"مورجان ستانلي" تتوقع زيادة اعضاء اوبك بلس إنتاجهم 420 ألف برميل يوميًا خلال يونيو وسبتمبر    حاكم كاليفورنيا يتهم ترامب ب"إشعال الحرائق" في لوس أنجلوس بنشر الحرس الوطني    مانشستر سيتي يقترب من حسم صفقة ريان شرقي    طقس غداً الثلاثاء شديد الحرارة نهارًا معتدل ليلًا على أغلب الأنحاء    القصة الكاملة| ماذا حدث في عيادة قنا وسبب رفض الكشف الطبي على الحالة؟    4 دوائر.. ننشر تمثيل المرأة في قوائم مجلس الشيوخ القادم    فرق صندوق تحيا مصر بالأقصر يوزعون لحوم الأضاحى على الأسر المستحقة.. صور    من الشهر المقبل.. تفاصيل زيادة الأجور للموطفين في الحكومة    موعد إجازة رأس السنة الهجرية.. تعرف على خريطة الإجازات حتى نهاية 2025    سفير ألمانيا بتل أبيب يعلن نقل نشطاء السفينة "مادلين" إلى إسرائيل    العاهل الأردني: منح الفلسطينيين كامل حقوقهم هو السبيل الوحيد لاستقرار المنطقة    الأمين العام لحلف "الناتو" يدعو إلى زيادة قدرات الحلف الدفاعية الجوية والصاروخية بنسبة 400%    بسخرية.. مقدم كوميدي أمريكي شهير يعلّق على خلاف ترامب وماسك (فيديو)    الاحتلال يواصل هدم المنازل في مخيم طولكرم تزامنا مع مواصلة عدوانه لليوم ال134 تواليا    حزب العدل: انتهينا من قائمة مرشحينا للفردي بانتخابات مجلس الشيوخ    محافظ الغربية يتابع فعاليات "العيد أحلى بمراكز الشباب" في رابع أيام عيد الأضحى    رغم إحباط دوري الأمم.. ناجلسمان يرفض تغيير أهدافه في كأس العالم 2026    33 يومًا من الزهد الروحي.. رحلة صوم الرسل في الكنيسة القبطية    مصرع شخص وإصابة اثنين آخرين فى حادث بالدقهلية    في ختام العيد.. شوارع السويس هادئة والشواطئ والفنادق تكتظ بالزوار    آخر موعد لتقديم الأضحية.. وسبب تسمية أيام التشريق    شهيد الشهامة.. جهاز العاشر يقيم عزاء للسائق خالد عبد العال الأربعاء المقبل    إصابة عامل بحروق نتيجة صعق كهربائي بمزرعة في الدقهلية    محافظ بورسعيد يوجه التضامن الاجتماعي لإنقاذ 3 أطفال تم إلقاؤهم في الشارع    مناقشة جدلية بين إلهام شاهين وإحدى متابعيها بسبب فريضة الحج.. اعرف القصة    بعد الحج.. تفاصيل حفل أحمد سعد في نادي الشمس    مواعيد عمل المتاحف والمواقع الأثرية في عيد الأضحى 2025    خاص| محامي المؤلفين والملحنين: استغلال "الليلة الكبيرة" في تقديم تريزيجيه غير قانوني    ما حكم صيام الإثنين والخميس إذا وافقا أحد أيام التشريق؟.. عالم أزهري يوضح    طريقة عمل الفخذة الضانى فى الفرن بتتبيلة مميزة    في عيد الأضحى.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول الكرشة؟    اعتماد كامل لعيادات الأطفال أبو الريش من هيئة الاعتماد والرقابة الصحية    وكيل صحة القليوبية يتفقد المركز الطبي العام ببنها في آخر أيام عيد الأضحى    متحدث حزب شاس الإسرائيلي: سنصوت يوم الأربعاء لصالح حل الكنيست    تزامناً مع ترؤس "جبران" الوفد الثلاثي لمؤتمر العمل الدولي بجنيف.. 