بالرغم من العداوة المعلنة بين ايرانوالولاياتالمتحدة منذ الثورة الايرانية عام 1979، وصولا لأزمة البرنامج النووي، إلا أن الطرفين توافقا سريعا فى الأزمة الأخيرة التى تفجرت مع ثورة القبائل السنية، بداية ثم تصدر تنظيم ما يسمى "الدولة الاسلامية" المعروف اختصارا باسم "داعش" سابقا، للمشهد اعلاميا ودعائيا، وزادها اشتعالا تصعيد رئيس الوزراء العراقى المنتهية ولايته نورى المالكي، فقد اتفقت مصالح البلدين مجددا على العمل معا لتحقيق كل منهما لأهدافها. هذا الوضع الجارى على الأرض والذى تم التخطيط له فى عواصم خارج العراق, وبخاصة واشنطن، يمثل ذرائع أمام الرأى العام العالمى لتنفيذ "أجندات" خارجية فى العراق، مع اللعب على ورقة الطائفية وتصوير أن الشعب العراقى يقاتل بعضه بعضا ويتحرك نحو حرب طائفية. والهدف الأول من كل ما يجرى فى العراق حاليا هو عودة الولاياتالمتحدة وبقوة إليه بعد انتقادات طوال السنوات الثلاث الماضية من الانسحاب من العراق(فى 2011) وتوريثه لإيران، كما أن من الأهداف الأمريكية التى لا يصعب على متابع للمشهد أن يدركها هو حماية نفط اقليم كردستان العراق الذى بدأ يصدره لحسابه إلى عدد من الدول على الرغم من الضغوط القانونية من بغداد، كما أن الولاياتالمتحدة تعمل على تسليح أكراد العراق، وسط تلويح بل وتصريحات حول دولة مستقلة للأكراد رغم الرفض من دوائر عديدة من صناع القرار فى بغداد، خشية تغير موازين القوى ومخاطر تفتت البلاد. ويشير السفير الأمريكى السابق فى العراق، جيمس جيفرى إلى أهمية اقليم كردستان العراق لأهداف الولاياتالمتحدة فى المنطقة بقوله "فجأة بدأ الأمر يتعلق بالأكراد... وعندما استطاع مقاتلو الدولة الإسلامية تهديد قوات البشمركة والتحرك باتجاه أربيل (عاصمة كردستان العراق)، فإن ناقوس الخطر بدأ يقرع بخصوص المصالح الأمريكية"، خصوصا مع وجود أمريكيين فى الإقليم فى قطاع النفط أو غيره. وفى طهران، حددت أهداف عديدة من التقارب والتوافق مع وشنطن، من بينها فى العراق, وأد أية بذور لانتفاضة ضد تدخلها بل ما يصل إلى هيمنتها على سياسات الحكومة العراقية. كما أن من مصلحة طهران العمل على تخفيف الضغوط الدولية على حليفها فى دمشق بشار الأسد بخلق اضطراب فى العراق يجذب المسلحين السنة من سوريا إلى العراق للقتال مع داعش أو ضده وبالتالى يسهل على القوات الأمريكية التخلص منهم جميعا فى سلة واحدة، وتأكيد واقع أن العراق لا يستطيع حماية أراضيه، وبالتالى يقر الجميع بوجوب استمرار الوصاية الايرانية عليه وقبول وجود عسكرى أمريكي، خاصة مع توارد تقارير تفيد بانشاء قواعد عسكرية أمريكية مستقبلا فى الاقليم، حيث نقل عن النائب عن التحالف الكردستانى عادل زنكنة، قوله "إن انشاء قواعد عسكرية امريكية فى الاقليم سيبقى خيارا قائما اذا لم تحل المشاكل العالقة مع بغداد واستمرار الوضع الامنى على ما هو عليه" وبالتالى يظل العراق تحت مطرقة الصراع الداخلى وسندان صراع المصالح الخارجى بين أمريكى وإيران.