قضايا الدولة تُنظم دورة تدريبية لتطوير الأداء ورفع الكفاءة لأعضائها.. صور    مدبولي يرد على المشككين: الإنفاق على البنية الأساسية هو استثمار في المستقبل    موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025.. متى يتم تغيير الساعة في مصر رسميا؟    الإدارية العليا : وضع اليد لا يكسب حقًا في تملك أراضي الدولة دون جدية الاستصلاح    .. وماذا عن انتهاكات إسرائيل؟!    بن غفير: منع نتنياهو من أداء مهامه وإخضاعه للمحاكمة 4 أيام أسبوعيا هجوم على إسرائيل    نقابة الصحفيين تحتفل باليوم الوطني للمرأة الفلسطينية.. والبلشي: ستبقى رمزا للنضال    تبعات فلسفة السلام المصرية    الشوط الأول| ريال مدريد يتقدم على برشلونة في الكلاسيكو    الزمالك 2005 يتعادل مع المصري البورسعيدي    داري يرفض الرحيل إلى الدوري الليبي ويتمسك بالبقاء في الأهلي    محمد عبد الجليل يكتب: الداخلية تحذر في رسالة حاسمة: لا للفتنة في المنيا.. خلاف "زواج عادي" يتحول إلى فخ لإسقاط "الوحدة الوطنية"!    ضبط المتهم بإصابة 3 أشخاص في حفل خطوبة بسبب غوريلا.. اعرف التفاصيل    كتاب المتحف المصري الكبير.. هدية مصر للعالم: جديد هيئة قصور الثقافة    مصر وفلسطين والشعر    طاهر الخولي: افتتاح المتحف المصري الكبير رسالة أمل تعكس قوة الدولة المصرية الحديثة    هل رمي الزبالة من السيارة حرام ويعتبر ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة يبحث مع جمعية أطباء الباثولوجيا المصريين في أمريكا تعزيز التعاون في التعليم الطبي والبحث العلمي    حالة الطقس غدًا الإثنين .. شبورة مائية كثيفة وأجواء خريفية مائلة للبرودة    البابا تواضروس يكلف الأنبا چوزيف نائبًا بابويًّا لإيبارشية جنوب إفريقيا    بسبب خلافات بينهما.. إحالة مدير مدرسة ومعلم بالشرقية للتحقيق    وزير الخارجية يتابع استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    الهجرة الدولية: نزوح 340 شخصا بولاية شمال كردفان السودانية    أستون فيلا ضد مان سيتي.. السيتيزنز يتأخر 1-0 فى الشوط الأول.. فيديو    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي بمنوف    القوات المسلحة تدفع بعدد من اللجان التجنيدية إلى جنوب سيناء لتسوية مواقف ذوي الهمم وكبار السن    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    التنسيقية تشارك في فعاليات الاحتفالية الكبرى "وطن السلام"    تامر حبيب يهنئ منة شلبي وأحمد الجنايني بزواجهما    «بينشروا البهجة والتفاؤل».. 3 أبراج الأكثر سعادة    إطلاق مبادرة "افتح حسابك في مصر" لتسهيل الخدمات المصرفية للمصريين بالخارج    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    نقابة الصحفيين تعلن بدء تلقى طلبات الأعضاء الراغبين فى أداء فريضة الحج    محافظ المنوفية يتفقد إنشاءات مدرسة العقيد بحري أحمد شاكر للمكفوفين    وزير الصحة يتفقد مجمع السويس الطبي ويوجه بسرعة الاستجابة لطلبات المواطنين    مساعد وزير الثقافة يفتتح مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    مدير الكرة بالزمالك يحذر شيكو بانزا من إثارة غضب الجماهير    المرشح أحمد حسام: "شرف كبير أن أنال ثقة الخطيب وأن أتواجد ضمن قائمته"    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    الرئيس الفلسطيني يصدر قرارًا بتولي نائبه رئاسة فلسطين حال خلو منصب الرئيس    الشوربجى: الصحافة القومية تسير على الطريق الصحيح    منح العاملين بالقطاع الخاص إجازة رسمية السبت المقبل بمناسبة افتتاح المتحف    الموعد والقنوات الناقلة لمباراة ريال مايوركا وليفانتي بالدوري الإسباني    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    حصاد أمني خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا تهريب وتنفيذ 302 حكم قضائي بالمنافذ    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    مصدر من الأهلي ل في الجول: فحص طبي جديد لإمام عاشور خلال 48 ساعة.. وتجهيز الخطوة المقبلة    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    اتحاد التأمين يوصى بارساء معايير موحدة لمعالجة الشكاوى تضمن العدالة والشفافية    «الداخلية» تكشف حقيقة اعتداء وسرقة «توك توك» بالإسماعيلية    الكشف على 562 شخص خلال قافلة طبية بالظهير الصحراوى لمحافظة البحيرة    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    بوتين: قوات الردع النووي الروسية في أعلى مستوى وتتفوق على الدول النووية الأخرى    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مصرع شخص في حريق شقة سكنية بالعياط    بث مباشر الأهلي وإيجل نوار اليوم في دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



..وبدأت الحدوتة!
