دكتور السيد البدوي،رئيس حزب الوفد المصرى ذلك الحزب الذى يعد أقدم حزب ليبرالى مصرى تم تأسيسه منذ أكثر من خمسة وتسعين عاما على يد مؤسسه الأول الزعيم «سعد زغلول»، وكان من الاحزاب التى لها أدوار كبيرة فى قضايا النضال الوطنى والاستقلال من الاستعمار، ولعب دورا كبيرا فى الحياة السياسية المصرية. السيد البدوى كان احد اعضاء اللجنة المنوطة بكتابة الدستور الجديد لجمهورية مصر العربية بعد ثورة 30 يونيو.. وفى حوار تحدث عن أهم المحاور التى تشغل الشارع السياسى والحزبى فى مصر ودور حزب الوفد فى هذا الحراك، ورأيه فى قانون الانتخابات البرلمانية والتحالفات الانتخابية ورغبته فى تأجيل الانتخابات المقبلة، تحدثنا عن رأيه فى المصالحه ومستقبل تيار الاسلام السياسى فى الحياة السياسية وأكثر ما يخشاه ان يحدث بعد اعلان نتيجة الانتخابات، وضرورة وجود تمثيل مرض للشباب، وتفاؤله بالمستقبل القريب لمصر، والى نص الحوار: نبدأ من الحدث الراهن ما هى حيثيات تحفظاتك على قانون الانتخابات البرلمانية ؟ أولا رأيى فى القانون، هذا القانون به عوار كبير جدا ، هذا القانون وضعه مجموعه من القانونيين من الذين ليس لديهم اى خبرة بالعمل السياسى واستعانوا بخبرات احد الوزراء الحاليين من الذين لهم خبرة أمنية فى وضع هذا القانون.,أنا معترض على طريقة اخراج القانون ومعترض على القانون نفسه ، لأن قانون الانتخابات قانون سياسي، قانون يضعه السياسيون ويصيغه القانونيين حتى يكون متوافقا مع الدستور أما ان تهمش الاحزاب السياسية ويهمش الساسة ولا يناقشه اى حزب سياسى فهذا خطأ كبير..للاسف خرج القانون ليتعارض تماما مع روح وفلسفة نصوص الدستور الذى وافق عليه المصريون بشبه اجماع، فى رأيى يتعارض القانون مع الدستور لأنه سيأتى بمجلس شعب مفتت ليس به اى كتلة او اكثرية . لماذا لن يكون هناك اكثرية فى المجلس المقبل ؟ لأن الانتخابات الفردية دائما ما يكون للمستقلين نصيب اكبر فيها ففى عام 2005 كان الحزب الوطنى يحكم سيطرته والذين فازوا من الحزب الوطنى كانوا بنسبة 32 % من اعضاء الحزب ولولا سطوة الحزب الوطنى فى ذلك الوقت وسيطرته على كل مجريات العمل السياسى ..هذا جعل المستقلين ينضمون إلى الحزب الوطنى مما جعل للحزب الوطنى اغلبية تمكنه من الحكم ، انما نحن الان فى ظل هذا القانون لن يكون هناك حزب اغلبية فى البرلمان وبالتالى لن يكون هناك كتلة صلبة يستطيع حتى رئيس الدولة ان يتعامل معها وتستطيع الحكومة ان تتناقش معها فى امر من امور البرلمان ، كل مستقل هو حزب بذاته فإذا اصبح لدينا فى هذا البرلمان 200 او 250 مستقلا فهذه ستكون كارثة فى قلب البرلمان ، لن يكون هناك نواة صلبة تساند اى مشروع قانون او تستطيع الدولة أن تتناقش مع كتلة معينة فى مشروع قانون محدد .. بالاضافة الى تشكيل الحكومة فالدستور يقول: تشكيل الحكومة يأتى من حزب الاغلبية وبذلك لن يكون لدينا حزب حاصل على اغلبية اذن سنعود مرة اخرى الى دستور 1971 حيث الرئيس هو رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لأنه هو الذى يشكل الوزراء ويعينهم ولا يستطيع اى سياسى أو حزب سياسى مثل الوفد له تاريخه وخبرته السياسية ان يتحدى شعبية الرئيس، فالرئيس له شعبية لا ينكرها احد وبالتالى لن يكون هناك اغلبية داخل البرلمان . ما رأيك فيما يقترحه البعض بإلغاء الاحزاب السياسية ؟ هناك الكثيرمن التيارات التى تحاول ان تظهر ولاءها للرئيس فتطالب بإلغاء الاحزاب وتطالب بتهميش الاحزاب وتطالب الرئيس بان يكون له حزب، لكن تهميش الاحزاب الذى يحدث الان لمصلحة من، فالتيار الناصرى مثلا يعتقد انه يجب الغاء الحياة الحزبية كما كان معمولا به عام 1953 ، وما حدث منذ اكثر من خمسين عاما لا يمكن ان يتكرر حدوثه فى 2014 فهذا وهم وعدم خبرة سياسية وعدم قراءة للمشهد الاقليمى والدولى ، ثم اذا الغينا الاحزاب السياسية نكون بهذا نلغى الدستور بالتبعية، فهناك المادة الخامسة فى الدستور وهى مادة فريدة لا مثيل لها فى اى من دساتير العالم تقول: ان الحياة السياسية تقوم على اساس التعددية الحزبية وتداول السلطة والفصل والتوازن بين السلطات, فعندما تلغى الاحزاب فقد الغيت نصا صريحا من الدستور، والديمقراطية تقف على ثلاث ركائز اذا غابت ركيزة واحدة منها غابت الديمقراطية، وهى تعددية حزبية وفكرية احترام حقوق الانسان والحريات العامة وتداول السلطة فأنا لو اسقطت اثنتين من الثلاث لم يعد هناك ديمقراطية، واذا ارادوا ان يخترعوا ديمقراطية بدون أحزاب فأود أن اعرف كيف يكون شكلها. أين الشباب من الانتخابات البرلمانية المقبلة ؟ يجب ان يتم تمثيل للشباب وهم عنصر اساسى فى صناعة ثورتين ، فالشباب اصبح ليس لديه القدرة أن ينافس فى مثل هذه الانتخابات وهؤلاء الشباب اذا لم يجدوا انفسهم فى البرلمان ويجدوا من يمثلهم ستكون هناك حالة من حالات الفوضى فى البلاد ، فأنا لست قلقا من اجراء الانتخابات اكثر من قلقى بتنفيذها بهذا النظام الفردى لأنها بهذا ستشهد عنفا كبيرا ، ففى انتخابات 2010 كان هناك 15 ألف مرشح وكان معروفا ان هذه الانتخابات ستكون مزورة ورغم ذلك ترشح 15ألفا، فما بالنا بانتخابات قادمة بعد ثورتين فى ظل وجود رئيس يحبه الشعب ومعظم من له قدره على العمل السياسى يرى انه لزاما عليه ان يشارك فى بناء الدولة فى هذه المرحلة فسيتم ترشيح عدد كبير جدا لن يقلوا عن 25 ألف مرشح، وانعكاسا لهذا الرقم سنجد فى كل دائرة من 100 الى 150 مرشحا والسلاح فى أيدى الجميع وهناك مؤامرات ومخططات لإسقاط الدولة وهناك فتن داخلية وادوات لتنفيذ هذه المخططات ولإحداث هذه الفتنة ومسيرات فى الشوارع ... هل أنت مع تأجيل الانتخابات البرلمانية؟ رأيى الشخصى فى ذلك وليس رأى حزب الوفد، اذا كان هذا التأجيل مرتبطا بحوار مجتمعى وسياسى حول قانون الانتخابات على ان يعاد النظر فيه فأنا مع التأجيل ، اما اذا كان التأجيل للتأجيل فقط فأنا ضد التأجيل. إذن ما الحل الذى يرضى الاحزاب ؟ طرح قانون الانتخابات لحوار مجتمعى وحوار سياسى ونبدأ نناقشه مرة أخرى واذا وصلنا الى قرار تأجيل الانتخابات فلنؤجلها ، فنحن ليس لدينا مجلس نواب منذ عام 2012، فلن يكون هناك مشكلة اذا تأجلت الانتخابات لمدة ستة أشهر ويتم وضع قانون انتخابات يجنّب البلد ويلات كثيرة جدا، فأنا مع تأجيل الانتخابات اذا كان هناك أمل فى ان يعود قانون الانتخابات بقرار من رئيس الجمهورية مرة اخرى لحوار مجتمعى ويدرس دراسة وافية ونتلافى كل العيوب الموجودة فيه وايضا قانون الدوائر الانتخابية يطرح لحوار مجتمعى لأن تقسيم الدوائر الجديد الذى تسرب ، قام بعمل ازمة فى كل دائرة فإذا كان تأجيل الانتخابات مرتبطا بهذين الامرين فانا مع تأجيل الإنتخابات. بماذا ترد على الذين يقولون ان الرئيس بذلك سينفرد بالسلطة ؟ كل قرارات الرئيس التى تصدر الان بخصوص بعض القوانين يستطيع مجلس النواب اذا جاء بعد عام ان يلغيها فليس هناك انفراد بالسلطة ..مجرد انفراد مؤقت بالتشريعات، لكن اى قانون يصدره رئيس الجمهورية الان لا يعتبر قانونا الا اذا وافق عليه البرلمان القادم فى أولى جلساته، وإذا لم يقره البرلمان يتم الغاء القانون. فى حال عدم تأجيل الانتخابات.. مع أى تحالف سيكون حزب الوفد؟ نحن لدينا تحالف اسمه «تحالف الوفد المصري» ، ويضم مجموعة من الاحزاب والشخصيات العامة وبعض القوى الوطنية مثل حزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى وحزب الاصلاح والتنمية والمحافظين وحزب الوعى برئاسة محمود طاهر رئيس النادى الاهلى وعمرو الشوبكى وهانى سرى الدين ممثلين للكتلة الوطنية وهناك تشاورات حول ضم بعض الاحزاب الصغيرة والتكتلات الشبابية. ما عدد المقاعد التى تتوقع ان يحصل عليها الوفد فى البرلمان المقبل ؟ فى البداية نحن ننافس على الاغلبية، وسيكون لنا مرشحون فى كل الدوائر قوائم وفردي، نحن نسعى للاغلبية ولدينا عدد كبير من المرشحين القادرين على الفوز ولكن الانتخابات المقبلة من الصعب جدا التكهن بنتائجها ، لأنها اول انتخابات تتم بهذا النظام وفى مناخ بهذا الشكل. ماذا عن التيار الاسلامى ونسبة وجوده فى البرلمان المقبل ؟ اتوقع ان يحصل التيار الاسلامى كله على نسبة ما بين 15و20% وهذه نسبة ليست سهلة فلو اصبح لدينا فى البرلمان مائة نائب من التيار الاسلامى فكل واحد منهم سيتكلم و يطلب المناقشة كأنه حزب مستقل وله الحق فى ذلك لأنه يريد ان يظهر امام ابناء دائرته الذين انتخبوه، بعكس الاحزاب والكتل فلكل منهم رئيس هيئة برلمانية يتحدث بالنيابة عن اعضاء الحزب، والإخوان انتهوا ويعيشون فى خديعة على الأوهام. بماذا تبرر هذا العدد الكبير من الاحزاب فى مصر والذى يتجاوز ال94 حزبا ؟ هذا شيء طبيعى جدا بعد الثورات والانتقال من حكم شمولى الى حكم ديمقراطى وبعد بداية التعددية الحزبية الحقيقية فمن الطبيعى ان يحدث هذا الامر، ففى أسبانيا بعد حكم الجنرال «فرانسيسكو فرانكو»، كان هناك 180 حزبا فهذا شيء طبيعي، ومع قدوم أول انتخابات سيصل هذا الرقم الى سبعة احزاب أو أقل هم من لهم أعضاء بالبرلمان، والبقية لن يكن لها وجود ,ففى تطور العمل السياسى وتطور الحياة الديمقراطية وبعد ثورتين، لا يزعجنا هذا العدد من الاحزاب ولذلك ربما يعانى الرئيس من وضع المعايير التى تساعده فى تحديد اى الاحزاب التى يجب ان يجلس معها حتى لا يغضب بقية الاحزاب. ما أهم القوانين التى يود حزب الوفد مناقشتها فى البرلمان المقبل ؟ مهمة البرلمان القادم هى تحويل الدستور الذى هو نصوص مكتوبة على الورق الى واقع من خلال تشريعات، تحويل الدستور الى برنامج عمل وطنى فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية وفيما يتعلق بالحقوق والحريات والواجبات العامة وفيما يتعلق بنظام الحكم وحماية اصول الدولة والحفاظ على هوية الدولة والدستور لم يترك صغيرة او كبيرة الا وتعرض لها. انت واحد من الذين شاركوا فى كتابة الدستور فهل انت راض عنه تماما ؟ لى الشرف بأننى كنت احد من شاركوا فى صناعة هذا الدستور، صحيح ان هناك بعض التصوص التى ازعجت البعض مثل نظام الكوتة وغيره فنحن لم نوفق فى بعض النصوص، ولكن اذا تحدثنا عن الدستور فى مجمله فهو يعتبر من اعظم الدساتير التى وضعت منذ عام 1923، والمسودة التى عمل عليها لجنة الخبراء واطلعنا عليها فيما بعد فرئيس الجمهورية لم يكن له اى سلطات اطلاقا، ولكننا قمنا بتعديل المسودة فيما يخص سلطات الرئيس وحمايته بما يعيد الاعتبار لمنصب الرئيس مرة اخري، فلجنة الخبراء التى اعدت المسودة كانت متاثرة للغاية بشخصية مرسى فخشيت ان تعطى سلطات كثيرة للرئيس، واعطينا له السلطات فعلى سبيل المثال لم يكن للرئيس سلطة تعيين الوزراء السياديين فأرجعناها للرئيس ولم نكن نعلم من هو الرئيس القادم حينها. ما هو طموح السيد البدوى السياسى فى الأيام المقبلة؟ انا اعلنت منذ ان توليت رئاسة حزب الوفد فى الدورة الاولى اننى لن يكون لى اى منصب سوى رئاسة الوفد وأنا أسمى نفسى «كبير العائلة الوفدية» فلن يكون لى منصب فى البرلمان او الدولة ورفضت قبل ذلك هذا الامر كثيرا. كيف شاهدت ردود الفعل بعد نشر تقرير هيومان رايتس ووتش بخصوص فض اعتصام رابعة ؟ هذا التقرير لم يحدث صدى كبيرا داخل مصر ولكنه أحدث الكثير من ردود الافعال الغاضبة خارج مصر ، وفى الحقيقة لم اهتم بقراءته ولن اقرأه انا فقط قرأت بعض الملاحظات التى اثيرت حوله ولو ان تقرير الهيومن رايتس ووتش كان لمصلحتنا، فالذى يريد ان ينفذ مخططا لإفشال الدولة المصرية له ألف مبرر ومبرر، ومادامت ان الجبهة الداخلية متماسكة وقوية فلا يغينا الخارج فى شئ، فالدولة مارست سلطاتها كدولة واذا لم تفعل ذلك لسقطت الدولة المصرية وهذا ما كان يُخطط له.