماء مطالبين بسرعة القبض علي هؤلاء الارهابيين والقصاص منهم. وفي أحد الأركان جلس الأب المكلوم مؤمنا بقضاء الله يردد بين الحين والآخر لله ما أعطي ولله ما أخذ ،حسبي الله ونعم الوكيل ،محمد شهيد ربنا يرحمه ويصبرنا علي فراقه كان نعم الولاد والرجال حبيبي ونور عيني ما كانش بيستحمل علينا أنا واخواته الهوي ويستطرد فور تخرجه من معهد الخدمة الاجتماعية العام الماضي حمل أوراقه وتقدم لآداء الخدمة العسكرية لم يماطل او يتعمد التسويف وجاء توزيعه بالجيش الثاني الميداني بمدينة الاسماعيلية كنت انتفض من الخوف عليه كل ما اسمع بحادث ارهابي لكنه كان دايما بيطمني ويقوللي ما تخافش المكتوب علي الجبين لازم تشوفه العين ، كان أمضي بالاسماعيلية حوال 6شهور وانتقل بعدها لسيناء لمدة شهرين لكن ما رضيش يقولنا عشان ما يزودش قلقنا لغاية ما عرفنا بالخبر المشئوم واصابته في حادث ارهابي اثر قذف معسكره بقذيفة هاون في رفح وعرفنا انهم نقلوه للمستشفي العسكري بالمعادي و رغم خطورة اصابته في المخ كان عندنا أمل أن ربنا يشفيه لكن أمر الله نفذ ،حسبي الله ونعم الوكيل اكتفينا حتي لا نثقل عليه ونزيد من عذابه ونحن ندعو أن يزيده الله ثباتا أما الأم المكلومة فقد ظلت تحتضن صورة الشهيد وهي تنتحب ودموعها تغطي وجهها تتفوه بكلمات قصيرة تقطعها بين الحين والآخر نوبة من العويل والصراخ حزنا وكمدا علي فراق الحبيب :محمد مات ، راح النور اللي كان بينورلنا حرام عليهم منهم لله اللي كانوا السبب ده كان ياضنايا بيأدي واجبه وعمره ما أذي حد من أول ماعرفت إنه رايح الجيش وأنا خايفة عليه لكن كان بيرد عليا ويقولي ما تقلقيش احنا رجالة ولو ما كناش نحمي بلدنا من يحميها عشان كده لما اتنقل سينا ما عرفناش وفضل شايل همه لوحده من آخر زيارة وأنا موهومة كانت في رمضان وفطرنا سوا كلنا كان بيضحك ياحبيبي عشان مانقلقش لكن عمري ما هنسي واحنا بنسلم عليه للمرة الأخيرة لتجهش في بكاء ثم تعود وتستكمل حديثها حاول يطمني ويقولي ياست الكل مش هتأخر. ويضيف أحد جيران الشهيد أن محمد كان قد أمضي بالخدمة 10 أشهر وعمره ما اشتكي منذ صغره وهو راجل يعتمد عليه مع اهله كان بيشتغل من واحنا في المدرسة وحتي لما كبر ودخل الجيش كان بيشتغل في لاجازة ليعين أسرته ويساعد ابيه في رعاية أشقائه عمره ما كسل ولا قصر. أما أحمد محمود أحد زملائه بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية فأكد أن محمد كان معروفا بدماثة الخلق وعلاقته الطيبة بزملائه وتعاونه