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 06 - 2014

كما يقع الأغبياء فى الأخطاء الجسيمة، يقع أيضا الأذكياء فى نفس الأخطاء، ربما أشد، فالمشكلة ليست فى ارتكاب الأخطاء التى لا ينجو منها أحد، لكن المشكلة الحقيقية لخصها العالم البريطانى الراحل «برتراند راسل»
أن الأغبياء المتشددين، واثقون من أنفسهم أشد الثقة!، بينما الحكماء فتملأهم الشكوك، فهذه الشكوك هى المنقذ، فتفتح الباب للوصول للأفضل فى الفكر والسلوك فى مختلف مناحى الحياة الحلوة!
فالمفكر الاشتراكى «فلاديمير لينين» اقتنع تماما فى بداية القرن ال 20 أن الرأسمالية قد انتهت، بعد أن كشف الغطاء عنها، وأوضح كيف أن الامبريالية هى أعلى مراحلها، فهى تقوم على الظلم واستغلال الكادحين والفقراء، ثم أتى المفكر الأمريكى فرانسيس فوكوياما فى نهاية القرن ذاته، ليعلن نهاية التاريخ بانتصار الرأسمالية، بما تحمله من أفكار تدعم قدرات الفرد وحريته، وقدرتها على قيادة العالم، وكلاهما زعم الوصول لنهاية الاضطهاد الإنساني، أولهما بإزالة الفوارق بين الطبقات، والأخير باستقرار نظام السوق الحرة والديمقراطية الغربية، وأثبتت التجربة أن الفكر لا يعرف نهاية، ويقوم تلاميذ «لينين» بتطوير نظريته لرفع وصمة الشمولية والاستبداد عنها،وتراجع «فوكوياما» عن إمكانية نهاية التاريخ لفكر متسلط، أو ظهور الإنسان الأخير.. إلا يوم القيامة!
ثورة الشك المصرية فاجأت العالم عندما انفجرت فى 30 يونيو فحكمة الشك فى الخزعبلات، لم تأت كالمعتاد من المفكرين والمثقفين، ولكنها أتت من مجموع الشعب الذى تفوق على مثقفيه، وقادهم لتفكيك ديكتاتورية الجهل، والثورة على عبودية دولة الخرافة، فثورة (30 يونيو) كانت على أكتاف المصريين فى لحظة ثبات حضارى مركبة، فخداع الشعارات الدينية نجح فى استقطاب البعض لتجربة أبناء الأيدى المتوضئة، لقيادتهم لخير الدنيا والآخرة، وقد ملأوا الدنيا ضجيجا، بتعرضهم للظلم والاضطهاد، وعزل كوادرهم، وإلقائهم فى غياهب السجون على مر العصور، فإذا بالتجربة تكشف الخواء الدينى مع الخواء الاقتصادى والسياسى والاجتماعى والفكرى والإنساني، وأن قدرتهم على حشد العامة وخلق مجتمع بديل للفقراء، لا تعنى قدرتهم على خداعهم كل الوقت، وأن المساندة الخارجية لن تضمن لهم استقرار داخلى، مع شعب كره نفسه تحت حكمهم! فلفظهم بعزم ما فيه، فاسترد وعيه المخدر، تحت وطأة شعارات عاطفية وآمال وهمية وأخطاء تاريخية معقدة، إلا أنه أيضا رفض الحصار الفكرى برسم صورة للإسلام والمسلمين ككتل بشرية تنتمى للماضى وأمجاده، ولا صلة لها بالحاضر ولا علاقة لها بالمستقبل، ثورة الشك أعلنت من قوى الشعب العامل والجاهل والمثقف والأمى والمتعلم، أننا ننتمى لحضارة إسلامية رفيعة أسهمت فى الرقى الإنساني، وثقافة عالمية جديرة بالاحترام، لا بالسخرية والتلاعب بها من أصحاب المصالح العالمية، رفضت « ثورة الشك» نفسية السمع والطاعة، وبتحويل