نرى في هذا الشهر الكريم عطاء من الناس يختلف عن سائر الشهور، أي أن الإنفاق يزيد، والثواب أيضا مضاعف، ولكن من الناس من ينفق هذا المال ابتغاء وجه الله فيما يقرب إلى اللهم على حسب شريعة اللهم، فهaذا ماله خير له، ومن الناس من يبذل ماله في غير فائدة، ليس في شيء منهي عنه، ولا في شيء مشروع، فهذا ماله ضائع عليه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وينبغي للإنسان إذا بذل ماله فيما يرضي الله أن يكون واثقاً بوعد الله سبحانه وتعالى حيث قال في كتابه: ( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ). أي أن الله وعد بتعويض ما تم إنفاقه من هذا المال، وأن الله يعطي للمنفق خلفاً عما أنفقه. وأكد علماء الدين أن أفضل الأعمال في رمضان بعد الصيام الإنفاق في سبيل الله، وهذا يفسره قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: الله أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: الله أعط ممسكاً تلفاً) أي أنه أتلف ماله، والمراد بذلك من يمسك عما أوجب الله عليه من بذل المال فيه، وليس كل ممسك يُدعى عليه، بل الذي يمسك ماله عن إنفاقه فيما أوجب الله، فهو الذي تدعو عليه الملائكة بأن الله يتلفه ويتلف ماله، وأشار العلماء إلى أهمية إنفاق المال التي تجلب البركة في الرزق وأن الله يعوض هذه الأموال التي أنفقت في مرضاة الله عز وجل. ويقول الدكتور صابر أحمد طه عميد كلية الدعوة الإسلامية، إن الأعرابي قال عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أعطاه غنما بين جبلين: ياقوم!، أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر)، وهو سبحانه يقول: (قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذاً لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا)، وقال الله تعالى: (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ). وأيضاً: (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)، وعن ابن مسعودٍ رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً، فسلطهُ على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حِكمة، فهو يقضي بها ويعلمها) متفق عليه، ونرى زيادة الخير والجود في هذا الشهر الكريم، فهناك من يقوم بتوزيع التمر في مترو الأنفاق أو سائر المواصلات، مصداقاً لقول النبي، صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار ولو بشق تمرة) متفق عليه، وعن جابر رضي الله عنه قال: (ما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط فقال لا) متفق عليه، وأيضاً تزداد موائد الرحمن في الشوارع، وهي تدل على هذا الجود والكرم في هذا الشهر. الثقة بالله وأضاف، يجب أن يكون مع هذا الإنفاق الثقة بالله عز وجل، فالمال الذي أعطاه الله بني آدم، أعطاهم الله إياه فتنة؛ ليبلوهم هل يحسنون التصرف فيه أم لا، فقال الله تعالى: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)، فمن الناس من ينفقه في شهواته المحرمة، وفي ملذاته التي لا تزيده من الله إلا بعداً، فهذا يكون ماله وبالاً عليه والعياذ بالله، وإذا كانت هناك دعوة من الملائكة بالتلف على من يتلف هذا المال الذي ينفقه الإنسان في غير مرضاة الله، فإنه يكون قد عصى الله عز وجل، وسيتلفه الله كما أتلف هذا المال، والتلف نوعان: أولهما، تلف حسي، يتلف المال نفسه، بأن يأتيه آفة تحرقه أو يُسرق أو ما أشبه ذلك وثانيهما، تلف معنوي، أن تنزع بركته، بحيث لا يستفيد الإنسان منه في حسناته، فعلى كل مسلم أن ينفق ماله فيما يرضي الله عز وجل، وإذا أنفق فيما يرضي الله فإن الله يخلفه وينفق عليه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله أَنفق يا ابن آدم أٌَنفق عليك). دواء للمرضى ويقول الشيخ إبراهيم حافظ من علماء الأزهر، إن هذا الشهر هو شهر الجود الحقيقي، وشهر العطاء وبه يتقرب الإنسان إلى ربه، لأن الصدقة تطفئ غضب الله، ويقول النبي، صلى الله عليه وسلم، (من فطَّر صائما على طعام وشراب من حلال، صلت عليه الملائكة في ساعات شهر رمضان، وصلى عليه جبريل، عليه السلام، ليلة القدر)، وحديث آخر ( من فطّر صائما كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شىء)، ويقول الله تعالى: (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) سورة الحشر، وفي الصحيحين عن ابن عباس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود مايكون في رمضان، حين يلقاه جبريل في كل ليلة، فيدارسه القرآن، والنبي، صلى الله عليه وسلم، أجود بالخير من الريح المرسلة) صحيح البخاري، وهكذا وصف حال النبي، صلى الله عليه وسلم، وعلى أي مسلم أن يجعل الحبيب المصطفى قدوته الحسنى، كما قال الله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)، وما من شىء أشق على الشيطان وأبطل لكيده وأقتل لوساوسه من إخراج الصدقات والإنفاق في سبيل الله، ولذلك الشيطان يقذف الوهن في النفوس حتى يثبطها ويبعدها عن البذل والعطاء، كما أن الصدقة تطفئ غضب الله وهي من أرجى الطاعات عند السالكين، وتداوي الأمراض، ويقول النبي، صلى الله عليه وسلم: (حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، واستقبلوا أمواج البلاء بالدعاء والتضرع). ويوضح الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية أن من الأعمال المستحبة في رمضان الحرص على أداء الصدقة في رمضان، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، كان أجود بالخير من الريح المرسلة فقد قال صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة صدقة في رمضان»، لما للصدقة في رمضان من مزية وخصوصية فعلى الجميع المبادرة إليها والحرص على أدائها ولتكن في عدة صور منها إطعام الطعام: لقول الله تعالى: «ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورًا»؛ فقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام ويقدمونه على كثير من العبادات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم» . نرى في هذا الشهر الكريم عطاءً من الناس يختلف عن سائر الشهور، أي أن الإنفاق يزيد، والثواب أيضا مضاعف، ولكن من الناس من ينفق هذا المال ابتغاء وجه الله فيما يقرب إلى اللهم على حسب شريعة اللهم، فهaذا ماله خير له، ومن الناس من يبذل ماله في غير فائدة، ليس في شيء منهي عنه، ولا في شيء مشروع، فهذا ماله ضائع عليه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وينبغي للإنسان إذا بذل ماله فيما يرضي الله أن يكون واثقاً بوعد الله سبحانه وتعالى حيث قال في كتابه: ( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ). الصدقة الصدقة