ذهبت يوم الأربعاء الماضى إلى ميدان التحرير أنا وأحد أصدقائى المقربين إلىّ ورأيت نموذجا مصغّرا من الشعب المصرى الأصيل موجودا داخله . قبل دخولى الميدان ممرت أنا وصديقى (على) على العديد من اللجان سواء لجان عسكرية أو لجان شعبية وتقريبا كانت المسافة بين هذه اللجان 100 متر ، رأيت اللجان الشعبية تقوم بتفتيشى وبعدها يقدموا إعتذارا لما يقوموا به صراحة رأيت إحتراما كبيرا من جانب هؤلاء المواطنين وبالطبع كان هناك إحتراما منّى إليهم . عند دخولى الميدان رأيت أناس من كل الأصناف تقريبا ،لم أستطع أن أفرق بينهم غير عن طريق لباسهم ومحادثاتهم ، هناك إذاعة داخلية تنقل كل ما يحدث وما يقال على الشاشات بالإضافة إلى إعلانهم الدائم لطلب متطوعين سواء فى الخدمة الطبية أو غيرها ، المصريون هناك فى قمة توحدهم واحترامهم للأخر ينظفون أماكنهم ويساعدون الغير سواء بالمياه أو بالطعام رأيت روحا جديدة تجعلهم يقودون هذا البلد طوال الأعوام القادمة بثبات وبوطنية . بعدها جاءت علينا صلاة العصر وكان من حسن حظى أننى فى ذلك الوقت لم أفقد وضوئى وصليت بجانب المصلين وهكذا فعل صديقى ورأيت شيئأ جديدا لم أره من قبل كانت صلاتى أنا وصديقى فى الشارع بالطبع وسجودنا كان على الأرض مباشرة وبعد ما انتهت الصلاة أكملنا ركعاتنا المتأخرة فرأيت أحد المصلين وضع أسفل صديقى ورقة الجرنال التى كان يسجد عليها وبعد أن أكملنا صلاتنا فكرت فى هذا الفعل ، احسست أن هذا البلد تغير ورجع إلى معدنه الأصيل بعدما كان يذهب بعضه وراء مصالحه فقط دون النظر إلى الأخر . بعد إنتهائنا من الصلاة رأينا صور الشهداء الذين قتلوا خلال هذه التظاهرات بأيدى قوات الأمن وكلهم من الشباب الذين لا يتجاوز عمرهم الثلاثين عاما كان بجانب صورهم قصة إستشهادهم ، حقيقة كان الوضع مؤثرا للغاية وعلمت وقتها أن أبطال هذه الثورة ليسوا من جاءوا بعدها ، فأبطالها هم من شاركوا فى بدايتها وفى يوم الغضب وفى اليوم الذى جاء البلطجية فيه واقتحموا تجمعهم بأسلحتهم ولم يهرب المتظاهرون ، هؤلاء هم الأبطال وليس غيرهم ومن يقول غير ذلك فهو يكذب على نفسه . وعند إنتهائى من رؤية صور الشهداء رأيت رجلا كبير السن يمسك لافتة فاتجهت نحوه وقرأت المكتوب فيها ، فرأيت أن ذلك الرجل كان ذاهبا إلى البنك ومعه إبنتين من أبنائه حتى يطلب تعينهما ولكن القدر أرد أن يستشهدا خلال هذه التظاهرات ، وتعجبت لصمود هذا الرجل ولكنى لاحظت بكاؤه فى بعض اللحظات والتى جعلتنى أدنو منه وأقبّله وقلت له فى أذنه أن حق أبنائك لن يضيع ونظرت فيمن حولى فرأيت الكثيرين يبكون لبكائه فأحسست بعظمة هذا الشعب . هذا كان يوما من أيام هذا الميدان قد قصصت لكم بعضه وسأختص بالبعض الأخر حتى أوصل إليكم فكرتى التى أردت أن تعرفونها ، عاش هذا الوطن العظيم وعشان أبناؤها الأبطال الذين جعلوا التاريخ يسطّر لهم كل خطوة يتخطونها نحو هدفهم المشروع .