أتمنى أن تركز الحكومة خلال الفترة القادمة على الترويج للتعليم الفنى وإظهار مزاياه، ويمكننا الاقتداء بتجربة المدارس فى سويسرا تصريحات الطالب محمد هانى أول الجمهورية على الثانوية الفنية تعكس تغير نظرة الشباب للتعليم الفنى. محمد تخرج من المدرسة الفنية المتقدمة لتكنولوجيا الطاقة النووية بالضبعة بمجموع 99.7٪، اختار الدراسة فى هذه المدرسة بإرادته وفضلها على مدارس الثانوى العام رغم تفوقه الكبير فى الإعدادية، وقضى خمس سنوات بالضبعة مبتعدا عن بيته بالقاهرة، بتشجيع كامل من أسرته الصغيرة المكونة من والده الموظف بهيئة النقل العام ووالدته وشقيقته الصغرى. وقد أعلن أمس بعد ظهور النتيجة وحصوله على المركز الأول أنه لا يرغب فى الالتحاق بكلية الهندسة التى تفتح له أبوابها وذراعيها، بل أنه لا يفكر أساسا فى الالتحاق بالتعليم الجامعى، وكل حلمه أن يبدأ حياته العملية فورا من داخل محطة الضبعة، وفى مجال الطاقة النووية الذى عشقه من خلال دراسته بالمدرسة الفنية، ويؤكد أنه يثق تماما أن هذا المجال سيحقق له طموحه، ويوفر له مستقبلا أفضل من كافة النواحى. تصريحات محمد تلفت أنظارنا لتجربة مدارس التكنولوجيا التطبيقية ودورها فى خلق سوق عمل جديد للشباب يسمح لهم بتحقيق طموحاتهم المهنية والمادية أيضا. هذه النوعية من المدارس التى تم افتتاحها عام 2018 ، والتى بدأت تجذب الشباب وتغير أفكارهم وتغير معها نظرة المجتمع كله للتعليم الفنى. وأهم ما يميز مدارس التكنولوجيا التطبيقية هو قدرتها على ربط التعليم بسوق العمل، من خلال الشراكة بين وزارة التربية والتعليم، وكبرى الشركات، بما يضمن تدريباً عملياً للطلاب فى مصانعها ومنحهم شهادات خبرة معتمدة، كما يتيح لهم أيضا فرص عمل مضمونة فى هذه الشركات، وبأجور مرتفعة. ومن مزايا هذه المدارس أيضا، تركيزها على تخصصات عديدة حديثة تواكب العصر، وترتبط باحتياجات البيئة المحيطة، مثل تكنولوجيا المعلومات، والذكاء الاصطناعي، وبرمجة البيانات، والألعاب الرقمية، والتكنولوجيا الزراعية وتكنولوجيا الرى، وتخصصات ناشئة مثل صناعة السفن والطباعة ثلاثية الأبعاد. بالإضافة طبعا للمدرسة الفريدة التى تخرج منها محمد هانى صاحب المركز الأول، وهى مدرسة الضبعة النووية والتى تعد المدرسة الأولى والوحيدة من نوعها فى الشرق الأوسط فى مجال الطاقة النووية، ويتم تأهيل طلابها للعمل فى مجال المفاعل النووى السلمى، وتقع فى مدينة «الضبعة» بمحافظة مطروح، على مساحة 8.5 فدان، وهى مجهزة بأعلى وأحدث التجهيزات والمعامل والورش، ويتوافر فيها إقامة داخلية للطلاب والمعلمين. أتمنى أن تركز الحكومة خلال الفترة القادمة على الترويج للتعليم الفنى وإظهار مزاياه، ويمكننا الاقتداء بتجربة المدارس فى سويسرا، حيث يقومون بدمج التعليم الفنى داخل مدارس التعليم العام، ويتم تخصيص جانب كبير من المناهج للجانب العملى، على يد حرفيين متخصصين، بهدف تزويد الطلاب بمهارات فنية إلى جانب التعليم النظري، وجذبهم إلى هذه النوعية من التعليم، وهى تجربة تساهم بالفعل فى توجيه أنظار و»مزاج» الطلاب تجاه التعليم الفنى منذ صغرهم، لزيادة الاقبال عليه، وهى استراتيجية مهمة، ترتبط برؤية مصر 2020، ونحتاج لتفعيلها فورا بشرط واحد، أن يكون إصلاح حال التعليم الفنى على مستوى كل مدارس التعليم الفنى، وليس مدارس التكنولوجيا التطبيقية فقط.