جددت أزمة قضية التمويل الأجنبي وقرار رفع الحظر عن سفر المتهمين الأجانب وأغلبهم أمريكيون طرح السؤال المزمن والذي يتردد بشدة علي الألسنة والشفاه في الوطن العربي علي مدي السنوات الأخيرة. ومضمون السؤال هو: لماذا تبدو السياسة الخارجية الأمريكية في حالة عداء وصدام مع أغلب شعوب الدنيا وبالذات الشعوب العربية؟ ولاشك في أن هذا السؤال يستحق أن يطرح علي موائد البحث والتحليل المحايد لأنه ليس من المعقول أن يكون هدف السياسة الخارجية لقوة عظمي لها أهدافها ومقاصدها ومصالحها الحيوية والاستراتيجية هو تعميق روح العداء وعدم الفهم لها في منطقة مليئة بالمصالح الحيوية لأمريكا. الحقيقة أن هناك مجموعة أسباب عديدة ومتنوعة يمكن الاستناد إليها في محاولة فهم وتفسير هذا التباعد في الرؤي والأفكار بين أهداف السياسة الخارجية الأمريكية ونبض الرأي العام العربي ولكن السبب الأساسي يرجع حسب اعتقادي إلي أن الشعب الأمريكي لا يهتم بالشئون الخارجية إلا عندما تنفجر الأزمات ويجد الناس أنفسهم أمام طروحات لا يعرفون شيئا عن جذورها! بوضوح شديد أقول: إن الشعب الأمريكي لا يشعر بالحاجة إلي الانفتاح علي الثقافات الأخري والغالبية العظمي من الأمريكيين يعتقدون بأن العالم هو أمريكا فقط وأن كل ما يجري خارجها لا يعنيهم في شيء. والأهم والأخطر من ذلك كله أن الإعلام الأمريكي المحلي وهو الأكثر انتشارا والأكثر تأثيرا يصب في هذا الاتجاه الانعزالي فضلا عن أن نسبة لا يستهان بها من أعضاء الكونجرس الأمريكي الذين يقررون ويرسمون ملامح السياسة الأمريكية لم يسبق لهم مغادرة أمريكا أو التعرف المباشر علي ثقافات الدول الأخري ويكتفون بما يقرأون ويسمعون عبر وسائط الإعلام الأمريكية الموالية لإسرائيل والمعادية للعرب. وفي غيبة من رأي عام أمريكي مدرك لمخاطر مثل هذه السياسات الإعلامية التي تعزله عن مجريات الشئون الخارجية يصبح من السهل علي الإدارة الأمريكية حسب توجهاتها أن تفعل ما تشاء وهي علي ثقة من انشغال الشعب الأمريكي وعدم اطلاعه علي أخطاء ومثالب السياسة الخارجية خصوصا مع الكم الهائل من الإغراق الإعلامي للقضايا المحلية والجرائم المثيرة وأخبار الفضائح التي تتعلق بالفنانين والمشاهير! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: لا قيمة للإسراع بالخطي إذا كنت تعدو علي الطريق الخطأ! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله