رسولنا صلي الله عليه وسلم, يدعونا إلي الاتحاد, ويود أن نبغض الفرقة والانقسام والشقاق, ويطالبنا بتلبية نداء رب العزة الذي يقول: واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقون. فقد كان دائما يحرص كل الحرص علي إطفاء كل بوادر الشقاق, وإنهاء جميع مايهدد عافية الأمة بالانهيار, فالاتحاد يجمع الأمة, ويوحد قلوبها, ويدعم صفوفها, ويجعلها علي قلب رجل واحد, ويوفر لها التكافل والتراحم والتعاون والبر, أما الفرقة فتمزق الصفوف, وتنشر الخلاف والنزاع والضعف, وتغير الأوطان. يقول سبحانه: ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم, ولكي يكون اتحادنا قويا شامخا فإنه يحثنا علي عدم التفريط فيما أتي به من الهدي والرشاد والدعوة الصادقة التي أثرت الحق والعدل والإحسان, ونهت عن الفحشاء والمنكر والبغي, ولم ترضخ لأغراض الدنيا الزائلة, وشهواتها المتعددة. وصفحة الاتحاد النقية الخالصة التي يري أن نضعها أمام أعيننا تقول: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث, ولاتجسسوا, ولاتحسسوا, ولاتنافسوا, ولاتحاسدوا, ولاتباغضوا, ولاتدابروا... المسلم أخو المسلم, لايظلمه, ولايخذله, ولايحقره, بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم, كل المسلم علي المسلم حرام, ماله, ودمه وعرضه, ويقول أيضا: ألا لايبع بعضكم علي بيع بعض, وينهي عن الهجر, ويقول: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث, وكل ماذكره يصون الوحدة, ويحمي بنيانها. ومن الغريب أن أعداء الاتحاد يسعدهم التهييج, ومساندة العبث والعنف والقطيعة, واشتعال الخلاف, وضرب الاستقرار, ووقف أي محاولة لتوحيد الكلمة, وإقامة الوفاق, وفتح صفحة طيبة جديدة مليئة بالتعاطف والتواد, ورفض التصارع والتناحر والفوضي, وكل سعي خبيث. وتوجيه الحق سبحانه يؤيد الإصلاح والحوار والاتحاد, فالحوار سبيل إلي إنهاء الخلافات, وإزالة الفرقة, واللجوء إلي الحكمة والموعظة الحسنة يجلب التآلف والترابط والخير. يقول المولي عز وجل: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما.. ويقول أيضا: ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن, أما التعويل علي العنف والاختلاف, فهو منبوذ مكروه, لأنه عدو للخير, وسند للشر, وتحريض علي الفرقة والتنافر والتصدع.. والحق أن دعوة رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي الاتحاد القيم, تريد لنا الخير كله, فالمخلص حقا لوطنه يجب أن يكون مصدرا للخير الذي ينبع من الاتحاد والتآلف, والبار حقا بوطنه هو من يجمع ولايفرق, ويصون ولايهدم يتمسك بالأمن والسلام والوئام, ويؤيد المصالحة والحوار الهادف, ويرحب بالفكر المنظم, وإجلال الحق, ومقت الباطل, مؤمنا بأن من واجبه أن يلم الشمل, ويجمع الكلمة, وليت الأمة الإسلامية كلها تقيم الوحدة, و,تتمسك بالنضال من أجلها. لقد دعا القرآن الكريم إلي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنهما تجارة رابحة, تصقل النفس, وتسمو بالروح, وتجزل الثواب. وتوجيه سام طاهر مرتبط بمدرسة الإيمان الخلقية, التي تقدم كل الفضائل, وتحرس أمانة الإنسان وعفته, وتحفظ توجهه, وتملأ قلبه بالتقوي والإخلاص, ليكون قوة هائلة, محاطة برعاية الخالق, معتصمة بتوجيه السماء, وهدي الأنبياء. ويقول سبحانه كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ومعني ذلك أن الإسلام أراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن تطبق تعاليمه, وتسود كلمته, وتنصر أخلاقياته ليعيش الجميع في ظل الاتحاد والمحبة, وتحت راية التآلف والبر والحق, حياة الأمن والسكينة, يطمئنون بعد قلق, ويأمنون بعد خوف, ويسعدون بعد شقاء. إن الآية الكريمة نور يوحد الأمة, وطهر يقود السعي, وخير في كل وقت, ومعروف يبغض النزاع والشقاق, وعمل صالح, يبتغي عند الله, ويجتنب الانقسام والتقاطع والتدابر والإفساد.