لم يطمئن سكان الحى الهادىء فى البداية !، أغلقوا النوافذ والشرفات المطلة على شارع شجرة الدر بالزمالك حيث مبنى وزارة الثقافة !، فالتجمعات التى بدأت تظهر تنذر بخطر قادم وحدث مفاجىء لم يعتادوا عليه ،ويخشون عواقبه ، لكنهم فى اليوم الثالث وكأنما اتفقوا سراً فتحوا الشبابيك وقذفوا كميات مهولة من البونبون والحلويات الصغيرة مصحوبة بالابتسامات والضحكات. كانت الصورة قد اتضحت ،فهذه السيدة الجميلة التى يلتف الشباب حولها هى عازفة الفلوت العالمية " إيناس عبد الدايم "، وتلك التى تقف شامخة بخصلة بيضاء كبيرة كتاج يزين رأسها هى الكاتبة فتحية العسال ، أما الرجل النحيف بنظارته الأنيقة فهو الكاتب الكبير بهاء طاهر ، وهؤلاء الشباب الذين يكنسون الشوارع كل صباح ويحرصون على نظافة وثقافة المكان هم "الورد اللى فتح فى جناين مصر " من طلاب معهد الفنون والأدباء والمخرجين والممثلين،إنها البشارة إذن ، فكل هؤلاء جاءوا لمواجهة طوفان الجهل بالغناء والموسيقى ، جاءوا لانقاذ مصر من بين أسنان الوحوش الذين ينهشون لحمها ويلطخون تماثيلها ويسخرون من نشيدها الوطنى ، ويعيدونها إلى عصور الظلام وصلت رسائل الأمان وتلاقت الوجوه وتبادل الجميع الابتسامات وضحك النيل بينهم، وشهد الحى الراقى أروع ملحمة فنية استمرت أكثر من أربعين يوماً عامرة بالبهجة والغناء الرقص والشعر والهتاف : " اقفل على الحرية الباب.. مرشد عار ورئيس كداب" الوزير والجنس كانت الشرارة الأولى للاعتصام قد انطلقت عندما مالت الذقون على بعضها داخل اللجنة الثقافية بمجلس الشورى، وصدرت توصية بمنع فن الباليه من دار الأوبرا باعتباره عملاً فاحشاً!!،وهزّ الشيوخ رؤؤسهم بالموافقة !، وسرعان ما تحولت الشرارة إلى لهب اشتعل فى المؤسسات الثقافية والفنية حين جاء الإخوانى "علاء عبد العزيز "وزيراً للثقافة وفى قدميه حزام لنسف الفن والإبداع وبين يديه قرارات كان المقصود منها افساح المجال لمشروع "أخونة " الدولة باستبعاد أحمد مجاهد من هيئة الكتاب وإلغاء ندب إيناس عبد الدايم رئيس دار الأوبرا وإقالة نصف قيادات الوزارة تقريباً!، ووسط هذا التوتر الشديد تقدم الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة د.سعيد توفيق باستقالته من منصبه ، كما استقال الشاعر عبد المعطى حجازى من رئاسة تحرير مجلة "إبداع" الصادرة عن وزارة الثقافة، وأسامة عفيفى رئيس تحرير مجلة "المجلة" الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. الفضيحة الجنسية التى كان بطلها المونتير "علاء عبد العزيز" مع إحدى طالبات المعهد العالى للفنون ، لم تمنع جماعة الإخوان من اختياره وزيراً ،ليس لأنه قدم نفسه لهم بمقال فى بوابة " الحرية والعدالة " أعلن من خلاله تأييده لمرسى ، ولكن لأنهم يحلمون باحتلال تلك الوزارة عبر أحد رجالهم ، وهو ما بدأه " علاء عبد العزيز " سريعاً حيث قرر انتداب" خالد فهمى" ، القيادى بالإخوانى بمحافظة المنوفية لتولى رئاسة دار الكتب والوثائق القومية! وجاء بالدكتور جمال التلاوى من المنيا رئيساً لهيئة