الجهاد إلى عدوانية تقتل وتذبح وتفجر، وذهنية التقسيمات المرضية الجالبة للاحتراب الداخلى بين مسلمين وغير مسلمين وسنة وشيعة، وسنة وسنة، وشيعة وشيعة، وكبار وشباب، وذكر وأنثي وأغنياء وفقراء... والحبل على الجرار، فى متوالية لاتنتهى من التفتت، فى انتهازية منافقة لا أخلاقية للسيطرة على السلطة مهما كان الثمن حتى يسود الوضيع ويملك أعناق المطالب الأوغاد، بعد ثورة الشك حدث خروج جماعى من سجن الأيديولوجيا الكاذب إلى الحرية الحقيقية، التى تقوم على المعرفة بكل أدواتها العلمية والفكرية والفنية، فهى الطريق السليم للقضاء على الخوف من الحياة، ذلك الخوف الذى يعزو إليه «راسل» كل الخرافات ويعادله الأديب الكبير نجيب محفوظ بالموت!
المعرفة كفيلة بالقضاء على كل السلبيات الفردية والاجتماعية، فترسم طريق الحرية بلا فوضي، والتربية الدينية بلا ضلالات، والسياسة بلا أكاذيب، والاقتصاد بلا فساد، والفن بلا ابتذال، فالتجربة التاريخية التى مرت بها مصر ليست وليدة السنوات الثلاث العجاف الماضية، ولكن على مدى قرن كامل، تخبط الناس من سجن لسجن فى أيديولوجيات شمولية استبدادية تحتكر الدين والوطنية والمثل العليا، وهى سجون لم يعد لها أبواب فى عصر الفضاء المفتوح، فقد فرغت الحدوتة التى يرددها أصحاب كل أيديولوجية أنهم يملكون الحقيقة الكاملة فى غرور يتناقض مع الذكاء الفطرى الذى ألمح إليه «راسل» بقوله لن أموت أبدا دفاعا عن آرائي.. فقد أكون مخطئا.
من مصر بدأت الحدوتة الجديدة، كما بدأ فيها حواديت الحضارة الفرعونية والقبطية والعربية من قبل، تقوم الحدوتة الجديدة على مفاهيم عصرية من الانفتاح على العالم للمساهمة الإيجابية فى الحضارة العالمية، بالدفع إلى مفهوم تنافس الشعوب المنتجة حضاريا، لنزع فتيل الحروب وهيمنة حضارة على أخرى بالقوة، وهو دور إيجابى تستطيع أن تقوم به حدوتنا الحضارية، بفتح الباب لثقافة المعرفة التى ترفع قدراتنا الإنتاجية المادية وأيضا الفكرية، والمعرفة لا تتجزأ فتأخذ منها ما يفيد المادة العلمية دون الفكرية، فرفع القدرة الإنتاجية لمؤسسة ما يتطلب البحث فى ترقية نفسية السلطة التى تنتجها، وتخلق ميثاق للشرف الأخلاقى ينظم عملها، لضمان استمرارها وتطورها وقدرتها التنافسية، وهى أمور لا تبدأ من فراغ فلدينا ركائز فكرية عصرية، تم إهمالها والاستسلام للأيديولوجيات السطحية، فتوتة توتة تبدأ الحدوتة الجديدة باحترام العلم والفكر والعمل، لتبدأ بالتعليم خاصة الجامعة التى مات «طه حسين» القامة الفكرية الشامخة محسورا عليها، بعد أن تحولت إلى مدارس مهنية متوسطة حسب تعبيره وكانت قدس أقداس الحرية ومحرابا للفكر، فما عساه أن يقول الآن، لو كان حيا، بعد أن أصبحت معقلا للتكفير وساحة للإرهابيين! أولئك المتمسحين بالدين، الذين ينطبق عليهم ما قيل للبغل من أبوك؟ فقال الفرس خالي!
لمزيد من مقالات وفاء محمود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.