مطلوب من الخطاب الدينى بعد ما رأيناه من حوادث الإرهاب والتحرش والاعتداء على الأبرياء وإصرار البعض على الفرقة والعنف وسفك الدماء.. أن يبذل كل ما يستطيع للتصدى لكل من يحاول الإساءة والانحراف والتضليل والافتراء ودعم الباطل والانشقاق، وأن يحافظ على الصورة الحقيقية للدين الاسلامى السمح الحنيف، محاطة بالاجلال والتكريم، ولن يتسنى ذلك الا بقيام أئمة المساجد والدعاة والمعلمين والمسئولين عن رعاية الشباب، من ذوى العلم والعدل والفهم السديد لصحيح الدين الى جانب المتقين المخلصين، من أولياء الأمور ورجال الاحزاب وأجهزة الاعلام وغيرهم بالعناية ببث ما ينشده الدستور الربانى من هداية وضياء وقيم صحيحة والدعوة الى الالتزام بتوجيهات هذا الدستور الحافلة بتزكية الأرواح، وتنقية العقل وتقويته لإعداد شخصيات مؤمنة ربانية، عزيزة كريمة شامخة متوازنة متدفقة بالعواطف النبيلة، ولابد أن يعتمد الخطاب الدينى على ما يوجبه الايمان، وما تتطلبه مكارم الأخلاق ، وما يقتضيه الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وما تسعى إليه الصلاة والزكاة والصيام والحج من معطيات جليلة، ومنن كريمة، ونفحات هادية، وخير كثير، ترتاح به النفس، وتمتلك القوة الدافعة لفعل الطيبات، والابتعاد عن الخبائث والمنكرات، والتحلى بمراقبة الله عز وجل ورعاية حدوده، والتغلب على نوازع الهوى ومجاهدة النفس. إن التربية الرشيدة التى ينشرها الخطاب الدينى يجب ان تجاهد لحماية ما جاء من عند الله ،ففيه تشريع خالد يحكم حياة المسلمين، وفيه كل الفضائل التى يتحتم عرضها وجعلها شاملة جميع نواهى الحياة ،مؤمنة بأن كل هدى من عند الله داع كريم إلى حسن الخلق ومساندة الحق ورعاية الحياة ومؤكدة أن توجيهات رسول الله هى لمعلم عظيم يقود الى الصراط المستقيم. قال تعالي: «وإنك لعلى خلق عظيم» وقال أيضا: «وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم». إن الخطاب الدينى يجب أن يعنى بالتطوير بما يتناسب مع التطور الانساني، وان يكون حريصا على أن تكون دعوته شافية خالصة طاهرة لاتغفل عن سراجها المنير وهو القرآن المجيد والحديث الشريف يلازمها فى موكب التطوير حيث تقوم بتربية الضمائر والأخلاق والعقول فلا ينهض أصحابها الى الاعتداء على المجتمع والدين والخلق والشرف ولا يعرفون التحرش والفجور وهتك العرض، وضرب معانى الفضيلة وصور الاستقامة والعفة، ولا يستجيبون لنداء الشهوات البذيئة واغراء دعوات الفسق والعهر. إن الأخلاق الرفيعة وهى سلاح الخطاب الدينى تعنى وجوب طاعة أوامر الله واجتناب نواهيه وأن يكون المسلم مع الآخرين ملتزما بالصدق والأخلاق والأمانة والتراحم والتعاطف والبر والتواضع والعدل دائما متمسكا بالإيثار والحرق والهدم وينبذ يكره الظلم والعبث والفوضى وإنهاك الوطن، واعلاء شأن الفرقة والشقاق يقول سبحانه: «إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي». ويقول أيضا: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله»، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يروع مسلما». وعلى الخطاب الدينى أن يطالب بمنع عرض ما يعد للشباب من الأفلام المثيرة الخطيرة والصور المسيئة والمشاهد المعيبة، والرقصات الخليعة، وان يفضح فسادها وحرصها على قهر الحياء وتمجيد العرى والبطش والهوي. إن التوجيه الرشيد وتضافر المخلصين يقهر هجمات الإغراء الشرسة، ويصد موجات الاباحية المدمرة وسوف ينجح الخطاب الدينى بالحكمة والموعظة الحسنة والرفق واللين والآيات والحجج، فهو كفيل بردع أولئك الذين يخدعون الشباب ويضيعون مستقبله وهو أيضا قادر على تأكيد أن ديننا لا يعرف الارهاب والعنف والتخريب وقتل الأبرياء وقرآنه المجيد ينادي: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن». لمزيد من مقالات د. حامد شعبان