الرئيس الأمريكى ترامب ينتظر لقاءه مع مجرم الحرب نتنياهو آخر الشهر لكى يعلن بعد ذلك عن خطواته التالية بشأن اتفاق غزة.. لكن نتنياهو -من ناحيته- لا ينتظر، بل يواصل الإبادة ويستمر فى تدمير ما تبقى من غزة، ولا يخفى نواياه فى عدم استكمال الانسحاب وأن تبقى غزة للأبد تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية.. أى «باختصار شديد» يريد أن يحقق من خلال الاتفاق ما لم يحققه خلال عامين من حرب الإبادة وحصار التجويع وارتكاب كل أنواع الجرائم ضد الإنسانية. الدول الرئيسية فى الوساطة «مصر وقطر وتركيا» سجلت قلقها الشديد من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، وشاركت باقى الدول العربية والإسلامية التى حضرت اجتماع نيويورك مع ترامب الذى أطلقت فيه خطة غزة فى إدانة استمرار إسرائيل فى التصعيد، مطالبة بإيقاف الانتهاكات وبدء المراحل التالية من الاتفاق وركزت على ضرورة الإسراع باستكمال الانسحاب الإسرائيلى وبدء الإعمار ضمن رؤية واضحة لغزة كجزء لا يتجزأ من دولة فلسطين المستقلة، ومن سلام عادل يكون أساسه حل الدولتين. يذهب نتنياهو إلى واشنطن وهو كاره للدخول إلى المراحل التالية من الاتفاق، وقد منحه «الصبر الأمريكي» على انتهاكاته للمرحلة الأولى أملا فى تكرار الأمر بعد ذلك، وتعطيل الاتفاق أو إفشاله كما فعل مع غيره من الاتفاقيات التى وقعتها إسرائيل ثم ألقت بها خلف ظهرها.. يستبق زيارته بالإعلان عن أن القوات الدولية -التى لم تشكل بعد-، لن تستطيع تنفيذ مهامها.. وأن إسرائيل لابد أن تكون مستعدة لأخذ الأمر بيدها، ويصرح رئيس أركان جيشه بأن حدود إسرائيل الجديدة هى الخط الأصفر أى بعدم الانسحاب من نصف غزة. وبالتأكيد على أن حرية العمل العسكرى الإسرائيلى فى كل الأراضى الفلسطينية، لا يمكن التنازل عنها.. ومع ذلك فالكل يدرك «حتى داخل إسرائيل»، أن على نتنياهو أن يتذكر جيدا ما سمعه من ترامب علنا قبل إطلاق خطة غزة إسرائيل معزولة، وأنت لا تستطيع أن تحارب العالم، وأنا «أى ترامب» سوف أعالج الموقف. ترامب لم يعلن حتى الآن إلا عن قرب إطلاق المرحلة الثانية بتشكيل المجلس الرئاسى الذى قال إنه سيكون من رؤساء الدول فقط.. ربما فى إشارة لاستبعاد «تونى بلير» بعد الاعتراض الواسع الذى واجه ترشيحه لدور رئيسى فى الخطة بسبب تاريخه المعادى منذ مشاركته فى غزو العراق وحتى مشاركته فى المشروع المشبوه لإنشاء «مؤسسة غزة الإنسانية» والتخطيط لحشد سكان غزة فى مدينة خيام تقام فى الجنوب تمهيدا للتهجير القسرى. المهام بعد ذلك كثيرة ومعقدة.. بدءا من الاتفاق على القوة الدولية التى قالت مصر إن مهمتها يجب أن تكون حفظ السلام لا فرض السلام.. إلى تشكيل لجنة الإدارة المحلية من الفلسطينيين والتى تشرف على جهاز الشرطة والأجهزة الأخرى. وهناك حديث عن لجنة تنفيذية تابعة للمجلس الرئاسى كان مرشحا لرئاستها تونى بلير.. والآن يدور الحديث عن بديله المرشح «نيكولاى ما لدينوف»، الدبلوماسى البلغارى والمبعوث الأممى السابق للشرق الأوسط. المهم هنا أن تكون الرؤية العربية واضحة وحاضرة فى كل الخطوات، وأن يظل الضغط الدولى من أجل إنهاء حرب الإبادة وقيام الدولة الفلسطينية مستمرا، وأن يتواصل التنسيق العربى والإسلامى والدولى على كل المستويات. سيظل رهان نتنياهو على كسب الوقت والمراوغة، وعلى تراجع الاهتمام العالمى بالقضية، وعلى انشغال أمريكا بمشاكلها الداخلية وصراعاتها العالمية. أما رهاننا فهو أن يبقى الضغط العالمى يحاصر إسرائيل، وأن تدرك أمريكا أن ثمن الفشل سيكون فادحا على الجميع، وأنه لا سلام ولا استقرار فى المنطقة إلا بوضع نهاية للعربدة الإسرائيلية وإنهاء احتلالها وإيقاف جرائمها، وبالإقرار الكامل بحق الشعب الفلسطينى فى أرضه وحريته ودولته المستقلة فى غزة والضفة والقدس العربية. يبقى التنبه إلى أن اللوبى الصهيونى يتحرك بجنون فى واشنطون فى مواجهة رفض شعبى يتصاعد ضد الاستمرار فى دعم إسرائيل. فى ظل مناخ يبحث عن السلام وإنهاء الحرب يفاجئنا رئيس مجلس النواب الأمريكى بتجديد ولائه لإسرائيل ومطالبته بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية التى يسميها «يهودا والسامرة» كأى مستوطن إسرائيلي. ثم تداهمنا أخبار عن اعتزام واشنطن توقيع عقوبات على منظمة «الأونروا» لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة باعتبارها منظمة إرهابية.. نرجو أن تكون هذه مجرد تشنجات عصبية من لوبى صهيونى هزمته جرائم إسرائيل التى أصبحت عبئا على أمريكا نفسها.