8 حيثيات تؤكد امتثال مصر للمعايير الدولية    الأربعاء.. عرض "رفرفة" ضمن التجارب النوعية على مسرح قصر ثقافة الأنفوشي    تجديد حبس أجانب بتهمة الاتجار في الآيس بمدينة نصر    دار الإفتاء تنصح شخص يعاني من الكسل في العبادة    ارتفاع كميات القمح الموردة لصوامع وشون الشرقية    حقبة تشابي ألونسو.. ريال مدريد يبدأ استعداداته لكأس العالم للأندية 2025    التحالف الوطنى بالقليوبية يوزع أكثر من 2000 طقم ملابس عيد على الأطفال والأسر    الجامعات المصرية تتألق رياضيا.. حصد 11 ميدالية ببطولة العالم للسباحة.. نتائج مميزة في الدورة العربية الثالثة للألعاب الشاطئية.. وانطلاق أول دوري للرياضات الإلكترونية    د.عبد الراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "13 " .. حقيقة الموت بين الفلسفة والروحانية الإسلامية    غرق طفلة وإصابة شقيقتها ووالدتها إثر انهيار سقف ترعة في العدوة بالمنيا    ياسمين صبري تساعدك في التعرف على الرجل التوكسيك    وزيرة البيئة تتوجه إلى نيس بفرنسا للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات UNOC3    ترامب يتعثر على درج الطائرة الرئاسية.. وروبيو يتبع خطاه    احتفالات مبهجة بثقافة الشرقية فى عيد الأضحى ضمن برنامج "إبداعنا يجمعنا"    دعاء الخروج من مكة.. أفضل كلمات يقولها الحاج في وداع الكعبة    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بمبادرة الكشف المبكر عن السرطان    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 9-6-2025 صباحًا للمستهلك    وداع بطعم الدموع.. الحجاج يطوفون حول الكعبة بقلوب خاشعة    استعدادا لامتحان الثانوية 2025.. جدول الاختبار لطلبة النظام الجديد    6 مواجهات في تصفيات كأس العالم.. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    «بخلاف كون اللقاء وديا».. ريبيرو يكشف سبب عدم الدفع بتشكيل أساسي ضد باتشوكا    «عايز يضيف».. ريبيرو يتحدث عن انضمام زيزو إلى الأهلي    الخميس المقبل.. ستاد السلام يستضيف مباراتي الختام في كأس الرابطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألمانيا .. تضحيات وتحديات هائلة للتقدم
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 09 - 2014

عقب الإنجاز الكبير الذى حققه منتخب المانيا لكرة القدم فى مونديال البرازيل، انتاب الألمان موجة من الشعور القومى انعكس فى انتشار ملايين الأعلام الألمانية فوق الشرفات وعلى السيارات وفى كل مكان.
وقد ارادت إحدى الصحف ان تذكر الألمان بأن مسئوليتهم التاريخية تحتم عليهم مراعاة مخاوف جيرانهم من هذه النعرة القومية حتى لو ارتبطت بالرياضة، مذكرة إياهم ايضا بأنهم وفى اول استطلاع للرأى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية اجرى فى المانيا الاتحادية (الغربية) عام 1951 لم يكن لديهم هذا الانتماء القوى للعلم الألمانى بالوانه الثلاثة الأسود والأحمر والذهبي، بل طلب نصف المواطنين أنذاك تغيير اللون الذهبى بالأبيض( بمايشبه العلم المصرى مع إختلاف ترتيب الالوان).
هذا الشعور القومى المتنامى لدى الألمان الذى حذرت منه الصحيفة يعتبر ظاهرة حديثة هنا حيث تراجعت حساسية الألمان نحو إظهار قوتهم وازدادت فى العقد الأخير المطالب بأن تتبوأ المانيا مكانتها العالمية دون خوف. فألمانيا اليوم تكتسب قوتها من وحدتها الأوروبية كما ان الثمن الذى سدده الألمان اثناء وبعد الحرب العالمية الثانية كان باهظا للغاية وكذلك فإن الفضل فيما يعيشون فيه اليوم من رفاهية يعود للسواعد والعقول الألمانية فى المقام الأول.
نساء الأنقاض!
بعد هزيمة المانيا فى الحرب العالمية الثانية وتسليمها فى 8 مايو 1945، كان الوضع كارثيا! فقدت المانيا ثلاثة ملايين ونصف المليون من ابنائها وأعتبر 40% من سكانها من ضحايا الحرب فى حين عانى 60% من السكان التشرد والجوع بعد أن دمر ثلثا البلاد بالكامل خاصة المدن الالمانية الكبرى التى سويت اكثر من نصف مساكنها بالأرض ، وفى الوقت الذى بلغ فيه عدد اسرى الحرب الالمان نحو 11 مليون اسير، وجد من تبقى من سكان المانيا انفسهم مضطرين لاستقبال نحو 25 مليون لاجئ من اصول المانية هربوا من المناطق التى كانت خاضعة للرايخ الالمانى فى بروسيا وبومرن وشليزيا والسوديت فى شرق اوروبا وبولندا والتشيك، ومثل إدماج هؤلاء اللاجئين تحديا ثانيا ضخما للمجتمع الالمانى المنهار بعد الحرب.
اما التحدى الأول الذى جابهته المانيا المدمرة والمحتلة فكان نقص الرجال ، فمن بين اسرى الحرب الألمان بقى نحو ستة ملايين اسير حتى عام 1948 فى المعسكرات السوفيتية ، فى حين ارسلت قوات الحلفاء ملايين الأسرى الآخرين إلى كل من فرنسا وبولندا وانجلترا للعمل بالسخرة من أجل إعادة بناء هذه الدول وإصلاح ما دمرته جيوش النازى ، وينظر الألمان بفخر للدور الذى اضطلعت به المرأة الألمانية فى هذه الفترة الصعبة ويتحدثون عن ظاهرة “نساء الأنقاض” ، فقد وجدت آلاف النساء الألمانيات انفسهن مع اطفالهن بلا مأوى او حماية من بعض ممارسات قوات الحلفاء والسوفيت على السواء، ولكنهن شمرن عن سواعدهن وكانت مهمتهن الأولى هى استخراج الحجارة السليمة من بين الأنقاض لإعادة استخدامها مرة أخرى فى البناء وإخلاء المدن والشوارع من الأنقاض ونقلها إلى خارج المدن وكذلك العمل فى المصانع التى لم تضرر من القصف ، وعاش الألمان ثلاث سنوات بعد الحرب فى ظروف تشبه المجاعة مع تقنين الغذاء وانعدام الرعاية الطبية بعد حل الصليب الأحمر الألمانى ونقص المحروقات للتدفئة فى الشتاء القارس فتضاعفت معدلات الوفيات عما كانت عليه اثناء الحرب نفسها!رغم ذلك تضافرت جهود النساء مع اللاجئين الوافدين لإزالة اثار الدمار وإعادة بناء ما يمكن بناؤه، فى غياب دعم الحلفاء الذين كانت خطتهم الأولى( خطة وزير الخزانة الأمريكى مورجنتاو) فى هذه الفترة تحويل المانيا لدولة زراعية لا تنهض صناعيا ابدا حتى لا تهدد جيرانها.
مارشال وإيرهارد
وعندما يتحدث الألمان اليوم عن تجاوزهم هذه المرحلة العصيبة وبداية تحقيقهم للمعجزة الإقتصادية فإنهم لا ينكرون فضل الدعم الأمريكى عندما تراجعت الولايات المتحدة ومعها الحلفاء عن خطة مورجنتاو وقررت فى عام 1948 تبنى خطة مارشال لمساعدة الاقتصاد الأوروبى بما فى ذلك المانيا بمساعدات مالية واقتصادية بلغت تكلفتها الإجمالية 12٫4 مليار دولار حتى عام 1952 ، وحصلت المانيا الغربية على اكثر من مليار دولار مما ساعدها على تعويض النقص فى الاحتياطى الأجنبى واستيراد المواد الغذائية وحاجتها من السلع الاساسية ومواد البناء والنهوض تدريجيا فى وقت وقع فيه شرق ألمانيا تحت النفوذ السوفيتى وفرض عليه النظام الشيوعى استمرارا إلى فصل المانيا الشرقية تماما عن نظيرتها الغربية ، غير ان هناك اسبابا أخرى للنهضة الألمانية:
-على عكس ما كان يتبناه بعض سياسيى ألمانيا فى مرحلة بعد الحرب من ضرورة فرض سياسة اقتصادية مركزية لإنقاذ البلاد نجح لودفيج إيرهارد وزير الاقتصاد فى حكومة المستشار كونراد اديناور وابو المعجزة الاقتصادية الألمانية فى فرض سياسة اقتصاد السوق الاجتماعى التى اصبحت نموذجا المانيا يحتذى به ، حيث تمكن من المحافظة على عناصر السوق الحرة وآلياتها التى تحدد الاسعار وفقا للمنافسة والعرض والطلب مع وجود دور للدولة كراع للمصلحة العامة وللبعد الاجتماعى تتدخل لمنع كل اشكال الاحتكار ، وفقا لهذا النظام الناجح فإن كل ألمانى هو عنصر فاعل فى المجتمع مسئول عن نفسه وتجاه الآخرين وتتدخل الدولة لمساعدته فقط حين يعجز عن مساعدة نفسه.
- تم تحديث وتجديد المصانع الألمانية فى الغرب فى اسرع وقت كما بدأت الدولة فى إصلاح شبكة المواصلات . غير ان العامل البشرى ظل هو العامل الحاسم وبدونه ما كانت هناك نهضة ألمانية ، فقد اظهر الألمان فى ألمانيا الغربية رغم إنكسارهم فى الحرب ووجودهم تحت احتلال فعلى ، رغبة واصرارا كبيرين على العمل الشاق وفقا لنظام والتزام صارم ، وسرعان ما استعادت ألمانيا الكثير من قوتها العاملة المؤهلة من خلال الاسرى العائدين لبلادهم فضلا عن علماء ألمانيا ومهندسيها واساتذة الجامعات فيها وخيرة ابنائها الهاربين من النظام النازى الذين قرروا العودة إلى بلادهم من جديد للمساهمة فى عملية إعادة البناء.
ويشير المؤرخون الألمان إلى روح التضحية والعمل الجماعى التى تميز بها الألمان فى هذه المرحلة ، فقد تراجعت التوترات الاجتماعية بين اللاجئين من اصول المانية وبين الألمان انفسهم وانخرط الجميع فى بناء الدولة الجديدة ، كما ساهمت النقابات فى ذلك بعدم المبالغة فى مطالبها لزيادات الرواتب وتراجعت المطالب الفئوية امام تحدى بناء المانيا الجديدة.
لقد تمكن الألمان الغربيون خلال خمس سنوات فقط من العمل الدؤوب والشاق من التغلب على تحديات جمة ووضع بلادهم المدمرة فى الحرب على طريق الإنطلاق الاقتصادى ، وبفضل المعجزة الإقتصادية تحول المجتمع الألمانى إلى مجتمع حديث منتج خدمى إستهلاكى نمت معه الطبقى الوسطى وارتفع فيه مستوى الطبقات الدنيا من فلاحين ومهنيين وتآكلت فيه الحدود الصارمة بينهما كما تضاءلت الفروقات بين المدينة والقرية وتكون اساس إجتماعى متين يسمح بالتعددية السياسية وإقامة نظام ديمقراطى على اسس سليمة ، وبعد إعادة توحيد شطرى المانيا عام 1990سرعان ما تمكن اقتصاد ألمانيا الغربية القوى من اعادة بناء دولة بكاملها فى الشطر الشرقى وكشف ألمان الشرق عن معدنهم الحقيقى وانخرطوا فى العمل للحاق بركب التطور الإقتصادى والصناعى فى الشطر الغربى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.