الكتاب! وكان فى طريقه لزرع كوادر جماعته فى كل شبر بالوزارة. العشيرة تحكم انتبه المثقفون مبكراً لخطورة هذا الزحف الظلامى نحو الثقافة ، فالجماعة بدأت تفرض قبضتها على معظم الوزرات والهيئات بتوزيع المناصب على أعضائها وقياداتها ، وفوجىء الشعب الذى ثار ضد توريث نجل مبارك بعشيرة كاملة تتولى المناصب بل وتخترع مناصب إضافية لتمكين قياداتها ولترضية باقى أعضاء التنظيم ،كما حدث مع الإخوانى " حسن البرنس" الذى عُيِّن نائبًا لمحافظ الإسكندرية فى 18 أكتوبر 2012، ،كما التحق 13 منهم فى مناصب مستشارى المحافظين، واحتل 12 عضوًا بالجماعة مناصب رؤساء مدن وأحياء موزعة على سوهاجوالمنيا وكفر الشيخ والفيوم، بالإضافة إلى مناصب محلية تتصل بإدارة المستشفيات وقطاعات المياه والصرف الصحى والكهرباء والإعلام والتعليم، لذا بدأت التحركات هنا وهناك .. فليس المقصود أشخاص ،بل جسد الثقافة المصرية كاملاً ومن دار الأوبرا أعلن الموسيقار الكبير عمر خيرت فى 28 مايو 2013، وقف جميع حفلاته ، وفى وسط القاهرة كان المخرج الكبير مجدى أحمد على يبحث مع الناشر محمد هاشم والمخرج محسن حلمى والفنان احمد عبد العزيز والشاعر شعبان يوسف وآخرين ، خطوات تصعيد الموقف ،وجاءت فكرة نقل الاعتصام من دار الأوبرا إلى مقر الوزارة بالزمالك ، واتفق الجميع على ذلك ،وتحمس الشباب لفكرة إذلال وزير الجماعة وحرمانه حتى من الجلوس على مقعده ، واعتبروها إهانة لتاريخ مصر الثقافى أن يجلس هذا الظلامى ومن خلفه يطل تمثال طه حسين؟ تزامنت تلك التحركات مع الدعم الكبير الذى قدمته جبهة الإبداع المصرى التى دعا إليها المخرج خالد يوسف والدكتور محمد العدل وعبد الحليل الشرنوبى وضمت أعضاء من "غرفة صناعة السينما ،أتحاد الكتاب ،نقابة الفنانين التشكيلين ،نقابة المهن السينمائية ،نقابة المهن التمثيلية، نقابة المهن الموسيقية ،جمعية النقاد نادى القلم المصرى ، اتيلية الاسكندرية ،نقابة الأثريين ،الاتحاد المصرى للغرف السياحة، مؤسسة حرية الفكر والتعبير ،إئتلاف فنانى الثورة، إئتلاف الثقافه المستقل ، جمعية الكاتبات المصريات ،اتيلية القاهرة " وتوحدت الجبهات وتدفقت وفود الفن والثقافة على حى الزمالك الذى لم يعد مسالك ..مسالك .. ولم يعد " مهالك .. مهالك ..تحاول تقرب تهوب هنالك تودر حياتك بلاش المهالك " كما وصفه الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم فى قصيدته الشهيرة " كلب الست " ،بل أصبح واحة للثورة الحرية والفن ،وليداً جاء من رحم ثورة يناير بأفكارها وخيالها الذى أبهر العالم ، وكما صنعت ال 18 يوم بالميدان حالة من الرقى الإنسانى الفريد ، كان بإمكان جميلات الزمالك أن يتريضن مع نسمات الصباح ويوزعن الابتسامات على الساهرين يحمون عرين الثقافة والفن ويحمونها أيضاً .. الجنود الاعتصامات ليست عملاً سهلاً ،وتحتاج خبرات وقدرات على التنظيم حتى تستمر وتحقق الهدف منها ، والصورة التى كان يشاهدها الجمهور فى المساء حيث حفلات الغناء والرقص والشعر والهتاف ، والألوان المبهجة ،كان خلفها جيش جرار من الشباب يسهر بعضهم لتأمين المكان وحراسة المداخل وتنظيم الدخول والخروج من المبنى بينما يفترش البعض حديقة المبنى وينامون على بلاط الردهات انتظاراً لموعد الوردية ، وهناك بين مكاتب الوزارة وسلالمها حياة كاملة يشرف عليها وينظمها عشرات من الشباب أصبحوا معروفين للمترددين على المكان ، الفنان " أحمد فهيم " كان مسؤلاً عن تأمين المعتصمين ، وهو صاحب فكرة تشكيل لجان لحماية وتنظيم الاعتصام ، وفهيم حاصل على درجة الماحستير من جامعة نيويورك فى الجرافيك ديزاين ويعمل مديراً لبرامج الشباب ومعلم للفن بالعديد من المتاحف والجامعات الأمريكية ، وقد عاد قبل أيام من الاعتصام وانضم إليه ولم يخرج منه إلا يوم 15 يوليو متوجهاً ثانية إلى أمريكا بعد أن أدى مهمته فى صمت ، أما الفنانة " مى رضا " التى تولت مسئولية "الإعاشة "فلم يكن يغمض لها طرف إلا بعد أن تطمئن على الجميع ، وكذلك مها عفت المنسق الإعلامى ، وكريم مغاورى ورباب إبراهيم وشيرين الغرابلى ومحمد نديم ومحمد البياع وميرفت موسى الكاتب الشاب "أحمد سعيد" الشهير بجيفارا والفنان والمصور " سيمو حامد " صاحب معظم الصور المصاحبة لهذا الموضوع ، وغيرهم الكثير ممن قدموا ادواراً بطولية فى صمت ، والتحية واجبة لمن نسيتُ ذكر اسمه . نقاب الست! العقلاء وأصحاب الخبرات السياسية من كبار الفنانين والأدباء سيطروا على انفعالات الشباب حتى لا تحدث انشقاقات داخلية يستغلها الإخوان ، ولم يكن ذلك عملاً سهلاً خاصة وأن خريطة الاعتصام تشعبت وتعددت مشاربها وتوجهاتها السياسية ، ولم تعد قاصرة على مثقفى وسط القاهرة أو فنانى الأوبرا ، بل اتسعت لتشمل مبدعى مصر فى كافة المجالات ، وكان من الممكن أن تشتعل صراعات ومعارك التخوين ، لكن كل الخلافات القديمة ذابت أمام عدو متجهم قرر أن يغرس أسنانه الحادة فى هوية قلب مصر . المثقفون قبل أن يأتوا إلى البقعة المقدسة بالزمالك كانوا قد شاهدوا صوراً مؤلمة لتمثال طه حسين منزوع الرأس بالمنيا ، بينما وضع " مجهولون " النقاب على تمثال أم كلثوم بالمنصورة !! وشاهدوا جحافل الجهل بالإسكندرية تلطخ تمثال " الأشرعة المنطلقة " الذى صممه محمود فتحى، أحد عباقرة فن النحت المصرى (1912 1982) ،وكانوا قد شاهدوا الدم يسيل فى الاتحادية والمقطم أيضاً . البرسيم والقبقاب استمر الاعتصام أكثر من أربعين يوماً ، نجح خلالها فى زلزلة أركان دولة المرشد ،ففى كل يوم تنضم قوافل جديدة وكل ليلة يبتكر شباب الاعتصام فكرة تستقطب الشارع وتحرضه على النزول فى 30 يونيو ، وعلى رصيف كورنيش الزمالك الممتد بدأت فكرة " اضرب كلاكس إن كنت ضد الإخوان "،وانطلقت أصوات السيارات وسط ضحكات المارة الذين بدأوا يتوقفون لتوقيع استمارات "تمرد " ، وعلى نفس الرصيف وُلدت فكرة " البرسيم " ، ووقف رساموا الكاريكاتير يحملون لوحات ضاحكة لخرفان تأكل البرسيم وأخرى تنتظر التضحية بها يوم 30 يونيو ، ولم يكن المعنى خافياً على المصريين ، وكثيراً ما قررت عائلات النزول من السيارات للاستمتاع بهذه السهرات الفنية الممتعة ، وليس هناك ما يمنع من التقاط الصور مع مشاهير الاعتصام . أما مسيرة القبقاب الخشبى والكارت الأحمر التى انطلقت من مبنى الوزارة تحت شعار " اللهم بلغنا رمضان من غير الإخوان " فكانت من ابتكارت فتيات الاعتصام ودعت إليها حملة " تمرد " شارك فيها آلاف الفنانين والمبدعين . يوم المغير حملات التشويه الإخوانية ضد المعتصمين ووصفهم بالشواذ والفاسدين ورعاة الفحش والعرى تصاعدت إلى حد التهديد باقتحام وإخلاء مبنى وزارة الثقافة ، وفى الليلة السادسة للاعتصام دقت الطبول وتم الإعلان عن حالة الاستنفار لمواجهة الجاحافل القادمة لدك حصون الثقافة ورجالها ونسائها كما أعلن الإخوانى عبد الرحمن عز على صفحته محرضاً الجماعة ورجالها للانتقام بتوع " الهشك بشك " وكان هذا الوصف العامى قادراً على تجييش مئات من عبيد مكتب الإرشاد !. وجاءت ساعة المواجهة حيث ظهر القيادى الإخوانى عمرو عبد الهادى وخلفه بلطجى الجماعة " أحمد المغير " وعشرات من حراس العفة والطهارة جاءوا لقتل العلمانيين الكفرة ! الشاعر رامى يحيى بجسده النحيف كان فى صفوف المواجهة وشهد وقائع يوم " المغير " ويروى :" أعداد الشباب زادت بشكل كبير أمام مبنى وزارة الثقافة فى هذا اليوم ، وانضم الألتراس والإئتلافات الثورية المختلفة للثأر من " المغير " الذى كان أحد قادة مذبحة الاتحادية ، وبدأت الأحداث بوقوفهم على الرصيف فى مواجهة الاعتصام ، وكان مجرد ظهور " المغير " إعلان للحرب فانطلق شباب المثقفين يطاردونه، أنا جريت معاهم عشان أضربه، لكن لمّا قربت منه اكتشفت أنه بلطجى فاشل وجبان ، وممكن يموت بسهولة ، لذلك تجمعنا كفريق لحمايته حتى لا يفتك به الثائرون ونخسر معركتنا ونتحول إلى قتله ،ونجحنا بالفعل فى توفير قدر من الحماية للقاتل الجبان ، لكن أحد الشباب وبقفزة جهنمية ضربه على رأسه ب"فرامنش" ، ثم وضعت الصحفية " رشا عزب " بصمتها الكبيرة بلطمة على وجهه وضربة بالحذاء كانت حديث صفحات التواصل الإجتماعى لأيام طويلة ". ظن " المغير " وجماعته أن المعركة سهلة وأن ساعة زمن واحدة كفيلة بفض اعتصام شوية العيال! ، لكنهم خرجوا بفضيحة وسقط كاب " المغير " ضمن غنائم المعركة ووضعته " ميرفت مرسى " على رأسها فى صورة كانت الأشهر على فيس بوك وتويتر ورداً لاعتبارها بعد الصفعة الشهيرة التى تلقتها من إخوانى خسيس فى أحداث المقطم . المثقف العربى والثورة إبراهيم السخاوى 30 يونيو لم يكن ثورة على نظام الاخوان فحسب، بل ثورة على ما تبقى لدينا من خيبة امل وياس ليكون التغيير بداخلنا هذه المرة، وقد افلحنا متى حدث هذا التغيير , علينا الان التحول من الفعل الثورى الى العمل الثورى .. ماذا تعنى 30 يونيو .. سؤال إلى نخبة من المثقفين المصريين والعرب؟ يقول الدكتور عاصم الدسوقى (مؤرخ مصري)هناك أيام فى تاريخ مصر تظل محفورة فى ذاكرة المصريين مهما طال الزمن، ويوم الأحد 30 يونية 2013 أحد هذه الأيام الخالدة، قيمة هذا اليوم تبدو فى أن المصريين استردوا كرامتهم التى فقدوها على مدى عام كامل من حكم الإخوان "المتمسلمين"، وأن المصريين قد يصبرون على الظلم طويلا لكنهم لا يتهاونون فى كرامتهم، كما يبدو فى رد فعل أحد البسطاء إذا أهانه أحدهم فى الشارع تجده يصرخ قائلا: كرامتى .. أنا ما حلتيش غيرها" والمعنى أن هذا البسيط مستعد للتهاون فى أشياء كثيرة إلا كرامته. ويرى المفكر اللبنانى على حرب أن ثورة 30 يونيو قامت فى مصر لان جماعة الاخوان انكشفت فهم لا يريدون تطبيق الشريعة التى كانوا يضحكون بها على العامة لأن همهم ليس الشريعة بل السلطة والقبض عليها. ثم إن الصيغة الدينية يستحيل تطبيقها اليوم. إذ هى كانت صالحة وشغالة فى الماضي، ولكنها لم تعد تصلح للنهوض والتقدم والتحديث. - لم ينس مهاتير محمد ماليزيا فنجحت تجربته، كما لم يحاول "اردوغان" اسقاط صور اتاتورك فاستمر فى الحكم. و فشل الاخوان لأنهم أرادوا اسقاط صورة الوطن .. و أتوا الى الحكم بعقلية الغزو والفتح، لكى يسقطوا على نحو مدوٍ. ويقول الروائى الجزائرى واسنى الاعرج ان تيارات الاسلام السياسى لها مشروع انقلابى فى تكوينها وبنيانها الداخلي، حملت السلاح وهى جماعات تريد تمزيق الاوطان، ولا تؤمن بالمجتمع المدنى ولا الحريات ولا تمتلك شرعية الاختلاف، تريد نظاما دينيا يلغى كل المكاسب العصرية، ويفصل المجتمع عن مسارات التطورات الحديثة والدخول لمجتمع دينى منغلق على ذاته، فهى بالمعنى الثقافى والسياسى غير مرتبطة بالسياقات العالمية، هى جماعات وظيفية، تريد جيوشا متوازية لتدمير الدولة وخلق دولة بديلة، ولا ارى امكانية للتحاور معها إلا إذا تخلت على رؤيتها الكلياتية واعترفت بالوطن والمواطنة وخرجت عن تعميماتها الأممية . وعظمة30 يونيو انها انقذت مصر من هذا المسار المدمر. ويصف المفكر اللبنانى رضوان السيد المشهد قائلا أنه بعد طول تأييدٍ من جانب الولاياتالمتحدة للأنظمة القائمة، وطول محادثات مع الإخوان، ارتأى الأميركيون وبعض حلفائهم فى أوروبا (ألمانيا مثلاً) أن يجربوا الإخوان للخروج من العسكر والجهاديين معاً. لكنّ الشعوب العربية الساعية عبر شبابها إلى الحرية والإصلاح . ويرى الدكتور ياسر قنصوه أستاذ فلسفة السياسة بجامعة طنطا أن 30 يونيو لم يكن حدثا عارضا دفعت اليه الاحداث السابقة من مجىء الاخوان وأسلوبهم الفاشل فى ادارة أمور الدولة , لكن كان محصلة لتجارب شعب تم استغلاله على نحو سياسى مقزز , فخرج ليعبر عن قدرته على الرفض , وسلطته فى اصدار الأمر والاختيار من بين بدائل . ويرى المفكر التونسى الايطالى عز الدين عناية أستاذ الاديان المقارنة بجامعة أن 30 يونيو كشفت خطورة الإسلام السياسى فى البلاد العربية أنه يفتقر إلى رصيد عقلاني. فعلاوة على الضعف فى جينة تكوينه، لا سيما مع المدرسة الإخوانية، فإنه لا يصغى إلاّ لذاته، مجلس الشورى وللجماعة ولكوكبة التنظيم. الإسلام السياسى ما لم يتحول إلى الاشتغال على الإسلام الثقافى فسيبقى على سطح بنية الاجتماع العربي. قد يمتطى ظهر السلطة، وقد يمسك بمقاليد الأمور، ولكنه سرعان ما تتفلّت منه، لافتقاده وسائل التفهم والتخاطب مع الناس. وهذا ما حدث فى مصر .