لم يعد هناك أدني شك في أن التعامل الأمريكي مع القضايا الدولية بشكل عام وقضايا منطقة الشرق الأوسط بوجه خاص يعكس جهلا فاضحا بطبائع وثقافات الشعوب الأخري. وقد ظهر ذلك بوضوح في التعامل الأمريكي مع الربيع العربي من خلال السعي- غير المشروع وغير المبرر- لركوب الموجة ومحاولة توجيه الدفة لصالح الأهداف والمقاصد الأمريكية في المنطقة فقط! وإذا كنا نسلم أن من حق الولاياتالمتحدةالأمريكية كقوة عظمي أن تبدي اهتمامها بما يجري خارج حدودها وبالذات في مناطق المصالح الحيوية والاستراتيجية لها فإننا في الوقت نفسه لا نسلم بحق أمريكا أو غيرها في أن تدس أنفها في أدق شئوننا. وربما يكون سبب التشكك العربي الواسع في جدية ومصداقية الأطروحات الأمريكية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان من خلال ضخ الأموال ودعم التحريض بواسطة ما يسمي بالمنظمات الأهلية هو أن سجل الماضي لم يشهد لأمريكا أو حلفائها الأوروبيين بأي قدر من الجدية والمصداقية في الفهم الصحيح للقضايا العربية وطموحات شعوب المنطقة في السيادة والاستقلال الوطني. أريد أن أقول بوضوح: إن التشكك في نيات أمريكا ومقاصدها لا يجيء من أرضية التعصب وعدم الفهم لأن العرب ليست لهم مصلحة في العداء والتصادم مع أمريكا ولكن واقع الحال الذي ترصده العيون يكشف عن أن غياب الثقة يرجع إلي غياب الفهم الأمريكي الصحيح لحقائق الأوضاع في الشرق الأوسط تحت تأثير القوي المهيمنة علي مطبخ صناعة القرار. وحتي لو سلمنا بصحة ما يدعي به بأن السياسات العربية بها مثالب وأخطاء عديدة تغري علي التحريض ضدنا فإن ذلك ليس مبررا كافيا لاستمرار وضع دول المنطقة تحت وطأة الضغط والابتزاز والتهديد بالعقوبات وقطع المعونات عند ظهور أي بادرة رفض للتوجهات والإملاءات الأمريكية. وأقول- دون تجن- بأن أزمة الأمريكيين تكمن في أنهم لا يهتمون بقراءة التاريخ كأحد مفاتيح التعامل مع الشعوب الأخري... ربما لأنهم أمة حديثة الوجود.. أمة بلا تاريخ! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: مهما غازلتك' الغانية' فهي عدو في ثوب صديق! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله