الدعاء بإنارة البصيرة يتضمن حكمة بليغة, فالبصيرة لا تقل أهمية عن البصر فبها نعقل الأمور وننظر لما وراء الصورة والزمان والمكان. وعندما يغضب الله علي قوم يضلل بصيرتهم فيتخبطون ولا يهتدون لما فيه خيرهم وصلاح أحوالهم. المسلمون الأوائل عرفوا الله بالبصيرة, هذا النور الذي يملأ القلب والروح والعقل ويملي إرادته علي الإنسان في أن يفعل أو لا يفعل. وفي حسابات الإقتصاد لا تكفي المعادلات المعروفة لنخرج بالنتائج التي تحقق الفلاح والنجاح والتقدم, دائما هناك بحث عن القرار النابع عن' بصيرة' صحيحة وقلب سليم. واليوم يمر الإقتصاد المصري بمعركة حقيقية, ينتظر من المصريين الذين ثاروا من أجل حقوقهم في الديمقراطية والحرية أن يثورا من أجل حقوقهم في الحياة. ولا أعرف ما هو العائد الحقيقي من وراء جدل عقيم عن مكان إقامة الرئيس السابق الذي ينتظر حكم القضاء العادل, ننفق عشرات الملايين لنهئ مستشفي طرة لإستقباله في الوقت الذي تعاني فيه خزانة الدولة من وطأة العجز المتزايد والمطالب التي تهد الجبال. ما هو طائل مناقشات في مجلس الشعب عن محاكم مدنية أم محاكم ثورية ونحن نعلم أن أي قانون لا يسري بأثر رجعي أي أنه لا يجوز أن نسن قانونا ونحكم به علي متهم تجري محاكمته حاليا علي أمور حدثت قبل صدور القانون الجديد, فالتشريع للمستقبل, والقانون الذي يطبق هوالأيسر للمتهم. وهل نسي نواب الشعب الذين إخترناهم بإرادتنا الحرة أنهم أول من غضبوا من الرئيس السابق جمال عبد الناصر عندما شرع مجلس قيادة الثورة في تطبيق محاكم ثورية علي رموز النظام الملكي, وأيضا ضد الليبراليين والشيوعيين والإسلاميين الذين مثلوا تيار المعارضة أنذاك وفي مقدمتهم رموز حزب الوفد وقيادات جماعة الإخوان المسلمين؟ هل التاريخ يعيد نفسه أم أن الله قرر فينا أمرا؟ هل غابت بصيرتنا حتي نتخبط ولا نعرف هل للأمام نسير أم للخلف؟ هل للمستقبل نتجه أم للماضي بغرض القصاص من مرارات بعيدة أو قريبة؟ ما هي جدوي الإعتصام والفوضي والقلق للمطالبة برحيل المجلس العسكري, وما يفصلنا علي إنتهاء المرحلة الإنتقالية أقل من أربعة شهور؟ ما هو الهدف من وراء رفض حكومة ستترك موقعها إن عاجلا أو عاجلا ؟ الهدف يا' إخوان' هو الإنقضاض علي مكاسب الثورة, ووضع البلاد في دوامة الفوضي, والإقتصاد علي حافة الهاوية, والسلام الإجتماعي علي محرقة الغضب, والأمن في ذمة البلطجة والخارجين علي القانون, والبلاد علي مائدة الأعداء, كل يرغب في قطعة منها.أتمني أن ينير الله بصيرة نواب الشعب لبحث أمورنا الإقتصادية العاجلة, وأن ينير قلوب المصريين بالعمل الصالح والقول الحق. أضعنا وقتا طويلا عندما أضعنا' بوصلتنا' وهي حبنا لبلادنا بلا زيف, وقولنا الحق بلا مزايدة. المزيد من أعمدة نجلاء ذكري