بعد ما يزيد علي ستين عاما بدأ الألمان عملية التحقيق والبحث للعثور علي سير بعض النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب علي أيدي الجنود السوفييت بعدما دخل الجيش الأحمر برلين. وحاصر الزعيم النازي في خندقه. وجاء عرض فيلم امرأة في برلين التي تدور أحداثه في المدة الأخيرة من الحقبة النازية ويركز علي تعرض نساء وفتيات المانيات للاغتصاب علي يد جنود الجيش الأحمر, ليدعم هذا الاتجاه داخل المجتمع الألماني.وتجد الأفلام التي تقع أحداثها خلال الحقبة النازية رواجا كبيرا, ويجد بعض المراقبين أن هناك محاولة من صناعة السينما الألمانية مدعمة بتأييد سياسي لمعالجة الماضي الألماني.. قبل سنوات شاهد الألمان فيلم الأفول الذي تدور أحداثه حول العشرين يوما الأخيرة من حكم هتلر وتعامله مع مساعديه قبل أن ينتحر مع زوجته إيفا براون. كما شاهد الألمان الفيلم الأمريكي لائحة شندلر الذي يتحدث عن المواطن الألماني شندلر الذي أوي بعض اليهود في منزله ووفر لهم الحماية من خطر الانتهاء في معسكرات الاعتقال النازية, لتبرز السينما وجها أخر من التاريخ الألماني من سنوات من التعتيم. بعد مرور عقود طويلة علي غارات سلاح الجو البريطاني علي مدينة دريزدن والتي وقعت بعد إعلان ألمانيا استسلامها انتقم الألمان بحملة إعلامية كان الغرض منها إبلاغ العالم أن الطيارين البريطانيين ارتكبوا جريمة ضد الإنسانية في ليلة واحدة, وبعد أن بدأ الناس يحاولون الخروج من خنادقهم أغارت مقاتلات حربية علي المدينة وألقت عليها قنابل حارقة أودت بحياة أكثر من45 ألف شخص. وذكرت كتب التاريخ أن نساء وفتيات ألمانيات تعرضن للاغتصاب علي أيدي الجنود السوفيت بعد استسلام ألمانيا لكن بالكاد تعرض أحد بالتفصيل لهذه المسألة وكانت بمثابة آخر المحرمات إلي أن زال الستار عنها بظهور فيلم امرأة في برلين. تدور أحداث الفيلم في ربيع عام1945 عندما كان نظام هتلر علي حافة الهزيمة وشارفت نهاية الحرب المدمرة التي بدأتها ألمانيا النازية قبل ست سنوات بعد أن غزت واحتلت مناطق واسعة في أوروبا الشرقية وصولا إلي الاتحاد السوفيتي, وقتلت ملايين البشر, والجيش الألماني خارت قواه واندحر عندما انقض الجيش الأحمر علي ألمانيا لينتقم من الألمان شر انتقام. وقام الجنود السوفيت بعد انتشارهم مع جنود حلفاء الحرب العالمية الثانية الولاياتالمتحدة, بريطانيا, فرنسا وبالطبع الاتحاد السوفيتي بإشاعة الرعب في نفوس الألمان من جنود ومدنيين فنهبوا وأحرقوا وقتلوا واغتصبوا فتيات ونساء ألمانيات. لكن كتب التاريخ تقول أيضا إن السوفيت لم يقوموا وحدهم بهذه المخالفات بل قام بها أيضا جنود من جيوش الحلفاء بعد أن غزوا ألمانيا. بينما انتشر جنود الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا في الشطر الغربي من ألمانيا جاء الجيش الأحمر إلي برلين التي لجأ إليها هتلر ليقود من خندقه المعركة الحاسمة التي خسرها وتبخر حلمه بقيام ألمانيا الكبري. لكن المؤرخين يشيرون إلي أن نسبة جرائم الاغتصاب وقعت بصورة أكبر في المناطق التي سيطر عليها الجيش الأحمر خاصة في الشطر الشرقي حيث يقدر عدد الفتيات والنساء اللواتي تعرضن للاغتصاب علي أيدي الجنود السوفيت بنحو مليونين وذلك قبل أشهر قليلة علي نهاية الحرب. وتم اغتصاب بعضهن عدة مرات. ففي أحد أيام شهر أبريل عام1945 وبعد أيام قليلة علي زحف القوات السوفيتية إلي ألمانيا انضمت صحافية ومصورة ألمانية تدعي مارتا هيلر إلي جنود الجيش الأحمر وعقدت رابطة حميمة مع ضابط سوفيتي بعدما تعرضت للاغتصاب مرارا علي أيدي رفاقه الجنود. وتعتبر شاهدة علي ما حصل في ذلك الوقت في ألمانيا من اغتصاب للفتيات والنساء الألمانيات علي أيدي الجنود السوفيت. يقدم الفيلم قصة الصحفية تلك وتلعب الممثلة الألمانية نينا حص دور امرأة تعرضت للاغتصاب عدة مرات من قبل جنود سوفيت قبل أن تراودها فكرة للخلاص من هذا المصير بإقامة علاقة حميمة مع ضابط سوفيتي لكي تحمي نفسها من اعتداءات أخري. مايزيد علي مائة ألف امرأة وفتاة تعرضن إلي الاغتصاب في برلين في الفترة من أبريل حتي سبتمبر1945 بينما يقدر عدد اللواتي اغتصبهن الجنود الروس في سائر المناطق خاصة في الشطر الشرقي نحو مليونين. ها هي ألمانيا تعيد نبش دفاتر الماضي للبحث في تاريخها المسكوت عنه, وقد ساهمت فترة التقسيم إلي تكميم الأفواه وضرب حواجز الصمت علي ألمانيا, ولكن من بعد سقوط العالم القديم والقطبية الثنائية بدأت الأصوات تعلو من جديد بالحقائق وأعادة كتابة التاريخ الحقيقي, بعد أن عشنا الكثير من الوقت تحت ظل ذلك التاريخ الذي كتبه المنتصرون كما يحلو لهم.