انهرت وجلست علي الرصيف وظللت أبكي فور سماعي تخلي مبارك عن السلطة بهذه الكلمات ردت د.عزة كامل الناشطة السياسية منسقة برلمان النساء عند سؤالها عن رد فعلها عند سماع هذا النبأ. تضحك وهي تستعيد تفاصيل الموقف بكل دقة وكأنها سحبت طرف شريط ذكريات ذلك اليوم الذي خبأته في مكان أمين في ذاكرتها خوفا عليه من النسيان, لتسترسل في روايتها لتلك التفاصيل: كان قد مر علينا18 يوما من الانتظار منذ بداية الثورة, أنا وابني وابنتي يوميا في ميدان التحرير, فابني محمد رضوان الكاشف طالب الثانوي عادة مع أقرانه, وابنتي المخرجة السينمائية عائدة الكاشف أيضا مع زملائنا, وأنا مع اصدقائي وكانت معي في ذلك اليوم صديقتي خولة مطر, وعادة نتناوب أنا وابنائي الاطمئنان علي بعضنا البعض, أعلنوا عن صدور بيان, وقد تأخر وطال انتظارنا له, ولم يكن لدي أمل في الجديد, ففي كل مرة يخرج علينا مبارك ببيان محبط. وكان الشباب متوجهين إلي مجلس الوزراء ومعهم ابنتي, ومجموعة أخري توجهت إلي قصر عابدين وأنا أتابعهم ثم أعود للميدان. وفي محاولة لكسر الملل والهروب من الجمود ابتعدت عن الميدان قليلا في اتجاه جاردن سيتي وفوجئت بسيدة محتشمة وقد تخلت عن وقارها وهي تخرج رأسها من شباك سيارتها مزغردة هاتفة خلاص تنحي.. تشككت للحظات لم تطل حيث سمعت السيارات تطلق أبواقها تعبيرا عن الفرحة, ووجدتني دون وعي أجلس علي الأرض وكأني راغبة في الراحة بعد مشوار طويل أنهكني, وأحسست أن قواي قد خارت وظللت أبكي, ورفعت عيني فوجدت د.عمرو خالد الداعية الإسلامي يركن سيارته ليشارك الناس فرحتهم, فأحسست ان الكل وحدتهم فرحة التنحي, وأفقت علي تليفونات أبنائي وأصدقائي من مصر والدول العربية فأدركت أن الأمر حقيقي فعدت إلي الميدان وسمعت البيان بنفسي.. لحظات لا يمكن نسيانها حتي لو شغلتني عنها هموم مصر التي تسيطر علينا جميعا هذه الأيام.