يوافق اليوم الذكري السنوية السادسة عشرة لرحيل الصحفي والمفكر والكاتب الكبير أحمد بهاء الدين الذي يمثل علامة بارزة ومضيئة في تاريخ الحياة الثقافية والصحفية والإنسانية في تاريخ مصر المعاصر. والحديث عن أحمد بهاء الدين أمر بالغ الصعوبة لأن من الصعب أن نوفيه حقه, والأصعب من ذلك أن نتجنب الصدام مع خصوم فكره. وربما لهذا يكفي أن أقول أن أحمد بهاء الدين كان كاتبا شجاعا علي عكس ما كان يظن البعض أن لديه قدرة هائلة علي الهروب من المواقف الصعبة لأن شجاعته كانت ترتبط فقط بما هو مقتنع به, وما هو علي استعداد للصدام بسببه, أما القضايا التي لا ناقة له فيها ولا جمل فقد كان يبتعد عنها حتي لو كان الناس جميعا يتحدثون فيها ويتجادلون بشأنها. لقد كان سباقا في استشراف المستقبل, وكان ذلك أهم ما يميزه عن محترفي الكتابة عن الماضي فقط, وكانت له دعواته وأفكاره وآراؤه التي شكلت بصيصا من النور لأجيال عديدة كانت تبحث عن الكلمة الجادة والرزينة طلبا للمعرفة وبحثا عن الحقيقة. كان أول من نبه إلي أن الصراع العربي- الإسرائيلي صراع حضارة ووجود قبل أن يكون صراعا سياسيا وعسكريا.. و كان من أخلص المؤمنين لفكرة القومية العربية وأسبق الدعاة إلي خريطة جديدة لمصر للخروج من الوادي الضيق إلي الصحراء الشاسعة لاستزراعها وتعميرها. لقد توقف عقله وقلمه عن المشاركة في مناقشة قضايا الأمة قبل الرحيل يوم24 أغسطس عام1996 بحوالي6 سنوات بسبب المرض اللعين الذي غيبه عنا وعن كل ما حوله في وقت كانت الحاجة إليه ماسة وملحة بعد أن دق جرس الإنذار منبها إلي بدء نمو بذور الإرهاب والتطرف التي تريد أن تتستر في عباءة الدين, وقبل أن تدهمنا كارثة الغزو العراقي للكويت لتغتال حلم التضامن العربي!. رحم الله كاتبا وطنيا وقوميا شجاعا تتضاءل إلي جوار كتاباته وإسهاماته كل المناصب الصحفية الرفيعة التي تولاها عن جدارة واستحقاق! خير الكلام: أحكم الناس في الحياة أناس.. عللوها فأحسنوا التعليلات! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله