ليست المشكلة في المسميات، لأن عباءة الإرهاب تتسع لأضعاف أضعاف التنظيمات العلنية والسرية التي يشار إليها في وسائل الإعلام، بدءا من تنظيم القاعدة ووصولا إلي تنظيم داعش، وجميعها للعلم ولدت ونمت وترعرت في أحضان أجهزة الاستخبارات الغربية، وعلي رأسها المخابرات المركزية الأمريكية. وهذا هوالسر في العلاقة المريبة بين واشنطن والجماعة التي تشكل نسيج العباءة المطلوبة لإخفاء وإظهار هذه التنظيمات بتلك المسميات حسب الحاجة وفي إطار التنسيق طبقا للتوقيتات المتفق عليها والمحسوبة بكل دقة! نحن إزاء جماعة يزيد عمرها على 80 عاما كان لها الدور الأكبر في نشر وتغذية ثقافة التطرف التي تسمح لبذور الإرهاب بالنمو والنضج داخل الصوب لعزلها عن أجواء الاعتدال والحداثة والتطور واستمرار حبسها في إرث الجمود والتصلب، بدعوي الاقتداء بالسلف الصالح وابتداع ما يسمي بالسلفية الفكرية! ومعني ذلك أن الخطر في ثقافة التطرف أكبر بكثير من خطر الرصاص والقنابل والمتفجرات لأن هذه الثقافة المتخلفة تنتصر للفرز الديني والإقصاء المذهبي والتمييز العرقي علي حساب التعايش والتسامح والشراكة، ومن ثم تتسع عباءة الإرهاب لتتجاوز القتل علي الهوية وتبلغ حد تخيير أهل الذمة من شركاء الوطن والأمة ما بين دفع الجزية أو التهجير القسري أو الموت ذبحا علي طريقة أبو بكر البغدادي وشركاه. والحقيقة أن الإسلام علي طول تاريخه واجه الكثير من التحديات والمصاعب علي شكل مرتدين وخوارج وانعزاليين، لكنه لم يعرف مثل هذه الممارسات الوحشية والقبيحة التي تكشف عن عبثية سلوكية مقصودة للتنفير والاستعداء وتوفير البيئة الملائمة لاستهداف الأوطان العربية والإسلامية ووضعها في أقفاص الاتهام بمعاداة الحضارة الإنسانية وتهديد مستقبل البشرية. ولأن القرارات المتأخرة تتجاوز في مخاطرها وتداعياتها السلبية القرارات الخاطئة أو المتسرعة، فإن الحاجة تدعو إلي صحوة عربية وإسلامية عاجلة من خلال مؤتمر علي مستوي القمة تحت عنوان واحد هو: «اجتثاث ثقافة التطرف»! هذه قضية حياة أو موت لهذه الأمة التي يراد إعادة تسكينها في كهوف القرون الوسطي بكل ظلاميتها وتخلفها! خير الكلام: إذا تملك الشر عقلك أبعدك عن إنسانيتك ! http://[email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله